fbpx

تجميد أصول آل مبارك ما عدا العقار رقم 8 الباريسي الفاخر

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في حي باريس راقي تجري تحسينات على عقار تملكه خديجة الجمال، زوجة جمال حسني مبارك، النجل الأصغر للرئيس المصري الأسبق. العقار غير مدرج ضمن الأصول المجمدة لعائلة مبارك في دول الاتحاد الأوروبي، على رغم ورود اسم الجمال ضمن لائحة المطلوب تجميد أصولهم. يكشف التحقيق كيف جرت مخالفة القرار..

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كانت الأمور تسير على ما يرام، في العقار الرقم 8 في أحد الأحياء الراقية في عاصمة الأضواء الفرنسية باريس، تماماً كما في أي منطقة أوروبية هادئة، إلا أن الوضع في الطبقة الأولى، بثّ في المنطقة جواً من الاضطراب غير المعتاد أشهراً عدة.

“في نهاية كل أسبوع، تأتي مجموعة سيارات ليموزين فاخرة، توصل مجموعة من الرجال الذين يحملون طروداً، ويصعدون إلى هذه الطبقة. كل شيء كان يبدو فارهاً، تقريباً كأجواء المافيا، ما لفت انتباه أحد سكان المبنى ودفعه إلى تبادل أطراف الحديث مع فريق التحقيق”.

لم نكن سنلتفت إلى هذه القصة التي تتكرّر ربما آلاف المرات في شوارع باريس، إلا أن الأمر هنا كان مختلفاً. فهذه الوحدة السكنية المستخدمة من قبل مجهولين، من المفترض أن يكون صدر بحقها أمر تجميد!

خديجة الجمال

تبيّن لنا أن هذه الوحدة السكنية تملكها زوجة النجل الأصغر للرئيس الأسبق حسني مبارك، خديجة الجمال، وما زالت الوحدة غير مدرجة ضمن الأصول المجمدة لعائلة مبارك في دول الاتحاد الأوروبي، على رغم ورود اسمها ضمن لائحة المطلوب تجميد أصولهم في قرار صادر من الاتحاد”.

يكشف التحقيق أن هذه الوحدة السكنية شهدت أعمال بناء، ما قد يغير من طبيعتها ومن شكلها، عدا عن أن ذلك يعدّ مخالفة لقرار التجميد الصادر من الاتحاد الأوروبي.

في قائمة التجميد

بعد 17 يوماً من سقوط عائلة مبارك، أصدر النائب العام السابق قراراً رقم 29 بمنع العائلة من التصرف بأموالها، وذلك على ذمة القضية رقم 1 لسنة 2011 بحسب تحقيق المكتب الفني للنائب العام. وكانت خديجة الجمال ضمن الصادر بحقهم قرار منع التصرف، وعليه تم منعها من السفر.

وفي فرنسا كما في الدول الأوروبية الأخرى، تأخر القرار حتى يوم 21 آذار/ مارس، ليصدر الاتحاد الأوروبي قراره 172 لسنة 2011 بشأن تجميد أصول 19 شخصاً من النظام السابق، على أن تمتثل كل الدول الأعضاء له.

وبدأت بين الطرفين عملية معقدة من التحركات وتشكيل اللجان، بهدف حصر عائلة مبارك وأفراد نظامه في دول الاتحاد وبدء اتخاذ إجراءات تجميد أصولهم، ومن ثم عودتهم إلى مصر.

في مصر كان جهاز الكسب غير المشروع، هو المعني بحصر الأصول، واللجنة القضائية لاسترداد الأموال هي المسؤولة عن التواصل مع الدول الأجنبية لعودة الأموال.

وفي باريس، تنظر المحكمة الاقتصادية الوطنية الفرنسية في الأصول الأجنبية المطلوب استردادها تحت إشراف القاضي الفرنسي دومينيك بالنك. وعلى رغم مرور أكثر من 7 سنوات على هذه الإجراءات، إلا أنه من الصعوبة بمكان معرفة إذا ما كان تم تحديد أصول عائلة مبارك في فرنسا أو لا، والأصعب من ذلك هو معرفة أي معلومات دقيقة عن طبيعة هذه الأصول.

عند سؤال المحكمة الاقتصادية عن سبب بطء هذه الإجراءات وغياب أي معلومات دقيقة بشأنها، جاءنا رد رسمي من داخل المحكمة بأن هناك عملية تعاون مزدوجة بينها وبين السلطات المصرية، ويعتمد نجاح عملية التحقيق على المعلومات التي تقدمها السلطات المصرية إلى سلطات التحقيق الفرنسية.

حصلنا بالفعل على عدد من المستندات الصادرة من مصلحة الشهر العقاري والتوثيق المصرية، بناء على طلب جهاز الكسب غير المشروع في التحقيقات التي يجريها بشأن حصر ممتلكات عائلة مبارك، وتدرج هذه المستندات العقار رقم 8 الكائن في شارع “بيرتي ألبرت” في باريس، ضمن ممتلكات زوجة جمال مبارك، خديجة الجمال.

من يسكن العقار؟

توجه فريق التحقيق إلى العقار، وقابل أحد الأشخاص في مكتبة قريبة، إلا أنه لم يكن مستعداً للحديث، وكل ما قاله عند سؤاله عن قاطن الوحدة السكنية: “نعم تقصد مبارك؟ أنا لا أهتم بالسياسة، كل ما أستطيع أن أقوله أن من يعتني بهذه الوحدة شخص لطيف”.

كلامه وإن كان يحمل إشارات عن استمرار احتفاظ عائلة مبارك بالوحدة السكنية عبر وسيط ما، إلا أنه لم يرغب في كشف المزيد عن شخص ما “يعتني بأمر الوحدة”.

من حسن الحظ، أن أحد الجيران كان مستعداً للتحدّث معنا، من دون الكشف عن هويته. أوضح أن هناك أعمال إنشاءات تدور داخل هذه الوحدة منذ 2013. أما عمّن يعتني بهذه الوحدة، فجاءت الإجابة موجزة وحاسمة “والد خديجة الجمال!”.

تحت رعاية الوالد

صدر بحق محمود الجمال والد خديجة، قرار من النائب العام رقم 40 لسنة 2011 يوم 3 آذار 2011، على ذمة القضية رقم 27 لسنة 2011، إلا أن اسمه لم يدرج ضمن قوائم الممنوعين من السفر.

ويوم 9 أيلول/ سبتمبر 2012 غادر الجمال مطار القاهرة متوجهاً إلى باريس، فيما كانت ابنته خديجة ممنوعة من السفر على ذمة قضيتها، ولم يُرفع عنها قرار المنع إلا في كانون الأول/ ديسمبر 2015.

صلة الجمال بالوحدة السكنية ليست طفيفة، فسجلات مجلس مدينة باريس التي حصلنا عليها بموجب قانون تداول المعلومات الفرنسي، تشير إلى أن الوحدة السكنية كانت مملوكة لمحمود الجمال وحرمه، قبل أن يتنازلا عن أسهمهما في الوحدة التي بلغت قيمتها وقتها 2.900 مليون يورو، لابنتهما خديجة عام 2008، ويبلغ سعر الوحدة حالياً 3.600 مليون يورو.

جمال مبارك وزوجته خديجة

وكان الجمال اشترى الوحدة السكنية سابقاً من شركة تدعى “أس سي أي ماك إتوليا”، وهي واحدة من سلسلة شركات تابعة للملياردير الفرنسي من أصل تونسي فرانسيس بن عاشور. هذا الرجل وفقاً للمعلومات المتوافرة عنه، تربطه علاقات قوية بأشهر الشخصيات الفرنسية، كما تجمعه علاقات عمل بالرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، إذ إنه سبق أن باع عقاراً لابنته، وفقاً لما نقلته جريدتا “فرنس ميديز ليبراتس” و”يوني أفريقيا” الفرنسيتان.

وبالاتصال ببن عاشور قال: “لقد ساعدت بالفعل بن علي للحصول على العقار، ولكن في ما يخص زوجة جمال مبارك، فليست لدي فكرة عن ذلك، فأنا أبيع مئات العقارات، ولا يهمني إذا كانت للسيد سميس أو للسيد مبارك. ليست لدي ذاكرة تستحمل ذلك”. وعند ذكر أموال خديجة الجمال قال: “مرة أخرى أنا لا أتذكر، وظيفتي البيع والشراء وليس التحقيق”، مؤكداً أنه لم يخضع للاستجواب من قبل المحكمة الفرنسية بشأن العقار وارتباطه بخديجة الجمال.

وضع الوحدة القانوني

وجود الجمال في فرنسا وعلاقته السابقة بالوحدة السكنية وارتباطه برجال أعمال نافذين في فرنسا، تثير تساؤلاً حول وضع الوحدة السكنية القانوني، مثلما يثير تساؤلات أخرى حول أصول العائلة الحاكمة في مصر سابقاً التي صدرت بحق أفرادها قرارات تجميد في دول الاتحاد الأوروبي.

فعلى العكس من سويسرا التي أعلنت تجميدها 620 مليون يورو، قيمة أصول مملوكة لشخصيات نافذة في النظام المصري الأسبق، لم يصدر من فرنسا أي تصريح يدل على قيمة ما جمدته على أرضها فعلاً.

وحين تقدّمنا بطلب إلى السجل العقاري الفرنسي للحصول على مستند يكشف وضع شقة خديجة، عبر المحامي الفرنسي تيري فاليت، فإن السجل رفض تسليمنا أي مستند عن وضع العقار، “ما يثير الشكوك حول جدية الإدارة المالية الفرنسية بشأن التزامها بقرار الاتحاد الأوروبي”، وفقاً للمحامي الفرنسي.

 

على العكس من سويسرا التي أعلنت تجميدها 620 مليون يورو، قيمة أصول مملوكة لشخصيات نافذة في النظام المصري الأسبق، لم يصدر من فرنسا أي تصريح يدل على قيمة ما جمدته على أرضها فعلاً.

 

وتنص الفقرة الثانية من قرار التجميد الصادر من الاتحاد الأوروبي على أن تجميد الأصول يعني: “منع أي نقل أو تحويل أو لتعديل أو استخدام أو الوصول إلى أو التعامل مع الأصول بأي طريقة يمكن أن تؤدي إلى إدخال تغييرات في حجمها أو كميتها أو موقعها أو ملكيتها أو حيازتها أو طابعها أو وجهتها أو أي تغيير أو تعديل آخر، من شأنه أن يمكن من استخدامها، بما في ذلك إدارة حافظة الاستثمارات“.

هذا يعني أن شغل الوحدة السكنية أو إجراء أي أعمال إنشائية من شأنها أن تؤدي إلى إجراء تعديل أو تغيير فيها، يعد خرقاً لقرار تجميد الأصول.

توجهنا إلى المحكمة الفرنسية لسؤالها عما توصلنا إليه من معلومات بشأن الوحدة السكنية، ولطلب المزيد من المعلومات حول طبيعة الوحدة السكنية ووضعها القانوني. إنما كل ما وصلنا كان رداً موجزاً: “ما زلنا في طور التحقيق”.

في المقابل، ينفي مصدر له علاقة بسير التحقيقات، وصول أي معلومات جديدة إليه بشأن التحقيق منذ 4 سنوات على الأقل.

تواصل فريق التحقيق مع فابريس ريزولي، مؤسّس جمعية “كريملت” والمختص في تتبع الجرائم الخطرة، والذي بدوره أوضح أنه لا يعلم إذا ما كانت السلطات الفرنسية قامت بعد بتجميد ممتلكات زوجة ابن مبارك أو تحديدها، لإظهار بطلان الإطار القانوني الذي يحيط بكل من في الأصول إضافةً إلى عملية تجميدها. وأضاف: “لقد قطعت المصادرة في فرنسا شوطاً طويلاً، ولسبب وجيه، بدأت من الصفر. لكن للأسف، لا تزال هناك عقبات كثيرة تعترض سبيل المصادرة، وأكثر من ذلك مسألة الاستخدام الاجتماعي لهذه الأصول المصادرة”.

ووفقاً لريزولي، فإن صمت السلطة القضائية والجمعيات التي بادرت بإجراء التحقيق، بعد سبع سنوات، يظهر عدم وجود شفافية كافية لتسليط الضوء على النقص في التشريعات الحالية في هذا المجال.

 

 هذا التحقيق هو خلاصة تعاون مشترك ضمن برنامج التحقيقات الاستقصائية المتوسطية الذي يرعاه CIFAR وبدعم من وكالة التنمية الألمانية GIZ..

شارك في التحقيق الكسندر بروتل وأحمد عيد وأسامة الصيّاد ومنة أيمن.

 

إقرأ أيضاً:

حماية بريطانية لثروة عائلة حسني مبارك 

 

 

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.