fbpx

العلماء يؤكدون: تناول الإفطار ليس استراتيجية جيدة لفقدان الوزن

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
ترجمة- Vox

إذا كنت تتناول الإفطار لتجنّب زيادة الوزن، فإن الباحثين اليوم يزدادون قناعة بأنّ الإفطار قد يتسبب في عكس التأثير المرغوب

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

من المرجح أنك تشعر بالذنب عندما لا تتناول الإفطار. لماذا لا تفطر؟ يكبر كثيرون منّا فيما آباؤهم يُحدِثون الكثير من الجلبة للتأكد من أننا قد تناوَلنا شيئاً ما قبل الذهاب إلى المدرسة؛ أو نكبُر وقد غُسلِت أدمغتنا بسبب الدعاية التجارية على التلفزيون، التي تؤكد أنّ تناول الحبوب سوف يجعلنا رشيقين ورياضيين، وأن تناولَ الإفطار يُحافِظ على إبقاء الأيْضِ في مساره الصحيح، ويساعدنا على تجنّب الإفراط في تناول الطعام في ما بعد.

اتّضح أن الأبحاث المتعلقة بتناول الإفطار كانت أقلّ حسماً بكثير مقارنةً بما حاولت والدتك أن تقنعك به. في الواقع، إذا كنت تتناول الإفطار لتجنّب زيادة الوزن، فإن الباحثين اليوم يزدادون قناعة بأنّ الإفطار قد يتسبب في عكس التأثير المرغوب؛ إذ قد يُعزّز استهلاك المزيد من السعرات واكتساب الوزن. حتى أفضل الدراسات المتاحة حول هذا الأمر تعاني محدودية جدية.

قبل أن نخوض في ما يقوله العلم، يستحق الأمر أن نفهم كيف اختُرِعت أسطورة الإفطار.

جذور أسطورة الإفطار

معظم الأبحاث التي تقترح أن الإفطار مهمٌّ لصحّتك تموّلها شركاتٌ مصنّعة لحبوب الإفطار.

أوضح ماريون نِسليه -الباحث في التغذية- قائلاً: “إن الكثير من -إن لم يكن معظم- الدراسات التي تُظهِر أن مَن يتناولون طعام الإفطار أكثر صحةً ويتحكمون بأوزانهم على نحو أفضل ممّن لا يتناولون طعام الإفطار، تمولها شركة Kellogg وغيرها من الشركات المصنِّعة لحبوب الإفطار التي تعتمد أعمالها وتجارتها على أشخاص يعتقدون أن طعام الإفطار يعني حبوب الإفطار الجاهزة للتناول”.

راجع الإفصاحات الواردة في هذه الأوراق البحثية حتى تكون ملمّاً بتعارض المصالح: فمراجعة البيانات التي خلصَت إلى أنّ عدم تناول طعام الإفطار ليس طريقة جيدة للتحكم بالوزن، موّلتها شركة Kellogg. كذلك موّلت شركة Quaker Oats دراسةً أخرى وجدَت أنّ عدم تناول طعام الإفطار له تكلفة صحية. وساهمت شركة Quaker أيضاً في تصميم الدراسة، وعدَّلَت في نصها! علينا أن نُقِرّ أن هذا ليس دليلاً على خطأ الدراسة، ولكن هذا ينبغي أن يجعلَ المرء متشكّكاً جدّاً.

ثانياً: صحيح أن هناك بعض الدراسات المستقلة التي تشير إلى أن تناول الإفطار له فوائد صحية، ولكن هذه الدراسات أقلّ إقناعاً مما تبدو عليه للوهلة الأولى.

نشر باحثون عدداً من الدراسات المعتمدة على الملاحظة التي وجدت ارتباطاً بين الامتناع عن تناول الإفطار والارتفاع في مؤشر كتلة الجسم BMI أو الارتفاع في معدلات الإصابة بأمراض مثل داء الشريان التاجي. (بعض هذه الدراسات مولتها شركات عاملة في المجال، وبعضها لم تموله). إذا ألقيتَ نظرةً سريعة على تلك الدراسات، ربما تفترض أنّ عدم تناول طعام الإفطار أمرٌ سيئ بالنسبة إليك، لأنه بطريقة ما يربك أيْضَك، ويصيبك بالأمراض ويُكسبُك الوزن، ربما من طريق تناولك المزيد من الطعام في وقت لاحق من اليوم.

من المهم ألا نخلط بين الارتباط والتسبب بالأمر. عموماً، أخذت هذه الدراسات المعتمدة على الملاحظة أشخاصاً كانوا يتناولون طعام الإفطار بالفعل ثم قارنتهم بأشخاص لم يكونوا يتناولون الإفطار. إنها لم تكن تجارب تكلِّف الأشخاص على نحو عشوائي بتناول طعام الإفطار أو عدم تناوله وتحدد الاختلاف. وهذا يعني أن الإفطار ذاته قد لا يفسِّر الفروق في وزن الجسم أو المرض بين المجموعتين. قد يختلف الأشخاص الذين يتناولون طعام الإفطار في جوانب أخرى عن الذين لا يتناولونه. فربّما تزداد احتماليّة أن يتناول الذين يمارسون التمارين الرياضية طعامَ الإفطار، وهذا يفسر الاختلاف.

تناول الإفطار لا يساعد على فقدان الوزن وقد يعزز اكتساب الوزن

في وقت لاحق، نشر باحثون تجارب منضبطة مُعشّاة ( نوع من البحث العلمي التجريبي، يُخصَّص ويُربَط فيه المشاركون عشوائيّاً بواحدة أو أكثر من النتائج المتوقعة من البحث) يمكنها أن تحدِّد بدقةٍ أكبر تأثيراتِ تناول الإفطار أو عدم تناوله في فقدان الوزن. كُلِّف المشاركون في هذه الدراسات بتناول الإفطار أو عدم تناوله، ثم عُقدت المقارنة بين المجموعتين. من الأسهل تحديد ما إذا كانت الوجبة المبكرة تسببت في أيّ اختلاف في النتائج الصحية، نظراً لأنّ الفارق الوحيد بين المجموعتين هو تناول طعام الإفطار.

تابعت أكبر تجربة أجريت حتى اليوم، والتي نشرت عام 2014، 300 شخصٍ كانوا يحاولون تخفيض أوزانهم على مدار 16 أسبوعاً. وجدَ باحثون أن تناول طعام الإفطار لم يؤثّر في فقدان الوزن خلال هذه الفترة.

في 30 كانون الثاني/ يناير من هذا العام، نشرَت المجلة الطبية البريطانية BMJ مراجعةً منهجية لـ13 تجربة منضبطة مُعشّاة، تضمّنت الدراسة الكبرى التي أجريت عام 2014، واستخلص باحثون أنه “لا دليل لدعم الفكرة القائلة إن تناول الإفطار يعزّز فقدان الوزن أو أن عدم تناول الإفطار يؤدّي إلى زيادة الوزن”.

بدلاً من ذلك، استهلك الأشخاص الذين تناولوا طعامَ الإفطار 260 سعرة حرارية إضافيّة يومياً، وفاق وزنُهم وزنَ الذين لا يتناولون الإفطار بمقدار رطل واحد؛ ومِن ثَمّ “يجب توخّي الحرص عند التوصية بتناول الإفطار من أجل فقدان الوزن لدى البالغين، لأنه قد يتسبب في تأثيراتٍ عكسيّة”. (يمكنك مشاهدة تصوير لطيف للدراسات هنا).

كتب تيم سبيكتر في مقال افتتاحي له بشأن دراسة مجلة BMJ: “تشير أدلة مقبولة الآن إلى أنّ عدم تناول طعام الإفطار، يمكن فعلاً أن يكون استراتيجية مفيدة لتخفيض الوزن”.

حتى هذه المراجعة لأفضل الأدلة المتاحة ليست حاسمة. هناك مشكلة رئيسية: أُجريت التجارب على مدى 16 أسبوعاً فقط كحد أقصى. (وأجريت 7 تجارب منها في فترة زمنية أقل من 4 أسابيع)، وليس هذا وقتاً كافياً لتقييم التأثير الصحي طويل المدى للإفطار، وقد حذر الباحثون قائلين: “ينبغي تفسير نتائج الدراسات بحذر، نظراً لأنّ جودة الأبحاث المتضمّنة منخفضة في الأغلب”.

أوضَح طبيب السمنة يوني فريدهوف أنّ الأبحاث المتعلقة بالإفطار أيضاً لم تركّز بما يكفي على جودة الطعام الذي يتناوله الناس، وقال إنّ “ما يأكله الشخص في وجبة الإفطار يمثّل أهمية كبيرة، ومجرد دراسة ما إذا كان الشخص قد تناول الإفطار أم لم يتناوله، سوف تكوم جنباً إلى جنباً أطباق حبوب Froot Loops المحلاة بنكهات الفواكه مع حبوب الشوفان الكاملة المغطاة باللوز، وحلوى Pop Tarts مع عجّة البيض المطبوخة مع الخضر الصيفية”.

يتشكّك باحثون أيضاً بشأن الادعاء المتكرر كثيراً بأن الإفطار يجعل الأطفال أذكى. إن البيانات هنا ملتبسة، كما لاحظت مراجعة الأبحاث التي أجريت عام 2009. ظهرت بعض الأدلة المقنعة التي تقترح أن الأطفال الذين يعانون نقص التغذية يكون أداؤهم في الاختبارات المعرفية أفضل عند إلحاقهم ببرنامج لتناول الإفطار. ولكن ليس من الواضح ما إذا كان الإفطار ذاته هو الذي يصنع الفارق، فقد يعود ذلك إلى حقيقة أن البرنامج أدّى إلى ارتفاعٍ في معدّل الذهاب إلى المدرسة. وربما يكون لتناول الأطفال طعامَ العشاء التأثير ذاته.

ولذا هل ينبغي أن تتناول وجبة الإفطار؟

يجدر بنا أن نكون واضحين بشأن ما يقوله البحث حول وجبة الإفطار وما لا يقوله. وأشار إلى أن الادعاءات بأن وجبة الإفطار هي الدواء الشافي الصحي قد تكون غير مدعومة بأدلة واضحة – وإلى أن تناول وجبة الإفطار قد لا يمثّل استراتيجية جيّدة لفقدان الوزن.

بيد أن البحث لا يقول إن وجبة الإفطار عديمة الفائدة. فقد صرّح أحد الباحثين الذين شاركوا في تلك التجربة الكبرى التي أجريت عام 2014، وهو ديفيد أليسون من جامعة ألاباما، لمجلة Vox أنه في حين قد تكون الهالة الصحية التي تحيط بوجبة الإفطار غيرَ مُبرَّرة بالفعل، فإنّ ثمّة آراء تشير إلى أن تخطي وجبات الطعام، وتناول الطعام في وقت متأخر من اليوم، قد يؤثر في قدرة المرء على تنظيم مستوى الغلوكوز في الدم. إلّا أن تناول الكثير من السعرات الحرارية في وقت متأخر من اليوم لا يُماثل تخطي وجبة الإفطار. (وجد المراجعون في المقالة الجديدة التي نشرتها المجلة الطبية البريطانية BMJ أنه لا اختلاف في معدلات الأيْض بين مَن يتناولون وجبة الإفطار ومَن لا يتناولونها – الأمر الذي يُعد بمثابة أخبار جيدة لمَن لا يتناولون وجبة الإفطار).

لذلك من الممكن تماماً أن يكون للإفطار آثار صحية مذهلة، وبخاصة بالنسبة إلى بعض الفئات، مثل الأطفال في طور النمو والرياضيين. بيد أنه ليس هناك الكثير من الأدلة القوية على تلك الفوائد.

دافَع بعض الخبراء -مثل ديفيد كاتز، خبير التغذية في جامعة ييل- عن ضرورة تناول وجبة الإفطار، إذ قال إنه وقت مناسب خلال اليوم لتناول كميات كبيرة من الألياف والفاكهة. أما بالنسبة إلى الأطفال في طور النمو، فإن تناول الطعام في الصباح يُعدّ أمراً جيداً، كما هي الحال في جميع الأوقات.

يرى آخرون -مثل نِسليه، الباحث في مجال التغذية (وواحد من أولئك الذين يتخطون وجبة الإفطار منذ مدة طويلة)- أنّ “أيّ نمط لتناول الطعام يُمكن أن يُعزّز الصحة، طالما أنه يتضمّن الخضر والفاكهة، ويُوازِن السعرات الحرارية، ويتجنب تناول الكثير من الأطعمة غير الصحية”.

وهذه النقطة بالغة الأهمية، نظراً إلى أننا نعرف أن وجبة الإفطار في أميركا (كعكة المافين، وفطائر الوافل، والزبادي المحلّى) لا تتعدّى كونها غالباً حلوى غنية بالسكريات تقدّم بشكل مختلف.

لذا، إذا كنت ستتناول وجبة الإفطار، فاحرص على تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمواد الغذائية التي تحتاجها كي تظل بصحة جيدة، مثل الفاكهة والخضر والحبوب الغنية بالألياف والبيض. وحاول الابتعاد من تناول الحلويات التي تتنكّر في شكل وجبة الإفطار، مثل الزبادي أو الغرانولا التي تحتوي على نسبة عالية من السكر.

أجد أن تناول المويسلي -وهو خليط من الزبادي والفاكهة والمكسّرات والشوفان- يجعلني أبدأ يومي بشكل رائع للغاية. لكن هذا رأيي فحسب. إذا كنت ممن يتناولون وجبة الإفطار، استمر في ذلك، ولكن تأكّد فقط من اختيار الأطعمة الصحية. وإذا لم تكن منهم، فلا تقلَق. أفضل ما توصلنا إليه من المعرفة العلمية يشير إلى أنك بخير في كلتا الحالتين.

 

هذا المقال مترجَم عن vox.com ولقراءة المادة الأصلية زوروا الرابط التالي.