fbpx

علاء عبد الفتّاح وإخوانه وأخواته في مصر: فصل من سيرة السجون والألم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أمام طاولة محاصرة بصور الوالد أحمد سيف الإسلام والشقيق المدون المشهور، تجلس منى سيف بملامحها الهادئة أمام حاسوبها المغطى بالصور ذاتها، تتابع أصداء حملة التضامن مع علاء عبدالفتاح… تتصفح الهاشتاغ #الحرية_لعلاء ثم تنظر إلى موقعه لتذكر نفسها بعدد الأيام المتبقية على إطلاق سراحه.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
منى شقيقة علاء في احدى جسات محاكمته

أمام طاولة محاصرة بصور الوالد الراحل أحمد سيف الإسلام والشقيق المدون المشهور، تجلس منى سيف بملامحها الهادئة أمام حاسوبها المغطى بالصور ذاتها، تتابع أصداء حملة التضامن مع علاء عبدالفتاح… تتصفح الهاشتاغ #الحرية_لعلاء ثم تنظر إلى موقعه لتذكر نفسها بعدد الأيام المتبقية على إطلاق سراحه.

أقل من شهرين هي المدة المتبقية قانوناً في عقوبة المدون المصري المشهور علاء عبدالفتاح بعد أن أمضى 5 سنوات محبوساً على ذمة قضية التظاهر المعروفة باسم أحداث مجلس الشورى. غياب طويل لشخص رسم صورة مثالية للناشط الثوري المصري لم يشعر بمرارته إلا الأهل والأحباب الذين يحصون الأيام عبر موقع إلكتروني أطلقوه خصيصاً لإعادة شحن معنويات رفقائه والتذكير بقضيته من أجل الضغط على السلطات الأمنية لإطلاق سراحه في الموعد المحدد له 17 آذار/ مارس 2019.

على رغم بطء الأيام ووقعها الثقيل على أسرة علاء، لكن منى سيف تشعر بسعادة مضاعفة لانتهاء علاقتهم بسجون طرة، فلا تتخيل الفتاة العشرينية أن تمضي بقية حياتها في زيارة أخيها وأصدقائها بالسجون، فلا الواقع السياسي يسمح بذلك ولا حماستها “الثورية” التي فترت أيضاً، كما تخبرنا في مقابلة مع “درج”.

لأسرة سيف خصوصية في الثورة المصرية، التي تحل ذكراها الثامنة في هذه الأيام، فالوالد أحمد سيف الإسلام، محام يساري ارتبط اسمه بالدفاع عن حقوق الإنسان وصاحب تجربة ثرية في هذا المجال، والأم ليلى سويف من نوعية النساء المناضلات، فبدا وكأنما الأبناء يكملون ما بدأه الأهل: علاء مدون ومعارض شرس، ترك عمله والتحق بالثورة ليكتوي بنارها في المعتقلات. للعائلة ابنتان إحداهما طبيبة شابة كرست حياتها للدفاع عن المعتقلين، والأخرى متمردة صلبة تحفظها ميادين ثورة يناير.

تلك التركيبة خلقت من علاء المبرمج اللامع شخصاً رافضاً للتسليم للطغيان والفساد وداعم للديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية. خصص منصاته الإلكترونية للهجوم على الأوضاع السلبية في بلاده، والمشاركة الفعالة في أي حراك ميداني، حتى لو كان من أجل المطالبة باستقلال القضاء، كما حدث مع في واقعة اعتقاله للمرة الأولى في أيار/ مايو من عام 2006 خلال احتجاج سلمي يطالب باستقلال القضاء أمام نادي القضاة في منطقة وسط البلد في القاهرة، إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.

من هنا انطلقت حكاية هاشتاغ  free alaa، الذي استمر معه في المناسبات التي ظهر بها مرتدياً ملابس السجن الاحتياطي وهو يلوح بعلامة النصر بنصف ابتسامة.

لن يذهب علاء إلى حاسوبه للتغريد ضد مبارك أو المجلس العسكري أو محمد مرسي، كما يفعل في كل مرة، فهو يعلم أن ثمن “النقرة” بات غالياً في عهد السيسي.

واللافت أيضاً أن علاء لم يتركه رئيس في سدة الحكم سواء كان منتخباً أو انتقالياً إلا وحبسه، فذاق مرارة السجن في عهد مبارك قبل إزاحته بثورة 25 يناير، والمجلس العسكري الذي حكم عقب الثورة ذاتها، والرئيس المعزول محمد مرسي الذي أتى به مريدو هذه الثورة إلى القصر، والانتقالي عدلي منصور الذي حكم البلاد بعد خارطة طريق 30 يونيو، إضافة إلى قضائه عقوبة الحبس 5 سنوات في حكم السيسي نفسه.

بين الزيارات المتكررة لعلاء في السجون المصرية، تعتبر شقيقته منى أن الزيارة الحالية التي يقضي فيها عقوبة 5 سنوات هي الأصعب عليه وعلى الأسرة، تقول: “هذه المرة أصعب من المرات التي شهدت اعتقاله في فترات سابقة، حيث إن المناخ السياسي شديد الاختلاف فكنا نتعامل مع حبسه سابقاً بطريقة عادية كوننا متمرسين، أما المرة الأخيرة فأدركنا أن الوضع اختلف وعلينا التأقلم مع حبسه فترة العقوبة كاملة مع مزيد من التشديدات”.

ملامح التشديدات تظهر في الدعوى القضائية التي رفعها المدون ضد مصلحة السجون لمنع وصول المجلات والكتب إلى مقر حبسه، فالقارئ النهم لم يرق له انتظار 5 سنوات لمعرفة ما فاته في مجال التكنولوجيا والقضايا السياسية في مصر والعالم.

علاء مع ابنه الوحيد حين كان رضيعاً وبات اليوم يبلغ من العمر 5 سنوات

“علاء شغوف جداً بقراءة أي إصدارات علمية جديدة، والروايات الجديدة، يقرأ للروائي محمد المنسي قنديل، لذا كنا نحرص على تقديم مجلات علمية، ومجلة ميكي صديقة عائلة سيف وليلى سويف”، تتحدث منى عن اهتمامات الناشط في سجن طرة.

أما على مستوى المعرفة اليومية، فيطالع الأخبار من الجرائد القومية التي تسمح بها إدارة السجن، وفي الزيارات تدور المناقشات في بعض القضايا والقرارات المهمة.

تلك التضييقات ساهمت بشكل كبير في تسلل القلق إلى الأسرة بخصوص مستقبل ابنها، فساورها كثير من الشكوك حول رغبة النظام في تلفيق قضية جديدة للمدون أو تعرضه لأي تعنت إداري في إجراءات إخلاء سبيله، كما حدث مع نشطاء آخرين دفعوا ثمن الرغبة الانتقامية من أبناء ثورة 25 يناير، لذا طوّرت الأسرة معركتها الحقوقية بتدشين موقع “100 يوم لعلاء”  تضغط به على السلطة، ويكون بمثابة وثيقة لنضاله المستمر بنشر القصص المكتوبة عنه ومقالاته السياسية خلال سنوات الحبس.

تقول منى عن فكرة الموقع: “هدفنا أن نجعله يشعر بالونس بعد غياب 5 سنوات، يكفي شعوره المستمر بالحزن لعدم قضائه وقتاً كافياً مع ابنه خالد في فترة مهمة من حياته، فلم يعش معه سوى سنة ونصف السنة بين تجربتي حبس”.

في الموقع، يظهر ثقل علاء في الثورة المصرية، فهو أحد ألمع نشطائها الذين اهتموا بالتحليل كما اهتموا بالنضال الميداني، إذ إنه أقر بهزيمة الثورة ووصف 30 يونيو بالثورة المضادة، على رغم أنه أحد الداعين لها ومن الموقعين على استمارة تمرد لعزل الرئيس الإسلامي من حكم البلاد.

ربما تمر الذكرى الثامنة لثورة 25 يناير من دون مشاركة من ناشطها البارز، فهو ليس لديه ما يقوله: “لا أمل، لا أحلام، لا مخاوف، لا تحذيرات، لا أفكار، لا شيء، لا شيء على الإطلاق. مثل طفل تظهر عليه علامات التوحد بدأت أتراجع وأفقد قدرتي على الكلام وقدرتي على تصور قراءة أو تخيل تأثير كلماتي عليهم”.

إلا أن علاء لم يعلق حذاءه بعد ولم يرم “الفوطة” بلغة كرة القدم، فيشاغب من حين إلى آخر بمقال يؤكد فيه عدم يأسه: “أنا في السجن سعياً من السلطة لأن تجعل منا عبرة. فلنكن عبرة إذاً ولكن بإرادتنا.‬ الحرب ضد المعنى لم تُحسم بعد في باقي العالم.‬ لنكن عبرة لا فزاعة، لنتواصل مع العالم مجدداً، لا للاستغاثة ولا للبكاء على أطلال أو لبن مسكوب وإنما لاستنباط دروس وتلخيص خبرات وتكثيف مشاهدات عساها تفيد المناضلين في زمن ما بعد الحقيقة”.

“علاء كأي شخص يمر بموجات تمرد ومثالية ويأس مع الثورة، يحاول أن يتعايش مثلنا، الظرف السياسي القاسي أجبرنا على تغيير سقف التوقعات، لذا لا أراهن على تغير شخصيته وأنتظر أن يحدد هو شكل حياته الجديدة”، تقول منى عن الصفحة الرمادية في حياة أخيها.

منى سيف تشعر بالإجهاد أيضاً بعد 8 سنوات من العمل في ماكينة الثورة والدفاع عن معتقليها، توضح أن طاقتها الحماسية إزاء القضية فترت إلى حد كبير، فتضاءلت مشاركاتها بسبب صعوبة الظروف السياسية والحياة الجديدة بعد الزواج: “أعدت تشكيل حياتي وترتيب أوراقي من خلال عملي وزواجي”.

لن تنتهي دراما علاء مع السجان في مصر بإطلاق سراحه في آذار/ مارس المقبل، إذ تنتظره معركة أخرى عمرها 5 سنوات، فهو سيمضي عقوبة تكميلية بالرقابة لمدة 5 سنوات، يمضي خلالها 12 ساعة يومياً في القسم التابع لها.

“كنت أتمنى أن يغادر البلاد عقب إطلاق سراحه، لكن فترة المراقبة ستحول دون ذلك، سيمضي وقته مع ابنه، هي حياة أشبه بالجحيم لا تستطيع خلالها العمل والاستمتاع بحياتك، لكنه يبقى أفضل حالاً من وجوده في زنزانة”.

مع خروجه من السجن في كل مرة، لا يشعر علاء عبدالفتاح بأي تغيير في الحياة من حوله، يذهب منتشياً إلى منزله ليهتف بسقوط النظام، نظراً إلى قصر المدة واستقرار الزخم حول القضية السياسية، أما الآن بعد غياب 5 سنوات تتوقع منى اكتشافه حقائق جديدة، منها: منزل من دون أب ملهم مثل أحمد سيف الإسلام، وابن يكبر سنة مع الأخرى بعيداً من نظره، وأخت تركتهم للزواج. أما سياسياً فلن يذهب علاء إلى حاسوبه للتغريد ضد مبارك أو المجلس العسكري أو محمد مرسي، كما يفعل في كل مرة، فهو يعلم أن ثمن “النقرة” بات غالياً في عهد السيسي.

 

 

 

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 27.03.2024

“بنك عودة” في قبضة الرقابة السويسرية… فما هو مصدر الـ 20 مليون دولار التي وفّرها في سويسرا؟

في الوقت الذي لم ينكشف فيه اسم السياسي الذي قام بتحويل مالي مشبوه إلى حساب مسؤول لبناني رفيع المستوى، والذي امتنع بنك عودة سويسرا عن ابلاغ "مكتب الإبلاغ عن غسيل الأموال" عنه، وهو ما ذكره بيان هيئة الرقابة على سوق المال في سويسرا "فينما" (FINMA)، تساءل خبراء عن مصدر أكثر من 20 مليون دولار التي…