fbpx

ثورة “تليغرام” في إيران

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

بعد التحرك الأخضر الإيراني الذي وقعت أحداثُه عامَ 2009، وكان محاولة احتجاجية فاشلة لقلب الانتخابات الرئاسية المسروقة، تلقتْ المؤسسة السياسية الإيرانية درساً قاسياً، مفاده، “لا تفقد السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي”. ففي الأيام التي سبقت الانتخابات، حجبوا موقعَي التواصل الاجتماعي، “فيسبوك” و”تويتر”، مما ساعد في اكتساب الفصائل الإصلاحية قوة دافِعة، وفي الفترة التي سبقت الانتخابات في عام 2013، أصبح خنق حركة الإنترنت الطريقة المفضلة لضمان السيطرة على أي إثارة سياسية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد التحرك الأخضر الإيراني الذي وقعت أحداثُه عامَ 2009، وكان محاولة احتجاجية فاشلة لقلب الانتخابات الرئاسية المسروقة، تلقتْ المؤسسة السياسية الإيرانية درساً قاسياً، مفاده، “لا تفقد السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي”. ففي الأيام التي سبقت الانتخابات، حجبوا موقعَي التواصل الاجتماعي، “فيسبوك” و”تويتر”، مما ساعد في اكتساب الفصائل الإصلاحية قوة دافِعة، وفي الفترة التي سبقت الانتخابات في عام 2013، أصبح خنق حركة الإنترنت الطريقة المفضلة لضمان السيطرة على أي إثارة سياسية.
لكن رغبة الإيرانيين في التواصل مع بعضهم البعض لم تنقضِ، فسمحت الحكومةُ بانتشار منصة أخرى، “تليغرام”، Telegram، وهي خدمة مرتبطة بهواتف المستخدِمين لتبادل الرسائل الفورية تتيح لهم رفع المقاطع المرئية والصور والملفات الأخرى بسهولة ويُسر. من السهل المبالغة في تأثير التكنولوجيا على التعبئة الجماهيرية كتلك التي حدثت في التحرك الأخضر الإيراني عامَ 2009. كان عدد قليل من الإيرانيين على “تويتر” في ذلك الوقت. ولكن هذه هي الطريقة التي شهد بها بقيةُ العالم هذه الاحتجاجات، لدرجة أن الانتفاضة أُطلق عليها وصفاً مُضلِّلاً هو أول “ثورة على تويتر” في العالم. أما اليوم، فإن الآلاف من الإيرانيين يتظاهرون ضد النظام في المدن في جميع أنحاء البلاد، وهم يرددون شعارات راديكالية لم يكن من الممكن تصورها قبل عقد من الزمان، فليس إذن من قَبيل المبالغة القولُ إن هذه التكنولوجيا تلعب دوراً محورياً في إتاحة المجال للأشخاص لتنظيم المعلومات وتبادلها بين بعضهم البعض وتنبيه العالم الخارجي.
ومنذ عام 2009، أصبح الإيرانيون خبراء في تجنب الرقابة والتحايل على الضوابط الحكومية. وأصبح “تليغرام”، المتاح خارج شبكة “فلترة الإنترنت” في إيران ومع أدائه العالي في سرعات الإنترنت المنخفضة، عاملاً قوياًّ فريداً واسع الانتشار في التواصل ونشر المعلومات ودخل في صراع بين المستخدِمين وأولئك الذين يحاولون السيطرة عليهم. من السهل تخزين الملفات الكبيرة، مثل المقاطع المرئية، ومشاركتها على تلك المنصة. كذلك يعمل بشكل جيد مع توجُّه الكتابة الفارسية من اليسار إلى اليمين. ويوفر القدرة على تطوير برامج بوتات وملصقات باللغة الفارسية (كالميمات أي الصور المرِحة المتبادَلَة في الأحاديث) على رأس واجهة مبسطة. وعلى النقيض من “تويتر”، يستخدم ملايين الإيرانيين تطبيق “تليغرام” في حياتهم اليومية، حوالي 40 مليون مستخدم شهرياً في بلد يصل تَعدادُ مستخدِمي الإنترنت فيه إلى 45 مليون مستخدمٍ عموماً، وفقاً لأحدث إحصاءات الاتحاد الدولي للاتصالات،.ITU وغالباً ما يعتمدون على دردشات مجموعة “تليغرام” الخاصة للبقاء على اتصال مع الأصدقاء أو العائلة، أو يتلقون أخبارهم من مصادر الأخبار الفارسية المحلية والخارجية على القنوات العامة للمنصة، أو يشتركون في تحديثات حركة المرور أو الطقس أو التسوق أو تحديثات الترفيه من الأحياء المجاورة. (يستخدم العديد من الإيرانيين أيضاً تطبيق “إنستغرام”، بما يقدر بنحو 20 مليون مستخدم إيراني). مِن ثَم لم يكن من المستغرب أنه بعد سنوات من السماح لتطبيق “تليغرام” و”إنستغرام”، بالانتشار دون رقابة، أنْ بدأ النظام في تصفية هذه المنصات بمجرد اكتساب بعض الاحتجاجات قوةً، بحُجة أن ذلك أمر “مؤقت”، و”للحفاظ على السلام”، وفقاً للتلفزيون الرسمي الإيراني.
من المحتمل أن الملايين من الإيرانيين قد تبادلوا معلومات تخريبية ظانّين خطأً أنهم يفعلون ذلك بمأمنٍ
كانت السلطات الإيرانية تناقش نهجَ عدم تدخل البلاد نسبياًّ في تطبيق “تليغرام”، وهي شركة منتشرة عالمياً مسجلة في المملكة المتحدة منذ عام 2015. وفي عدة مناسبات، أعلنت الحكومة الإيرانية عن تعاونها مع الشركة، وهو أمر نفَتْ معظمَه شركةُ “تليغرام” فيما بعد. ومع ذلك، كشفت “تليغرام” في يوليو/ الماضي أنها قد أنشأت شبكات توصيل المحتوى، CDN، لتبادل المحتوى على القنوات العامة، في إيران. وبالنظر إلى مدى اعتماد الإيرانيين على المنصة، فقد طالَعوا هذا الخبر بشيء من الحذر. وبعد فوات الأوان، تبين أن ذلك كان بداية تراجع التعاون بين “تليغرام” والحكومة الإيرانية.
أحد الأسباب التي تدعو إلى القلق، أن “تليغرام”، لا توفر نظام التشفير من طرف إلى طرف افتراضياًّ لدردشاتها. وحتى عندما يقوم المستخدمون بتمكين خاصية “دردشة سرية” في التطبيق، فإنهم يستخدمون بروتوكول التشفير الذي انتقده خبراءُ التشفير واعتبروه تشفيراً غيرَ آمن، مما يشير إلى أن الملايين من الإيرانيين على الأرجح يتبادلون معلومات تخريبية ظانّين خطأً أنهم يفعلون ذلك بمأمنٍ. في يناير/ كانون الثاني 2016، كان العديد من الصحافيين الإيرانيين قد اختُرِقَت حساباتهم من خلال هجمات الرسائل القصيرة SMS. وأثارت إزالة “تليغرام” ملصقات السِّباب باللغة الفارسية بناءً على طلب من الحكومة الإيرانية مزيداً من المخاوف بشأن الرقابة.
هذه المخاوف بدت مبررة تماماً عندما أغلقت “تليغرام”، قناة عامة لـ “آمد نيوز”،AmadNews ، في 30 ديسمبر/ كانون الأول، وهي وسيلة الإعلام الشعبية التي يتابعها أكثر من 700 ألف مُتابع على المنصة. طلب وزير الاتصالات والمعلومات الإيراني محمد جواد أزاري جهرومي، من “تليغرام” فرض الرقابة على القناة، “لأنها تحض على سلوك الكراهية واستخدام قنابل المولوتوف والانتفاضة المسلحة والاضطرابات الاجتماعية”. وسرعان ما أعلن بافيل دوروف، أحد مؤسسي الشركة، عن امتثاله للطلب، مستشهداً بـ “شروط الخدمة” للمنصة فيما يخص القنوات العامة.
كان هذا انتصاراً لبعض العناصر السياسية داخل النظام الإيراني، وظل المتشددون يضغطون لأشهر عدة على “تليغرام” لحذف القناة، التي تدعي التحدث باسم الحركة الخضراء بهدف “كشف فساد النظام ونشاطاته السرية”.
قوبلت تحركات تليغرام لفرض الرقابة على “آمد نيوز” بِرَد فعل سريع من المدافعين عن الحقوق الرقمية، بما في ذلك إدوارد سنودن، ولكن الشركة لم تظهر ما يكفي من الشفافية فيما يتعلق بقرارها. على سبيل المثال، عندما ضغط الناشط الحقوقي الإيراني ناريمان غريب على دوروف لإظهار كيف انتهكت “آمد نيوز” شروط خدمة “تليغرام”، لم يقدم دوروف أي توثيق واضح، قائلاً فقط إن “تليغرام” اتخذت “إجراءً حاسماً”. ودافع دوروف عن تصرفات الشركة من خلال الإشارة إلى أنها رفضت الامتثال لطلب آخر لإزالة قناة “ساداي ماردوم”، SadaieMardom، التي فتحها مُديرو “آمد نيوز” لتحُل مَحل القناة الأصلية التي حُذِفت.
سيكون على المديرين التنفيذيين في “تليغرام” أن يتخذوا قراراً هاماًّ
بينما اكتسبت الاحتجاجات قوة وانتشاراً، فإن مقدمي خدمات الإنترنت الإيرانيين، الذين يشكلون البنية الأساسية في قيادة وزارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمرشد الأعلى، يضعون ضوابط على إمكانية دخول الإنترنت. وقد كافح الملايين من الإيرانيين، بحسب أساليب مزوديهم، من أجل الوصول إلى البيانات المتنقلة وإلا وجدوا أنفسهم منفصلين عن أي حركة على شبكة الإنترنت الأجنبية. واعتبارا من الأول من شهر يناير/ كانون الثاني، كانت هناك أيضاً تقارير تفيد باضطراب الاتصالات المنزلية، مثل الوصول المحلي فقط، وهو ما يثير المخاوف من أن الشبكة الوطنية للإنترنت التي تم الحديث عنها منذ فترة طويلة والمعروفة باسم “الإنترنت الحلال”، سوف تدخل حيز التنفيذ أخيراً.
وحينما تنتهي الحكومةُ من تقييد إمكانية الوصول إلى الإنترنت، فمن المرجح أن تعيد النظر في قرارات التصفية. وقد أعلن الوزير جهرومي بالفعل على موقع “تويتر”، (الذي حُظِر في إيران منذ عام 2009) أن أولئك الذين يقولون إن الرقابة الأخيرة على منصات التواصل الاجتماعي دائمة إنما يثيرون القلاقل في المجتمع.
فإذا بقي الوزيرُ وفياًّ لكلمته، فإن المديرين التنفيذيين في “تليغرام”، سيكون عليهم أن يتخذوا قراراً هاماًّ، فهل سيرضخون لرغبة الحكومة الإيرانية في تقييد جميع مصادر المعلومات المستقلة، أو أنهم سيبقون على مسؤوليتهم وشفافيتهم تجاه مستخدمي التطبيق، الذين يعتمدون على المنصة بغرض التواصل بِحُرية؟ وهل سيطورون أدوات أفضل وأكثر أماناً للسماح للناس بالتحايل على الرقابة، أم أنهم سيتعاونون مع نظام يسعى إلى تقييد مستخدمي الإنترنت ومراقبتهم؟ إن شركة “تليغرام” في موقف لا تحسدها عليه أي شركة تكنولوجيا أُنشئت في التاريخ، ولديها التزام أمام شعب إيران في لحظة من الخطر الداهم. فهل ستستخدم الشركة قوتها بحكمة وإنسانية؟

كاتب المقال: ماهسا أليمارداني: باحث في مجال الإنترنت يركز على حقوق الإنسان والتكنولوجيا في إيران، ويعمل مع منظمة “ARTICLE19” غير الربحية في مجال حرية التعبير التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراًّ لها، وطالب دكتوراة في الفلسفة في معهد أكسفورد للإنترنت بجامعة أكسفورد.

هذا الموضوع تم اعداده وترجمته عن موقع “POLITICO” لمراجعة المقال الاصلي زوروا الرابط التالي.

[video_player link=””][/video_player]

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.