fbpx

وثائق بارادايز : شركة نايكي قد تغرم بمليارات الدولارات في حال حكم الاتحاد الاوروبي ضدها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
ICIJ

يحتمل أن يكون هذا التحقيق واحداً من أهم التحقيقات التي فتحتها المفوضية الأوروبية، وإذا أسفر عن إصدار حكمٍ ضد شركة “نايكي”، فقد يؤدي ذلك إلى إجبار الشركة المصنعة للملابس الرياضية على دفع مليارات الدولارات من الضرائب المتأخرة بما يفوق أضعاف الأموال المُستردة من شركات “أمازون” و”ستاربكس” و”فيات”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

شرعت سلطات حماية المنافسة الأوروبية في إجراء تحقيق مُوسع حول الإجراءات الضريبية الهولندية الخاصة بشركة “نايكي”، والتي كُشف عنها لأول مرة في تقرير “وثائق بارادايز” الذي سربه “الاتحاد الدولي للصحافين الاستقصائيين” ICIJ.

يحتمل أن يكون هذا التحقيق واحداً من أهم التحقيقات التي فتحتها المفوضية الأوروبية، وإذا أسفر عن إصدار حكمٍ ضد شركة “نايكي”، فقد يؤدي ذلك إلى إجبار الشركة المصنعة للملابس الرياضية على دفع مليارات الدولارات من الضرائب المتأخرة (بأثر رجعي) لتعويض المدفوعات الضريبية المخفضة التي تعود إلى عام 2006.

قد يفوق هذا المبلغ أضعاف الأموال المُستردة من شركات “أمازون” و”ستاربكس” و”فيات” في أعقاب تحقيقات مماثلة متعلقة بالضرائب قامت بها سلطات المنافسة في الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، لا يزال المبلغ أقل بكثير من الرقم القياسي البالغة قيمته 16.5 مليار دولار (حوالي 14.3 مليار يورو) من الضرائب الآيرلندية المتأخرة المستردة من شركة “آبل”؛ إحدى الشركات الأخرى التي ورد اسمها في تقرير “وثائق باراديز” الذي سربه “الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين”.

وقالت الشركة رداً على أنباء التحقيق الخاص بـ “نايكي”، “نرى أن تحقيق المفوضية الأوروبية يفتقر إلى أيّة أسس موضوعية”. وأضافت أن شركة “نايكي” كانت، “خاضعة لجميع القوانين الضريبية ذاتها، مثل باقي الشركات الأخرى العاملة في هولندا، وأنها كانت تتأكد بدقة من امتثالها لتلك القوانين”.

وبعد أكثر من عشر سنوات من تحويل الأرباح الكثيف، وبحلول أيار/مايو 2017، أظهرت التقارير المالية لنايكي أنها جمعت 12.2 مليار دولار من عائدات النقد الأجنبي، مرهونة في الخارج. نُقل الكثير من هذه الإيرادات إلى خارج أوروبا قبل أن يتسنى فرض ضرائب عليها، حسبما كشفت تحقيقات ICIJ.

كيف نجحت آلية التهرب من الضرائب الهولندية التي تبنتها شركة نايكي؟

سرعان ما جمَّعت “نايكي” الإيرادات الناشئة في هولندا، من خلال بيع أحذية الركض والسلع الأخرى في جميع أنحاء أوروبا. ثم وفي خطوة ثانية، استخدمت مدفوعات كبيرة من عوائد وريع حقوق الملكية الفكرية (أو إتاوات التشغيل) لضخ الكثير من هذه الإيرادات نفسها إلى الأمام، نحو فروع أخرى لشركة “نايكي”، والتي لم تكن خاضعة للضرائب على الإطلاق.

ومن المقرر أن ينظر تحقيق المفوضية الأوروبية في خمسة قرارات ضريبية تتعلق بمدفوعات إتاوات التشغيل الجدلية تلك. وكانت السلطات الضريبية الهولندية قد منحت هذه القرارات لشركة “نايكي” طيلة سنوات عديدة، ولا يزال اثنان من تلك القرارات ساريي المفعول.

تُقدم الكثير من البلدان قرارات ضريبية سرية للشركات متعددة الجنسيات لمساعدة مثل الشركات في فهم الطريقة التي ستُفرض بها الضرائب على فروعها محلياً.

لكن بعض دول الاتحاد الأوروبي -بما في ذلك هولندا، بالإضافة إلى لوكسمبورغ وأيرلندا وبلجيكا-  استخدمت أحكاماً من أجل تقديم صفقات ضريبية تفضيلية سراً إلى الشركات التي تحدد مقرها الرئيسي الأوروبي محلياً على أراضيهم.

وقالت المفوضية، “سيركز تحقيقنا عمّا إذا كانت القرارات الضريبية الهولندية التي تقر مدفوعات الجُعالة أو التشغيل تلك؛ قد خفضت دون مبرر الدخل الخاضع للضريبة الخاص بشركة Nike European Operations Netherlands BV، التي تتخذ من هولندا مقراً لها”.

وأوضحت أنه في حين كانت فروع شركة “نايكي” في هولندا تمتلك أكثر من 1000 موظف، سُددت مدفوعات إتاوات التشغيل إلى فروعٍ بلا موظفين أو نشاط اقتصادي.

قالت الحكومة الهولندية في ردها على التحقيق الخاص بشركة “نايكي”، “لا يعني هذا أن اللجنة قد وصلت بالفعل إلى حكم بالإدانة، بل يعني فقط أن لديهم شكوك حول ما إذا كانت هناك مساعدات مقدمة من الدولة أم لا. وبالطبع سندعم أعمال اللجنة بالكامل”.

وأضافت أن القرارات الضريبية ينبغي “ألا تقوم بأي شيءٍ سوى منح الثقة المسبقة بشأن تطبيق قوانين الضرائب، كما ينبغي ألا تؤدي إلى معاملة تفضيلية”.

شركة “نايكي” وجهت المدفوعات المستحقة إلى ملاذ ضريبي

في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2017، كشفت تقارير تابع لـ “الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين” كيف أن أول قرار ضريبي مُنح لشركة “نايكي” -في عام 2006- سمح بدفع مدفوعات إتاوات تشغيل كبيرة من قبل مقر الشركة في هولندا إلى أحد فروعها في ملاذ برمودا الضريبي.

وكان لهذا الأمر تأثير سريع وهائل على الأداء المالي لشركة “نايكي”، إذ أدى إلى تخفيض الفاتورة الضريبية للمجموعة وتحفيز عوائد المساهمين، وهو نمط لا يزال مستمراً منذ ذلك الحين. ورغم هذا التأثير الملموس، فقد أشار مارك باركر، المدير التنفيذي للشركة، بإيجاز فقط إلى القرارات الضريبية الهولندية الممنوحة لشركة “نايكي”، خلال اجتماع عبر الهاتف مع محللين من وول ستريت في عام 2006.

قال خلاله إن “نايكي” فازت، “باتفاق ضريبي طويل الأجل أكثر ملائمة في أوروبا”، بحسب ما ورد في نسخة من المكالمة. وأضاف أن هذا، “كفل ميزة كبيرة للشركة”.

والآن، شرعت مارغريت فيستاجر، مفوضة شؤون المنافسة بالإتحاد الأوروبي، في إجراء تحقيقٍ حول ما إذا كانت هذه الميزة ترقى إلى أن تكون صفقة ضريبية تفضيلية، والتي كان من شأنها منح الشركة المصنعة للملابس الرياضية في الخفاء ميزة غير قانونية على حساب باقي المنافسين في الأسواق الأوروبية.

إذا كان الحال كذلك بالفعل، فقد ينتهك القرار الضريبي قوانين المنافسة الأوروبية الرامية إلى  منع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من تقديم مساعدات حكومية للشركات المفضلة.

وقالت فيستاجر، “ينبغي ألا تسمح الدول الأعضاء للشركات بإنشاء هياكل معقدة تُخفض بدون مبرر من أرباحهم الخاضعة للضريبة وتمنحهم ميزة غير عادلة على حساب المنافسين. ستحقق المفوضية بدقةٍ في المعاملة الضريبية لشركة “نايكي” في هولندا، لتقييم ما إذا كانت تتماشى مع قواعد الاتحاد الأوروبي الخاصة بالمساعدة المقدمة من الدولة”.

 

في حزيران/يونيو من العام الماضي، أدلت باتي جونسون، كبيرة المسؤولين الضريبيين في شركة “نايكي” بشهادتها أمام إحدى اللجان التابعة للبرلمان الأوروبي، والتي عكفت على إجراء تحقيق متابعة في أعقاب تسريبات “وثائق بارادايز”.

ونفت في شهادتها وجود أي شيء زائف أو مُفتعل بخصوص الإجراءات الضريبية الخاصة بشركة “نايكي”، قائلةً، “يجسد الهيكل الضريبي الخاص “بشركة نايكي” هيكل أعمالنا التجارية. ويهدف إلى تسهيل توصيل منتجاتنا وخدماتنا لعملائنا بأكثر الطرق كفاءة وفعالية من حيث التكلفة”.

“الشركات الوهمية” الهولندية

أظهر تقرير “الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين”، أن شركات نايكي الهولندية توقفت عن دفع رسوم إتاوات التشغيل إلى فرعها في برمودا عام 2014، لكنها استمرت في دفع عوائد مماثلة لشركات أخرى تابعة لها؛ هذه المرة إلى كيانٍ هولندي شُكل خصيصاً -باسم Nike Innovate CV- والذي لم يكن خاضغاً للضرائب مطلقاً.

يُمثل هذا النوع من الشركات التابعة، التي يطلق عليها أحياناً “الشركات الوهمية”، سمة عامة شائعة في إجراءات التهرب الضريبي للشركات متعددة الجنسيات، لأنها لا تخضع للضرائب المفروضة على المقيمين في أيّ مكان بالعالم.

راجع “الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين”، باعتبار أن ذلك جزءاً من تقريره حول “وثائق بارادايز”، ملفات البورصة (سوق الأسهم) الذي سربته لأكبر 500 شركة متعددة الجنسيات تُطرح أسهمها للتداول العام في أميركا، مستعينة بالبيانات المتاحة في التقارير التي صدرت في يونيو/حزيران 2017، ووجدت أن هناك 214 شركة تابعة قد شُكلت على نفس منوال الشركات الهولندية الفرعية المكررة (CVs).

تعهدت هولندا بإيقاف الشركات متعددة الجنسيات عن استخدام الشركات الفرعية الوهمية في إجراءات التهرب الضريبي، لكن الإصلاحات اللازمة لم تدخل حيز التنفيذ بعد.

تضاعف تحقيقات الضرائب الأوروبية في أعقاب تسريبات “وثائق بارادايز”

لا تتمتع المفوضية بصلاحيات مباشرة لمراقبة القوانين والقواعد الضريبية الخاصة بالدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ولكن منذ عام 2013 تزايد استخدامها لقدرتها على التصدي للمساعدات الحكومية غير القانونية؛ باعتبارها وسيلة لمكافحة التهرب الضريبي في أوروبا.

وباعتباره جزءاً من هذه العملية، فقد طلبت المفوضية من العديد من الدول الأعضاء إطلاع محققي شؤون المنافسة على جميع القرارات الضريبية السرية الممنوحة للشركات متعددة الجنسيات. مما أدى إلى ظهور عدة تحقيقات كاملة متقدمة، ومن المتوقع أن يتبعها المزيد من التحقيقات.

قال متحدثٌ باسم المفوضية للاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين، في بيانٍ رسمي مُرسل عبر البريد الإلكتروني، “تلقت المفوضية بالفعل بعض المعلومات حول القرارات الضريبية الخاصة بشركة “نايكي” أثناء تحقيقها العام الشامل حول ممارسات القرارات الضريبية في جميع الدول الأعضاء وذلك قبل تسريب تقرير “وثائق بارادايز”. وفي أعقاب الإدعاءات الواردة في ذلك التقرير، كثفت المفوضية تحقيقاتها، وطلبت معلومات إضافية من هولندا، الأمر الذي أفضى إلى الشكوك التي أعربت عنها المفوضية في تقريرها الافتتاحي يوم الخميس”.

 

 سيمون باورز

 هذا المقال مترجم عن موقع icij.org ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي