fbpx

لماذا تعتقل “حماس” غير القادرين على سداد ديونهم؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

معظم الدول ألغت عقوبة السجن للمديونين، وكان ينبغي على فلسطين أن تفعل ذلك أيضاً، إذ إنها وقعت على معاهدة تابعة للأمم المتحدة تمنع هذه العقوبة. لكنها لا تزال تُطبق في قطاع غزة

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

باع زياد الزيَّان منزله مقابل حريته. فقد أدار لسنوات نشاطاً تجارياً مربحاً يقوم على استيراد بلاط السيراميك إلى غزة. وعام 2016، أخذ قرضاً كي يدفع ثمن طلبية بقيمة 800 ألف شيكل (20,830 دولار). ولكن في ذلك القطاع المُحاصَر التي تصل نسبة البطالة فيه إلى 43 في المئة، هناك عدد قليل للغاية من الأشخاص القادرين على تحمل تكاليف إصلاح منازلهم. وهكذا لم يتمكن الزيَّان من العثور على عملاء لشراء طلبيته الأخيرة. وفي محاولة يائسة منه لسداد الدين، باع شقته في مخيم النصيرات، وهو مخيم للاجئين يقع جنوب غزة. وحصل في المقابل على 17 ألف دولار، أي أقل مما دفعه منذ ثلاث سنوات بنسبة 23 في المئة. يقول: “دفعتُ كل تلك الأموال لسداد القرض”.

كان البديل أمامه هو السجن. معظم الدول ألغت عقوبة السجن للمديونين، وكان ينبغي على فلسطين أن تفعل ذلك أيضاً، إذ إنها وقعت على معاهدة تابعة للأمم المتحدة تمنع هذه العقوبة. لكنها لا تزال تُطبق في قطاع غزة، الذي يخضع لحكم حركة حماس- الجماعة الإسلامية المُسلحة- منذ عام 2007. وفي حين أن إسرائيل ومصر فرضتا حصاراً على القطاع بعد استيلاء “حماس” على السلطة، أضافت السلطة الفلسطينية، التي تحكم الضفة الغربية، في العام الماضي، عقوباتها الخاصة في محاولةٍ للضغط على حماس للتنازل عن السلطة. وكان من بين تلك العقوبات أن خفضت السلطة الفلسطينية رواتب القطاع العام في غزة بنسبة أكثر من 40 في المئة، مجبرةً الآلاف من موظفي الخدمة المدنية على التقاعد.

شهد الاقتصاد، الراكد منذ عقد أصلاً، تراجعاً حاداً. ففي العام الماضي، على سبيل المثال، حرر سكان غزة شيكات من دون رصيد تزيد قيمتها عن 400 مليون شيكل، أي بزيادة قدرها 80 في المئة عن عام 2016. كما تعرض أكثر من 42 ألف شخص للاعتقال بسبب تخلفهم عن سداد ديونهم. ويقدر عيسى حبش، وهو بقّال في النصيرات، أن ثلثي زبائنه يدينون له بالمال. وفي محاولةٍ منه للحد من ظاهرة الديون هذه، لم يعد يبيع عبوات كاملة الحجم من سلع أساسية كثيرة، وبدلاً من ذلك صار يبيع زجاجات صغيرة من الزيت النباتي وأكياس صغيرة من القهوة، يقول: “لا تتكلف سوى شيكل واحد، لكن الناس لا يزالون يسجلونها في الدفتر” مشيراً إلى دفتر حساباته.

سجناء في غزة عجزوا عن سداد ديونهم

يقوم رائد الشوا بإمداد الغاز إلى 1500 عميل في شمال غزة، وقد واجه عملاؤه المقيمون دائماً صعوبة في الدفع له. بل الأدهي من ذلك، أنه في العام الماضي، بدأت المصانع والمطاعم تحرّر شيكات من دون رصيد، وقد توقف عن قبولها ويطالب الآن بالدفع نقدياً مُقدماً. يقول: “فقدنا 40 في المئة من مبيعاتنا المعتادة”. ما يعني أنه غير قادر على دفع رواتب موظفيه الذين يصل عددهم إلى 22 موظفاً في الموعد المحدد، ويخشى أن يجعلهم ذلك يتخلفون بدورهم عن سداد ديونهم الخاصة، الأمر الذي سيُفاقم هذه الدائرة المُفرغة.

يجد الأشخاص الأسوأ حظاً أنفسهم يقفون أمام القاضي محمد نوفل، وهو أحد القضاة المختصين في القضايا المالية في قطاع غزة، والذي تنظر محكمته في ما يصل إلى 40 قضية يومياً. لا يذهب كل المذنبين إلى السجن، إذ يتمكن بعضهم من تأجيل الدفع أو تقديم خطط للسداد. وفي آذار/ مارس الماضي، أصدر المدعي العام عفواً عن المُدانين لمدة شهر كامل لتسوية ديونهم. ومع ذلك، فقد أرسل نوفل المئات إلى السجن على مدار العام الماضي، لقضاء عقوبات تتراوح ما بين الأشهر والسنوات، بحسب قدر الدين.

يريد الزيان أن يُنهي تجارته، لكن لا أحد يرغب في شراء مخزونه أو ممتلكاته التجارية. يمضي أيامه الآن يتسكع في المقاهي، وبين الحين والآخر يبيع دفعات صغيرة مما تبقى من البلاط. وبما أنه لم يعد يملك منزلاً، فهو يدفع الآن ألف شيكل شهرياً إيجاراً للشقة التي يعيش فيها. أوشكت مدخراته على النفاد، ويخشى ألا يقدر على دفع الإيجار قريباً. يقول “أنا في طريقي إلى الانهيار”، ويضيف “لا أستطيع الاستمرار. لكن يمكنني الرحيل كذلك”.

 

الموضوع مترجم عن economist.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.

 

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!