fbpx

رجال عراة بلا وجوه في معرض منير عبدالله

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إنها المرة الأولى التي يعرض فيها منير عبدالله أعماله للعلن. فبعد أن عاش جزءاً كبيراً من حياته في بلغاريا حيث درس السينما أتى الى بيروت ونظم معرضه الجريئ هذا،”منذ بدأت التصوير للمرة الأولى عام 1986 استهوتني أجساد الرجال العارية حتى صرت لا أصور غيرها، هذا العام قررت إقامة معرض…”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

داخل صالة “artlab” في الجميزة في بيروت، وقف خليل ذاهلاً أمام صور لرجال عُراة، في عرض فني للمصور اللبناني منير عبدالله.

العري الكامل واللقطات الظاهرة لتفاصيل الأجساد في معرض ليس بالأمر المألوف، خصوصاً أن مواضيع الصور أجساد رجال. هذا الأمر أصاب خليل بالتوتر، فأخذ يروح ويجيء في الصالة بانزعاج، ثم سألني بلهجة احتجاجية: “ما كل هذه الصور؟ ولماذا لم تخبريني أنه معرض صور لرجال عراة؟”.

حاولت احتواء انفعاله، فطلبت من خليل، وهو صديق قديم وأتى معي الى المعرض، أن يهدأ ويخفض صوته وحين لم يفعل طلبت منه أن يغادر القاعة.

في هذه اللحظة اقترب صاحب المعرض منير عبدالله حيث كنت أقف أتأمل في صورة شاب يتلمس أسفل ظهره فسألني:”هل أعجبتك الصورة؟”، أجبته “رائعة جداً” هنا بدأ الحديث بتعليق له بأنه كان متخوفاً من فكرة معرضه لأنها لأجساد عارية لرجال في أوضاع جريئة.

27 صورة اختارها منير ليعرضها في صالة “artlab” في الجميزة. الصور فيها الكثير من الحميمية. وقد اختار منير أن تكون صوره باللون الأسود والأبيض، إذ تشبه تقنية التصوير التي اتبعها إلى حد بعيد تلك التي صاغها المصور الأميركي الشهير روبرت مابلثورب؛ أي الصورة المربعة بلونيها الأسود والأبيض، وتبدو تفاصيل أجساد الرجال بمثابة باب يفتَح على عالم المثليين الرجال ولكن بالصورة.

هي المرة الأولى التي يعرض فيها منير عبدالله أعماله للعلن. فبعد أن عاش جزءاً كبيراً من حياته في بلغاريا حيث درس السينما أتى الى بيروت ونظم معرضه الجريئ هذا. في السابق، كان يكتفي بتعليق صوره على جدران منزله أو عرضها على أصدقائه المقربين.

يقول لـ”درج” “منذ بدأت التصوير للمرة الأولى عام 1986 استهوتني أجساد الرجال العارية حتى صرت لا أصور غيرها، هذا العام قررت إقامة معرض لأن لوحاتي الفوتوغرافية كانت أسيرة المنزل”.

يتطلب عمله التصويري الكثير من الشجاعة، لذلك كانت صالة “artlab” الخيار الأنسب له، لأن مالكيها لا يمانعون عرض صور جنسية جريئة جداً ولا يفرضون قيوداً أو شروطاً مسبقة على مصورها، على عكس صالات ترفض معارض الصور الجنسية، فكيف إذا كانت هذه الصور من عالم المثليين؟

“artlab” هو المعرض الوحيد الذي فتح أبوابه لاستقبال هذا النوع من الفن وكان سبق أن عرض صوراً للمصور الإيراني علي رضا الذي اشتهر بمعارض صور تتناول العري.

بعد سنوات طويلة أمضاها في تصوير الرجال، أصيب منير بالنفور من الصورة على حد تعبيره، فأقلع عن المهنة لسنوات، متخذاً مِهناً أخرى حتى عاد إلى التصوير بداية عام 2014، ليبني أرشيف صور لرجال، وصل عددها إلى 200 صورة، فانتقى منها 40 ومن ثم استقر على 27 صورة قرر عرضها.

معظم الذين التقطت صورهم لا نرى وجوههم، فالوجوه غائبة لكن الأجساد تقدم نفسها بسخاء للمصور ليثبت الزاوية التي يريدها.

بالنسبة إلى منير، فإن عدسته التقطت حركة تلك الأجساد وتفاعلها مع هويتها الجنسية وهو ما فعله على الرغم من صعوبة إظهار قضية على هذا القدر من الحساسية،”صعبٌ جداً إقناع اي شخص بالوقوف عارياً أمام الكاميرا، فكيف إذا كان رجلاً ومثلياً؟ عبر هذا العمل الفني دفعت المحتوى الحميمي بين المثليين إلى أقصاه. هذا النوع من التصوير شبه غائب عن البلدان العربية، وفي حال وجدنا صوراً لعراة فمعظمها لأجساد نساء”.

بحسب منير، فإن التباس الشعور أمام صور العري، ليس سببه الرجل بذاته، بل في رفضنا الحاد لرؤية “العضو الذكري”، “نلحظ تمييزاً حقيقياً بالتعامل مع مشاهد سينمائية تتضمن أعضاء تناسلية، إذ تسمح الرقابة بمشاهد تحوي عضو أنثى بينما في المقابل تحجب قضيب الرجل”.

 

“نلحظ تمييزاً حقيقياً بالتعامل مع مشاهد سينمائية تتضمن أعضاء تناسلية، إذ تسمح الرقابة بمشاهد تحوي عضو أنثى بينما في المقابل تحجب قضيب الرجل”.

 

يرفض منير أن يضع معرضه في خانة العرض الكلاسيكي وضمن إطار المعارضة السياسية عبر صور يرفضها المجتمع، فهو يريد من صوره أن، “تُخرج المثلية من الخزانة التي تقوقعت فيها، وتحويلها إلى شيء بصري، أريد أن أدفع المجتمع إلى رؤية جسد الرجل والتصالح معه.”

لكن كيف كانت ردود فعل زوار المعرض؟؟

يقول منير إن ردود الفعل تجاه معرضه جاءت إيجابية، بعد أن لاحظ إقبالاً وفضولاً  لرؤية معارض صور العراة، وهذا دليل على بداية تصالح الناس مع فكرة الجسد. أبدى منير غبطته بأن صحافية محجبة زارت معرضه وكتبت عنه، ويروي في المقابل أنه في ليلة الافتتاح دخلت فتاتان بينهما واحدة بلباس ديني لمشاهدة الصور، لتبدأ بعد دقائق قليلة بدفع صديقتها للخروج من المعرض بسرعة.

ولمعرض منير حكاية شخصية، فحين كان مراهقاً صارح عائلته بمثليته الجنسية، وحينها لم يلقَ أي دعم بل ترك وحيداً يواجه تحولاته وحيرته والمجتمع الرافض. طلب من أهله أن يتقبلوا هذا الواقع، لكن الأمر لم يمر بسهولة.

بالنسبة إلى منير فإن صوره هي رسائل تحمل قضايا الأقليات الجنسية وحاجتهم للاعتراف بهم وبميولهم، “اعتراف الشخص بميوله يحتاج إلى شجاعة أو ظروف مؤاتية تتيح للفرد الحرية الكاملة للكشف عن هويته أمام عائلته بداية، ومن ثم للمجتمع”.

يشعر منير بالإحباط لأن المثليين في الدول العربية يمارسون مثليتهم في الخفاء، كما لا يفوته انتقاد من يعيشون مثليتهم سراً لكنهم يمارسون فوقية أخلاقية تجاه أشخاص يعيشونها علناً. يقول منير إن بعض أصدقائه المثليين لم يأتوا إلى المعرض حتى لا يسيء ذلك إلى سمعتهم و”يفضحهم”، أو أن تثير زيارتهم الشكوك حول ميولهم.

ويبدو أن مناخ الرقابة الذاتية والضغوطات التي تمليها القوانين في البلدان العربية تجاه المثليين قد ضيقت المساحات الحرة التي يفترض أن منصات التواصل الاجتماعي تقدمها، فمنير كان نشر صوراً من معرضه على صفحته الخاصة على “فيسبوك”، فقامت إدارة المنصة بحذفها.

ينتظر منير كما بقية المصورين الذين ينشرون صور عراة على صفحاتهم على وسائل التواصل قراراً مشابهاً من شركة “تامبلر” التي بدأت نهاية عام 2017 بتشديد الرقابة على المحتوى. فقريباً ستزيل “تامبلر” كامل الصور التي تحوي مضموناً جنسياً.

يغطي “تامبلر” صور منير بشعار “هذا الحساب يحتوي على أمور حساسة”، وبات أي متصفح يريد الدخول إلى صور منير مجبراً على إثبات أن سنّه تفوق الثامنة عشرة، فالرقابة التي كانت تمارسها الأجهزة الأمنية في السابق، تتخذ أشكالاً جديدة من قبل إدارات منصات التواصل الافتراضي اليوم. هذا الواقع المتناقض، جعل منير مرتاحاً ومعجباً بقرار “artlab”، الذي وافق على عرض صوره، وامتنع القيمون عليه عن استخدام الغرفة السوداء التي يتم  فيها عادةً عرض الصور الجنسية.

 

إقرأ أيضاً:

عاملات مهاجرات ونظام كفالة .. إذاً ممنوع من النشر..

من يملك قرار الرقابة في لبنان؟

سامر المحمود- صحفي سوري | 30.03.2024

فصائل مسلّحة في سوريا “توظّف” الأطفال كـ”مقاتلين مياومين”

مئات الأطفال شمال غربي سوريا يعملون كمقاتلين لدى الفصائل المسلحة، بأجور يوميّة يُتَّفق عليها مع زعيم المجموعة، يبلغ "أجر" الطفل المقاتل/ المرابط في اليوم بين 3 و6 دولارات، أما الفصائل المتشددة فتدفع 100 دولار في الشهر.