fbpx

الخيانات التي تنطوي عليها الحرب في عفرين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم يكنْ هجوم عفرين حرباً خاطفة. في شهر سبتمبر/أيلول أو أوائل أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي على هامش مفاوضات أستانا، سربت وسائل الإعلام المعارضة السورية خريطة لشمال سوريا تبين فيها اتفاقاً بين تركيا وروسيا، يتم بموجبه وضع جميع الأراضي الواقعة شرق خط سكة الحديد التي تربط حلب بحمص – خط سكك الحديد الحجاز الشهير في العهد العثماني – تحت النفوذ الروسي، ويُسمح لتركيا في المقابل، باجتياح عفرين. وفي الوقت الذي كانت لقاءات أستانا تناقش رسمياً سبل “تقليل حدة التوتر” في مناطق مختلفة، كانت القوى العظمى تقسم سوريا إلى مناطق نفوذ، حسبما ذكر بعض الناشطين السوريين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم يكنْ هجوم عفرين حرباً خاطفة. في شهر سبتمبر/أيلول أو أوائل أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي على هامش مفاوضات أستانا، سربت وسائل الإعلام المعارضة السورية خريطة لشمال سوريا تبين فيها اتفاقاً بين تركيا وروسيا، يتم بموجبه وضع جميع الأراضي الواقعة شرق خط سكة الحديد التي تربط حلب بحمص – خط سكك الحديد الحجاز الشهير في العهد العثماني –  تحت النفوذ الروسي، ويُسمح لتركيا في المقابل، باجتياح عفرين. وفي الوقت الذي كانت لقاءات أستانا تناقش رسمياً سبل “تقليل حدة التوتر” في مناطق مختلفة، كانت القوى العظمى تقسم سوريا إلى مناطق نفوذ، حسبما ذكر بعض الناشطين السوريين.

وفي أعقاب تلك الشائعات، انتشرت قوات الجيش التركي في محافظة إدلب الشمالية، على مواقع استراتيجية حول منطقة عفرين الخاضعة لسيطرة الأكراد، وتبِع ذلك، هجوم الجيش السوري في المناطق الجنوبية من حلب، بدعم من الطيران الروسي. وبينما اجتاحت القوات السورية الموالية للسلطة مطار “أبو الظهور” العسكري، وقعت المنطقة بأكملها، شرق السكة الحديد عملياً، في أيدي قوات النظام (باستثناء جيب موسع لا يزال تحت سيطرة داعش). والسؤال المطروح، هل ما تم على الأرض، كان بمثابة الثمن الواجب دفعه للسماح لتركيا بالهجوم على عفرين؟
تطرح التطورات في شمال سوريا عدداً من الأسئلة، وتسلط الضوء على طبيعة الصراع السوري المستمر، أولها أن الأطراف السورية الفاعلة لا تملك استقلالية القرار والحركة فيما يحدث في بلادهم. من جهة أخرى، تشارك الجماعات السورية الثورية تحت راية “الجيش السوري الحر”، في الهجوم على عفرين تحت قيادة تركية. يُعتبر من الحماقة عسكرياً، فتح جبهة جديدة ضد الأكراد في الوقت الذي يتعرض فيه الثوار السوريون لهجمات عنيفة في إدلب وشرق الغوطة. وتوجد القوات السورية الموالية في “أبو الظهور “على بعد أقل من 50 كيلومتراً من مدينة إدلب. وكل ذلك يبين أن “الجيش السوري الحر”، لا يستطيع اتخاذ قرارات خارج إرادة الحكومة التركية، لكن يبقى السؤال مفتوحاً، في هذا الوضع، ما هو المغزى من استمرار حرب عبثية من دون هدف؟

في حال انسحاب الأطراف السورية الفاعلة من عملية إدارة الحرب التي تحدث في بلادهم، ولم يعد لهم نفوذ فيها، وكل شيء يقرر بالنيابة عنهم، تكون الأهمية في المقام الأول لأهداف واستثمارات من يدعمهم ويرعاهم. هنا، نسجل أن اللاعبين الرئيسيين ليسوا على قدم المساواة، من جهة نجد روسيا، التي حصلت بالفعل على ما تريد؛ فبعد شرق حلب، نشاهد الآن قواتها البرية تتقدم تحت ظل سلاح الجو الروسي للاستيلاء على ما تبقى من محافظة حلب الجنوبية ودخول محافظة إدلب. في المقابل، يبدو أن القوات الروسية سمحت للقوات الجوية التركية بالمشاركة في الهجوم على عفرين. ومع ذلك، بينما كسب الجانب الروسي الأراضي التي يريدها، يواجه الجانب التركي تحدياً خطيراً، يتمثل في عقبة لا تزال أمامه تتألف من 8 إلى 10 آلاف من المقاتلين الأكراد الذين لا يرجح إخلائهم أراضيهم بنفس السرعة التي انسحب بها مقاتلو “الجيش السوري الحر”، من عشرات القرى التي كانوا فيها، في الأسابيع الثلاثة الماضية.

يتمخض عن المقارنة بين الأداء الروسي والتركي استنتاجات متباينة، فرغم خروج الروس من منطقة الشرق الأوسط منذ سنوات عديدة، منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، إلا أنهم أظهروا قدرة ملحوظة في تحديد الأهداف الاستراتيجية وترجمتها إلى انتصارات فعالة على الأرض – على الرغم من ارتفاع التكلفة الناجمة عن الخيارات السياسية على المدنيين، وكذلك على أطراف القتال.

وعلى الجانب الآخر، طرحت تركيا استراتيجيات عديدة ومتواصلة في المنطقة، لكن كان مآلها الفشل على الدوام، أول تلك الاستراتيجيات، دعوة أنقرة إلى الإطاحة بنظام الأسد؛ ثم دعوتها إلى “منطقة حظر الطيران” في شمال سوريا، ثم هدفها الممثل في القضاء على الوجود العسكري الكردي في شمال سوريا. والآن، تعمل أنقرة على القضاء على الوجود المسلح الكردستاني في جيب عفرين، أما بالنسبة إلى شمال شرق سوريا، فمن المعلوم أن تركيا لا تستطيع وقف مسعى الولايات المتحدة في إعداد قوة تتألف من 30 ألف مقاتل من أجل “أمن الحدود”.

لا يبدو على التعاون التركي الروسي الذي يحدد عملياً إيقاع الحرب الدائرة في سوريا، أنه سيصمد لعدم استقراره. في اليوم الأخير من كانون الأول / ديسمبر، بعد هجمات “طائرات الدرون”، (طائرات صغيرة من دون طيّار)، على القاعدة الجوية الروسية في حميميم ومقر البحرية في طرطوس، قال بوتين إن تلك الهجمات هي نتيجة عمل محرضين جيدي التخطيط لكنهم ليسوا أتراكاً”.

وفي أعقاب هجوم عفرين، نقل عن مصدر من “وحدات حماية الشعب الكردية”، إن “روسيا خانتنا في عفرين”، كما أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي استخدم المقاتلين الأكراد ضد “داعش”، هو أيضاً لم يتخذ أي خطوات للدفاع عن حلفائه (السابقين) من الهجوم التركي. كم من العمليات الاستفزازية والخيانات الأخرى سيكشف عنها الصراع السوري؟

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.