fbpx

الحنة.. مهنة اللاجئات السودانيات في مصر

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تستتقبلكم هذه الجملة، التي ترددها رسّامات الحنة السودانيات، في منطقة مسجد الحسين في القاهرة. فعلى أرصفة ميدان المنطقة، تفترش سيدات سودانيات جهتيه، يرسمن الحنة للفتيات والسيدات اللاتي ترغبن في نقش رسم ما على جسدهن. وغالبية الرسامات السودانيات في الحسين صديقات، أو تعرفن بعضهن البعض.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“حنة يا بنات”.
تستتقبلكم هذه الجملة، التي ترددها رسّامات الحنة السودانيات، في منطقة مسجد الحسين في القاهرة. فعلى أرصفة ميدان المنطقة، تفترش سيدات سودانيات جهتيه، يرسمن الحنة للفتيات والسيدات اللاتي ترغبن في نقش رسم ما على جسدهن. وغالبية الرسامات السودانيات في الحسين صديقات، أو تعرفن بعضهن البعض.
تأتي آلاف السيدات من السودان ومن جنوب السودان إلى مصر، أملاً في أن يجدن بعض الأمان، ومصدر دخل لأسرهن، وربما محطةً على طريق لجوء، يؤمل له أن ينتهي في أوروبا. لكن بعد وصولهن إلى مصر تتعرض هؤلاء النساء اللاجئات لممارسات عنصرية مختلفة في حياتهن اليومية.
لم يأتين إلى مصر بهدف السياحة، بل أتين هرباً من الحرب الدائرة، خصوصاً في دارفور وجنوب كردفان، ومن الفقر ومن الحياة الصعبة في بلدهن.
اللاجئات السودانيات المنفصلات عن الشريك، والمقيمات في القاهرة، يتعايشن مع الكثير من العنف اللفظي والجسدي والرمزي. وفي الوقت نفسه تجدن أنفسهن مضطرات للعمل بشكل يومي، ومضني، حتى يستطعن إعالة عائلاتهن وذويهن. وبالرغم من هذا الوضع المنهك، فإن كثير من السيدات سودانيات أضفن ثراءً وتنوعاً على ممارسة فنية ثقافية قديمة في مصر والسودان، وهي التجمل بالحناء، أو ما يسمى في مصر بالحنة.
تبرع السودانيات في هذه المهنة أكثر من غيرهن، فهي هواية قبل أن تكون مهنةً، ويتوارثنها عن جداتهن منذ الطفولة. وتصنع الرسامات الحنة في منازلهن، باستخدام مواد مثل الليمون والشاي والأعشاب، أو البهارات والزيوت الطبيعية، وفي غالبية الأحوال لا تفضل الرسامات الكشف عن أسرار “الصنعة”.
نوال واحدة من هؤلاء السيدات. جاءت إلى مصر من منطقة جبال النوبة المضطربة منذ عقود، عام 2013 مع أولادها الثلاثة. ومنذ ذلك الوقت، عملت في أماكن عدة ووظائف كثيرة، منها تنظيف المنازل. لكن نوال وجدت راحتها أكثر في العمل في رسم الحنة في منطقة مسجد الحسين. العمل في هذه المنطقة لا يخلو من مشاكله اليومية. إذ هناك حضور كثيف وزاجر لرجال الشرطة، وهم يطاردون رسامات الحنة كثيراً. وسبق أن قُبض على نوال الخريف الفائت، بعد أن تشاجرت مع بائعة جوالة مصرية، شتمت نوال قائلة: “أنت مثل العبيد”.
وبعد اعتقالها، وقبل إخلاء سبيلها، احتفظ قسم الشرطة بأوراق نوال الرسمية، لذا، لا تترك منزلها كثيراً، وإذا فعلت فتكون حريصةً وحذرة حتى تنجح في استخراج أوراق رسمية بديلة.
تقول نوال لـ”درج” إنها تعاني كثيراً من ممارسات عنصرية، وإنها تعبت من العمل المرهق، والأسعار التي لا تكف عن الارتفاع، بينما يتلاشى إحساسها بالأمان. وتضيف أنها مستمرة في هذه البلاد وهذه المهنة من أجل أولادها، الذين التحقوا بالمدارس وينتظرونها في البيت كل ليلة حتى تعود من عملها.
تعلمت نوال رسم الحنة من نساء أكبر منها في عائلتها، كغيرها من بنات السودان. وتقول: “كنت أتأمل رسومات خالاتي وعماتي وأحاول إعادة رسمها… كنت أرسم في كل مكان وعلى كل شيء”.
يقف الشبان والشابات في خان الخليلي لشراء ما يريدون من رسوم حناء، التي يراوح سعرها بين 10 و20 جنيهاً (نحو نصف دولار إلى 1.1 دولار)، بحسب مساحة الرسم، ونوع الحنة المستخدم. وكلما كانت الحنة داكنة كلما ارتفع سعرها.
من ناحيتها، اعتادت نجاة  السفر بين مصر والسودان باستمرار، وهي الآن مقيمة في القاهرة منذ نحو ستة أشهر، وذلك بعد أن حاولت الإقامة في أسوان. تقول: “الشغل هنا أكثر”. تذهب نجاة إلى منطقة الحسين بشكل يومي تفترش مكانها وتنتظر المقبلات عليها لنقش رسوم الحنة.  وأحياناً تعمل نجاة حتى الواحدة أو الثانية صباحاً، لكي تؤمن مصدر دخلٍ يكفيها.
أما فاطمة، وهي أيضاً سودانية تعيش في مصر، فاضطرت إلى التوقف عن العمل في الحسين بسبب معاناتها من مشاكل صحية، تصيبها بنوباتٍ من الإرهاق الدائم وضيق التنفس. وهي تعتمد الآن فقط على معونة شهرية من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
مرض فاطمة اضطرها أن تترك رسم الحنة في الحسين وملازمة المنزل. لكنها تعاني أيضاً من عنصرية بالغة من المحيطين. وتحكي لـ”درج” أنها استدعيت إلى مدرسة ابنها، وقالوا لها إنه كسر ماسورةً، و إذا امتنعت عن دفع ثمنها فلن يستطيع الاستمرار في الدراسة. وتقول: “عندما أخبرت المسؤول المختص في المدرسة أنني لا أملك المال، قال لي: ما تروحي بلدك أو روحي في ستين داهية. وقالت لي مدرّسة أخرى: أنتم جئتم من السودان قرفتونا”.
ترعى فاطمة ابنها وحدها، ويتقاسمان المنزل مع امرأة سودانية أخرى، لا تتواجد غالبية أيام الأسبوع في المنزل لأنها عاملة منزل مقيمة مع أصحاب العمل.
وتشير إلى أنها تعاني من الاكتئاب، ونصحتها طبيبة ببعض الأقراص لعلاجه، وتتحدث عن شعورها بألم شديد حين ترى صوراً من ماضيها في السودان.  [video_player link=”https://youtu.be/5g5iIBRGJ60″][/video_player]

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!