fbpx

في قم مدينة الحوزات و”الحجاب الرديء” 50 ألف مدمن على المخدرات

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

يمكن تسمية مدينة قم العاصمة المذهبية (الدينية) للجمهورية الإسلامية. ليست قم “فاتيكان الشيعة”، لكنها تحظى بمكانة خاصة في نظام ولاية الفقيه، لجهة إضفاء الشرعية على هذا النظام وإعادة إنتاج إيديولوجياته.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يمكن تسمية مدينة قم العاصمة المذهبية (الدينية) للجمهورية الإسلامية. ليست قم “فاتيكان الشيعة”، لكنها تحظى بمكانة خاصة في نظام ولاية الفقيه، لجهة إضفاء الشرعية على هذا النظام وإعادة إنتاج إيديولوجياته.
تمثل قم التي يبلغ عدد سكانها مليون ومئتي ألف نسمة، أحد أهم الدلالات على هوية الجمهورية الإسلامية. وهي تتمتع بمكانة خاصة لدى النظام الذي تأسس على فكرة الولاية المطلقة. الجهود الجبارة التي بذلها النظام والميزانية الخيالية التي رصدها من أجل تأهيلها وتنميتها وإعمارها في السنوات الأربعين الأخيرة، تثبت هذا الكلام.
لكن، على الرغم من التكاليف العالية المخصصة للمدينة (التي تشمل أيضا صرف مئات المليارات من التومان لحساب المؤسسة الدينية والحوزة العلمية) ورغم الدعم الحكومي السري والعلني، الذي تحظى به المدينة، فإن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية فيها تستحق التأمل وتستدعي الأسف، وذلك بناء على معطيات رسمية.
في ما يلي، سنذكر بعض الأضرار الاجتماعية، فضلا عن بعض الأسباب الاقتصادية المرافقة لها.
تسونامي الطلاق
منذ فترة، أعلن المدير العام لسجل النفوس في قم أنه في سنة 1395 الفارسية (التي توافق تقريبا سنة 2015 ميلادية) “كانت المحكمة تنفذ كل شهر 294 حكما بالطلاق، أي بمعدل 10 حالات طلاق في اليوم”، مضيفا أن “نسبة الطلاق في قم هي الأعلى في إيران”.
المعاون القضائي في محكمة محافظة قم فصّل ارتفاع نسبة الطلاق وطبيعة قضايا الطلاق كما يلي: “ارتفاع نسبة الطلاق التوافقي إلى 9%. ارتفاع نسبة الطلاق بناء على طلب الزوجة إلى 4%. ارتفاع نسبة الطلاق في محاكم الأسرة إلى 20%”.
وفي السياق نفسه، أشار المدير العام للإدارة الاجتماعية والعدالة إلى أن “50% من حالات الطلاق تحدث بين الأزواج من مواليد الستينيات والسبعينيات (السنة الفارسية في هذا الوقت في أواخر تسعينياتها)، وإذا لم نعالج جذور هذا الزلزال، فإن الأزمة ستنتقل إلى مواليد الثمانينات وستتحول إلى تسونامي”.
ولفت المصدر ذاته إلى أنه “بالإضافة إلى ارتفاع حالات الطلاق القانوني، وفقا للإحصاءات، فإن حوالي 30 إلى 40% من الأزواج يعيشون حالات الطلاق العاطفي، وهذا نوع من الحرائق يسبب أذى اجتماعيا مقنعا”. واعتبر هذا المسؤول أن “التردد على المساجد والأماكن الدينية من أهم الطرق للحد من الطلاق”.
وضمن هذا السياق، تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن “الخيانة” هي السبب الأول للطلاق، كما أن “الإدمان”، الذي يشكل الدافع الأول لزيارة مراكز الرعاية الاجتماعية في قم، يعتبر أحد أسباب الطلاق أيضا.
ويقول مسؤول إدارة الرعاية الاجتماعية في قم أن “نصف عدد المطلقين لديهم طفل على الأقل، أي يشكلون عائلة، بينما ربع العدد، هم ممن لم يتخطوا مرحلة الخطوبة (عقد القران)”.
وأعرب المدير العام للرعاية الاجتماعية في قم عن قلقه من تفاقم هذه الحالات الاجتماعية، قارعا ناقوس الخطر، محذرا من “سيول الطلاق والإدمان” التي تشهدها المدينة، مضيفا “نحن نستحق السجن، لأننا لم نعمل بشكل صحيح في الماضي، ولأننا لم نصل إلى أهدافنا في الوقت الحالي، فأكثر من ربع الزيجات في المدينة تنتهي بالطلاق”.
الملفات الحقوقية والإدمان
في العام الماضي أعلن معاون الشؤون القضائية والموارد البشرية في محكمة قم أن محافظة قم حصلت على المرتبة الأولى في تقديم الدعاوى الحقوقية في البلاد.  وقد تحدث هذا المسؤول القضائي عن زيادة بنسبة 17% فى إجمالي عدد الملفات الواردة إلى محكمة قم على اختلافها، وزيادة 48% في تعداد الدعاوى الحقوقية، وزيادة بنسبة 32% في تعداد ملفات محكمة الثورة في سنة 2015 مقابل سنة 2014.
في سنة  2012 كشف مصدر في الطب الشرعي في محافظة قم، عن زيادة 500% في الوفيات الناتجة عن الإدمان على أنواع المخدرات في مدينة قم، بالتزامن مع انخفاض سن الإدمان على المواد المخدرة التقليدية والصناعية. قبلها كان المسؤول عن جهاز مكافحة المخدرات أعلم رئاسة الجمهورية أنه “يوجد في قم 50 ألف مدمن”.
في خريف العام الماضي، تحدث المدير العام للرعاية الاجتماعية في قم عن وجود “ثمانية نقاط لتعاطي المخدرات في المدينة، وكل سنة تتمكن هذه النقاط الثمانية من اجتذاب حوالي 12 ألف شخص”.
مهمشون
الظواهر الصادمة المتفشية في قم كثيرة، فهناك أكثر من 28 ألف مهمش، يعيشون خارج نسيج المدينة، ويقيمون في عشوائيات سكنية غير قانونية. ويواجهون عددا غير محدود من الأزمات الخاصة علاوة على تحديات المجتمع المحيط بهم.
إزدياد نسبة التسول في قم، واحدة من هذه الظواهر الكثيرة. في العام الماضي، أعلن مسؤول في بلدية قم أن البلدية تمكنت في “الأشهر الستة الأولى من السنة الماضية، من إحصاء 17 ألف متسول ومدمن ومشرد”، لافتا إلى “نمو ظاهرة التسول بنسبة 35%”.
بطبيعة الحال، قم هي من المدن التي تستقبل الزوار على مدار العام (بسبب وجود حرم السيدة المعصومة)، أما موقعها الجغرافي الاستثنائي على الخارطة المحلية، فقد حولها إلى إحدى أهم المحطات على طريق  الهجرة الداخلية، وجعلها مقصدا للمهاجرين الذين يستوطنون في غالب الأحيان الضواحي ويسكنون العشوائيات. ويعيش في ضواحي قم وعشوائياتها بحسب مركز الرعاية الاجتماعية في المحافظة، متسولون وفتيات هاربات من عائلاتهن وأطفال شوارع، 50% منهم أتوا إليها من كل محافظات البلاد، بمعنى آخر، تشكل قم مأوى للهاربين من الظلم الاجتماعي.
حوادث السير
من خلال معطيات أخرى موثوقة عن مدينة قم، ينبغي الحديث عن إحصاءات نسبة الأضرار الجسدية الناجمة عن حوادث السير.
تحتل قم المرتبة الأولى في نسبة حوادث السير بين المدن الإيرانية. أغلب حوادث السير في المدينة يتسبب بها أصحاب الدراجات النارية، المنتشرة فيها بكثافة، إضاقة إلى عدم التقيد بقوانين قيادة المركبات الآلية ونظام السير. تعداد الذين يقودون سيارات ودراجات نارية في قم، بدون رخصة قانونية، يسبب الصدمة، فقد رصد معاون الشؤون القضائية والموارد البشرية في المحكمة ارتفاع نسبة القيادة بدون رخصة قانونية إلى 400%.
مهربون ولصوص
ظاهرة أخرى تستدعي التأمل في قم، هي انتشار مهنة التهريب. وقد ذكر مسؤول في شرطة قم أن الشرطة تمكنت السنة الماضية من إحباط 23% من عمليات تهريب البضائع، وتحدث عن ارتفاع نسبة التوقيفات بتهمة السرقة إلى 37%، وكشف 27 عصابة سرقة، في المدينة.
في العام 2014 شكلت شرطة قم قاعدة مركزية لمكافحة السرقة، بالتعاون مع منظمات حكومية وغير حكومية ومواطنين. وهو إجراء يهدف للتوعية على كيفية التعامل مع تفشي ظاهرة السرقة في قم. وتجدر الإشارة هنا إلى أن قم تستضيف بحدود 120 ألف لاجئ أفغاني، لكن وفقا لما ذكرته الشرطة، أن 82% من الموقوفين هم مواطنون إيرانيون واللافت أن أغلبهم ليسوا أصحاب سوابق.
الوجه الآخر للعاصمة المذهبية للجمهورية الإسلامية، يكشف عن تخلف وتفلت أخلاقي وعنصرية، وقد أكد معاون الشؤون القضائية والموارد البشرية أن مدينة قم احتلت سنة 2016 المرتبة الثانية بين المدن الإيرانية في حوادث الاعتداءات المتعمدة والخلافات والعنصرية والتفلت الأخلاقي”.
ندرة المدارس والمستشفيات
بعيدا عن كل ما سبق، لا يمكن تجاوز ظاهرة باعثة للأسف الشديد في قم، فالمدينة التي تجتذب المليارات من ميزانية الدولة سنويا، ويتم صرفها على الحوزة العلمية الدينية والمؤسسات الدينية والدعائية التابعة للحكومة، بينما هي تعاني من نقص في المساحة التعليمية الأكاديمية.
المدير العام لوزارة التربية والتعليم في محافظة قم، تحدث عن “نقص حاد في المساحات التعليمية” في هذه المحافظة، وعن تربع المحافظة الغنية ماليا، في المرتبة 26 بين المحافظات، لجهة النقص الحاد في المرافق التعليمية.
وأكد المدير العام لتحديث وتطوير وتجهيز مدارس محافظة قم أن “المحافظة تحتاج إلى 2780 غرفة صف وحوالي 229 مدرسة”، هذا على صعيد محافظة قم بالإجمال، أما على صعيد المدينة، فتحتاج قم إلى إعادة تأهيل 150 مدرسة، وهدم وإعادة بناء 150 مدرسة أخرى، للخروج من أزمة ندرة المساحات التعليمية الأكاديمية، علما أن مدارس قم تفتقر في العام الحالي إلى حوالي 1500 مدرس.
العاصمة المذهبية للجمهورية الإسلامية، التي توظف فيها المليارات على تجهيز الحوزات الدينية، تفتقر مستشفياتها إلى 2500 سرير، كما تعد المحافظة بشكل عام أكثر المحافظات تخلفا في القطاع الصحي.
بعد مرور حوالي أربعة عقود على قيام الجمهورية الإسلامية وتأسيس النظام الإسلامي، لا تواجه قم في أزمات اجتماعية واقتصادية مختلفة فقط، بل هي حتى الآن، لم تنل شرف رضا المراجع والمؤسسة الدينية والنظام، في ما يتعلق بقانون الحجاب.  ففي السنوات الأخيرة، لا يكف أعضاء جامعه مدرسين* في الحوزة العلمية في قم، وعدد من المراجع الدينيين المؤمنين بولاية الفقيه، عن الحديث عن الاستهتار بالحجاب الشرعي بين نساء المدينة، وانخفاض أعداد النساء اللواتي يرتدين التشادور (العباءة السوداء) واللواتي استعضن عنه باللباس الفضفاض العادي، وتفشي ما أسموه بمعضلة “الحجاب الرديء” وعدم ارتياحهم لهذه الظاهرة.
قم التي وصفها مرشد الجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي بأكثر المدن تدينا (مذهبيا) في إيران، استنادا إلى الوضع الذي تم وصفها فيه في المقالة، تعيش حالة من الصراع. صراع من المستبعد أن ينتهي سريعا وبسهولة.
*الموضوع من اعداد مرتضى كاظميان- موقع راديو فردا وترجمته للعربية بادية فحص
يمكنكم قراءة المقالة بلغتها الأصلية (الفارسية) على الرابط أدناه:
https://www.radiofarda.com/a/qom-iri-kazemian/28928285.html
[video_player link=””][/video_player]