fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

15% من اللبنانيين محرومون من التنقل والعمل… مبادرة تتعهّد عمراناً مُلائماً لذوي الاحتياجات

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“أسير جسدي”… تعبير يراه وسام يختصر حالته الصحيّة… أحد أبرز العوائق التي تواجه ذوي الإعاقة في لبنان، هو عدم توافر المعايير البنائية المناسبة، انطلاقاً من غياب المصاعد والأرصفة ومواقف السيارات الملائمة وصولاً إلى المراحيض المجهّزة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“أسير جسدي”… تعبير يراه وسام يختصر حالته الصحيّة. 

وسام (25 سنة) شاب لبناني من ذوي الاحتياجات الخاصة، فقد قدرته على السير عندما كان في الثانية عشرة من عمره نتيجة مرضٍ وراثي. أكمل وسام دراسته وتخرّج من كلية التجارة والمحاسبة بمعدلٍ عالٍ. 

الحياة اليومية في لبنان لمن هم في مثل حالة وسام، صعبة، فالخدمات العامة شبه منهارة ولم تكن يوماً سهلة، “كل يوم كنت فتّح عيوني وأعرف إنه في صعوبات ناطرتني، من نزلة درج لنظرة دونية وغيره… أصرّيت إني إتحدّى حتى أوصل لوقت إقدر أنتج وما كون هم على أهلي، بس كل اللي عملته راح، مش لأني ضعيف لأنه ما إلي مكان بهالبلد…”، يقول وسام. 

لا مكان لوسام، ولغيره ممن يُعانون من إعاقة جسدية في لبنان فعلاً. كل الشركات التي تقدّم وسام للعمل فيها رفضته، فحتى إن قرّر صاحب المؤسسة ضمّه إلى الفريق نسبةً إلى اجتهاده وشخصيته الجذابة، تقف اللوجستيات حاجزاً أمام عمله، يُخبرنا وسام.

أحد أبرز العوائق التي تواجه ذوي الإعاقة في لبنان، هو عدم توافر المعايير البنائية المناسبة، انطلاقاً من غياب المصاعد والأرصفة ومواقف السيارات الملائمة وصولاً إلى المراحيض المجهّزة. 

في هذا الإطار، أطلقت نقابة المهندسين “مرصد البيئة المبنية الدامجة”، بالتعاون مع “الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً” في 28 أيلول/ سبتمبر في نقابة المهندسين في بيروت. وذلك لتعزيز الحياة الدامجة للأشخاص المعوقين، نتيجة عدم توفّر بيئة عمرانية دامجة ومنظّمة، تسهّل تحركات الأشخاص المعوقين اللبنانيين.

ما الهدف من المرصد؟

أتى طرح مجموعة من التدابير العمليّة الجديدة في الخرائط الهندسية، بعد عهود طويلة من انعدام تصميم المساحات الآمنة، وعدم اتخاذ أي خطوات إصلاحيّة لتعزيز وتسهيل الحياة الدامجة للمعوقين، لا سيما أن البيئة العمرانية تعتبر العامل الأول الأساسي في إدماجهم في المجتمع، وصعوبة تنقلهم تؤدي إلى تفاقم حالتهم الجسدية والنفسية معاً. يسعى المرصد إلى تفعيل مساحات آمنة للمعوقين في الوصول والتحرك داخل المبنى، وسهولة إخلاء المباني في حالات الطوارئ، وإمكانية استعمال وسائل النقل العام، وتأمين المنحدرات الخاصة، ومعالجة الأرضيات، وترتيب ممر المشاة، ووضع الإشارات الضوئية المستدامة، وتأمين المنحدرات الميكانيكية، ووضع المعدات الأساسية في المراحيض والأحواض، وغيرها لمساعدتهم في التكيف وضمان حقوقهم. 

رئيسة “الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً” سيلفانا اللقيس

وفق رئيسة “الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً” سيلفانا اللقيس، الهدف الأساسي للمرصد هو “التطبيق الفعلي والجدي للمرسوم الصادر عام 2011 والذي يُحدد معايير قانون البناء لمصلحة ذوي الاحتياجات الخاصة”. إذ إن هذا المرسوم، الذي يُعدّ خطوة تطبيقية لقانون 220/2000 غير مُفعّل حتى الآن، وما المرصد، وفق اللقيس، إلا “وسيلة لضبط التفلّت من الالتزام بالمرسوم ورصده”. تشرح سيلفانا لـ”درج” أن رُخض البناء ستمرّ عبر ذلك المرصد، الذي سيُدقق فيها، كما سيُحدّد توزعها الجغرافي، وستكون النتائج مُتاحة “أونلاين” في الفترة المقبلة، في محاولة لتوضيح التوزّع الجغرافي للبيئة المبنية الدامجة. 

“من حقّي أن أنتخب”…

“بغض النظر عن نسبة المعوقين في لبنان، ما نسعى إلى قوله هو أن كل فئات المجتمع ستكون مستفيدة من البيئة الدامجة”، تقول سيلفانا ضاربةً المثل بالانتخابات النيابية الماضية. في ذلك الحين، حُرم آلاف الأشخاص من المشاركة في الاستحقاق الانتخابي لمجرّد أن مراكز الانتخاب، أي المدارس، لم تكن بأغلبها مجهّزة، ليس لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة وحسب، وإنما للنساء الحوامل، وللعجزة ولأولئك الذين اصطحبوا أطفالهم في العربات.   

“لم أنتخب على رغم حضوري في الصباح الباكر إلى المركز، كنت مصراً على حقي بالاقتراع لكنني عجزتُ عن الوصول إلى الطبقة الثانية، ولم أجد من يُساعدني”، يقول توفيق وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، مشدداً على إصراره على الانتخاب لأنه يؤمن بأن من في السلطة “لا يعكس أجندته”. 

وفق أرقام “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان”، يبلغ عدد الأشخاص المعوقين 15 في المئة، وبحسب المؤشرات الدولية والأبحاث، فإن 45 في المئة من الأشخاص ما فوق 60 سنة، هم عرضة للإصابة بنوعٍ أو أكثر من الإعاقة، وبشكلٍ مفاجئ. ما يعني أن نسبة الأشخاص المعوقين ليست محصورة بـ15 في المئة، بل تتعدى لتشمل أكثر من نصف المجتمع. وهنا تظهر ضرورة تهيئة البيئة المناسبة والملائمة لهم والمُراعية لظروفهم.

ولا ينحصر مفهوم البيئة الدامجة في تحسين الطرق للمعوقين، أو وضع بعض الإضافات على الأرصفة، إنما يتوسع ليصل إلى دمج المعوقين في كل الإدارات العامة والخاصة، وفق اللقيس. وبالتالي، فإن تسهيل حياتهم المهنية يؤدي إلى مضاعفة قدراتهم العقلية، وزيادة تحفيزهم على الإنتاج. وهنا يظهر تأثير البيئة الدامجة في تحسين الإقتصاد، وزيادة الإنتاجية، وخفض نسبة البطالة، والأهم، تحرير أكثر من 15 في المئة من اللبنانيين من حالة الأسر والجمود التي وُضعوا فيها عنوةً. 

10.10.2022
زمن القراءة: 3 minutes

“أسير جسدي”… تعبير يراه وسام يختصر حالته الصحيّة… أحد أبرز العوائق التي تواجه ذوي الإعاقة في لبنان، هو عدم توافر المعايير البنائية المناسبة، انطلاقاً من غياب المصاعد والأرصفة ومواقف السيارات الملائمة وصولاً إلى المراحيض المجهّزة.

“أسير جسدي”… تعبير يراه وسام يختصر حالته الصحيّة. 

وسام (25 سنة) شاب لبناني من ذوي الاحتياجات الخاصة، فقد قدرته على السير عندما كان في الثانية عشرة من عمره نتيجة مرضٍ وراثي. أكمل وسام دراسته وتخرّج من كلية التجارة والمحاسبة بمعدلٍ عالٍ. 

الحياة اليومية في لبنان لمن هم في مثل حالة وسام، صعبة، فالخدمات العامة شبه منهارة ولم تكن يوماً سهلة، “كل يوم كنت فتّح عيوني وأعرف إنه في صعوبات ناطرتني، من نزلة درج لنظرة دونية وغيره… أصرّيت إني إتحدّى حتى أوصل لوقت إقدر أنتج وما كون هم على أهلي، بس كل اللي عملته راح، مش لأني ضعيف لأنه ما إلي مكان بهالبلد…”، يقول وسام. 

لا مكان لوسام، ولغيره ممن يُعانون من إعاقة جسدية في لبنان فعلاً. كل الشركات التي تقدّم وسام للعمل فيها رفضته، فحتى إن قرّر صاحب المؤسسة ضمّه إلى الفريق نسبةً إلى اجتهاده وشخصيته الجذابة، تقف اللوجستيات حاجزاً أمام عمله، يُخبرنا وسام.

أحد أبرز العوائق التي تواجه ذوي الإعاقة في لبنان، هو عدم توافر المعايير البنائية المناسبة، انطلاقاً من غياب المصاعد والأرصفة ومواقف السيارات الملائمة وصولاً إلى المراحيض المجهّزة. 

في هذا الإطار، أطلقت نقابة المهندسين “مرصد البيئة المبنية الدامجة”، بالتعاون مع “الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً” في 28 أيلول/ سبتمبر في نقابة المهندسين في بيروت. وذلك لتعزيز الحياة الدامجة للأشخاص المعوقين، نتيجة عدم توفّر بيئة عمرانية دامجة ومنظّمة، تسهّل تحركات الأشخاص المعوقين اللبنانيين.

ما الهدف من المرصد؟

أتى طرح مجموعة من التدابير العمليّة الجديدة في الخرائط الهندسية، بعد عهود طويلة من انعدام تصميم المساحات الآمنة، وعدم اتخاذ أي خطوات إصلاحيّة لتعزيز وتسهيل الحياة الدامجة للمعوقين، لا سيما أن البيئة العمرانية تعتبر العامل الأول الأساسي في إدماجهم في المجتمع، وصعوبة تنقلهم تؤدي إلى تفاقم حالتهم الجسدية والنفسية معاً. يسعى المرصد إلى تفعيل مساحات آمنة للمعوقين في الوصول والتحرك داخل المبنى، وسهولة إخلاء المباني في حالات الطوارئ، وإمكانية استعمال وسائل النقل العام، وتأمين المنحدرات الخاصة، ومعالجة الأرضيات، وترتيب ممر المشاة، ووضع الإشارات الضوئية المستدامة، وتأمين المنحدرات الميكانيكية، ووضع المعدات الأساسية في المراحيض والأحواض، وغيرها لمساعدتهم في التكيف وضمان حقوقهم. 

رئيسة “الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً” سيلفانا اللقيس

وفق رئيسة “الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً” سيلفانا اللقيس، الهدف الأساسي للمرصد هو “التطبيق الفعلي والجدي للمرسوم الصادر عام 2011 والذي يُحدد معايير قانون البناء لمصلحة ذوي الاحتياجات الخاصة”. إذ إن هذا المرسوم، الذي يُعدّ خطوة تطبيقية لقانون 220/2000 غير مُفعّل حتى الآن، وما المرصد، وفق اللقيس، إلا “وسيلة لضبط التفلّت من الالتزام بالمرسوم ورصده”. تشرح سيلفانا لـ”درج” أن رُخض البناء ستمرّ عبر ذلك المرصد، الذي سيُدقق فيها، كما سيُحدّد توزعها الجغرافي، وستكون النتائج مُتاحة “أونلاين” في الفترة المقبلة، في محاولة لتوضيح التوزّع الجغرافي للبيئة المبنية الدامجة. 

“من حقّي أن أنتخب”…

“بغض النظر عن نسبة المعوقين في لبنان، ما نسعى إلى قوله هو أن كل فئات المجتمع ستكون مستفيدة من البيئة الدامجة”، تقول سيلفانا ضاربةً المثل بالانتخابات النيابية الماضية. في ذلك الحين، حُرم آلاف الأشخاص من المشاركة في الاستحقاق الانتخابي لمجرّد أن مراكز الانتخاب، أي المدارس، لم تكن بأغلبها مجهّزة، ليس لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة وحسب، وإنما للنساء الحوامل، وللعجزة ولأولئك الذين اصطحبوا أطفالهم في العربات.   

“لم أنتخب على رغم حضوري في الصباح الباكر إلى المركز، كنت مصراً على حقي بالاقتراع لكنني عجزتُ عن الوصول إلى الطبقة الثانية، ولم أجد من يُساعدني”، يقول توفيق وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، مشدداً على إصراره على الانتخاب لأنه يؤمن بأن من في السلطة “لا يعكس أجندته”. 

وفق أرقام “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان”، يبلغ عدد الأشخاص المعوقين 15 في المئة، وبحسب المؤشرات الدولية والأبحاث، فإن 45 في المئة من الأشخاص ما فوق 60 سنة، هم عرضة للإصابة بنوعٍ أو أكثر من الإعاقة، وبشكلٍ مفاجئ. ما يعني أن نسبة الأشخاص المعوقين ليست محصورة بـ15 في المئة، بل تتعدى لتشمل أكثر من نصف المجتمع. وهنا تظهر ضرورة تهيئة البيئة المناسبة والملائمة لهم والمُراعية لظروفهم.

ولا ينحصر مفهوم البيئة الدامجة في تحسين الطرق للمعوقين، أو وضع بعض الإضافات على الأرصفة، إنما يتوسع ليصل إلى دمج المعوقين في كل الإدارات العامة والخاصة، وفق اللقيس. وبالتالي، فإن تسهيل حياتهم المهنية يؤدي إلى مضاعفة قدراتهم العقلية، وزيادة تحفيزهم على الإنتاج. وهنا يظهر تأثير البيئة الدامجة في تحسين الإقتصاد، وزيادة الإنتاجية، وخفض نسبة البطالة، والأهم، تحرير أكثر من 15 في المئة من اللبنانيين من حالة الأسر والجمود التي وُضعوا فيها عنوةً.