fbpx

الأرق التركيّ يحوّل كردستانات الدول الأربع إلى “مستنقعات”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

السياسة التركيّة تجاه الأكراد واضحة. العداء لكلّ ما هو كرديّ بحجّة حزب العمال الكردستانيّ. تركيا عارضت استقلال إقليم كردستان وتعارض الحكم الذاتي الكرديّ في سوريا، وتطوّق حياة الأكراد..

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ذكر الرئيس التركيّ، رجب طيب أردوغان، أن تركيا لن تسمح بإقامة منطقة آمنة في سوريا تتحوّل إلى “مستنقع” مثلما حدث في شمال العراق، في إشارةٍ إلى إقليم كردستان العراق الذي بدأ بفرض حظر جويّ، ومن ثم أصبح منطقة آمنة صارت إقليماً.

الحقيقة هي أنّ تركيا فعلاً تفهم مرادها من “المستنقع” اصطلاحاً وفعلاً. كانت تركيا طرحت مشروعاً للولايات المتحدة بعد الحديث عن المنطقة الآمنة، وهي أن تتولى شركة الإسكان التركيّة المشاريع المتعلقة بإعادة الإعمار شرق نهر الفُرات، وفي ذلك يمكن أن تؤسس تركيا مدناً حديثة تكون موطناً للعرب والتركمان من الداخل السوريّ، وتكون هي البؤر والمستنقعات العسكريّة التي تفصل المدن الكرديّة عن بعضها بعضاً، ليتلاشى مشروع الإقليم الكرديّ، راهناً ومستقبلاً.

من نافلة القول إنّ تركيا، منذ حقبة كمال أتاتورك وحتى رجب طيب أردوغان لا تتقبل الكرد بصفتهم قوميّة مستقلة لها جغرافيتها وثقافتها.

بيّنت تقديرات المخابرات المركزية الأميركية في تقرير لها عام 1948، أنّ تركيا، سيّرت منذ عام 1937، برنامجاً خاصاً باستيعاب الأكراد، واعتبرت أنّه مُتصاعدٌ نحو الاستمرار أكثر. هذا الاستيعاب كان، ولا يزال بشكلٍ محدد، يهدف إلى إعادة توطين الأكراد في أماكن ذات أغلبية تركية مطلقة، وحظر اللغة الكُردية، وتشتيت الجغرافية القومية، وألغت الصفة القبلية للأغوات والشيوخ الأكراد، ومن ثمَّ حوّلتهم إلى إقطاعيين، ومنها أطلقت الرواية التركية الشهيرة: الأكراد هم أتراك ضاعوا في الجبال ونسوا أنهم أتراك، أو بتداول آخر: أكراد الجبال الذين نسوا هويتهم التركيّة.

 

كل ما تسيطر عليه تركيا على الأرض منطقة نفوذ تقودها جماعات جهاديّة إسلاميّة، لا يقلّ حكمها وطأة عن حكم تنظيم الدولة الإسلاميّة

 

أردوغان لا يزال يبدو أسير حقبة الحاكميّة العثمانيّة التي سقطت وسقط معها حكم الأتراك على شعوب المنطقة عرباً وأكراداً وسرياناً آشوريين. وكأنما لم يبقَ لتركيا سوى الأكراد لإحياء هذا المجد والحكم عبرهم.

والحال أنّ تركيا ليست متوجسة من الهجوم على كردستان سوريا ومناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية من الغرب والولايات المتحدة، فهذا يمكن أن يحدث بأيّ اتفاقٍ دوليّ، بل الخوف أن يفضي هذا الهجوم إلى حكمٍ ذاتيّ كما كردستان العراق. كانت الهجرة المليونية الكرديّة إثر الهجمات العراقيّة على إقليم كردستان، سبباً في فرض منطقة حظر جويّ على المنطقة الكرديّة هناك، وبالتالي حكم ذاتي وصل إلى أن تكون منطقة الحكم الذاتيّ “كردستان العراق”، وفق الدستور العراقيّ الحديث. وهذا ما يمكن أن يحدث في شرق الفُرات، الهجوم التركيّ سيترك خلفه ملايين المهجّرين وهذا ما يمكن أن يوصل حال المنطقة إلى منطقة حظر جويّ، لا يمكن فيها أن تستمرّ تركيا في هجومها، ويصير الحكم الذاتيّ أمراً واقعاً.

وهذا ما تعلمه تركيا جيداً، فضلاً عن أنّها لم تعد الشريك المناسب لأحد في الملف السوريّ، باستثناء روسيا. كل ما تسيطر عليه تركيا على الأرض منطقة نفوذ تقودها جماعات جهاديّة إسلاميّة، لا يقلّ حكمها وطأة عن حكم تنظيم الدولة الإسلاميّة، هذا شيء من تجربة عفرين التي خلّفت حكماً جهادياً وقتلاً وتدميراً وتهجيراً، لا يمكن أن يكون له مثيل مرّة ثانيّة في شرق الفرات، وهي المنطقة المحرّرة حديثاً من “داعش”، وما زالت بيئتها قابلة لأن ينشأ التنظيم مجدداً، أو تنظيمات لا تقلّ عنه خطورة.

وعلى ما يبدو فإنّ أردوغان أحسّ بخطر إقليم كردستان على حاله في سوريا؛ إذ صار الإقليم جزءاً من الحلّ في شرق الفرات، إن لم يكن الحلّ كله. صار إقليم كردستان مكان تخطيط مستقبل شرق الفرات بوجود الإدارة الذاتيّة، بمعنى أن الحكم الذاتيّ صار جزءاً من واقع يمكن أن يطبّق في المستقبل القريب، بنموذج يشبه نموذج الإقليم الكرديّ في العراق. هذا ما عكسته مخاوف أردوغان، فهناك جزءان من كردستان يكادان يصلان إلى حريّتهما، والآتي يمكن أن يكون الجزء الملحق ببلاده.

خلاصة القول؛ شرق الفرات ليس مثل غربها، وصارت السياسة التركيّة تجاه الأكراد واضحة. العداء لكلّ ما هو كرديّ بحجّة حزب العمال الكردستانيّ. تركيا عارضت استقلال إقليم كردستان وتعارض الحكم الذاتي الكرديّ في سوريا، وتطوّق حياة الأكراد السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة والتاريخيّة في تركيا.

إذا كان ثمّة كردستان في الأرجنتين ستقف تركيا ضدّها.

 

 

إقرأ أيضاً:

عن أعداء الكرد ولغتهم

الأكراد في الدراما السورية

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!