fbpx

“تماسيح العراق” … الشوارب المنبعثة عبر الـ”سوشل ميديا”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

تنتشر مُنذ أشهر على وسائل التواصل الاجتماعي العراقية، صفحات لمجموعات تسمي نفسها “تماسيح العراق أهل الغيرة والنخوة” وهي منتشرة في مُختلف مُدن ومناطق العراق. تشكل هذه الروابط تجمعاً لذوي الشوارب الطويلة الثخينة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تنتشر مُنذ أشهر على وسائل التواصل الاجتماعي العراقية، صفحات لمجموعات تسمي نفسها “تماسيح العراق أهل الغيرة والنخوة” وهي منتشرة في مُختلف مُدن ومناطق العراق. تشكل هذه الروابط تجمعاً لذوي الشوارب الطويلة الثخينة. أعضاء روابط التماسيح هذه يعتبرون أن الشارب يرمز لقيم الرجولة والغيرة والكرامة والوفاء، المُناهضة لما يعتبرونه،”الانماط والهيئات الأنثوية والمُخنثة، التي صار يتبناها الكثير من شُبان العراق في السنوات الأخيرة”، كما يقولون. يتخذون “التمساح” شعاراً لروابطهم، لما يوحي به هذا الحيوان من قوة وسطوة و”افتراس”.
ينتمي أعضاء هذه الروابط إلى نفس العوالم الرمزية والنفسية، المتمركزة حول تمييز جندري تجاه الإناث، وإعلاء قيم القوة والسطوة، يُعززونها في النشاطات المُشتركة لأعضاء الروابط بين فترة وأخرى.
عادة ما يقوم أعضاء الرابطة في مدينة أو بلدة، ما بمُشاركة عضو آخر في مناسباته الاجتماعية، في أفراحه وأحزانه، لتعزيز مكانته الاجتماعية وإشعاره بمساندة باقي الأعضاء. وفي مرات غير قليلة فأن المنتمين للرابطة يجتمعون في سهرات ليلية طويلة، يتداولون فيها الأحوال العامة في منطقتهم، وعادة ما يرددون ما يسمونه ب”الهوسات” المُشتركة، التي تكون على شكل أغان وأشعار تُمجد النخوة والكرامة والرجولة، والتي كانت تقليداً مُتبعاً لدى عشائر وأحلاف القبائل في جنوب العراق. كما أن الاعضاء يخرجون في عراضات عامة بالسيارات في شوارع المدينة، خصوصاً في الأعراس والمناسبات العامة، كالأربعينيات والولائم العاشورائية.
يقول بشير أبو هيلة، أحد أعضاء رابطة تماسيح مدينة الناصرية، بأنه يشعر براحة نفسية حينما يكون في أوساط أعضاء الرابطة، لأنه يعرف مدى صدقهم والتزامهم الاخلاقي بما يقولونه، “عكس الأجواء الاجتماعية الأخرى، الموبوءة بالنفاق وعدم الالتزام والوفاء للأصدقاء والأهل وأهل المحلة والبلدة”. ويوافق عضو رابطة البصرة للتماسيح المُهندس سليمان الشيخ على ذلك، مُضيفاً بأن هذه الروابط شكل من الحياة المدنية في المُحصلة، فالمنتمون إليها جاءوا من منابت قومية ومناطقية وطائفية مُختلفة، لا يجمع بينهم سوى روح التسلية والتشارك في الحياة العامة، كما أن القيم والأعراف التي تفرض نفسها عادة ما تكون إيجابية، وتدخل في خدمة السلام الاجتماعي. فبحسب الشيخ علي، قامت الروابط بالكثير من المُصالحات الاجتماعية في مُختلف المناطق، والمنتمون لها نادراً ما يقومون بأعمال شائنة، لأنهم يجدون أنفسهم محل لوم من باقي الأعضاء، الذين لا يقبلون بأن يمارس أي منهم ما يخل بالأخلاق العامة.
يخوض أعضاء الرابطة جدالات على صفحات الفيسبوك، خصوصاً في مواجهة الشُبان الذين يختلقون النُكات عن سلوكيات وهيئات المنتمين إلى هذه الروابط، والتي عادة ما توسمهم ب”الغباء” و”سوء القدرة على استخدام العقل، مقابل الاستخدام الدائم للعُنف والقوة”. فيما يرد “التماسيح” بأن مختلقي هذه النُكات يغارون من هيئاتهم الجسدية الرجولية، والتي تحظى باستلطاف الإناث وقبولهن الاجتماعي.
على أن الاهتمام بهيئة الشوارب وبناء الأجسام واختلاق تجمعات وروابط لها، يُعتبر شيئاً أصلياً في الثقافة الاجتماعية التقليدية في بيئآت عراقية. فمُعظم أحياء بغداد القديمة –العُثمانية- كان مُسيطراً عليها من قِبل فتوات مُحليين، كما يسرد الروائي العراقي علي بدر في روايته “الوليمة العارية”، وكان هؤلاء بمثابة الشرطة المحلية عُرفياً، كذلك كانت الحال في باقي المُدن.
تطور الأمر في العقود الأولى من القرن العشرين ليتحول هؤلاء الفتوات إلى تنظيمات رديفة للأحزاب الايدلوجية العراقية. فالذاكرة العراقية عامرة بذكريات عن صدامات بين فتوات القوميين والشيوعيين في الخمسينات والستينات وحتى السبعينات، في جميع مُدن العراق، وبالذات في مدينة بغداد، حيث كان القياديان البعثيان على صالح السعدي، وصدام حسين، من قادة الفتوات في منطقة باب الشيخ في بغداد، حسبما يذكر حنا بطاطو في كتابه عن الطبقات الاجتماعية في العراق.
تفككت تلك الروابط المحلية في زمن حُكم صدام حسين، لصالح روابط رديفة تماماً للنِظام، مثل “فدائي صدام”، الذين كانوا فتوات يمارسون اشكال متنوعة من “العِقاب الإجرامي” خارج سُلطة القانون والقضاء، ضد مُناهضي النِظام، وصلت في حالات غير قليلة لقطع الآذان والألسن في الأماكن العامة.
في نموذج التماسيح ثمة شُبهة سياسية غير واضحة، فأغلب الروابط تنحدر من مناطق جنوب العراق، ويُمكن للمتابع أن يُلاحظ كيف أن أعضاء الروابط يتخذون من صور الأئمة ومراقدهم  خلفيات لصورهم، في إيحاء إلى الانتماء للبيئة الشيعية والسُلطة الحاكمة. كما أن أعداداً وافرة من أعضاء الروابط ينتمون للجيش وأجهزة الشرطة وفصائل الحشد الشعبي، تُظهرهم الصور والمقاطع المصورة وهم يرددون “هوسات” ذكورية ممزوجة بإشارات مناطقية وطائفية، مُناهضة لداعش و”قوى الشر” المتربصة بالعراق، مع الكثير من الغمز واللمز تجاه المُنتمين لباقي الجماعات الأهلية العراقية، غير المتوافقة مع السُلطة المركزية.
[video_player link=”https://www.youtube.com/watch?v=O-7Z5Rb5sZQ”][/video_player]

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!