fbpx

14 آذار: ملاحظة (سنويّة) سريعة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ليس صحيحاً أنّ 14 آذار 2005 كانت حركة واحدة ووحدويّة، كما يقول الأشدّ حماسة والأقلّ استعداداً للنقد والمراجعة. لقد كانت تظاهرة فيدراليّة إذا صحّ التعبير: تقاطعٌ وتماسّ بين أجساد كثيرة لكنّه يحفظ لكلّ جسد مكانه واستقلاله.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ليس صحيحاً أنّ 14 آذار 2005 كانت حركة واحدة ووحدويّة، كما يقول الأشدّ حماسة والأقلّ استعداداً للنقد والمراجعة. لقد كانت تظاهرة فيدراليّة إذا صحّ التعبير: تقاطعٌ وتماسّ بين أجساد كثيرة لكنّه يحفظ لكلّ جسد مكانه واستقلاله. الشعارات التي كانت موحّدة أقلّ من الشعارات التي كانت منفصلة. الأسباب الجامعة وراء النزول إلى الشارع أقلّ من الأسباب التي يعبّر كلٌّ منها عن طائفة بعينها.

هذا ليس سيّئاً في بلد تعدّديّ التكوين كلبنان. لقد أمكن، للمرّة الأولى في التاريخ اللبنانيّ الحديث، لأكبر تجمّع طائفيّ وعابر للطوائف معاً أن ينشأ وأن يؤثّر. لقد كان 14 آذار مصدر قوّة لم تحدّ منها “فيدراليّة” التظاهرة وتنوّع مصادرها: دفع العالم إلى “التورّط” في الشأن اللبنانيّ، وكان للتكامل بين التظاهرة الجبّارة والضغط الدوليّ أن أنتج خروج الجيش والأمن السوريّين من لبنان.

بدا لاحقاً أنّ مهمّة الحدّ من نفوذ حزب الله، إن لم يكن نزع سلاحه، أي تنفيذ الشقّ الثاني من القرار الدوليّ 1559، أصعب كثيراً من تنفيذ الشقّ الأوّل. إذا وضعنا التفاصيل جانباً، تبيّن أنّ هذه المهمّة وصعوبة التعامل معها هما ما كتب النهاية لـ 14 آذار. حيال هذه المهمّة بدأ التشتّت والتناثر، وابتدأ الانفصال عن ذاك الجسم على اختلاف ذرائع الانفصال.

لكنْ لنلاحظْ أنّ هذا الانفصال كان سبباً لضعف المكوّنات الآذاريّة كلّها، الواحد بعد الآخر:

المكوّن المسيحيّ ممثّلاً بالتيّار العونيّ كان أوّل المبتعدين عن 14 آذار. تحدّي حزب الله حلّه بأن التحق به. لكنّ الضعف المسيحيّ اليوم أبعد وأعمق كثيراً من أن تعوّضه “الرئاسة القويّة” لميشال عون. المكوّن الدرزيّ ممثّلاً بوليد جنبلاط كان (بعد هجمة أيّار 2008 في بيروت والجبل) ثاني المبتعدين. اليوم يتعرّض جنبلاط لهجوم وقضم سياسيّين في طائفته نفسها. تحالف التابعين لحزب الله داخل الطائفة الدرزيّة (أرسلان، وهّاب، الداوود، القوميّون السوريّون…) أعلى صوتاً وأطول يداً من أيّ وقت سابق. المكوّن السنّيّ كان – عمليّاً – ثالث المبتعدين. قيادة سعد الحريري لطائفته (التي حقّقت في انتخابات 2005 و2009 انتصارات لا يُمارى فيها) غدت مُتنازَعاً عليها على نحو غير مسبوق. تجربة “اللقاء التشاوريّ” غنيّة في دلالاتها.

8 آذار ليست مضطرّة لإجراء هذه الحسابات. إنّها ليست مضطرّة لأن تبقى على قيد الحياة أصلاً، لأنّها قائمة على مبدأ السلاح. 14 آذار كان في وسعها أن توفّر القوّة لجميع أطرافها – القوّة التي لا تنجرف إلى مواجهة عسكريّة (معدومة الشروط) مع حزب الله، لكنّها لا تترك له الساحة التي ينطلق منها لقضم تلك الأطراف في عقر دارها، وواحداً بعد الآخر.

إلهان عمر ومكاسب محتملة قد تضيع

14.03.2019
زمن القراءة: 2 minutes

ليس صحيحاً أنّ 14 آذار 2005 كانت حركة واحدة ووحدويّة، كما يقول الأشدّ حماسة والأقلّ استعداداً للنقد والمراجعة. لقد كانت تظاهرة فيدراليّة إذا صحّ التعبير: تقاطعٌ وتماسّ بين أجساد كثيرة لكنّه يحفظ لكلّ جسد مكانه واستقلاله.

ليس صحيحاً أنّ 14 آذار 2005 كانت حركة واحدة ووحدويّة، كما يقول الأشدّ حماسة والأقلّ استعداداً للنقد والمراجعة. لقد كانت تظاهرة فيدراليّة إذا صحّ التعبير: تقاطعٌ وتماسّ بين أجساد كثيرة لكنّه يحفظ لكلّ جسد مكانه واستقلاله. الشعارات التي كانت موحّدة أقلّ من الشعارات التي كانت منفصلة. الأسباب الجامعة وراء النزول إلى الشارع أقلّ من الأسباب التي يعبّر كلٌّ منها عن طائفة بعينها.

هذا ليس سيّئاً في بلد تعدّديّ التكوين كلبنان. لقد أمكن، للمرّة الأولى في التاريخ اللبنانيّ الحديث، لأكبر تجمّع طائفيّ وعابر للطوائف معاً أن ينشأ وأن يؤثّر. لقد كان 14 آذار مصدر قوّة لم تحدّ منها “فيدراليّة” التظاهرة وتنوّع مصادرها: دفع العالم إلى “التورّط” في الشأن اللبنانيّ، وكان للتكامل بين التظاهرة الجبّارة والضغط الدوليّ أن أنتج خروج الجيش والأمن السوريّين من لبنان.

بدا لاحقاً أنّ مهمّة الحدّ من نفوذ حزب الله، إن لم يكن نزع سلاحه، أي تنفيذ الشقّ الثاني من القرار الدوليّ 1559، أصعب كثيراً من تنفيذ الشقّ الأوّل. إذا وضعنا التفاصيل جانباً، تبيّن أنّ هذه المهمّة وصعوبة التعامل معها هما ما كتب النهاية لـ 14 آذار. حيال هذه المهمّة بدأ التشتّت والتناثر، وابتدأ الانفصال عن ذاك الجسم على اختلاف ذرائع الانفصال.

لكنْ لنلاحظْ أنّ هذا الانفصال كان سبباً لضعف المكوّنات الآذاريّة كلّها، الواحد بعد الآخر:

المكوّن المسيحيّ ممثّلاً بالتيّار العونيّ كان أوّل المبتعدين عن 14 آذار. تحدّي حزب الله حلّه بأن التحق به. لكنّ الضعف المسيحيّ اليوم أبعد وأعمق كثيراً من أن تعوّضه “الرئاسة القويّة” لميشال عون. المكوّن الدرزيّ ممثّلاً بوليد جنبلاط كان (بعد هجمة أيّار 2008 في بيروت والجبل) ثاني المبتعدين. اليوم يتعرّض جنبلاط لهجوم وقضم سياسيّين في طائفته نفسها. تحالف التابعين لحزب الله داخل الطائفة الدرزيّة (أرسلان، وهّاب، الداوود، القوميّون السوريّون…) أعلى صوتاً وأطول يداً من أيّ وقت سابق. المكوّن السنّيّ كان – عمليّاً – ثالث المبتعدين. قيادة سعد الحريري لطائفته (التي حقّقت في انتخابات 2005 و2009 انتصارات لا يُمارى فيها) غدت مُتنازَعاً عليها على نحو غير مسبوق. تجربة “اللقاء التشاوريّ” غنيّة في دلالاتها.

8 آذار ليست مضطرّة لإجراء هذه الحسابات. إنّها ليست مضطرّة لأن تبقى على قيد الحياة أصلاً، لأنّها قائمة على مبدأ السلاح. 14 آذار كان في وسعها أن توفّر القوّة لجميع أطرافها – القوّة التي لا تنجرف إلى مواجهة عسكريّة (معدومة الشروط) مع حزب الله، لكنّها لا تترك له الساحة التي ينطلق منها لقضم تلك الأطراف في عقر دارها، وواحداً بعد الآخر.

إلهان عمر ومكاسب محتملة قد تضيع