fbpx

تحقيق صحفي يكشف كيف زوّْدت السعودية فصائل يمنيّة موالية لها بالسلاح

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مع تزايد المخاوف الدولية بشأن الأزمة الإنسانية في اليمن، يذكر تحقيق أجراه الصحافي محمد أبو الغيط وشبكة (أريج)، أن صفقات الأسلحة لا تقتصر على التسليح العلني للمليشيات الحليفة للتحالف، بل تمتد أيضاً إلى تسليح جماعات هامشية متناحرة تقاتل في معاركها الخاصة لتوسيع مناطق سيطرتها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أظهر تحقيق حول الأسلحة المستخدمة في حرب اليمن دلائل كثيرة لأسلحة صدّرتها المملكة المتحدة والولايات المتحدة، إلى جانب دول أخرى، انتهى بها المطاف في أيدي ميليشيات، من بينها تلك التي لها صلات بالقاعدة و”داعش”.

كانت من ضمن الأسلحة التي اشتراها التحالف من الأوروبيين والولايات المتحدة ثم وصلت إلى فصائل وجماعات محلية، في خرق واضح للاتفاقيات التجارية من قبل التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، كانت من ضمنها مركبات مقاتلة متطورة، وقاذفات صواريخ وقنابل يدوية وبنادق.

فمع تزايد المخاوف الدولية بشأن الأزمة الإنسانية في اليمن، يذكر  تحقيق أجراه الصحافي محمد أبو الغيط وشبكة “إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية والمعروفة” باسم (أريج)، بأن الأمر لا يقتصر على التسليح العلني للمليشيات الحليفة للتحالف، بل يمتد أيضاً إلى تسليح جماعات هامشية متناحرة تقاتل في معاركها الخاصة لتوسيع مناطق سيطرتها.

إذ خرجت نتائج التحقيق، الذي أذيع في وثائقي باللغة العربية باسم المستخدم الأخير، بعد تحليلات لآلاف البرامج الإذاعية وشبكات التواصل الاجتماعية ومجموعات مغلقة على الانترنت، إضافة إلى بحث مكثف للتحقق من منابع الأسلحة.

قال أبو الغيط “بعد أن وجدنا خروقات في نظام شهادة المستخدم النهائي (وثيقة تحكم عمليات النقل الدولية وتشترط عدم بيع البضاعة إلى طرف ثالث)، طلبنا تفسيراً من شركات السلاح والحكومات التي باعت الأسلحة للتحالف. ببساطة، يغض كثر منهم الطرف عن الأمر”.

يتهم الوثائقي التحالف السعودي وشركات توريد السلاح والحكومات، بانتهاك مستمر لقوانين شهادة “المستخدم النهائي” منذ بداية الحرب في 2015. وحذر مجلس الأمن عام 2016 من “التساهل في المسائلة” من جانب التحالف، وأعرب عن قلقه من تسرب الأسلحة للسوق السوداء.

لم تصدر عقوبات على ما حدث من خروقات لقوانين شهادة المستخدم النهائي. إذ يفترض بهذه الشهادة أن توفر ضماناً لمن يبيعون السلاح، أو يصرحون ببيعه، على أن تلك الأسلحة ستستخدم فقط من قبل المشتري ولن تباع مجدداً بعد بيعها.

وقد جمع أبو الغيط وفريقه أدلة تشكك في موثوقية هذه الشهادات التي وقعت السعودية والإمارات عليها.

كانت ألمانيا أول دولة أوروبية تثير هذه القضية رسمياً مع السعودية، بعد أن ظهرت بنادق جي 3 بحوزة الحوثيين، في لقطات مصورة، بعد أن أُسقطت جواً إلى منطقتهم.

شغل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الفراغ الذي خلفه غياب الدولة والأجهزة الأمنية في مدينة تعز التاريخية جنوب غربي اليمن. ونشر التنظيم، عام 2016، صوراً لمعركة شارك فيها ضد الحوثيين، ظهرت فيها بنادق آلية ألمانية من طراز إم جي3 في حوزة مقاتليه.

قال أبو الغيط: “لقد رصدنا عشرات من هذه البنادق الآلية في حوزة يمنيين في محافظات مختلفة. وقال لنا مقاتل من المقاومة في تعز إن السعودية سلمت هذه البنادق لحلفائها”. هذه البنادق من صنع شركة “هكلر آند كوخ” الألمانية، والتي صرحت كذلك للسعودية بصناعة بنادق جي3 وجي36.

تمنع كل من ألمانيا وبلجيكا الآن تصدير أسلحة للجهات المشاركة في حرب اليمن، إلا أن آخرين، من ضمنهم المملكة المتحدة، يرفضون ادعاءات خروقات شهادة المستخدم النهائي.

يقول أبو الغيط “إن الاندماجات والانفصالات المعقدة بين الفصائل في الساحة اليمنية زادت من تقلب الوضع هناك. فمنذ بداية الحرب تستمر الحكومة المدعومة سعودياً بدمج فصائل المقاومة ذات الشعبية، مثل كتائب أبو العباس الذي أصبح اللواء 35 في تعز، في جيشها. وبتسليح هذه الجماعات يخرق التحالف القانون الدولي ويؤجج مختلف أنواع الصراعات والانتهاكات لحقوق الإنسان”.

يشغل اسم كتائب أبو العباس موضعاً في قائمة إرهاب الكثير من الدول من ضمنها السعودية.

قال العميد محمد المحمودي، مدير أمن تعز السابق “إنه لمن الغريب أن يوصف كيان بالإرهاب من قبل الجهات التي تدعمه”. وأوضح المتحدث باسم العميد أنه “لم يتغير شيء. إذ ما زال الدعم بالمال والسلاح على حاله كما كان من قبل.”

قال أبو الغيط، “تشير البيانات إلى أنه بين عامي 2011 و2014 اشترت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة 2600 مركبة مدرعة مضادة للكمائن والألغام من طراز،Oshkosh M-ATV من الولايات المتحدة. وتلقت كتائب أبو العباس، عام 2015، ثلاث مركبات كهذه، بينما وقعت أخرى في أيدي فصائل يمنية أخرى أو في أيدي الحوثيين”.

وقد تلقى الشيخ رزيق، الأصولي البارز والقيادي الإسلامي، في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2016 كاسحة ألغام بريطانية الصنع من طراز Aardvark JSFU.  وأظهرت صورٌ رزيقاً جالساً داخل كاسحة الألغام التي تحمل بوضوح شعار الجيش السعودي.

وحصل المحققون في نيسان/ أبريل عام 2017، على صورة لمقاتل في كتائب أبو العباس في تعز يحمل قنبلة يدوية سويسرية الصنع في حزامه، وعلى صورة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في أيار/ مايو 2017 لجندي يحمل النوع نفسه من القنابل اليدوية.

وعرض قيادي في كتائب أبي العباس على المحققين القنابل يدوية التي كانت تستخدمها المقاومة. وأكدت الشركة السويسرية RUAG  المصنعة لتلك القنابل أن الأخيرة كانت جزءاً من شحنة سلمت للإمارات عام 2003.

في شباط/ فبراير من هذا العام رفعت الميليشيات التي تناضل من أجل إقامة دولة مستقلة في الجنوب اليمني علم جنوب اليمن على عربات مدرعة أميركية الصنع من طراز Caiman Mrap الخاصة بشركة BAE Systems. وتوحدت المقاومة الجنوبية نفسها لاحقاً مع قوات العمالقة المدعومة إماراتياً وحصلت على عشرات المدرعات الأميركية الصنع من طراز MaxxPro. وأنفقت الإمارات، عام 2014، 2.5 مليار دولار (1.95 مليار جنيه استرليني) على 1150 مدرعة من طراز Caiman و3360 مدرعة من طراز MaxxPro  اشترتها من الولايات المتحدة. وشملت هذه الصفقة بند حماية التكنولوجيا وشهادة المستخدم النهائي. كان مورد مدرعات Caiman، في هذه الصفقة هي شركة BAE Systems البريطانية، على رغم أن العقد وُقع من خلال شركة تابعة لها في ولاية تكساس.

وشوهدت تلك المدرعات في أماكن كثيرة مع كل أطراف الصراع، ما دفع مسؤولين في الجيش اليمني إلى التشكي بأنهم أضعف تسليحاً من جماعات المقاومة.

وأصدر الحوثيون الشهر الماضي فيديو يظهر أسلحة اغتُنمت من قوات العمالقة. وكانت القنابل اليدوية السويسرية من بين تلك الأسلحة.

وقال أحمد حميش ، منسق فريق الخبراء في مجلس الأمن المعني باليمن: “علمنا من مصادر أن بعض المقاتلين اليمنيين باعوا أسلحتهم، بخاصة حينما لم تصلهم أجورهم”. وأضاف أن أسلحة المعارك التي تتسرب إلى أسواق السلاح المحلية قد زادت خطر الهجمات الإرهابية على المستوى العالمي.

وأوضح أحمد حميش بعد رصده للسوق السوداء، أن الأسعار كانت مستقرة أو آخذة في الانخفاض على رغم تزايد الطلب بسبب الحرب، وهذا مؤشر واضح ومقلق على أن مبيعات السلاح في السوق السوداء آخذة في الارتفاع، بسبب الفائض الناتج الذي أدى إلى انخفاض الأسعار.

استخدم أبو الغيط أسماء وهمية وبرامج محادثات مشفرة ليصل إلى شبكات لبيع الأسلحة على الانترنت في تعز. ووجدوا الكثير من مبيعات السلاح غير القانونية، ووثقوا بيع عشرات البنادق الألمانية الجديدة.

وأكدوا، بتظاهرهم أنهم مشترون محتملون، الأصل الألماني للأسلحة كما تحصلوا على الأرقام التسلسلية لها. وعرضت كذلك أسلحة Minimi عليها شعار شركة FN Herstal المصنعة.

يؤكد أبو الغيط: “بدت كندا وكأنها الدولة الوحيدة التي لم تتسرب أسلحتها لليمنيين”. إلا أن هذا تغير هذا العام حين غزت السعودية، مع حلفائها اليمنيين، مقر الحوثيين في صعدة. وظهر العميد عبد الله العجيبي، وهو قيادي يمني في صعدة، في فيديو حاملاً قناصة كندية الصنع من طراز PGW . وظهر جندي آخر حاملاً رشاشاً ألماني الصنع.

رصدت مدرعات الكندية من طراز Lav-25  6 مرات، بين شهري تموز/ يوليو وتشرين الأول/ أكتوبر، في المواكب اليمنية في حجة وصعدة. وفي صور عدة ظهرت محاولات واضحة لمحو شعار السعودية من على المدرعات.

وتواصل أبو الغيط مع شركات مصنعة ومع حكومات وعرض عليها نتائج بحثه، سائلاً عن الإجراءات التي ستتخذ ضد السعودية والإمارات. لم تجب شركة هكلر آند كوخ الألمانية، وقالت الوزارة الاتحادية الألمانية للشؤون الاقتصادية والطاقة إنها لا تملك “أدلة موثوقة” على أن صادرات الأسلحة كانت تستخدم في اليمن، لكنها أصرت على أنها تتعامل مع عدم الالتزام (ببنود صادرات السلاح) بجدية. كما رفضت السلطات البلجيكية كذلك التعليق على ما يخص أسلحة شركة FN Herstal.

ولفتت وزارة التجارة البريطانية، في ردها على أسئلة حول شركة BAE وAardvark، إلى أن تراخيص التصدير ليست مطلوبة لتصدير كاسحات الألغام. كما لم تجب شركة BAE  حين طلب منها التعليق على الأمر.

وقال رئيس اللجنة البرلمانية للرقابة على صادرات السلاح في بريطانيا “إن مشكلة اليمن الرئيسية هي إيران لا الغرب، وأن الأمر ليس سوى أجندة سياسية”.

ورفضت الشركة الكندية General Dynamics التعليق، لكن المتحدثة باسم وزارة الخارجية أليسون لويس أشارت إلى أن الحكومة لديها سلطة إلغاء تصاريح التصدير أو تعليقها، إذا “اطلعت على أدلة تفيد بأن بنود شهادة المستخدم النهائي قد انتهكت”.

وأكدت الحكومة السويسرية أن لا علم لها باستخدام أسلحة سويسرية في الصراع اليمني وأنها تحقق الآن بناء على معلومات شبكة “أريج”. وأفادت وزارة الدفاع الأميركية أيضاً بأنها ستحقق في الأمر. وقال متحدث باسمها: “إن المتلقين للأسلحة الأميركية وقّعوا على التزامٍ بمتطلبات المستخدم النهائي على النحو المبين في الاتفاقيات المبرمة مع حكومة الولايات المتحدة. هذا لتأكيد أن تلك الأسلحة ستستخدم بما يتوافق مع التزاماتنا القانونية وقيمنا وأهداف سياستنا الخارجية”.

 

هذا المقال مترجم عن theguardian.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي