fbpx

لا مكان لأي كيان غير اسرائيلي : نبذة تاريخية عن المستوطنات الإسرائيلية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بهذه الوسائل ذاتها -البؤر الاستيطانية وسكانها المستبدين- يُمنع الفلسطينيون من الوصول إلى أراضيهم وزراعتها، الأمر الذي ييسر عملية تجريدهم من ديارهم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 وقفنا في نهاية اليوم فوق الفتحة التي تمثل الطريق المخصص للفلسطينيين الراغبين في السفر من جيب (منطقة محاصرة)، يضم 3 بلدات في الضفة الغربية -وهي بلدات: بدو وبيت سوريك وقطنة- باتجاه رام الله. فوق هذا الطريق، انطلقت المركبات الإسرائيلية بسلاسة على طول طريق 443 -وهو الطريق السريع الرئيسي المؤدي إلى العاصمة- من دون حتى أن يتمكن السائقون من رؤية طريق الفصل العنصري الواقع تحتهم، والمطوق بسياج حديدي وأسلاك شائكة. ينطلق الإسرائيليون على الطريق السريع في الأعلى، في حين يمر الفلسطينيون على طريقٍ أو عبر فتحةٍ تحت الأرض في الأسفل؛ في صورة تختصر ألف كلمة. تطلق إسرائيل اسم “شوارع نسيج حياة” على شوارع الفصل تلك. يبدو الاسم واعداً، لكن في الواقع، ما هذه الطرق الجانبية  إلا مجرد نتاج قبيح آخر لنظام الفصل العنصري (الأبارتهيد).

على بعد مئات الأمتار، في مستوطنة جفعون حداشا (جفعون الجديدة) يقع منزل عائلة غريب؛ ومثل المستوطنة، فهو محاط من جميع الجهات بسياج حديدي وأسلاك شائكة، وتكتمل الصورة بكاميرات إلكترونية وبوابة كهربائية. يتجسد الاحتلال هنا في أقبح صوره؛ حيث عائلة فلسطينية معزولة بالكامل عن قريتها (بيت إجزا) في ذاك الجيب الشبيه بالسجن، وبقيت تعيش في هذا القفص وسط مستوطنة، وهو وضعٌ وصفته محكمة العدل العليا -والتي تُعدّ الممثل الوحيد للديموقراطية في المنطقة- بأنه، “ضررٌ متناسب”.

في ختام جولة إرشادية مفيدة، فإن النفق والقفص، وطريق 443 السريع ومستوطنة جفعون الجديدة، و”الضرر المتناسب” و”شوارع نسيج الحياة”، تثير كلها أفكاراً قاتمة وكئيبة للغاية هنا في مناطق الفصل العنصري. ستُطاردنا طويلاً تلك الأفكار التي طُرحت في وقت متأخر من بعد ظهيرة يوم شتوي بارد وعاصف.

 قادت منظمة “كسر الصمت” المناهضة للاحتلال منذ تأسيسها عام 2004، مئات الجولات الدراسية إلى الخليل وجنوب جبل الخليل، والتي شارك فيها عشرات الآلاف من الإسرائيليين وغيرهم. تستهدف هذه الجولات -التي تجتذب حوالى 5000 مشارك سنوياً- المشاعر الدفينة للمشاركين، ولا يرجع أحدُ غير مبالٍ من تلك الجولات إلى حي الأشباح المُرحل سكانه عنه في الخليل، أو من أرض الكهوف التي شُرد أهلها وطردوا منها في منطقة جنوب جبل الخليل. والآن، تطلق المنظمة غير الحكومية جولة جديدة، تحليلية وثاقبة، تستهدف وسط الضفة الغربية، وتركز على تاريخ الاحتلال منذ بدايته وحتى وقتنا الحاضر.

 عكف يهودا شاؤول (36 سنة) -أحد مؤسسي منظمة (كسر الصمت)، وكان في السابق جندياً مقاتلاً ويهودياً متديناً ينتمي إلى الطائفة الحريدية- لما يقرب من العام ونصف العام على التخطيط للجولة، وكتابة النصوص الخاصة بها وإعداد الخرائط، مستنداً في ذلك إلى نحو 40 كتاباً حول المستوطنات، ومصادر أخرى عثر عليها مختبئة في أرشيف المحفوظات. شاؤول مرشدٌ ودليلٌ ممتاز على امتداد السجلات والآثار الخاصة بالاحتلال، وهو موضوعي وغزير المعرفة، وليس مولعاً بإطلاق الشعارات. وهو ملتزم وحازم لكنه يتقيد أيضاً بالحقائق، ويصوغ كلماته بوضوحٍ باللغتين العبرية والإنكليزية. لا تزال جولته حالياً في المرحلة التجريبية، وفي انتظار إطلاقها الرسمي خلال بضعة أشهر. 

 الجولة عبارة عن يوم في محافظة رام الله، من مستوطنة موديعين عيليت التابعة لليهود الحريديم المتدينين إلى منزل الناشطة الفلسطينية الشابة عهد التميمي، في قرية النبي صالح، ومن منطقة “خطة آلون” إلى مخطط “نسيج الحياة”.

خلال هذه الرحلة التي تستغرق 7 ساعات، تبرز صورة في غاية الوضوح: أهداف الاحتلال كانت قد حُددت على الفور عقب حرب 1967. ومنذ تلك اللحظة عكفت جميع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة -بلا استثناء- على تحقيقها. والهدف هو؛ الحيلولة دون إقامة أيّ كيان فلسطيني ما بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، من خلال تفتيت الضفة الغربية وتجزئتها إلى شظايا من الأراضي الصغيرة. تباينت الأساليب المتبعة لتنفيذ هذا المخطط، لكن ظل الهدف راسخاً لا يتزعزع: وهو تحقيق سيطرة إسرائيلية أبدية.

لم يُنفذ هذا الهدف من جانب اليمينيين المتطرفين فحسب، وإنما من الصميم منذ تأسيس إسرائيل ذاتها، من قِبل وكالاتها الحكومية، وبدعم من القضاء ووسائل الإعلام. وفي الطريق نحو توطين مليون مستوطن – يمثلون المليون الأول من المستوطنين- كانت الوسائل مباحة. ومع اقتراب تحقيق تلك الغاية؛ فإن الهدف الرئيسي الآن هو تنمية البنية التحتية.

بات تشييد شبكة الطرق المنفصلة والمستقلة، والتي تكون مُضللة بسبب كثرة التفافاتها، وبناء الأنفاق والمفترقات والكباري، أموراً مصيرية أكثر من تدفق آخر للمستوطنين. فهي تمكِّن كل مستوطن من العيش بأمان نسبي، من دون أن يرى الفلسطينيين أو يشعر بوجودهم، وأيضاً السكن بسعر رخيص، والوصول سريعاً إلى عمله في إسرائيل.

وهذا هو السر الذي مكن 650 ألف إسرائيلي من انتهاك القانون الدولي ومعايير العدالة، وأتاح لهم أن يعيشوا في مناطق محتلة ويشعروا بالرضا عن أنفسهم. العظام القليلة التي يرميها المُحتَل من حينٍ إلى آخر لمن يحتله؛ هي ما تسمح بمواصلة الحياة الذليلة من دون مقاومة شديدة.

عبرت شاحنتان تابعتان لشركة “غوايتا للنقل والرافعات” وهما تحملان منازل متنقلة (كرفانات)، الطريق المؤدي إلى مستوطنة بيت إيل، تتقدمها سيارة شرطة وتفصل بينهما شاحنة “بيك آب” عسكرية، كتب على اللافتة الملصقة على السيارة الأخيرة في الموكب، “احذر، حمولة ثقيلة”، وكأنه نوع من التلميح.

لم يُترك أيّ شيء للمصادفة خلال عملية إنشاء المستوطنات واختيار توزيعها الجغرافي. تحكي لك الخرائط القصة. فمدن الضفة الغربية الفلسطينية -باستثناء جنين- محاطة من جميع الجهات بالمستوطنات.

خُطط لكل شيء بدقة. وتسارعت خطى المشروع الذي بدأ مع عودة حفنة من المتطرفين إلى الخليل ومستوطنة جوش عتصيون، ومع احتلال “بيت السبعة أو هَشبعا بالعبرية” في ضاحية بيت حنينا في القدس الشرقية، إيماناً بالمفهوم الصهيوني القديم القائل: إن الاستيطان اليهودي هو ما يرسم حدود السيادة اليهودية.

ضُمت القدس الشرقية بعد حرب 1967 (نكسة حزيران/ يونيو) مباشرة، إضافة إلى 28 موقعاً فلسطينياً مجاوراً لها، وبدأت على الفور حملة استيطانية لضمان تحقيق التواصل الجغرافي الذي شمل جيوب جبل المشارف (أي الأحياء اليهودية الأربعة المفصلية المتجاورة؛ وهي أحياء معالوت دفنة، ورمات إشكول، وغفعات هميبتار، والتلة الفرنسية ويطلق عليها الإسرائيليون جيفعات شبيرا)، وأيضاً من أجل توسيع السلطة القضائية للمدينة (لتشمل أحياء هلِفيان المحيطة). وعندما بدأ النقاش حول القدس بصفتها عاصمة لفلسطين، بُنيت أحياء يهودية جديدة، لفصل المدينة عن الضفة الغربية.

على رغم عدم  تبنيها رسمياً، إلا أن “خطة آلون” التي أعدها إيغال آلون عام 1967 -إحدى الشخصيات الشهيرة خلال حرب الاستقلال الإسرائيلية (حرب 1948) وقد أصبح سياسياً بارزاً في ما بعد- قد نُفذت إلى حدٍ كبير. وكان هدفها عزل الضفة الغربية عن الأردن عبر طريقين رئيسيين، شارع الغور (غور الأردن) وما يُعرف بطريق آلون، وإقامة مستوطنات وقواعد عسكرية للتدريب على طول الطريقين السريعين. 

عقب حرب تشرين الأول/ أكتوبر عام 1973 (حرب يوم الغفران)، تأسست حركة “غوش إيمونيم” الاستيطانية، عندما بدأت تحوم الشكوك حول المسعى والجهود المبذولة بين الآباء المؤسسين للمشروع الاستيطاني، من قادة الحركة العمالية.

وبمجرد أن امتلأت الخليل والقدس بالمستوطنين، صرف أعضاء حركة “غوش إيمونيم” اهتمامهم نحو منطقة نابلس. وعام 1975، ساعد شمعون بيرس الذي كان وقتها وزيراً للدفاع في إنشاء مستوطنة عوفرا بوسائل ملتوية، وكل المستوطنات الأخرى التي جاءت في أعقابها.

عام 1977، وصل حزب الليكود إلى السلطة وعين أرئيل شارون وزيراً للزراعة. كان الهدف هو محو الخط الأخضر وإعادة تعيينه إلى الغرب، وإنشاء ممرات عرضية تمتد من الغرب إلى الشرق، عبر أراضي الضفة الغربية، من أجل تفتيتها.

ومرة أخرى، لم تكن تلك أفكار المتعصبين الغاضبين، وإنما هي سياسات مخططة ومتسقة من قبل الحكومات الإسرائيلية لضمان استمرارية سيطرة البلاد على جميع الأراضي المحتلة والحيلولة دون حدوث استقلال فلسطيني، حتى قبل طرح خيار حل الدولتين.

 كيف حصل الاحتلال على الأراضي المطلوبة؟ تحقق ذلك عبر طرائق عدة، نفّذت في الخفاء. بدأ الأمر بقواعد الجيش الأردني المهجورة، ثم تبِعتها مصادرات “لأغراض المنفعة العامة”، بخاصة في القدس الشرقية ومنطقة معاليه أدوميم شرق القدس.

ثم أتت طريقة “المصادرة لأغراضٍ عسكرية”، إذ خدعَت الدولة النظام القضائي مراراً بحجة أن المستوطنات تخدم احتياجات أمنية، ودائماً ما كانت المحاكم تتقبل هذه الحيلة حتى صدور قرار محكمة العدل العُليا عام 1979، بشأن مستوطنة آلُون موريه (حظر القرار الاستيلاء على أراضٍ فلسطينية بملكية خاصة من أجل إقامة مستوطنات مدنية)، والذي وضع حداً لتلك الممارسة.

ولم يكن أمام الدولة خيار سوى أن تُدبِّر خدعة جديدة: إعلان “ملكية الدولة للأراضي”، الحيلة الجديدة التي أتاحت أراضي وفيرة للمستوطنين. وهي سياسة تحايل مستوحاة من قانون عثماني قديم، تمكن بموجبه مصادرة الأراضي غير المزروعة.

 ليس من قبيل المصادفة أن معظم المستوطنات اليوم تقع فوق الجبال والتلال في الضفة الغربية: فالأرض هناك صخرية- تصعب زراعتها، ويَسهُل نهبُها.

توافقت اتفاقيات أوسلو بسلاسة مع مخطط رئيسي يهدف إلى تجزئة الضفة الغربية وجعلها مناطق منطقة البانتوستان الأفريقية. ظل نحو 82 في المئة، من الأراضي المحتلة، تحت سيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي، ولكن في أعقاب الانتفاضة، أتت ممارسة مبتكرة أخرى: إنشاء ما يُسمى “الطرق الالتفافية”، آخِر ابتكارات الاحتلال.

وفقاً لمؤسس منظمة “كسر الصمت” يهودا شاؤول، يُعد هذا التطور الأهم منذ اتفاقيات أوسلو. ومن حينها، انتقل الصراع من بناء المستوطنات ليصبح على البنية التحتية. كان التعليل هو أنه لا ينبغي على المستوطنين السفر على طُرقٍ معادية خطيرة ليست مِلكهم.

لقد كانوا بحاجة إلى حلٍ أفضل، لتجنب الذهاب إلى منازلهم عبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين مثل مُخيمي الدهيشة وعايدة. ومع وجود طرقٍ جديدة، ستكون ممكنة مضاعفة عدد المستوطنين لثلاثة أضعاف خلال السنوات المقبلة.

نتوقف عند وادي الحرامية حيث يتقاطع الطريق السريع 60 القديم مع الطريق السريع 60 الجديد والذي يلتف حول رام الله. هناك عشرات الطرق الجانبية المشابهة، والتي غيرت حياة المستوطنين ويسرت زيادة عددهم ليصل إلى 650 ألفاً، بإضافة تعداد القدس الشرقية.

تدعونا لافتة على جانب الطريق، إلى “ميرلوت، مطعم ومقهى في شيلوه”، وهي مستوطنة قديمة. لم يعد الطريق المؤدي إلى هناك يمر عبر سِنجِل، وهي بلدة فلسطينية عريقة. “هكذا تكون الحياة”، كذا كُتِب على سيارة محملةٍ بجعةٍ من نوع Corona Beer، والتي ربما تكون متجهةً إلى ميرلوت.

بدأت البؤر الاستيطانية تنتشر أواخر التسعينات. من فوق تلٍّ شاهق تملؤه الهوائيات، نُبصِر أرضي البؤر الاستيطانية التي تُحيط بمدينة شيلوه بينما تصدمنا رياح البرد القارس.

حتى بالنسبة إلى من اعتاد هذه المناطق، فإنه مشهد يبعث على الإيمان والتأمل، وهو أكثر إقناعاً من ألف مقال. هاكارون، بيلجاي هاييم، هايوفال، أوفارين، إييش كادوش، آداي آد، هارويه، كيدا، أسماءٌ ليست موقتة على الإطلاق، لمناطق لا يبدو أنها زائلة. تبدو التلال بين شيلوه وعيلي منقوطة بالبيوت المتنقلة، وليست هناك قمة تل لا تقع عليها بؤرة استيطانية “غير قانونية”، وحتى الوادي نفسه يعج بهذه البؤر.

هناك خط متواصل من المساكن يبدأ عند مستوطنة آرييل الحضرية ليصل إلى هذه السلسلة من البؤر الاستيطانية، والذي يهدف إلى تقسيم الضفة الغربية من هذه الجهة أيضاً. يبقى الهدف كما هو: منع بناء أي كيانٍ غير إسرائيلي، وإجهاض الحل الذي لم يرَ النور بعد – ألا وهو حل الدولتين- والذي نادت به إسرائيل والعالم بإصرار منذ عقود.

 ن فوق التلة المملوءة بالهوائيات، والتي أخذنا إليها شاؤول في هذا البرد القارس، كانت الصورة واضحة وقاطعة. بهذه الوسائل ذاتها -البؤر الاستيطانية وسكانها المستبدين- يُمنع الفلسطينيون من الوصول إلى أراضيهم وزراعتها، الأمر الذي ييسر عملية تجريدهم من ديارهم.

 إضافة إلى ذلك، سيُضفي “قانون تبييض المستوطنات أو قانون التسوية” -آخر ابتكارات الاحتلال- الشرعية على هذه البؤر الاستيطانية.

 يقع منزل عائلة التميمي في قرية النبي صالح. استيقظت عهد التميمي، (18 سنة)، للتو من نومها في هذه الساعة من منتصف النهار، حافية القدمين، تنضم إلينا بينما تتثاءب. لقد حصلَت على شهادة الثانوية وتُخطط الآن لزيارة لندن مع والدها باسم لبضعة أشهر لتعلُّم اللغة الإنكليزية، وذلك بفضل منحة دراسية كانت تلقّتها.

مرّت 6 أشهر منذ إطلاق سراحها من السجن، حيث أمضت 8 أشهر بعد إِدانتها بالاعتداء على جندي إسرائيلي، وهي مرهقة بعض الشيء من شهرتها العالمية. كما تشعر قريتُها بالإنهاك بعض الشيء من النضال.

توقفت تظاهرات الجمعة منذ بدء جنود الجيش الاسرائيلي إطلاق النار على أرجل المتظاهرين بالذخيرة الحية، ويبحث قادة الاحتجاج عن وسائل أخرى بديلة.

 في غرفة معيشة المنزل الذي تم ترميمه، والذي تعرّض للتهديد من قِبَل قرار إزالة إسرائيلي، يقول لنا باسم، “ليس بالضرورة أن تكون المقاومة مصدراً للمعاناة”. ويضيف أنه قام بترميم المنزل بينما كانت زوجته ناريمان وابنته عهد مسجونتين، وذلك لإظهار أن الحياة تمضي كالمعتاد على رغم كل شيء. 

 

يبقى الهدف كما هو: منع بناء أي كيانٍ غير إسرائيلي، وإجهاض الحل الذي لم يرَ النور بعد

 

لا يزال ابنه وعد التميمي قابعاً في السجن. يكمن جزء من قريتهم في المنطقة B (خاضعة للسيطرة المدنية الفلسطينية والسيطرة الأمنية الإسرائيلية – الفلسطينية المشتركة) وجزء في المنطقة C (خاضعة بالكامل للسيطرة المدنية والأمنية الإسرائيلية). يوجد منزل واحد مقسّم بين المنطقتين اللتين حَددتهما اتفاقيات أوسلو.

يوضح شاؤول أن عهد التميمي كانت مصدر تهديد لإسرائيل، ليس لأنها شكّلت خطراً على الدولة نفسها، وإنما لأنها شكّلت خطراً على كيان الاحتلال؛ لا يمكن أن يتسامح الاحتلال مع الفلسطينيين العنيدين غير المُنصاعين. سيتوقف في جولته هذه عند هذا البيت النضالي المثير للإعجاب.

تُغلِق بوابة حديدية صفراء أحد مداخل قرية النبي صالح، كما هي الحال في الكثير من القرى الأخرى. هذه أيضاً سياسة محسوبة: إغلاق الأبواب على مِصراعيها، تركُ بوابةٍ واحدة فقط مفتوحة كـ”طريق ضروري” في لغة الاحتلال.

كما أن البنية التحتية لتطويق الحصار معدّة وجاهزة: يُمكن إغلاق القرية في غضون دقائق من دون أن يتمكن أحد من الدخول أو الخروج إليها. ويبدو تهديد التأثير النفسي واضحاً ايضاً.

تقع أكبر المستوطنات على بُعد دقائق، مستوطنة موديعين عيليت؛ حيث يقطن 65 ألفاً من اليهود الأرثوذكس المتطرفين؛ وهي تطور آخر مثير للإعجاب في تاريخ المشروع الاستيطاني.

ومذ بدأت طائفة اليهود الحريديم الانتقال إلى هذه المناطق في منتصف الثمانينات، ارتفع عدد المستوطنين بمقدار عشرات الآلاف. نصف هذه الزيادة في أعداد المستوطنين منذ اتفاقيات أوسلو ترجع إلى تدفق الحريديم.

ويعيش الآن 20 في المئة من مجمل المستوطنين في موقعين يخصَان الحريديم، بيتار عيليت وموديعين عيليت. تقع كلا المُستوطنتين بالقرب من الخط الأخضر، وتُعتبَران تقريباً من ضواحي المدن الأرثوذكسية الكبيرة: القدس وبني براق، وتمثلان حلاً لأزمة الإسكان لهذه الطائفة، التي نأت بنفسها لأعوام عن الاتجاهات القومية واليمينية. والآن، فقد أتوا هم أيضاً. لقد أتوا منذ ذلك الحين، ويبدو أنهم باقون بشكلٍ دائم.

كل مواطن اسرائيلي وكل زائر مهتم بما يحدث هنا، مدين لنفسه بأن يقوم بتلك الجولة.

 

جدعون ليفي

هذا الموضوع مترجم عن Haaretz.com ولقراءة المادة الأصلية زوروا الرابط التالي

 

كريم شفيق - صحفي مصري | 29.03.2024

محمد جواد ظريف… حبال السلطة الصوتية في إيران بين المنع والتسريب!

ظريف، وبحسب التسريب الأخير، قام بعدّة أدوار وظيفية، ربما جعلته يتفادى هجوم الأصوليين، وجاهزيتهم للعنف والاتهامات سواء كانت بـ"الخيانة" أو "العمالة" أو "الجهل".