fbpx

تجسسٌ في لبنان: من يراقبنا؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ارتفعت في لبنان خلال الأشهر الماضية وتيرة استهداف الصحافة والصحافيين والحريات الشخصية والثقافية بشكل عام، وبعد تكرار حوادث ملاحقة لشخصيات تعمل في مجالات الاعلام والثقافة و الفن بسبب آرائهم مواقفهم أو بسبب أعمالهم، فوجئ الرأي العام اللبناني قبل أيام بفضيحة تجسس سرية واسعة النطاق. عملية التجسس هذه وبحسب التقارير التي كشفتها مرتبطة بالمديرية العامة للأمن العام الذي يقوم بحملة تجسس باستخدام برمجيات خبيثة مسؤولة عن سرقة مئات الجيغا بايت من البيانات الشخصية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ارتفعت في لبنان خلال الأشهر الماضية وتيرة استهداف الصحافة والصحافيين والحريات الشخصية والثقافية بشكل عام، وبعد تكرار حوادث ملاحقة لشخصيات تعمل في مجالات الاعلام والثقافة و الفن بسبب آرائهم مواقفهم أو بسبب أعمالهم، فوجئ الرأي العام اللبناني قبل أيام بفضيحة تجسس سرية واسعة النطاق. عملية التجسس هذه وبحسب التقارير التي كشفتها مرتبطة بالمديرية العامة للأمن العام الذي يقوم بحملة تجسس باستخدام برمجيات خبيثة مسؤولة عن سرقة مئات الجيغا بايت من البيانات الشخصية.
فقد أصدرت شركة “لوك آوت” و”مؤسسة الحدود الإلكترونية”، بياناً تشير فيه إلى أن، جهازاً تابعاً لمديرية الأمن العام اللبناني في بيروت، كان مسؤولاً عن سرقة بيانات خاصة، طالت آلاف الأشخاص في أكثر من 20 بلداً، منهم صحافيون، ومحامون، وناشطون. كما أوضح البيان أن عملية التجسس كانت قد بدأت منذ العام 2012، ولا زالت مستمرة.
وعملية التجسس هذه تشكل خرقاً لحق الناس في الخصوصية وتهدّد حرية التعبير والرأي. وما ضاعف من قلق الناشطين والحقوقيين بيان جهاز الأمن العام وتصريح مديره، اللواء عباس إبراهيم، الذي قال في حديث صحافي، “الأمن العام ليس لديه هذا النوع من القدرات. نحن نتمنى أن تكون لدينا هذه القدرات” في حين أن وزير الداخلية، نهاد المشنوق، قال في حديث مع وسائل إعلام محلية، “التقارير عن التجسس في لبنان مبالغ فيها، ولكنها ليست بالضرورة خاطئة”.
الكشف عن خرق الخصوصيات هذه أثار موجة انتقاد وقلق في أوساط لبنانية واسعة خصوصاً تلك المعنية بالحريات الرقمية وبالحريات العامة. مدير منظمة “سمكس – تبادل الاعلام الاجتماعي”، محمد نجم، وفي حديث ل”درج” يقول، “على ما يبدو أن التجسس حصل، هذا ما قاله التقرير وبرهنه تقنياً، ومن المشاكل الأساسية في هذه العملية، أن البيانات الخاصة بالشخصيات المستهدفة أصبحت متاحة على الويب، من دون تحديد فترة زمنية، أي أنه من الممكن أن تبقى هذه البيانات موجودة لسنوات على الانترنت، وأقل ما يمكن قوله حول هذا الموضوع هو أنه خرق واضح لخصوصيات المواطنين، علماً أننا لا نعلم من هي الجهات المستهدفة، هل هي بريئة؟ متهمة؟ ما وصفها القانوني، ما هي آلية اختيار الأشخاص الذين تم التجسس عليهم؟” وتابع قائلاً، “من قام بالتجسس؟ هل الفريق الذي قام بالعملية، هو فريق متخصص من قبل الدولة؟ هل هم عناصر أمن مدربون؟ أم هاكرز يعملون ضمن عقود حُرّة؟ وما نوع هذه العقود بين هؤلاء الهاكرز والدولة من ناحية سرية البيانات ونشرها؟”.
وبحسب التقرير الذي كشف عملية التجسس، فقد تم نشر أسماء مشغلة لعملية التجسس، وشرح فيها أنواع التجسس، الذي طال هواتف نقالة (ذكية)، وحواسيب خاصة. الرصد الذي تضمنته عملية التجسس، حمل صوراً وتسجيلاً للمكالمات ورسائل صوتية، ورسائل نصية، وصفحات محفوظة. وتم كشف العملية من خلال خطأ تقني، جعل كل هذه البيانات متاحة على الانترنت. وأوضح التقرير، أنه في العام 2015 تم تحديد نوع البرنامج المستخدم في التجسس من قبل جهازين في لبنان، أحدهما الأمن العام اللبناني، وهو “فينفيشر”.  
وفي ردّ على ما تم كشفه أصدرت ثماني منظمات حقوقية وإعلامية هي، “سمِكس، والمركز اللبناني لحقوق الإنسان، وهيومن رايتس ووتش، وألف – تحرك من أجل حقوق الإنسان، وحلم، ومؤسسة الكرامة، ومنظمة إعلام للسلام (ماب)، ومركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية (سكايز)”، بياناً مشتركاً، استنكرت فيه بشدة موضوع التجسس، واعتبرته اعتداءً على خصوصية الفرد، وأن هكذا تصرف يهدد الحريات في لبنان”.
من جهتها أوضحت، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”، لما فقيه، في البيان المشترك، أنه “إذا صحّت الادعاءات، فإن هذا التجسس يشكل استهزاء بحق الناس في الخصوصية ويهدد حرية التعبير والرأي. على السلطات اللبنانية أن تنهي فوراً أي مراقبة مستمرة تنتهك قوانين البلاد أو حقوق الإنسان، وأن تحقق في التقارير عن الانتهاكات الجسيمة للخصوصية”. وأضافت، “الادعاءات بأن البيانات المسروقة تُركت على شبكة الإنترنت المفتوحة أمر يثير القلق بشكل خاص؛ من شأن ذلك أن يعرض خصوصية الناس لمزيد من المخاطر. لا مبرر للمراقبة التعسفية على نطاق واسع، ولكن ما يزيد الطين بلّة هو ترك بيانات الناس الخاصة مكشوفة على الإنترنت”.
وقال رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان، وديع الأسمر، في حديث ل”درج”، إن “مراقبة خصوصيات الناس وأية مراقبة، هي جريمة يجب أن يعاقب من ارتكبها. ولا يمكن لأي جهاز أمني وتحت أي حجج واهية أن يتجاوز القانون، وإلا نكون فعلاً نعيش في ديكتاتورية وليس في دولة ديمقراطية”.  وأوضح مدير منظمة “ألف – تحرك من أجل حقوق الإنسان”، جورج غالي، لـ “درج”، إن “سرية التعارض والتجسس خطيرة للغاية تحديداً بسبب غياب الرقابة الإدارية والقضائية”. وتابع قائلاً، “ان المعيار الأساسي من الناحية الحقوقية هو أن الخصوصية هي حق. وتخطي هذا الحق يجب أن يحصل بطريقة قانونية، وهذا يرفع مزيداً من الشكوك عن مدى تمنع المواطنين من الوصول إلى المعلومات التي تتعلق بهم”.
وبحسب المادة 140 من القانون اللبناني، فإن سرية التخابر الجاري داخلياً وخارجياً بأي وسيلة من وسائل الاتصال، لا يخضع لأي نوع من أنواع التنصت أو المراقبة أو الاعتراض أو الافشاء إلا في الحالات التي ينص عليها هذا القانونو وبواسطة الوسائل التي يحددها ويحدد أصولها. كما أوضحت المادة، أنه في حالات الضرورة القصوى، يحق لقاضي التحقيق الأول في كل محافظة إما عفواً أو بناءً لطلب خطي من القاضي المكلف بالتحقيق، أن يقرر اعتراض المخابرات التي تجري بواسطة أي من وسائل الاتصال وذلك في كل ملاحقة جرم. ويأذن أيضاً لوزير الداخلية، الذي يشرف على جهاز الأمن العام، ووزير الدفاع بأن يأمرا باعتراض اتصالات محددة بناء على قرار مكتوب يوافق عليه رئيس الوزراء، لغرض مكافحة الإرهاب، والجرائم ضد أمن الدولة، والجريمة المنظمة.
لكن هذه النقاط القانونية لا تتوافر في المسألة الراهنة وبالتالي لم يبرر أحد ما السبب أو الدافع خلف هذا التجسس العشوائي.
دولياً، يحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان أي خرق تعسفي أو غير قانوني للخصوصية، بما يشمل الاتصالات الخاصة.[video_player link=””][/video_player]