fbpx

طوفان “السترات الصفر” مستمر وترامب يرفده بتغريدة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

فرنسا تغلي وماكرون يتخبّط يميناً ويساراً والشارع لم يعد يكترث بدعوات التهدئة ومطالبه تجاوزت الحيّز الأوّل المسبّب لتلك الإحتجاجات وأصبحت تعبيرا عن غضب متراكم ضد “الإستبلاشمنت” تحبسه الشرائح الإجتماعية منذ أربعة عقود. ماذا سيقدّم ماكرون في خطابه الأوّل وكيف ستتلقّف “السترات الصفراء” اقتراحته ؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تدخل الإحتجاجات الشعبية في فرنسا أسبوعها الخامس على التوالي في ظلّ خطاب تلفزيوني مرتقب للرئيس ايمانويل ماكرون، كشفت يومية “لو باريزيان” عن بعض الخطوط العريضة التي يمكن أن يتضمّنها وعلى رأسها قوانين متعلّقة بالقدرة الشرائية وخفض الضرائب التي كانت مقرّرة في برنامج ماكرون الإنتخابي.

سينطلق ماكرون غداً من شعار أساسي حفظه الفرنسيون الذي استمعوا إليه وهو يلقي خطاب النصر في أيار/مايو ٢٠١٧ في باحة متحف اللوڤر : “أتفهّم جيّدا مئات آلاف الفرنسيين الذين انتخبوني عن غير اقتناع ببرنامجي، صوّتوا لي فقط لتجنّب وصول مارين لوبان إلى سدّة الحكم”.

هؤلاء، شرائح اجتماعية وأحزاب وأطر نقابية ينتفضون اليوم بشكل جماعي ضدّ ما يعتبرونه “خطة اقتصادية غير عادلة”، وإن إختلفت توجّهاتهم الفكرية والإيديولوجية فقد اجتمعوا على حساسية مفرطة من بروفايل الرئيس : الشاب، المصرفي السابق، الذي لا يرضخ ولا يلين بشكل سهل، المتعجرف حينا والمتعالي على أصوات تنتقده أحياناً أخرى.

في الوقت الضائع بين التصعيد الذي شهدته عشرات المدن الفرنسية الكبرى ومئات القرى ومحاولة ضبط الأمور أمنيا – حيث نجحت خطة وزير الداخلية كريستوف كاستانير في تفادي أضرار كبيرة رغم تصريح بلدية باريس عن فداحة الأضرار وتفوقها على تلك التي سبقتها السبت الفائت- يلعب ماكرون ورقته الأخيرة اليوم لتجنّب سقطة أخرى قد تكون قاتلة هذه المرة، ربّما تدفعه إلى قرارت خطيرة كالتضحية بادوار فيليب أو لجوئه إلى حلّ الجمعية الوطنية وخسارته حتماً للأكثرية البرلمانية التي يتحصّن بها في قصر بوربون.

 

لا يبدو الجسم التنظيمي -إذا صح القول- للسترات الصفراء مبالياً باقتراحات الرئيس وباليد الممدودة التي ترجمت بلقاء مع رئيس الحكومة ادوارد فيليب ليل الجمعة لسحب الفتيل من الشارع

 

ولا يبدو الجسم التنظيمي -إذا صح القول- للسترات الصفراء مبالياً باقتراحات الرئيس وباليد الممدودة التي ترجمت بلقاء مع رئيس الحكومة ادوارد فيليب ليل الجمعة لسحب الفتيل من الشارع، وبالرغم من دعوة مجموعة “السترات الصفراء الأحرار” لعدم التظاهر بباريس نهار السبت فإنّ المدينة اتّشحت باللون الأصفر من ساحة الباستيل إلى الكونكورد فسان لازار وصولا إلى ساحة الريپوبليك والشانزيليزيه التي شهدت هدوءا في الصباح، وتحوّلت إلى ميدان مواجهات مع قوات الشرطة ولعبة كرّ وفرّ في الأحياء المجاورة في فترة بعد الظهر.

في باريس، توجّهت الأنظار إلى آلاف المحتجين على سياسة الحكومة الإقتصادية وشعاراتهم التي تطالب بالعدالة الإجتماعية وهتافاتهم التي تصدح باستقالة ماكرون، لكنّ نشاطات موازية كانت حاضرة في العاصمة الفرنسية نهار السبت حيث نظّم البيئيون مظاهرة مركزية من أجل المناخ شهدت مشاركة مئات السترات الصفراء وحوالي ٢٥ ألف من الداعين لعقد مناخي جديد. وليس بعيدا عنها اخترقت مظاهرة مطلبية نقابية منطقة السان لازار، شاركت فيها أحزاب اليسار الراديكالي كال NPA ونقابات ال CGT وانتهت بصدامات مع مجموعات تابعة لل bastion social (يمين متطرف) دون أن تتوجّه إلى الشانزيليزيه لملاقاة القسم الأكبر من السترات الصفراء.

كحال باريس، شهدت بوردو ومرسيليا ونانت وتولوز أعنف المواجهات مع قوات الشرطة واستطاعت مجموعات من المحتجين قطع الحدود البرية الفاصلة بين نيس وايطاليا وأقامت حواجز على نقاط الدفع المروري  بين مدينة وأخرى (point de péages) ورفعت شعارات تطالب بالعودة عن قرار إلغاء الضريبة على الثروة (ISF) وحصرها بالثروة العقارية، المطلب الذي يراه ماكرون غير قابل للنقاش.

سياسيا، جدّد زعيم حركة “فرنسا العصيّة” جان-لوك ميلانشون مطالبته بحلّ البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكّرة كشكل من أشكال الإستفتاء على شرعية الرئيس ماكرون، الأمر الذي لاقته فيه زعيمة “التجمع الوطني” مارين لوبان التي فضّلت عدم الخوض كثيرا في موضوع الإحتجاجات وركّزت أولويتها على الإنتخابات الأوروبية في زياراتها للأراضي البلجيكية تلبية لدعوة الحزب القومي الفلمنكي.

في بروكسل، وعلى وقع مظاهرة خجولة للسترات الصفراء، حلّ ستيف بانون المستشار السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضيفا على مؤتمر الحزب الفلمنكي وأثارت تصريحاته جدلاً كبيرا في الساحة الأوروبية بعد تعبيره عن سعادته في رؤية “فرنسا تحترق ولندن تهتز على وقع البريكزيت وايطاليا ترفع صوت الشعب عالياً”. كلام بانون جاء في إطار تكثيفه للجولات الأوروبية التي يحاول من خلالها تشكيل تحالف انتخابي قوي يحصد الأكثرية البرلمانية في الإنتخابات الأوروبية في ربيع ٢٠١٩. كما شدّد المؤتمر على رفض الميثاق الذي طرحته الأمم المتحدة حول الهجرة “ميثاق مراكش” ودعت مارين لوبان الرئيس للفرنسي لتجنّب هذا الميثاق الذي وصفته ب “اتفاقية مع الشيطان” ورأت فيه “ديكتاتورية المهاجرين الذي يحاول رهن فرنسا للأمم المتحدة”.

دونالد ترامب لم يفوّت الإحتجاجات الفرنسية وعاد في تغريدة على حسابه في تويتر لتذكير ماكرون بصوابية قراره الخروج من معاهد باريس للمناخ “الشعب لا يريد ضرائب إضافية. أحبّ فرنسا”. ردّ الخارجية الفرنسية كان سريعا على لسان وزير الخارجية جان-ايڤ لو دريان الذي دعا ترامب لعدم التدخّل في الشؤون الفرنسية الداخلية في بيان نشره موقع الوزارة صباح الأحد.

فرنسا تغلي وماكرون يتخبّط يميناً ويساراً والشارع لم يعد يكترث بدعوات التهدئة ومطالبه تجاوزت الحيّز الأوّل المسبّب لتلك الإحتجاجات وأصبحت تعبيرا عن غضب متراكم ضد “الإستبلاشمنت” تحبسه الشرائح الإجتماعية منذ أربعة عقود. ماذا سيقدّم ماكرون في خطابه الأوّل وكيف ستتلقّف “السترات الصفراء” اقتراحته ؟ وهل نشهد تحرّكا خامسا في باريس السبت المقبل؟  

 

إقرأ أيضاً:

ماكرون في مواجهة السترات الصفر

“عندما أرى أعدائي في كل مكان أرغب في القيام بالمزيد”: جورج سوروس في معركته الأخيرة

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!