fbpx

هل سبق لك أن فكّرت في قتل شخص ما؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هل سبق لك أن فكّرت في قتل شخص ما؟ لا أعني أنك خطّطت لفعل ذلك، بالضرورة، ولكن تصوّرت في مخيلتك أن تتخلّص من شخص متنمّر، أو مديرك في العمل، أو صديقك الحميم، في محاولة بائسة منك للبحث عن طريقة للتنفيس عمّا بداخلك؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

هل سبق لك أن فكّرت في قتل شخص ما؟ لا أعني أنك خطّطت لفعل ذلك، بالضرورة، ولكن تصوّرت في مخيلتك أن تتخلص من شخص متنمّر أو مديرك في العمل أو صديقك الحميم، في محاولة بائسة منك للبحث عن طريقة للتنفيس عمّا بداخلك؟

أنا لا أشجّعك على قضاء وقت طويل في الخوض في حالات الرفض والصدامات التي ربما أفضت إلى مثل هذه اللحظة الغاضبة، لكنني أريد منك أن تفكّر في تلك الأمور باقتِضابٍ. ولن أطلب منك أيضاً أن توضح جميع الأسباب الوجهية بكل تأكيد التي أجّجت بداخلك تلك الرغبة في قتل – أو ربما مجرد لَكم! – الشخص الآخر الذي له صلة بالأمر، ولكنني أعتقد أن هذا الأمر خطر في بال معظم الناس.

لكن نصيحتي لك هي أن تتوقف عن فعل ذلك الآن، وألا تتمادى في هذا الأمر. إذ إنك لا تريد أن تُطيل التفكير فيه (أو أن تجترّ).

في اللغة العامية، قد يحمل لفظ الاجترار معنى لطيفاً: وهو أن تطيل التفكير في أمر ما بعمق. بينما في علم النفس، لا يحمل معنى الاجترار القدر ذاته من المسالمة. إذ إنه يتميز بأفكار ذات طابع تداخلي، بل قد تكون أفكاراً جامحة، تعيد بدورها الشخص إلى الشعور بضغوط معينة أو تجربة سلبية مرّ فيها، الأمر الذي أشارت إليه الجمعية الأميركية لعلم النفس، بوصفه أحد العوامل المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالإصابة بالاكتئاب الحاد. بصورة نمطية، قد تساهم أشياء كثيرة في تحفيز الاجترار مثل التعرّض لصدمات نفسية سابقة، أو الإجهاد المزمن، أو السمات الشخصية العصبية. ووفقاً لبحث جديد، قد تكون هناك طريقة أخرى لإثارة الاجترار: ألا وهي أن تتصوّر في مخيلتك أنك تقتل شخصاً تكرهه حقاً.

قاد كاي تاك بون، وهو أستاذ مساعد في علم النفس في جامعة هونغ كونغ للتربية والتعليم، فريقاً بحثياً طلب من مجموعة تتألف من 138 شخصاً من الأميركيين البالغين، اختيار شخص يكرهونه بشدة. وطُلب من نصفهم أن يتخيلوا أنهم يقومون بفعل شيء عنيف لهذا الشخص (قد يصل ذلك إلى القتل، أو مجرد صفعة غاضبة). في حين طُلب من المشاركين الآخرين أن يتخيلوا أنهم يقومون بفعل محايد تجاه هذا الشخص. أشارت النتائج إلى أن أولئك الذين تصوروا في مخيلتهم القيام بأفعال عدوانية كانوا أكثر عرضة للاجترار، الأمر الذي أحط من تصوّرهم لرفاهتهم. وانتهت الدراسة إلى وجود علاقة بين التفكير في إيذاء شخص ما حتى وإن كان عدواً لدوداً، وشعور الأشخاص بالحزن والإحباط، على رغم أن الفكرة قد تكون جذابة خلال مرحلة معينة.

يقول دينيس ريدي -أستاذ مُشارك في مركز أبحاث العنف المُتبادل التابع لجامعة ولاية جورجيا- إن هناك أدلة علمية كثيرة تثبت وجود هذه العلاقة، وأضاف أن “الأشخاص الذين لديهم خيالات عدوانية، أكثر احتمالاً لأن يُصبحوا عدوانيين، سواء كان عدواناً جسدياً أو مجرد شعور بالانفعال أو أن تتسم شخصيتهم بالعنف. كما أنهم أشخاص سلبيون أكثر من غيرهم، وعلى الأرجح أن لهم تأثيراً سلبياً على من حولهم، ويعانون من انخفاض الرفاه الذاتي”.

تؤكد الدراسة التي أجراها بون وفريقه أن التخيلات العدوانية نفسها تزيد شعور المرء سوءاً، لكن ريدي لم يصل إلى هذا الحد، بسبب ما يعتبره نقاط ضعف في النهج الذي اتبعته الدراسة. إذ لم يُحدد مستوى الرفاه الذاتي للمشاركين قبل أن يُطلب منهم التخيل، على سبيل المثال، فقد استبعد أكثر من عشرة مشاركين من نتائج الدراسة لأنهم إما لم يتمكنوا من اختيار شخص يكنون له العداء، أو لم يتمكنوا من استثارة تصورات عنيفة في مخيلاتهم. (يبدو هؤلاء الأشخاص رائعين).

 التخيلات العدوانية في حد ذاتها تُعتبر شكلاً من أشكال الاجترار. قد تساهم أشياء كثيرة في تحفيز الاجترار مثل التعرّض لصدمات نفسية سابقة، أو الإجهاد المزمن، أو السمات الشخصية العصبية

يقول ريدي إن هناك مشكلة أخرى هي أن التخيلات العدوانية في حد ذاتها تُعتبر شكلاً من أشكال الاجترار. وكما تشير دراسة بون، قد يكون من الصعب التوقف عن الاجترار بمجرد بدئه. لذا فإن حث شخص ما على القيام بذلك عادة ما يؤدي إلى استمرار الاجترار وآثاره السلبية. يقول ريدي “أي شخص يُطلب منه أن يتصور في مخيلته القيام بأفعال عنيفة لشخص يكرهه… سيتعرض لتأثير سلبي أكبر في اللحظات التالية”. (لم يستجب بون لطلبات التعليق).

على رغم أن وجود صلة بين التخيلات التصويرية للعنف والشعور بالسوء قد يبدو منطقياً، إلا أن أحداً لم يفترض وجود هذه الصلة خلال معظم تاريخ علم النفس الحديث. وبدلاً من ذلك، فضّل علماء النفس نظرية التنفيس، التي تشير إلى أن تنفيس الغضب، أو الانغماس في فكرة اجترارية، يمكن أن يساعد الشخص على التخلّص من المشاعر السلبية من خلال التفكير بها والتحدّث عنها. ومع ذلك، خلال العقود القليلة الماضية، لم تكن نظريّة التنفيس متجذرة في الأسس التي اتّبعها علماء النفس لفهم الميول العدوانية. في إحدى الدراسات المشكوك في صدقيّتها، استُفز المشاركون في الدراسة بتوجيه انتقادات لهم، ثم طلب منهم ضرب كيس ملاكمة أثناء التفكير في الشخص الذي انتقدهم. وبالمقارنة مع المجموعة المرجعية، فقد شعرت المجموعة التي قامت بالضرب بمزيد من الغضب بعدما انتهى أفرادها من التنفيس عما بداخلهم. إذا كانت نفسك مفعمة بالغضب، فلن يحدث التنفيس عن القليل منه فارقاً.

لا يبدو أن الاجترار فشل فحسب باعتباره استراتيجية لمواجهة الغضب وتحفيز الاكتئاب، ولكن كما يشير ريدي، فإن هذا النوع من الاجترار العنيف الذي تناولته دراسة بون يرتبط بمستويات مرتفعة من العنف الحقيقي. كما أن المرضى الذين يتلقون علاجاً للاضطرابات النفسية الذين يتخيلون العنف، هم أكثر عرضة للتصرف بعدوانية، وينصح الباحثون بهذا العلاج لمساعدتهم على التركيز على ردع التفكير الاجتراري. وفي حين أنه ليس من السهل صرف انتباه الفرد عن الأفكار التداخلية أو الصادمة، فإنه يمكن تحقيق ذلك في أحيان كثيرة عبر ممارسة أنشطة سلمية مُشتتة، أو التقنيات التي تبعث الاسترخاء، مثل التأمل. قد لا يساعدك الانضمام إلى تدريبات الملاكمة، على مقاومة رغبتك في صفع أخت زوجتك، لكن ممارسة رياضة الجري قد يكون لها هذا التأثير.

عند اختبار معايير التفاعل النفسي، يمكن أن يفصل المرء بسهولة هذا الأمر، عن هوى التجربة البشرية والنظر إليه بشكل مجرد. فقد دُفع بالمشاركين في دراسة بون إلى استثارة غضبٍ قاتل، لكن من هم الأشخاص الذين لديهم تخيلات عدوانية بشكل منتظم في المقام الأول، ولماذا لديهم مثل هذه التخيلات؟ يعتقد ريدي أن هذه التخيلات، مثل الاجترار والعدوان الجسدي، قد تكون عارضاً لمشكلة ما أكثر من كونها سبباً.

يقول ريدي “لستُ متأكداً أن التخيلات الغاضبة هي التي تدفع الأشياء الأخرى”، وأضاف “من الممكن أن تكون هذه الأشياء نتائج لشخصية كامنة أو التعرض لأمر ما في مرحلةٍ مبكرة. أعتقد أنها عواقب لشيء آخر”.

أماندا مول

هذا المقال مترجم عن موقع The Atlantic ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي

إقرأ أيضاً:
هل تحتاج إلى العلاج بالبكاء؟
ما الذي تعنيه لغة الجسد لكل شخص؟

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 27.03.2024

“بنك عودة” في قبضة الرقابة السويسرية… فما هو مصدر الـ 20 مليون دولار التي وفّرها في سويسرا؟

في الوقت الذي لم ينكشف فيه اسم السياسي الذي قام بتحويل مالي مشبوه إلى حساب مسؤول لبناني رفيع المستوى، والذي امتنع بنك عودة سويسرا عن ابلاغ "مكتب الإبلاغ عن غسيل الأموال" عنه، وهو ما ذكره بيان هيئة الرقابة على سوق المال في سويسرا "فينما" (FINMA)، تساءل خبراء عن مصدر أكثر من 20 مليون دولار التي…