fbpx

تحت بئر السلم: الاجهاض غير آمن في مصر

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يعدّ القانون المصري من بين أكثر القوانين تشدداً، في تقييد حق الإجهاض على مستوى العالم، فهو يجرم الإجهاض المتعمد بالكامل، ولا يسمح به تحت أي ظرف ويعاقب النساء اللاتي يلجأن إليه. يومياً، تجوب سيدات من خلفيات اجتماعية وثقافية مختلفة المستشفيات بحثاً عن طبيب يوافق على إجراء عملية إجهاض لهن. من بين هؤلاء، لاجئات، متزوجات، عازبات وناجيات من الاغتصاب، ومنهن من حظين بدعم شريك أو صديق، فيما كثيرات يأتين بمفردهن. لكل واحدة حكايتها الخاصة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يومياً، تجوب سيدات من خلفيات اجتماعية وثقافية مختلفة المستشفيات بحثاً عن طبيب يوافق على إجراء عملية إجهاض لهن. من بين هؤلاء، لاجئات، متزوجات، عازبات وناجيات من الاغتصاب، ومنهن من حظين بدعم شريك أو صديق، فيما كثيرات يأتين بمفردهن، لكل واحدة حكايتها الخاصة.  ويقول الدكتور تامر، الذي فضّل استخدام اسمه الحقيقي في حوار مع “درج”، “يمكن إجراء عمليات إجهاض في بعض أفضل مستشفيات مصر وصولاً إلى العيادات الطبية البدائية سيئة الخدمات”.
عندما اكتشفت فيروز أنها حامل، اضطرت للذهاب لإحدى العيادات التي توصف بأنها “تحت بئر السلم” في مصر، دلالة على أنها تعمل دون تصريح قانوني. وقالت فيروز في مقابلة مع “درج”، إن “العيادة كانت صغيرة، غير نظيفة، وفي قلب حي شعبي في القاهرة يجعل الوصول لها صعباً”. وقالت فيروز، حالتي تختلف قليلاً عن أغلب المصريات اللواتي أعرف قصصهن فأنا لم أجري الإجهاض خوفاً من أهلي أو من المجتمع. لم أرى أنني أرتكب جريمة أو فعلا محرماً أو غير قانوني مثلما يقول الناس. كنت فقط أشعر أنني لست مستعدة في هذا الوقت للأمومة”.
ويجرم القانون المصري الإجهاض ويقضي بالحبس على المخالفين بما فيهم حالات الاغتصاب وحتى إن كان في الحمل خطر على حياة الأم. ويعاقب القانون كل الأطراف المشاركة في الإجهاض أي المرأة الحامل والطبيب الذي يقوم بالعملية. ويختلف موقف نقابة الأطباء المصريين قليل،اً حيث أنها تؤيد في لائحة آداب المهنة إجراء الإجهاض إذا كان الحمل يشكل خطراً على حياة الأم.
وتقول الدكتورة اَمال عبد الهادي، التي تعمل في مؤسسة المرأة الجديدة، أنه “كلما ظل الإجهاض غير قانوني كلما زادت المخاطر على المرأة وصولاً إلى الموت في بعض الأحيان”. وتضيف، “الكثير من الأطباء يخافون من إجراء العملية لعدم قانونيتها وعقوبتها، لذلك فهم إن استقبلوا امرأة فعليها أن تكون من مصدر موثوق فيه بالنسبة لهم”. ويقول الدكتور تامر أنه يوجد أطباء كثر، وهو واحد منهم ، لا يجرون عمليات الإجهاض إلا في حالات قليلة ومحددة حيث أن بعضهم يخشى على سمعته المهنية أو الاجتماعية، بينما يعتقد البعض أن الإجهاض حرام دينياً. ويضيف، “الأطباء الذين يجرون عمليات إجهاض معروفون في الدوائر الطبية ومنهم من دخل في هذا المجال رغبة في المال، ومنهم من دخله لأن أول حالة كانت لحامل يعرفها ومنهم من يرى أنه يحمي المرأة من الفضيحة”.
في هذا المناخ تضطر كثير من النساء الراغبات في الإجهاض للجوء إلى عيادات سرية غير آمنة وغير معدة من أجل الاجهاض. وهنا، تلعب الخلفية الاقتصادية عاملاً اضافياً في رفع نسبة المخاطر التي تتعرض لها المرأة، وفقاً للدكتورة اَمال، حيث تستطيع المرأة الأغنى أن ترتب موعداً مع طبيب موثوق فيه، وتذهب إلى مستشفى خاص أكثر نظافة وآماناً، بحيث تجرى عملية الاجهاض في تكتم ودون إفصاح عن نوع الإجراء الطبي.
ويوضح الدكتور تامر،”السيدات الأغنى تأتين للمستشفى تحت مسمى عمليات كحت وتفريغ محتويات الرحم، وهن في الأغلب قادرات على القيام بالعملية في منشأة طبية آمنة، بينما هناك سيدات كثيرات وبغض النظر عن وضعهن الاجتماعي لا يستطعن، أو لا يعرفن كيفية الوصول للأطباء والمستشفيات الخاصة، حيث يمكن إجراء الإجهاض”. ويضيف،”من لا تستطيع أن تدفع إلا مئة جنيه مثلاً سيختلف وضعها، وكذلك اللاجئة التي تأتي للعيادة فور وصولها هنا لأنها اُغتصبت”.
وتلجأ النساء غير القادرات مادياً إلى وسائل أكثر خطورة، مثل إدخال حقنة في الرحم كي يتسع ويحصل اجهاض وهذا أمر يسبب في احيان كثيرة مضاعفات صحية خطيرة. في الماضي كانت بعض السيدات يستعملن عيدان نبتة “الملوخية” أو أبر “الكروشيه” حتى تنزفن، ثم بعد ذلك تذهبن إلى مستشفى عام، ويتم التعامل مع الأمر على أساس أنه إجهاض لا إرادي. ولكن مثل هؤلاء النساء يتعرضن أولاً لمضاعفات صحية وثانيا لمضايقات، وفقا للدكتورة أمال، وقد يسمعن كلاماً مؤذياً نفسياً حتى وإن كن متزوجات.
وتقول فيروز، إن “إحدى سلبيات العيادة كانت في تعامل الناس السيئ ونظراتهم السخيفة”. وتضيف أنه ورغم أن شريكها كان يدعمها لاجراء عملية الاجهاض، إلا أنه لم يظهر قدراً كافياً من التعاطف. وتضيف، “عندما ذهبت إلى العيادة كان معي نصف المبلغ وكنت انتظر شريكي في العيادة بالنصف الآخر من المبلغ وأتذكر أنه عندما تأخر شريكي نظر إلي الدكتور وسألني: هل أنت متأكدة أنه سيأتي؟”. لم ترتح فيروز إلى الطبيب الذي كان يجري العملية، وتشك في أنه قد أستغل موقفها كي يكسب مالاً أكثر.
وبحسب دراسات المنظمات الحقوقية والنسوية، يقع الاستغلال بسبب عدم تقنين وتنظيم الإجهاض. تقول فيروز، في البداية أعطاني الطبيب حبوباًَ حتى يتم الإجهاض، ولكنني اكتشفت لاحقاً أنه لم يرشدني الى الطريقة الصحيحة لاستخدامها، وهذا الأمر في غاية الخطورة، وأعتقد أنه فعل ذلك متعمداً كي اضطر للعودة إلى العيادة لإجراء العملية وهكذا يكسب المزيد من المال”. ووفقاً لـ “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية”، إحدى المنظمات الحقوقية في مصر، تتعرض “بعض النساء لابتزاز بعض الأطباء للحصول على أثمان أعلى أو خدمات جنسية مقابل إنهاء الحمل”. وفي شهادات النساء التي جمعتها المبادرة المصرية، يوجد الكثيرات ممن يقمن في الشارع بلا مأوى، وبسبب الفقر اضطررن لاستخدام طرق غير آمنة للإجهاض، مثل شرب الصودا المغلية ومنهن من لم تستطع إتمام الإجهاض على الإطلاق. وتطالب المنظمات الحقوقية البرلمان المصري، بمراجعة قانون العقوبات للسماح للنساء بالإجهاض في حالات وجود خطر على حياتهن وصحتهن، وفي حالات الحمل الناتج عن الاغتصاب، أو اغتصاب المحارم. ويعد القانون المصري من بين أكثر القوانين تشدداً، في تقييد حق الإجهاض على مستوى العالم، فهو يجرم الإجهاض العمدي كلية ولا يسمح به تحت أي ظرف ويعاقب النساء اللاتي يلجأن إلى الإجهاض، بحسب ما ذكر موقع المبادرة المصرية.
وتقول فيروز، “المهم في موضوع الإجهاض ليس نظرة المجتمع ولا كلام الناس، بل توفير الآمان للمرأة… لماذا أكون مضطرة للذهاب إلى عيادة عفنة وأصبح معرضة للخطر؟ من حق المرأة أن تختار ما تفعل بجسدها ومن حقها أن تفعل ذلك بشكل آمِن وصحي”.[video_player link=””][/video_player]