fbpx

لا تضربوا أطفالكم فهذه الطريقة لا تُجدي وتُلقنهم كل الدروس الخاطئة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

بينما يبذل الوالدان مجهوداً مضنياً في مرحلة ما مع طفل عنيد أو مُسيئ للتصرف من أجل تهذيبه، يلجأ العديد من الآباء إلى العنف الجسدي من خلال ضرب الطفل بشيء ما أو حتى بأيديهم لدفع طفلهم للامتثال لأوامرهم أو لِعقابه أو لمجرد التنفيس عن الغضب والإحباط الذي يتملكهم. وفيما يتذكر الكثير من الناس أنهم ضُربوا عندما كانوا أطفالاً، فالقليل منهم يتذكر الدروس التي يُزعم أنهم تعلموها من الضرب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يبذل الوالدان مجهوداً مضنياً في مرحلة ما مع طفل عنيد أو مُسيئ للتصرف من أجل تهذيبه. ويلجأ العديد من الآباء إلى العنف الجسدي من خلال ضرب الطفل بشيء ما أو حتى بأيديهم لدفع طفلهم للامتثال لأوامرهم أو لِعقابه أو لمجرد التنفيس عن الغضب والإحباط الذي يتملكهم.  ولايزال العنف البدني مسموحاً من الناحية القانونية والفنية في جميع الولايات الأميركية الـ 50. وقد أظهرت الاستطلاعات أن 65 بالمائة من الأميركيين يقرون بالعنف البدني، ولا يزال هناك مشاهير مثل المغنية كيلي كلاركسون يدافعون عنه. لذا على أقل تقدير يعتبر هذا الجدل حيوي، ويختلف عليه الآباء بحسن نية أحياناً.
هناك حجتان أساسيتان لعدم اعتماد الضرب الأولى مأخوذة من العلوم الاجتماعية، وتشير إلى أن الضرب لا ينتج عنه تغيير السلوك إلى الأفضل أو أطفال أكثر صحة. والحجة الثانية هي حجة أخلاقية تتعلق بالعنف وما يعلمه وما لا يعلمه للطفل.
أولاً لنُلقي نظرة على ما توصل إليه الباحثون عندما حاولوا تقييم العنف البدني وما إذا كان يعلم الطفل.
البحث كان واضحاً: العنف لا يُجدي شيئاً
في عام 2006 نشرت أستاذة مساعدة في التنمية البشرية وعلوم الأسرة في “جامعة تكساس أوستن”، إليزابيث جيرشوف، تحليلاً استخلاصياً، أي فرع من فروع التحليل الإحصائي، شمل ما قدره خمسين عاماً من البحث، في تأثير الضرب على المؤخرة بشكل تراكمي بمشاركة أكثر من 160 ألف طفل. نُشر التحليل في مجلة علم النفس الأسري وركز بشكل خاص على ما يعتبره أغلب الأميركيين مجرد ضرب على المؤخرة ،وليس اعتداءً محتملاً، بحسب ما ذكرت إليزابيث. وتُعد هذه الورقة من أكثر البحوث شمولاً حتى الآن. 
كانت النتائج واضحة وهي أن الضرب لا يغير السلوك إلى الأفضل. بل إن هناك في الواقع صلة بينه وبين عدد كبير من المحصلات السلبية، بدءاً من السلوكيات المُعادية للمجتمع وحتى المشاكل النفسية والقيام باعتداءات جسدية . فالضرب على المؤخرة لا يدفع الطفل نحو الامتثال للأوامر أو التصرف بشكل أفضل.
هناك مراجعة أخرى بتاريخ سبتمبر/ أيلول 2017، تناقش ضرورة تصنيف الضرب على المؤخرة كخبرة سلبية، وتضمينه في حملات مناهضة العنف، لأنه يخلف نفس الآثار السلبية للعنف الجسدي. كما وجد الباحثون فيها وجود علاقة بين الضرب على المؤخرة و”مشكلات الصحة النفسية لدى البالغين، بما فيه الاكتئاب ومحاولات الانتحار وشرب الكحوليات المعتدل والكثيف وكذلك تعاطي المخدرات في الشوارع”.
قد يُسبب الضرب على المؤخرة أعراضاً جانبية أقل من العنف الجسدي لكن كلاهما على نفس المنوال، وقد أكد الباحثون أن “الضرب على المؤخرة تجربة مماثلة للاعتداء الجسدي والعاطفي.  
تقول جيرشوف، إن “الضرب على الردف ليس بنفس سوء العنف الجسدي”، وتضيف ، “إنها حلقة متصلة لكن كل البحوث تشير إلى أن الضرب على المؤخرة يؤدي إلى نفس المشكلات التي يُسببها العنف الجسدي”.
في عام 1991، حذرت المجلة الأميركية لطب الأطفال من أن هناك علاقة بين العنف الجسدي وزيادة العنف والسلوك العدواني وزيادة السلوكيات العدوانية في الفصول الدراسية، والأعمال التخريبية وضعف التحصيل الدراسي، وضعف مدى الانتباه وزيادة معدل ترك الدراسة وتجنب المدرسة، والخوف منها، وتراجع احترام الذات، والقلق، والشكاوى الجسدية، والاكتئاب، والانتحار، والانتقام من المعلمين.
التأديب بالضرب هو شكل من أشكال العنف
يوجد العديد من أنواع ومستويات العقاب البدني، تتراوح بين الضرب العنيف غير المتكرر على المؤخرة إلى الصفع الدائم على الأيدي المفتوحة أو الضرب بالأحزمة أو المضرب، والعديد من السياقات المشابهة التي يُمكن استخدمها فيها. ولا توجد لدى منظمة الأمم المتحدة للطفولة، “اليونيسف”، أي مشكلة في وصف التأديب بالضرب بأنه عنف. ووفقاً لليونيسف، فإن “التأديب العنيف في المنزل هو الشكل الأكثر شيوعاً لأعمال العنف التي يتعرض لها الأطفال”. وتُفيد تقارير “اليونيسف”، بأن 75 بالمائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين و4 سنوات يتعرضون للعقاب البدني. وما يجعل التأديب بالضرب عنفاً ليس مقدار القوة البدنية المُستخدمة، أو مقدر الآلام الجسدية الناتجة. في الواقع، العنف لا يلزم بالضرورة أن يكون بدنياً على الإطلاق. كما يمكن أن يشهد بذلك ضحايا سوء المعاملة العاطفية. بل يُشكل جوهر العنف تحولاً أساسياً في العلاقة.
ينتهك العنف مبدأ يبرز بشكلٍ أو آخر (وضمن مواضيع أُخرى) في قلب فلسفة “كانط” الأخلاقية، واللاهوت البروتستانتي، والديمقراطية الأميركية: وهو المبدأ القائل بأن جميع البشر، فقط بحكم كونهم بشراً، يمتلكون درجة أساسية من الكرامة، ويستحقون قدراً أساسياً من الاحترام والاستقلالية. فارتكاب العنف هو حرمان للشخص من نيته المضمرة أو المتعمدة كما يسميها علماء النفس، وكذلك القدرة على اتخاذ قرارات بشأن أجسادهم. يتمثل الحرمان من “الاستقلالية الجسدية ” في التحول من تقديم الرعاية (أو الصداقة أو الحب الرومانسي) إلى فرض السيطرة. وهو تطويق لقدرة شخص آخر على الاختيار، مما يترك أثراً عميقاً في العقل البدائي للضحية والاحساس بانعدام الأمن والعجز. وكما يُظهر البحث أعلاه، يحمل الطفل هذا الإحساس بالعجز إلى مرحلة البلوغ في صورة قلق مزعج لا يهدأ أبداً. ويوضح جيرشوف، “إنهم يصبحون حذرين للغاية في التفاعل مع الآخرين، كما أنهم يفترضون الأسوأ دائماً”.
الدرس الوحيد الذي يعلمه العنف هو الدرس السلطوي
يُعتبر الوهم الأساسي للتأديب بالضرب هو أنه يُعلم الدروس حول الطريقة التي يجب أن يتصرف الأطفال بها. وتبين البحوث بصورة عامة أن ذلك اعتقاد خاطئ.
فكروا مثلاً في مدير أو مديرة والموظفين العاملين معهما، فحتى لو كان المدير محبطاً من سلوك موظفيه لكنه لا يضربهم. لماذا؟
يرجع السبب بشكلٍ جزئي إلى أن ذلك غير قانوني. ولكننا نعلم أيضاً أنه من الخطأ بالنسبة لمن لديهم السلطة أن يفرضوا إرادتهم على أولئك الذين هم أقل عن طريق القوة. تمنح العلاقة بين المدير والموظف سلطة معينة للمدير وتفرض التزامات على الموظف، ولكن تلك السلطة وتلك الالتزامات لها حدود. بموجب القانون والأخلاق، يحتفظ الموظف بقدر أساسي من الاستقلالية الجسدية. (حاربت النقابات والنشطاء الآخرين لسنوات للوصول إلى هذه المرحلة). وعلاوةً على ذلك، نحن نعلم أن العنف لن “يُجدي نفعاً” في هذه الحالة. لقد كان لدينا جميعاً، أو عرفنا، رؤساء مُسيئين لفظياً ونفسياً. ونرى (ويُظهر البحث) أن هذا يؤدي إلى تدهور أداء وصحة الموظفين. إذ يصبح الموظفون منهكون نتيجة لتجنبهم غضب الرئيس، ولكن هذا يختلف كثيراً عن كونهم متحمسين للقيام بعمل جيد.
 هل ستُحسن الصفعة العرضية على الرأس من الوضع؟ من غير المحتمل. تميل ردود الفعل الإيجابية إلى توليد دوافع إيجابية تستند على الخيال والثقة، بينما ردود الفعل السلبية تولد دوافع سلبية تستند على القلق والخوف.  والسبب في ذلك بسيط. في مواجهة القوة أو العنف، تثار عقولنا البدائية، وتبدأ في تفعيل غرائزنا الكامنة للهروب أو القتال، ونشعر بزيادة مفاجئة في “الأدرينالين”. ونعود إلى أسفل تسلسل “ماسلو” الهرمي للاحتياجات، بالحرص على السلامة البدنية الأساسية، وتنمحي جميع سمات التفكير الأكثر عقلانيّة. إذ لم نعد نفكر أو نتعلم، باستخدام القشرة المخية الأمامية، بل نتفاعل، بطريقة بيولوجية بدائية. ولن يستطيع الأشخاص في هذا الموقف أن يُصدروا الأحكام المعقدة اللازمة للقيام بعملٍ جيدٍ. ولن يتمكنوا من الوصول إلى التعاطف الذي يجعلهم أصدقاء أو زملاء عمل جيدين. وأفضل ما قد يأمله المرتكب للعنف هو الامتثال. لأنه بمجرد دخول العنف إلى الصورة، تتقلص جميع العلاقات الأخرى إلى الهيمنة والسيطرة.
 بكلمات أخرى: الدرس الوحيد الذي يعلمه العنف هو الدرس السلطوي بشكلٍ أساسي. وهو يعلم أن العلاقات الإنسانية تتخذ شكلاً هرمياً وأن لأولئك الذين في أعلى الهرم الحق في الهيمنة على أولئك الأدنى منهم.
من الأسباب التي جعلتنا لفترة طويلة نسعى للحد من العنف في المجتمع هو أننا لا نريد انتشار السلطويين البدائيين في جميع الأنحاء، بل نريد مُفكرين مستقلين قادرين على الحكم الذاتي، وهذا ليس ممكناً بدون ضمان أساسي للاستقلالية الجسدية. و الأطفال هم أقل الفئات قدرة على معالجة الأسباب والمبررات الكامنة وراء العقاب البدني، وأقلهم قدرة على اتباع سلاسل الاستدلال وإسناد المسؤولية. وهم الأكثر احتمالاً لاستيعاب العنف باعتباره مجرد انتهاك محض، وكأنه إرهاب.
يتذكر الكثير من الناس أنهم ضُربوا عندما كانوا أطفالاً فيما القليل منهم يتذكر الدروس التي يُزعم أنهم تعلموها.
العنف مشكلة متأصلة يلزم اقتلاعها على المستوى المؤسسي
إذا كان ثمة شيء واحد نعرفه عن العنف، فهو أنه يتغذى على نفسه. بالنسبة إلى شخص محصور في دائرة العنف، فإن المزيد من العنف دائماً هو الخطوة المنطقية والحتمية التالية. (وهذا هو السبب في تسميتها “دائرة”). فالخروج منها صعب، وخصوصاً عندما يمكن أن يشعر الفرد بأنه نزعٌ للسلاح من جانبٍ واحد. وهذا هو السياق الذي يجب أن ينظر فيه إلى العنف الذي يمارسه مقدمو الرعاية ضد الأطفال السود، كجزء من دورة العنف التي تمتد عبر تاريخٍ مأساوي ومؤسسات ظالمة تجاه مجتمعات السود والأسر السوداء. ويمكن أن يقال الشيء نفسه عن البيض الفقراء الذين يقطنون منطقة جبال الأبالاش، والمهاجرين الجدد من بلدان ذات أنظمة طائفية قاسية، أو مجتمعات أخرى حيث لا يزال العقاب البدني أمراً شائعاً فيها. وتتمثل المهمة الأولى والأهم أمامنا الآن، بصورة جماعية، هي كسر دوائر العنف على المستوى النظامي، وعلى مستوى السياسات والتمثيل والمعايير الاجتماعية. وهذا هو الدور الأساسي للعدالة والتحرر.
ولكن ثمة خطوة واحدة في متناول كل مقدم رعاية عمل، وهي إبقاء العنف خارج المنزل، وخلق مساحة من الهدوء والسلامة التي يمكن أن يترسخ فيها العقل والتعاطف. إذا كنا نُعد الأطفال لعالم أفضل، فسوف يساعدون على خلقه.
 
هذا الموضوع تم اعداده وترجمته عن موقع vox ولمراجعة المقال الاصلي زوروا الرابط التالي.
 
 [video_player link=””][/video_player]