fbpx

الصلوي : صحافي يمني ترك المهنة خوفاً على حياته

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في دكانه الصغير يمضي الصحافي اليمني محمد شمسان الصلوي يومه.هكذا تبدو حياته بعد اتخاذه قراراً بترك مهنة الصحافة. كان نجماً على شاشات الفضائيات ينقل الأوضاع في اليمن، لكنه في النهاية قرر أن يترك مهنته موقتاً، حفاظاً على حياته ولقمة عيش أسرته.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في دكانه الصغير الذي لا يزيد عن 3 أمتار طولاً ومتر ونصف عرضاً يمضي الصحافي اليمني محمد شمسان الصلوي يومه منذ الثامنة صباحاً وحتى التاسعة مساءً، ومواعيد الطعام والصلاة، ضمناً.

هكذا تبدو حياة الصحافي السابق الصلوي بعد اتخاذه قراراً بترك مهنة الصحافة؛ بسبب تهديدات تلقاها، فالتزم عدم ممارسة أي عمل إعلامي بعد أن تمت مقاضاته أثناء اعتقاله عام 2016 في أحد أقسام شرطة صنعاء.

كان محمد قبل ذلك نجماً على شاشات الفضائيات ينقل الأوضاع في اليمن، وكان قلمه أيضاً غزيراً في توصيف ما تمر به بلاده من محنٍ قاسية، لكنه في النهاية قرر أن يترك مهنته موقتاً، حفاظاً على حياته ولقمة عيش أسرته.

يستقبلك الصلوي بابتسامته المعهودة ملوحاً بيديه المرحبتين بقدومك، لديه كرسي حديدي واحد مخصص لزائريه وزبائنه اليوميين؛ منتقلاً بذلك إلى مهنة البيع والشراء بعد أن أمضى نحو 18 عاماً في أروقة مهنة المتاعب.

الصلوي الذي يعيش في صنعاء القابعة تحت سيطرة “أنصار الله” أو الجماعة الحوثية، تعرض للتهديد والاعتقال بسبب نشاطه الصحافي وظهوره في نشرات الأخبار التلفزيونية.

يقول الصلوي إن انقطاع راتبه وتصاعد الانتهاكات والاعتقالات التي تعرض لها وطاولت زملاء له، وبروز الإعلام الموجه، كانت من ضمن الأسباب التي شكلت لديه قناعة بمغادرة هذه المهنة، والعودة إلى الاهتمام بلقمة عيش والدته وزوجته وبناته الأربع، فاضطر إلى ترك شغفه وخوض تجربة في مضمار التجارة.

ويستذكر الصلوي تجربته الصحافية، ويوضح لـ”درج” أنه بدأ عام 2000، كاتباً في عددٍ من الصحف المحلية، وبعد عامٍ التحق بصحيفة “الوحدوي” محرراً في قسم الأخبار، ثم الشؤون السياسية، “تنقلت بين صحفٍ كثيرة منها الثوري، الشورى، الأيام، أخبار اليوم، الجمهورية، المصدر، الشاهد، الشارع، الأولى، وغيرها من الصحف اليومية والأسبوعية المختلفة”، متابعاً: “عام 2004، تم تعييني مدير تحرير لمجلة نداء الوطن المختصة بقضايا وشؤون المغتربين اليمنيين والجاليات اليمنية في مختلف دول المهجر وعملت فيها حتى عام 2007، إضافة إلى عملي في الوحدوي، وفي العام ذاته أصبحت سكرتير تحرير لمجلة الجذوة الفصلية”.

تجربة جديدة

يتحدث الصلوي عن مهنته الجديدة، مشيراً إلى أنها مهنة غير شاقة، لكنها تأخذ الكثير من الوقت والتفكير.

ويرى الصلوي أن تجربته الجديدة تتطلب مهارات وتعاملات مختلفة، وفهم للسوق واحتياجات العملاء وطلباتهم، وحفظ الأسعار ومتابعة ارتفاع الأسعار بشكلٍ دوري؛ نتيجة ما تمر به العملة المحلية “الريال” من هبوط أمام الدولار الأميركي.

ويلفت إلى أن بيعه “محدود ويتركز في بيع المواد البلاستيكية، والمنظفات المنزلية والمعقمات وشرائها”، مؤكداً أنها خدمة نوعية يقدمها للمجتمع.

ويطمح أن تلبي مهنته الجديدة الحاجات المعيشية له ولأسرته وأطفاله، وتوفر العيش الكريم لهم، ومصاريف الدراسة والتزامات البيت.

قصة محمد شمسان الصلوي ما هي سوى نموذج لوضع مئات الصحافيين الذين تركوا مهنة المتاعب للعمل في الأعمال الحرة، إذ لجأ البعض إلى العمل في الطوب وخدمات المطاعم والزراعة.

انتهاكٌ وإهمال من طرفي الحرب

الصحافي فخر العزب صديق الصلوي يقول لـ “درج” إن الأخير نموذج للصحافي اليمني الذي يعيش بين سندان الشرعية ومطرقة الانقلاب، فالانقلابيون وهم جماعة سلالية لا تؤمن إلا بسلاح القوة ولا تؤمن بحق الرأي والتعبير مارست أبشع الممارسات والانتهاكات بحق الصحافيين، وفق رأيه.

ويضيف العزب: “اختطفت جماعة الحوثي عدداً من الصحافيين واضطهدت عدداً آخر، بل وقتلت واغتالت غيرهم، وأغلقت الصحف والمواقع الالكترونية ومارست سياسة الإرهاب ضد الصحافيين القاطنيين في مناطق سيطرتها وأرغمتهم على الصمت والتوقف عن الكتابة، مقابل بقائهم على قيد الحياة وهذا ما حصل لكثر من الزملاء، أبرزهم شمسان”.

في المقابل ينتقد العزب ما سماه “إهمال” الحكومة الصحافيين، فهي لم تُظهر أي اهتمام بهؤلاء، يتيح لهم العيش الكريم إذا ما غادروا مناطق سيطرة “الانقلابيين” كما يقول.

ما يتعرض له الصحافيون فوق طاقة النقابة

نبيل الأسيدي، عضو مجلس نقابة الصحافيين اليمنيين يوضح لـ “درج أن ” النقابة تعمل بقدر إمكاناتها لتوفير الحماية للصحافيين والدفاع عن حقوقهم، إذ تقوم بتوثيق الانتهاكات بحق الصحافة والصحافيين والعمل مع الاتحاد الدولي للصحافيين واتحاد الصحافيين العرب والمنظمات الدولية المعنية بحرية التعبير لمساندة الصحافيين.

وأضاف الأسيدي في حديثه: وكما تعرفون أن ما تعرضت له البلاد خصوصاً في مجال الإعلام فوق طاقة نقابة الصحفيين خصوصاً الأمر الذي يتطلب مساندة من كل المنظمات والجهات المعنية.

وأشار الأسيدي إلى أن النقابة عملت خلال السنوات الأخيرة على تدريب الصحافيين والمصورين على مبادئ السلامة المهنية، وعملت مع كل المنظمات وفِي فعاليات دولية كثيرة على كشف الجرائم بحق الزملاء.

ونوه إلى أن النقابة طالبت بشكلٍ مستمر بصرف مستحقات العاملين في وسائل الإعلام ورواتبهم، وتبذل جهوداً في هذا الجانب على رغم الصعوبات.

وأردف: “على رغم التجريف الكبير التي تعرضت له الصحافة في اليمن إلا انها صمدت لتأدية واجباتها في ظل الظروف الصعبة والإمكانات الشحيحة والمخاطر الكبيرة”.

حينما سألناه عن مستقبل الإعلام في اليمن قال: “نرى أن مستقبل الإعلام سيكون جيداً نظراً إلى الدور المهم الذي يلعبه الإعلام حالياً في صنع التغيرات وتغطية الأحداث وصنع الراي العام”.

وأضاف: هناك تحديات كبيرة أمام الصحافة والصحافيين في اليمن؛ ما يستدعي المساندة والدعم حتى نستعيد الإعلام المتعدد والمتنوع الذي نفتقده اليوم.

 

هناك 32 صحفياً ومصوراً وعاملاً في مجال الإعلام قتلوا منذ بداية الحرب وحتى نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2018

 

أرقام مفزعة

ورصدت نقابة الصحافيين اليمنيين في تقاريرها الدورية لرصد الحريات 959 حالة انتهاك طاولت الحريات الإعلامية منذ مطلع عام 2015 حتى الربع الثالث من العام الحالي 2018.

وبحسب إحصاء النقابة فإن هناك 32 صحفياً ومصوراً وعاملاً في مجال الإعلام قتلوا منذ بداية الحرب وحتى نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2018، ارتكبت جماعة الحوثي 14 حالة قتل منها، فيما ارتكب التحالف العربي 14 حالة، وسُجلت حالتان ضد جهات متطرفة، وحالة اقترفها مسلحون محسوبون على الجيش الوطني في تعز، وحالة سجلت ضد مجهولين هي قتل الصحافي محمد العبسي مسموماً نهاية عام 2016.

ولا يزال هناك 18 صحفياً ومصوراً في معتقلات جماعة الحوثي وصحافي واحد معتقل لدى تنظيم القاعدة في محافظة حضرموت، تعرضوا جميعاً للتعذيب الوحشي وحرموا من حق الطبابة والعناية الصحية بحسب أقارب لهم.

ووثقت نقابة الصحافيين حوالى 200 حالة حجب لمواقع إخبارية إلكترونية طاولت مواقع محلية وعربية ودولية منذ عام 2015 وحتى اليوم، ناهيك عن تبطيء الانترنت وفرض الرقابة عليها.

ولعل مطاردة الصحافيين وملاحقتهم كانت أبرز الانتهاكات خلال فترة الحرب حيث سجلت النقابة 280 حالة قمع للحرية وملاحقات طاولت مئات الصحافيين الذين اضطروا للنزوح إلى قراهم أو إلى مدنٍ آمنة نوعاً ما.

وفقد الصحافيون أعمالهم بعد توقف الكثير من وسائل الإعلام، وانقطاع المرتبات التي طاولت الموظفين الحكوميين بدرجة رئيسية.

ويبقى نضال الصحافيين اليمنيين معمداً بالدم ومرصعاً بالقيود ومحاطاً بسهامِ الاستهداف، كما تبقى قضية مؤازرتهم ومناصرتهم واجباً من أجل مساندة حرية الرأي والتعبير وحق اليمنيين في الحصول على المعلومات.

حالة قلق

ويشهد الوسط الصحافي في اليمن انتهاكات متواصلة وزعت بين اعتقالات وإخفاء قسري وتعذيب وقتل خلال الحرب الدائرة في اليمن منذ نشوبها في آذار/مارس 2015.

وتدور معارك بين حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي من جهة وقوات موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح وميليشيات “أنصار الله” الحوثيين من جهة أخرى، منذ اقتحام الحوثيين مدعومين بقوات صالح العاصمة صنعاء في 21 أيلول/ سبتمبر 2014.

وشهدت الأعوام الماضية منذ نشوب الحرب في آذار 2015، الكثير من الانتهاكات والاعتقالات ضد صحافيين وناشطين إعلاميين في مختلف المناطق اليمنية، إضافة إلى إغلاق الوسائل الإعلامية المحايدة ومكاتب القنوات الفضائية ومقرات الصحف المحلية ومنع المراسلين من ممارسة نشاطهم بحرية تامة ومن دون قيود.