fbpx

“دمى الجوارب” الروسية تنشط للإطاحة بماكرون

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

حركة “السترات الصفر” الفرنسية التي تبنت شعارات ضد الأنظمة التقليدية الحاكمة، لأنها انفصمت عن المجتمع ولم تعد تلتفت إلى هموم المواطنين، لم تسلم هي الأخرى من التدخل الروسي، فكيف حصل ذلك؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

حركة “السترات الصفر” الفرنسية التي تبنت شعارات ضد الأنظمة التقليدية الحاكمة، لأنها انفصمت عن المجتمع ولم تعد تلتفت إلى هموم المواطنين، لم تسلم هي الأخرى من التدخل الروسي، إذ كشف تحليل أجرته شركة الأمن السيبراني New Knowledge، ونشرت مقتطفات منه صحيفة “التايمز البريطانية”، عن وجود عشرات الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي تدار مباشرة من روسيا، سعت إلى تضخيم نطاق الاحتجاجات في فرنسا وتوسيعه”.

يتضح من التحليل، أن هذه الحسابات تروج لأفكار عبر موقع “تويتر” وغيره، هدفها النهائي إثارة الفوضى والعنف في فرنسا وتحريض أصحاب السترات الصفر على القيام بأعمال شغب وتخريب وفوضى لإرباك النظام والإطاحة بماكرون وحكومته، مشيرة إلى نشاط 200 حساب خاضعة للمراقبة، قامت بنشر ما يقارب 1600 تغريدة وإعادة مشاركتها في اليوم الواحد.

حظي قسم كبير من هذه الترولات ( trolls أو الحسابات) باسم (دمى الجوارب)، وهي حسابات تدار بحسب معدي التحليل من موظفين روس وتعنى بنشر أخبار ومعلومات مضلله باستخدام صور لمتظاهرين جرحى من أحداث أخرى قديمة، ربما تكون حصلت في دول أخرى للإيحاء باستخدام الشرطة الفرنسية طرائق وأساليب وحشية ضد المحتجين.

وقال المتحدث باسم الشركة ريان فوكس: “هذه ليست بأي حال قائمة شاملة للحسابات المستخدمة في عمليات التأثير الروسية على الانترنت”. وأظهر التحليل أيضاً أن “روسيا استخدمت هاشتاغ (#GiletsJaunes) حيث أعيد نشر نحو 94 في المئة من الرسائل على تويتر وجميعها مصدره روسيا، غالبيتها تحمل مضموناً مناهضاً للرئيس ماكرون”.

مصنع “الترولات” الروسية

في أوائل كانون الأول/ ديسمبر 2018 كشفت الصحف الأميركية والبريطانية عن محاولات تبذلها منصات على الانترنت (ترولات) في روسيا للتأثير في مسار موجة الاحتجاجات التي أغرقت فرنسا بالفوضى والعنف والتخريب، فيما تحدثت الميديا الفرنسية باتساع عن الدور الروسي في تأجيج الاحتجاجات وقالت: “إن الكرملين من خلال هذه المنصات والبوتات والترولات قام بنشر أخبار ومعلومات كاذبة ومفبركة وصور وفيديوات غير حقيقية عن التظاهرات”.

في هذا السياق، تناول تقرير عن التدخل الروسي في احتجاجات فرنسا أعدته (المبادرة من أجل الديموقراطية) التي كانت أطلقتها المنظمة الأميركية (German Marshall Fund) وهي منظمة غير حكومية تتولى عملية متابعة حسابات المستخدمين على ( تويتر) وتقصيها، وبشكل خاص تلك التي تحوم حولها شكوك بارتباطها بروسيا تعمل لتقويض أسس الديموقراطية الليبرالية في أوروبا، وهدم الاتحاد الأوروبي من الداخل. وتوصل التقرير إلى استنتاجات مهمة بعد فترة متابعة لهذه المنصات والحسابات الوهمية استغرقت أسبوعاً كاملاً تشير إلى أن هذه الاحتجاجات احتلت مركز الصدارة في منصة (#giletsjaunes) التي تمولها موسكو.

وفي سعيها لاكتساب المنبع  الرئيسي الذي تصدر منه هذه المنصات، استعانت المنظمة بتطبيق ( داشبورد) للمواقع والبرامج والأنظمة الإلكترونية الذكية الذي يتيح متابعة نشاط 600 حساب على ” تويتر” في الوقت الحقيقي الجاري، بما فيها (الهاشتاغات) و(المقالات المتخصصة) ومصادرها. وتحتوي التقارير التي يصدرها هذا التطبيق على كنوز من المعلومات والروابط بينها وبين الكثير من المتغيرات في مواقع العمل.

ويتضح من حساب لبرنامج آخر يحمل اسم (Hamilton 68) أن هناك ثلاث مجموعات محددة من الحسابات والمنصات الناشطة ضد أوروبا والغرب: الأولى هي ذات توجه روسي واضح أو ترتبط بالحكومة الروسية رسمياً. الثانية: حسابات تدار مباشرة من مركز يعرف باسم “مصنع الترولات”، يبث المعلومات والأخبار داخل روسيا وخارجها. الثالثة تضم حسابات المستخدمين من جميع أنحاء العالم مهمتها الترويج لموضوعات ومعلومات أخرى عن روسيا. ومصدر معلومات وأخبار هذه (الترولات) هو مؤسسات إعلامية روسية مثل قناة روسيا اليوم-RT، ووكالة “سبوتنيك نيوز” الروسيتين، ومعظم هذه المعلومات والأخبار، تركز على قضايا محددة بهدف تشوية سمعة الديموقراطية الغربية، وتصوير الليبرالية التي تحكم أوروبا وتقديمها للجمهور بشكل سلبي، وفقاً لما ذكره الخبير في وسائل التواصل الاجتماعي الألماني بيرت شافينر.

والترول بحسب موسوعة ويكيبيديا هو المتصيد، أي “الشخص الذي يتدخل من طريق المساهمة بنشر تعليقات أو موقف مثير للجدل بهدف إثارة النقاش بين أفراد المجتمع واستمالة عواطف الناس وتحريكهم ضد بعضهم بعضاً”.

 

“التحركات الالكترونية الروسية لا يجب اعتبارها إداة لتعبئة نشطاء جدد ينظمون لحركة السترات الصفر، أو كوسيلة للتحريض على العنف، لأن هدفها الأساسي يتمثل قبل كل شيء في توسع حجم الاستقطاب السياسي في البلاد، وهناك انطباع في الداخل والخارج بأن الانقسام الحاد يسود المجتمع الفرنسي والأوروبي عموماً إلى حد وصوله إلى عتبة الحرب الاهلية”

 

تشير استنتاجات التقرير أعلاه إلى أن جميع هذه الترولات توجه خطابها بشكل رئيسي للجمهور الناطق بالإنكليزية، ويقلل الخبير بالدعاية الروسية في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI) ماكسيم اودينييه من تأثيرها في الاحتجاجات في فرنسا، ويوضح في حديث مع ” وكالة دويتشه فيلله” الألمانية أن “التحركات الالكترونية الروسية لا يجب اعتبارها إداة لتعبئة نشطاء جدد ينظمون لحركة السترات الصفر، أو كوسيلة للتحريض على العنف، لأن هدفها الأساسي يتمثل قبل كل شيء في توسع حجم الاستقطاب السياسي في البلاد، وهناك انطباع في الداخل والخارج بأن الانقسام الحاد يسود المجتمع الفرنسي والأوروبي عموماً إلى حد وصوله إلى عتبة الحرب الاهلية”. وتتفق مع هذا الرأي المحللة الروسية التي تقيم في فرنسا تاتيانا ستانوفايا التي نقل عنها موقع ( ClubZ) الإلكتروني “أن الكرملين يستغل ضعف الرئيس ماكرون ويستخدمه وسيلة لنشر فكرة قرب انهيار النموذج الأوروبي وتفكك الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى محاولة ايهام الناس بتعمق أزمة الديموقراطية الليبرالية بغية دفع المزيد من فئات المجتمع إلى رفض الاستبلشمنت والنظام السياسي الحاكم والدفع بتغييره وإبراز التيارات الشعوبية والقومية المتشددة التي لا تخفي إعجابها بالرئيس بوتين وبطريقه حكمه الاستبدادية”.

السؤال الذي تثيره هذه الآراء هو هل الهدف الأول للدعاية الروسية على وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت، وتدخل الكرملين في أحداث فرنسا الداخلية، ليس حركة الاحتجاجات بذاتها، بل الرئيس ماكرون؟ يتناول الخبير الفرنسي في الأمن المعلوماتي بالمعهد الأطلسي الاميركي بن نيمو في تقرير أعده في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي الدور الروسي المفترض، في ما أصبح يعرف باسم العملية الفرنسية، في محاولته للإجابة عن هذا السؤال، إذ قام مع مجموعة من الباحثين بإعادة بعض الحسابات على وسائل التواصل التي أغلقت بقرار من إدارتها بعد اكتشاف دورها التخريبي. وتبين من خلال الدراسة المعمقة أن هذه الحسابات بمعظمها، كانت بالإنكليزية، وأن عدد تلك التي كانت بالفرنسية لا يتجاوز العشرين حساباً في انستغرام، يتابعها 67 ألف مستخدم بينهم 12400 مستخدم في فرنسا بحسب الأرقام التي قدمتها “فيسبوك”، التي أبلغت “أن القسم الأكبر من هذه الحسابات ظهرت في أواسط عام 2017”. اشتكى نيمو من رفض إدارة “فيسبوك” الإفصاح عن الجهة أو الطرف الذي يقف وراء هذه الحسابات، مع إقرارها لاحقاً بأنها لم تستبعد أن تكون هذه الجهة هي (Internet Research Agency) وهي شركة روسية مقرها في مدينة (سانت بطرسبرغ)، وهي بتوصيف وسائل الإعلام الروسية (المصنع الروسي للترولات). يعزو نيمو أسباب قلة عدد الترولات الروسية باللغة الفرنسية إلى محدودية إمكانات موسكو باللغة الفرنسية، أو ربما لأنها تأسست حديثاً، فضلاً عن أن هدفها الرئيسي يبقى الآن وفي المستقبل الإطاحة بماكرون وحكومته”.

عند الحديث عن التدخلات الروسية الفظة في الشأن الأوروبي الداخلي لا يمكننا تجاهل نتائج الدراسات التي أعدها 14 من الخبراء والباحثين في مجال الاتصالات المعاصرة العاملين في الوكالة الأوروبية لشؤون السياسة الخارجية، وذلك ضمن برنامج (East StratCom Task Force) الخاص باستراتجية الاتصالات الأوروبية، الذي أنشئ قبل ثلاث سنوات للبحث في مدى التأثير الذي تحدثه الدعاية التخريبية الروسية عبر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، في العمليات السياسية الجارية في اوروبا.

ورصدت الدراسات 4500 عملية لنشر الأخبار الكاذبة والمعلومات المفبركة، وتمكن طاقم الباحثين من الكشف عن آليات التأثير والتقنيات المستخدمة وخطط المنصات الروسية المستقبلية. ويفيد تقرير للمفوضية الأوروبية بأن الاتحاد الأوروبي قرر مواجهة هذه الدعاية ولكن ليس باستخدام المنهج الذي يعتمده الكرملين، وإنما القيام بنشاط واسع يتضمن حملات توضيحية في أوساط المجتمع للواقع الأوروبي واتجاهات السياسات العامة في المجالات كافة، ولهذا الغرض رفعت المفوضية موازنة المجموعة خلال العام المقبل إلى 5 ملايين يورو، وقررت زيادة عدد الباحثين فيها إلى 50 شخصاً، لكي يضطلعوا بمهمات التصدي للدعاية التخريبية الروسية على الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

 

إقرأ أيضا:

عراقي في القدس

عصابات لبنانية في ألمانيا