fbpx

تونس تدفن 11 رضيعاً بسبب “التعفّن”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

نريد أن نعرف، أبناؤنا أحياء أم أموات؟ لماذا تمنعوننا من الدخول؟ ما الذي تخفونه وراء هذه الأسوار؟ هكذا هتف أهالي الضحايا الرضع من أمام المستشفى الحكومي وسط العاصمة التونسية

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
أهالي الرضع ينتظرون أمام المستشفى

في تلك الليلة الباردة، كانت سخونة المشهد، تبث في الأرجاء أجواء حرب بوليسية بدأت لتوها. كانت سيارات الشرطة تتوافدُ أمام بوابة المستشفى كل خمس دقائق. في كل مكان صحافيون يحتجون على منعهم من الدخول، وآخرون مرابطون بالكاميرات حتى يصوروا كل شيء. رجل يمسكُ بطفليه الغالب عليهما النعاس والتعب، وآخر بملف ابنه الطبيّ، وأخرى تحاول التنفس، ويعلو صوتها فجأة: قلبي! ثم يرد الجميع الجملة ذاتها:

نريد أن نعرف، أبناؤنا أحياء أم أموات؟ لماذا تمنعوننا من الدخول؟ ما الذي تخفونه وراء هذه الأسوار؟

قلوب تحترق على أطفال أصحابها وأخرى تنتظر دورها

هكذا بدا المشهد من أمام المستشفى الحكومي وسط العاصمة التونسية، بعدما أذاعت وزارة الصحة العمومية بلاغاً مفاده تسجيل 11 حالة وفاة من الأطفال، في مركز التوليد وطب الرضيع في مستشفى الرابطة الحكومي يومي 7 و8 آذار/ مارس 2019.

لدى هؤلاء الأهالي أطفال حديثو الولادة في المستشفى، وقد سمعوا أن التعفنّ الذي طاول الرضّع المتوفين، وصل إلى أبنائهم أيضاً. التحقيقات بدأت والنتيجة غير حاسمة لكن هناك  معلومات عن تلوث المغذيات الوريدية التي تناولها الرضع .

أمام المستشفى حاولَ بعضهم الدخول، لكن من دون جدوى، حتى ذلك الرجل الذي استنجد بأخيه، عنصر الأمن الوطني الذي جاء خصيصاً من خارج العاصمة حتى يعاضد شقيقه في محنته المنتظرة… بقي خارجاً، فحتى “الواسطة” لم تنفعه للاطمئنان على صحة مولوده الثالث.

وخلال الجدل بين عناصر الأمن والأهالي، خرج ممرض من المستشفى مسرعاً، وفُتحت له البوابة المقفلة. كان وجهه شاحباً وعيناه توحيان بأنه لم يذق طعم النوم منذ مدة، مرّ مسرعاً أمام المحتشدين، ورد التحية على عناصر الأمن باستحياء واضح، وكأنه يقول بعينيه “اتركوني وشأني”…

اقتربنا منه، و حاولنا الحديث معه حتى يشرح لنا حيثيات ما يعرفه من داخل المستشفى، لنفاجأ بأنه هو الآخر لديه ابن رضيع يرقد في غرفة الإنعاش، ويخشى عليه من خطر التعفن، يقول هذه الكلمات والدموع محبوسة، نعم للأسف… “ابني معهم”. سألناه؟ مع من؟ “مع أولئك الرضّع المجهول مصيرهم”.

“لا أعرف حقاً…

لا أعرف إن كان سيعيش أو سيفارق الحياة… رجائي من الله أن ينجو مما حل بالآخرين… إن شاء الله سينجو”.

يقول صابر (اسم مستعار) هذه الكلمات ويركض مسرعاً إلى سيارته، يخبرنا بأن زوجته داخل المستشفى هي الأخرى في انتظاره، يؤكد لنا مبتسماً أن لا مانع لديه في أن ننشر ما خصنا به، لعلّ الصحافة تساهم في كشف مالم تخبرهم به المستشفى والسلطات الصحية..

طمس متعمد للحقيقة وكارثة مرجحة للارتفاع

نستخلص من كلام صابر أنّ الحصيلة وهي 11 رضيعاً مرجحة للارتفاع، وأن هناك فعلاً كارثة كبرى حلت بمركز التوليد وطب الرضيع في هذا المستشفى. ويؤكد هذا الاستنتاج البلاغ الثاني الصادر عن وزارة الصحة العمومية التونسية الذي يفيد بأن النتائج الأولية للأبحاث، بينت أنّ سبب الوفاة يرجح أن يكون ناجماً عن تعفّنات سارية في الدم، تسببت سريعاً في هبوط داخل الدورة الدموية، وأنه تمّ أخذ العينات لتحديد نوعية التعفّنات ومصدرها.

كذلك أكدت المديرة العامة للصحّة نبيهة بورصالي في نشرة أخبار الثامنة في القناة الوطنية الأولى (التلفزيون الرسمي)، أن أكثر من 80 رضيعاً يتلقون حالياً الرعاية الطبية خوفاً من أن يطاولهم التعفن.

إنما يبدو غريباً أن تؤكد وزارة الصحة العمومية أنها أخذت عينات من الرضع، فيما سلمت جثث الوفيات بعد مرور أقل من 24 ساعة على الوفاة.

تمكنا من دخول غرفة الطوارئ ومدخل المستشفى الرئيسي حيث الـ11 رضيعاً، وهو مطوق بقوى الأمن وبعض النواب، لعلَّ أبرزهم النائب يمينة الزغلامي عن حركة النهضة، التي كانت تتصرف وكأنها تدير المكان، فكانت تأمر وتنهي والجميع يستجيب، طلباتها كانت مسموعة لدى إدارة المستشفى وقوى الأمن، ولولاها لما سمح لأب أحد الرضّع بالدخول لمقابلة ذوي الشأن. هذا الأب كانت شهادة أخيه (عم الرضيع) تدحض بلاغ وزارة الصحة، إذ يقول بالحرف: “لقد تسلمنا جثة ابننا، وسألنا الطبيب هل هو في حاجة إلى تشريح أم لا، وقال لا، لقد دفناه بأيدينا منذ الصباح”.

كان الأب وحيداً، ولم يكن من أهالي الـ11 رضيعاً غيره، وهو محامٍ، أو هكذا عرف في ساحة المستشفى، وأكد لنا مصدر أمني، أنه قام بدفن فقيده وعاد إلى المستشفى منذ الرابعة عصراً ينتظر أي معلومة شافية، برفقة أخيه الذي صرخ محتجاً على مسؤول أمني رفيع المستوى بعد أن طلب اخراج الجثة قائلاً:

“بعدما دفناه… نستخرج جثته من جديد؟ الآن تتحدثون عن التحقيق؟ لماذا هذا التعمد لإهانتنا؟ كيف تسمحون بهذه الفوضى العارمة؟ أهذا مستشفى فعلاً؟ أهكذا يعامَل البني آدميون؟”.

أكد له مسؤول الأمن أن تحقيقات جنائية قد فتحت، وأشار إلى زميله حتى يأخذ منه رقم هاتفه قائلاً، “نحن نبحث عن الأهالي منذ الصباح، نرجو منك أن تعطينا رقم هاتفك وأن توافينا إلى مركز الشرطة في حي الخضراء (منطقة تابعة لمحافظة تونس العاصمة)”. وتابع، “سنفتح تحقيقاً أيضاً في طريقة تسلمكم الجثث، دعونا نقوم بعملنا من فضلكم. أتريدون معرفة الحقيقة أم لا؟”.

في اللحظة ذاتها، خرج ثلاثة من عناصر الأمن من الشرطة الفنية (جهاز في وزارة الداخلية) من الباب الرئيسي لغرفة الرضع، حاملين أكياساً بيضاً متوسطة الحجم، قيل إنها عينات سيتم تحليلها ومراجعتها.

وصلت أم ولدت ابنها حديثاً، وبدا عليها الغضب والقلق، وجهت كلامها إلى المسؤول ذاته، “أنا لا أريد منكم شيئاً، فقط أروني التقرير الطبي لابني بعيني حتى يطمئن قلبي”…

من المعروف أن المستشفيات الحكومية في تونس تواجه صعوبات هائلة من بينها تدني مستوى الخدمات الصحية ونقص الأدوية وهجرة الأطباء.

فاجعة الأطفال هزت الرأي العام التونسي وسببت حالاً من الصدمة والذهول والحزن خصوصا مشاهد نقل جثامين الأطفال في صناديق كرتونية التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي أججت مشاعر الغضب حيال هذه المأساة..

هل ستصل التحقيقات الى نتائج شفافة تحدد المسؤوليات في هذه القضية أم ستجري محاولات لفلفة وطمس للحقائق كما حصل في ملفات سابقة؟؟

فيروز التونسيّة حلمت بالمسيح فخسرت حضانة طفليها

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!