fbpx

هل يمثل لبنان استثناء في تقبل مجتمع المثليين؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

من الواضح أن المثليين والمتحولين جنسياً يتعرضون للاضطهاد في العالم العربي. وربما يتمثل الاستثناء في لبنان، فهذا البلد بات أكثر تسامحاً بفضل جهود أفراد في المجتمع المدني المحلي. في جميع أنحاء العالم العربي، يواجه المثليون والمتحولون جنسياً عقبات هائلة تَحُولُ دون أن يخوضوا حياة تتمتع بالعلانية والتقبل في مجتمعات متحفظة. فعلى الرغم من أن الأردن ألغت تجريم سلوك المثليين عام 1951، إلا أن مجتمع المثليين مازال مهمشاً. وتحرّم كل من قطر والسودان والإمارات العربية المتحدة واليمن العلاقات الجنسية المثلية. صحيفة نيويورك تايمز أجرت مقابلات مع مجموعة من المثليين والمثليات في لبنان. التحقيق لمنى بوشناق والصور للورا بوشناق

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تظهر يوميات العيش في المنطقة أن المثليين والمتحولين جنسياً يتعرضون للاضطهاد في العالم العربي. وربما يتمثل الاستثناء في بلد هو لبنان، الذي بات أكثر تسامحاً بفضل جهود أفراد في المجتمع المدني .
ففي جميع أنحاء العالم العربي، يواجه المثليون والمتحولون جنسياً عقبات هائلة تَحُولُ دون أن يخوضوا حياة تتمتع بالعلانية والتقبل في مجتمعات متحفظة. فعلى الرغم من أن الأردن ألغى تجريم سلوك المثليين عام 1951، إلا أن مجتمع المثليين مازال مهمشاً. وتحرم كل من قطر والسودان والإمارات العربية المتحدة واليمن العلاقات الجنسية المثلية. وفي السعودية، يمكن معاقبة المثلية الجنسية بالجلد أو الإعدام. وفي مصر أُلقي القبض على 76 شخصاً على الأقل في حملة منذ سبتمبر / أيلول، عندما رفع أحد المعجبين علم قوس قزح أثناء حفلة لمشروع ليلى، وهي فرقة لبنانية يعد المغني الرئيسي بها مثلياً بشكل علني.
وإذا كان هناك ثمة استثناء، فإن هذا الاستثناء يتمثل في لبنان. ففي حين أن القانون مازال يجرم العلاقات المثلية الجنسية، فقد أضحى المجتمع اللبناني أكثر تسامحاً على نحو بطيء إذ عمل الناشطون لأجل تحقيق المزيد من الحقوق والوضوح والاعتراف. في عام 2013، صرحت الجمعية اللبنانية للطب النفسي بأن المثلية الجنسية لا يجب أن تُعامل كاضطراب عقلي. ورفض القضاة النظر في قضايا رُفعت بموجب قانون يعتبر الجنس “المغاير للطبيعة” مخالفاً للقانون. وفي هذا العام، عقد لبنان أول أسبوع فخر للمثليين في بيروت، وكان مليئاً بالفعاليات، وإن لم يكن موكباً حقيقياً.
وتتمثل الأمور التي ساعدت على إحداث هذا الفارق، المجتمع المتنوع ثقافياً، والإعلام المستقل إلى حد كبير، والسهولة النسبية لتسجيل المنظمات غير الحكومية، حسبما ذكر جورج قزي، الذي يدير المؤسسة العربية للحريات والمساواة، Arab Foundation for Freedoms and Equality، وهي إحدى الجمعيات المناصرة. ولكن بات أفراد المجتمع أنفسهم بمثابة رواد في منطقة يعتبر فيها الإفصاح عن الميول المثلية، من الأمور الخطيرة دائماً. لقد تجاوزوا جميعاً كل الحدود الشخصية الصعبة. وتختلف وجهات نظرهم فيما يتعلق بما وصل إليه لبنان بالفعل، وكيف يمكن دفع عملية التغيير أكثر.
يعيش البعض في ثوب السرية، والبعض في ثوب العلانية. كما أصبح بعضهم ضمن الناشطين، حتى يتمكن الآخرون من الإفصاح عن ميولهم المثلية. وفيما يلي نستعرض بعضاً من قصصهم.

“تمثل أكبر التحديات في مواجهة نفسي. بمجرد أن تواجه نفسك، يصبح المجتمع عارضاً”، ألكسندر بوليكفيتش، 35 عاماً
أفصح ألكسندر بوليكفيتش، عن ميوله المثلية أولاً إلى زملائه وأصدقائه عندما كان في الـ 16 من عمره. والآن يبلغ 35 عاماً، ويعمل كمدرب للرقص وأحد المتخصصين في الرقص البلدي المعاصر، أحد أنواع الرقص الشرقي. ويعتبر هذا الرقص من أنواع الرقص القديم، وكان يُقدم في العادة من النساء للنساء. وفي وقت قريب، اعتُبر أحد أنواع الرقص الذي تقدمه النساء لإغراء الرجال. وعندما قدّم بوليكفيتش هذا الرقص لأول مرة، سخر أفراد من الحضور منه أو تهكموا أو غادروا العرض.
وفي الوقت الحاضر، يقوم  الكسندر بتأدية عرضه في عدد من العواصم ومن بينها بيروت، ولكن أُلغيت عروضه المقرر عقدها كجزء من المهرجانات الثقافية في مصر وعمّان. “لم يسمحوا لي بتأدية عرضي، قائلين “إنه مبالغ فيه”. ولا ينظر بوليكفيتش، إلى نفسه على أنه أحد الناشطين، ولكنه صريح إلى حد التفاخر. “أتمتع بشخصية قوية، ولا أختبئ”.
كما جرى إلغاء إحدى الفعاليات التي كان من المقرر أن تمثل جزءاً من أول أسبوع فخر للمثليين في لبنان بعد أن استنكرته هيئة العلماء المسلمين. ويعتقد بوليكفيتش، إنه كان ينبغي على المجتمع أن يتصدى لهذا التهديد، بدلاً من ذلك. وقال “أعرف ما أريد، وأعرف الأشياء التي ينبغي القيام بها من أجل حقوق المثليين، قدر أقل من الخوف، والمزيد من المواجهة”.

“عندما أفصحت عن ميولي المثلية، فقد أفصحت إلى العالم، ما من حالة وسط”. – جويس كامون، 33 عاماً
لم تتمتع جويس كامون، 33 عاماً، بذات الانفتاح النسبي الموجود في بيروت. فقد نشأت في مدينة طرابلس، في الشمال التقليدي المحافظ في لبنان. لقد كان تحديد هويتها الجنسية والنوعية (الجنسانية) بمثابة صراع كما كانت العملية بطيئة، وقالت “أعتقد إن رهاب المثلية الداخلي أسوأ من أي شيء إذ يشبه الفيروس الداخلي”. كما توصلت إلى أن الأعراف الجنسانية المتعلقة بالملابس تعتبر قمعية ومزعجة. كما أن تجربة التسوق بالتجزئة كانت بمثابة الدخول في معركة. “أعتقد إن اكتشاف هذا الأمر ربما ساعدني بالفعل على تقبل ميولي الجنسية سريعاً”. وفي الوقت الحالي، ترتدي الطقم الرسمي في العمل، إذ تعمل كمديرة قانونية في شركة Pepsi-Cola International الدولية. وعاشت لـ 10 سنوات في الولايات المتحدة وعادت إلى لبنان عام 2012. ومع ذلك، فحتى في بيروت، لا تعتبر الحياة دائماً سهلة. “إن الطريق للنجاة هو أن تتسم بالمرونة والقدرة على التأقلم إلى حد كبير، ومعرفة أي الصراعات يمكنك الفوز بها وأيها لا يمكنك ذلك”. كما أنها تعتقد أن القوانين بحاجة إلى التغيير كي تسمح للمثليين ببناء مجتمع داعم في بلد متسامح. “وإذا لم يتواجد ذلك، فسأساعد على بنائه”.

“عندما كنت في الـ 17 من عمري، اعتقدت بأنني المثلي الوحيد في لبنان. وبعدها اكتشفت أن هناك أشخاصاً مثلي. لقد كان الأمر بمثابة الاكتشاف”. – ريان، 30 عاماً
يعمل ريان، 33 عاماً، مديراً لمشاريع التنمية الاقتصادية المتعلقة بتمكين الشباب والمرأة التابعة للأمم المتحدة في لبنان. وهو واضح مع أسرته وأصدقائه وزملائه، كما يمتلك حساباً على أحد تطبيقات التعارف المشهورة، لكنه مازال متكتماً على هويته الجنسية ولا يرغب بنشر اسمه الكامل أو أن يُظهر وجهه. وقال “في لبنان، بوجه عام، عليك أن تكون حذراً”. وكان مهتماً في الأساس بتداعيات الأمر بالنسبة لأسرته، لكنه كان يفكر أيضاً في مستقبله. فبينما يعمل لدى الأمم المتحدة، فهو محمي بموجب السياسات الخاصة بمناهضة التمييز. ولكن ليس من الواضح مقدار الحماية التي ستوفرها له القوانين اللبنانية مع أصحاب العمل المستقبليين.  وقال “هناك الكثير من التناقضات في هذا البلد”. وأضاف “تعيش داخل فقاعتك الخاصة التي تعتبر آمنة. فأنا مُحاط بالمثليين وهؤلاء المتآلفين معهم وأعيش في بيروت، العاصمة. لكن وبمجرد أن تخرج من بيروت، يتغير الوضع. أشعر بارتياح شديد في حياتي اليومية. لا أشعر بالخوف، لكنني حذر”.

“لم أرغب في عيش حياة يكتنفها الخوف، أو أن يسخر مني أي شخص. ولذا كان قراري إما بتغيير حياتي بالكامل أو لا شيء”. جورج قزي، 38 عاماً
تعلم جورج قزي، 38 عاماً، وعاش في فرنسا لخمس سنوات. ذات مرة، شعر بأن اختياراته تنحصر في أمرين، إما البقاء هناك والعيش كمثلي بصورة علنية، أو العودة إلى لبنان وإخفاء ميوله الجنسية. لكن بدلاً من ذلك، قرر أن يكون مثلياً بصورة علنية في لبنان. ويذكر أنه فكر قائلاً “ما هي أسوأ الأمور التي يمكن أن تحدث؟” ،في عام 2004، أصبح الممثل القانوني لجمعية حلم Helem، أول جمعية لبنانية غير ربحية مناصرة لحقوق المثليين ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً. وكان أول الناشطين الذين تحدثوا علانية على التلفزيون. وعلى مدار سنوات، تعرض للمضايقة. كما استجوبته الشرطة مرات عديدة، وتلقت والدته اتصالات من أشخاص لا تعرفهم يوبخونها ويوبخون ابنها ويصفونه بأنه مصدر للعار. وحالياً، يعيش جورج مع شريكه، كارل بو عبدالله، ويعرف معظم الجيران بمثليتهما. ومع ذلك، لن تسير الأمور بنفس الطريقة في حيّ أكثر تحفظاً. حين يُسئل عن ميوله الجنسية، لا يخفيها، ووجهة نظره في ذلك، “أنا لا أطلب منكم أن تتقبلوني”. ويعتقد قزي أن الفعالية والنشاط مثلت علاجاً بالصدمة بالنسبة للبنان، ولكن كان من الضروري أن يُمنَح المجتمع صوتاً ليؤخذ على محمل الجد. وعلى الرغم من أن هناك أمور كثيرة ينبغي القيام بها للتشجيع على التسامح في المدن الأخرى، “فإن كونك مثلياً في بيروت لم يعد من الأشياء المخيفة”.

“يتعرض الناس لخطر داهم جراء الإعلان عن مثليتهم”. – ستيفي، 30 عاماً
عندما كانت ستيفي أصغر سناً، عانت من مشاكل الهوية الجنسية دون أن تعرف ما يعنيه ذلك بالفعل. وأوضحَت، “تكبر الفتيات كي تتزوجن الصبيان، ويكبر الصبيان ليتزوجوا الفتيات. لم أشعر بأنني أحب الأولاد. وعندما تخيلت نفسي في المستقبل، تخيلت نفسي مع امرأة ولم أكن أعرف ماذا يمكن تسمية ذلك. لقد كان شعوراً وحسب”. وفي سن الـ 17، تعرفت على جمعية حلم Helem وأصبحت من الناشطات. وتعمل في الوقت الحالي، وهي في الـ 30 من عمرها، منسقة لبرنامج الجمعية بالمؤسسة العربية للحريات والمساواة. وتساعد الآخرين ممن لديهم نفس التساؤلات التي راودتها ذات مرة، وتوضح لهم بأنهم ليسوا وحدهم. ومع ذلك، لا تعتقد بأن لبنان آمن بالكامل بالنسبة للمثليين، كما إنها لا ترغب في استخدام اسمها. وتتعرض ستيفي باستمرار للسؤال عما إذا كانت ولداً أم فتاة. وقالت “أتعرض لنظرات غريبة. أحاول ألا أذهب إلى أماكن يمكن أن أتعرض فيها للمضايقات”. وتنظر ستيفي إلى نفسها على أنها شخص غريب، وُلدت كفتاة، لكنها لا تتمتع بأي حقوق داخل البلد. “لديّ تلك الوصمة التي لا يسعني التخلص منها، كوني هنا في لبنان”.

“يسألني بعض الناس عما إذا كنت أرغب في أن أُولد كامرأة مرة أخرى، وأقول لهم لا. أحب ما أنا عليه، فأنا مستمتعة بهذا”. – ساشا، 21 عاماً.
تعمل ساشا، 21 عاماً، عارضة أزياء وناشطة، درست تكنولوجيا المعلومات، كما أنها من المتحولين جنسياً. لقد خاطرت مخاطرة كبيرة وظهرت في عرض أزياء نُقل عبر التلفزيون؛ وبشكل ما كانت هذه طريقتها في الإفصاح عن ميولها. في بادئ الأمر عانت ساشا، التي تستخدم اسماً واحداً، ولكن في الوقت الحالي ينظر العديدون إليها على أنها مصدر إلهام، ليس فقط لهؤلاء المتحولين جنسياً، بل لغيرهم في الجمعية ممن لا يمتلكون صوتاً. ولم يجرِ الأمر هكذا دائماً. فلقد تعرضت للتنمر عندما كانت بالمدرسة لكونها مختلفة. وفي الشوارع، مازالت تتعرض للمضايقات في معظم الأحيان. “إذا أردتُ الوقوف ومواجهة العالم لنيل حقوقي الشخصية، فإنني على استعداد لذلك، إنها حريتي، ورغبتي في التعبير عن الذات. وإذا لم أقاتل من أجل ذلك، إذاً فلماذا أحيا هنا؟”
لكنها تعتقد أن المفاهيم المجتمعية تتغير للأفضل. وفي هذه المرحلة، تشعر بأنها تتعلم الصبر والتعاطف. وقالت “إذا انتابك شعور بالتعاطف تجاه أمر ما، يجب أن تتحلى بالصبر كي يحدث”. وتأمل في يوم من الأيام ألا يفكر الناس بقضايا المثليين والمتحولين جنسياً، وأن يتركوا البشر وشأنهم. كما أضافت قائلة “خطوة بخطوة، بدأت في فهم نفسي أكثر. لقد تعلمت ذاتياً خلال هذه الرحلة وأتطلع إلى المتحولين وكيف خاضوا رحلتهم الخاصة”.
* التحقيق لمنى بوشناق والصور للورا بوشناق.
هذا الموضوع تم اعداده وترجمته عن موقع NEW YORK TIMES لمراجعة المقال الاصلي زوروا الرابط التالي.

[video_player link=””][/video_player]