fbpx

كامران قره داغي شاهد على ثورة الكرد(5):قصصنا مع السافاك

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم تكن المنظمة الأممية وحدها تقاطع الثورة الكردية. كان هناك صمت عربي ودولي حيال ما يحصل في كردستان وعمليات القصف والانتهاكات والتهجير والاعتقالات التي كانت تشنها الحكومة العراقية ضد الكرد.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
الملا مصطفى بارزاني

مع اقتراب صيف 1974، كانت جبهات القتال تشهد معارك حامية، فيما كان قسم الاتصالات التابع لمقرنا الإعلامي لا يتوقف من الصباح الباكر حتى حلول الظلام، عن تلقي برقيات من الجبهات حول نتائج المواجهات. إلى ذلك، كان يزورنا في المقر بين حين وآخر، مقاتلون نعرفهم وأقرباء من البيشمركة وأمراء وحدات، فنسمع منهم تفاصيل عن سير المعارك. أذكر من هؤلاء الراحل خالد سعيد، الذي اشتهر بلقب “الدكتور خالد”، وهو أحد قادة البيشمركة وتميز بالكفاءة والشجاعة. ومع اندلاع المواجهات العسكرية بين القوات الحكومية والبيشمركة كلفه ملا مصطفى بارزاني بتدريب قوة خاصة وتشكيلها، في ظروف القتال الجبلي، للتحرك السريع، ففعل وكان لقوته دور مهم في الوصول بسرعة لدعم الجبهة التي توجهه إليها قيادة الثورة. الدكتور خالد كان أحد المتابعين لاذاعة “صوت كردستان”، فكان عندما يكون في منطقتنا لأي سبب من الأسباب يزور كاك دارا في مقرنا وهناك تعرفت إليه، فكان يقصد خيمتي التي كنت وفلك الدين كاكه ئي اتخذناها مكتباً لنا. ولفتنا أنه كان متابعاً جيداً لبث إذاعتنا، إذ كان يناقشنا في تفاصيل دقيقة من أخبارنا وبرامجنا.

كان الدكتور خالد شخصية مميزة دافئة وودية ويتمتع بحس فكاهي، على رغم قساوته كمقاتل شديد البأس يخوض المعارك في الصف الأمامي فيتبعه بيشمركته من دون تردد. سألته مرة، إن كان يشعر بالخوف عندما يقود قواته تحت القصف والرصاص؟ قال إن أي بيشمركة مهما كان موقعه، يكذب إذا زعم أنه لا يخاف. وأضاف أن أي مقاتل، مهما كان شجاعاً ينتابه الخوف في اللحظات التي تسبق اندلاع المعركة، لكنه يتلاشى مع إطلاق أول رصاصة. وكان كلما يأتي إلى خيمتنا عندما يكون في المنطقة في مهمة للتشاور مع القيادة العامة لليشمركة، يروي لنا قصصاً شيقة عن حياة البيشمركة ومشاعرهم في جبهات القتال. بعد اتفاق الجزائر، وبعدما أمضى فترة في إيران، عاد الدكتور خالد إلى العراق وشغل وظيفة إدارية قبل أن يغادر سراً إلى الجبل مجدداً، عندما شعر بأن النظام العراقي ينوي التنكيل به. وفي الثمانينات كان يقاتل في الجبل عندما سقط ورفاق له ضحية ما يسميه الكرد “الاقتتال الداخلي”.

مشكلتنا مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي

في تلك الفترة أيضاً سافرت للمرة الأولى إلى إيران، تحديداً إلى مدينة الرضائية (أورمية)، برفقة وفد برئاسة كاك دارا لإنجاز تقرير شامل أعددناه عن انتهاكات القوات العراقية واستهدافها السكان المدنيين وأزمة اللاجئين ومعاناتهم وتفقد أوضاع الأسرى العراقيين، بغية تقديمه إلى ممثلي الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي. تقرر سفر الوفد، بعدما فشلت جهود القيادة الكردية في إقناع ممثلي المنظمة الأممية بزيارة مناطق الثورة، التي كان النظام البعثي يسميها “الجيب العميل”، فيما تسمي الثوار الكرد “العملاء المحاصرين في أعالي الجبال”، بذريعة أن دخول هذه المناطق مباشرة من إيران، يعتبر انتهاكاً لسيادة العراق، فيما السلطات العراقية لا تسمح لهم بزيارتها من داخل العراق. كان وفدنا يضم فرهاد عوني وفلك الدين كاكائي وكامل عطار وآخرين تخونني. بعضنا قام بكتابة التقرير بالعربية والكردية من المعطيات التي زودنا بها، وبعض آخر كان يترجمها إلى الإنكليزية. إلى ذلك، قمنا بزيارة تفقدية إلى مخيم رئيسي للاجئين وسمعنا قصصاً محزنة عن الحياة فيها، على رغم أن الهلال الأحمر الإيراني كان يوفر ضروريات المعيشة. وعلى ما أتذكر قدم كاك دارا التقرير إلى الممثلين الدوليين في ذلك المخيم. لكن في النهاية لم يوافقوا على إرسال وفد إلى الأراضي المحررة، مصرين على ان ذلك يعتبر انتهاكاً لسيادة العراق، فكان لا بد من موافقة بغداد.

بعد انتهاء مهمتنا عدت وكاك دارا معاً إلى كردستان في سيارة من نوع لاندروفر كانت مخصصة له، فيما عاد الآخرون لاحقاً. بداية ذهبنا إلى البيت المستأجر حيث كانت تقيم عائلته، مذ أقدمت السلطات العراقية على ترحيلها من بغداد مع بقية عائلات الملحقين بالثورة. ومشينا من الرضائية إلى نغده ومنها إلى بيرانشهر ومنها إلى حاجي عمران عبر طرق جبلية وعرة. في الطريق من نغدة إلى نقطة الحدود العراقية في حاجي عمران صادفتنا سيارة لاندروفر آتية من هناك إلى ايران، وكان يقودها شاب بملابس البيشمركة فتعرف إليه كاك دارا، فأوقف السيارة وقال إنه كاك مسعود. كان ذلك الشاب هو مسعود بارزاني نجل ملا مصطفى وكانت تلك اول مرة أتعرف إليه. بعد التحية استأنفت وكاك دارا رحلتنا عائدين إلى منطقة جومان.

الشاه محمد رضا بهلوي

في الرضائية كانت إقامتنا التي استغرقت بضعة ايام في فندق يقع على الشارع الرئيسي للمدينة، كان اسمه “كاروان” أو “كارون” ولعله “كارو” لكنني لست متأكداً من اسمه الصحيح. شقيقي محمود ذكّرني بأن المسؤول عن إدارة الفندق كان اسمه حسن سبزيكار وكان رجلاً طيباً خدوماً لزبائن الفندق على عكس صاحبه الذي كان يتعامل معهم بخشونة. بعد اتفاق الجزائر، أقام محمود في ذلك الفندق، وحاول ثلاث مرات أن يسافر في الحافلة إلى طهران، من دون حصوله على موافقة جهاز الأمن الايراني المعروف السافاك. في محاولته الفاشلة الثالثة، هدده ممثل السافاك بأنه سيعتقله إذا حاول السفر الممنوع مرة أخرى. هنا تبرع سبزيكار بمساعدة محمود فاتفق مع سائق الباص على تسفيره إلى طهران من دون علم السافاك. هكذا وصل محمود إلى طهران حيث مكث فيها فترة قبل عودته إلى العراق. لاحقا قال لي انه ملّ من انتظار وصول موافقة سلطات الهجرة في هولندا إلى سفارتها في طهران التي كان هو والصديق فؤاد حسين وصديق آخر هو وريا قره داغي وآخرون راجعوها معا وقدموا طلبات الهجرة اليها. لكن الصديقين انتظرا الموافقة وهاجرا لاحقا إلى هولندا. كاك وريا نجح لاحقا في العمل لسنوات في اجهزة الامم المتحدة في دول عدة فيما كاك فؤاد أكما دراساته العليا هناك وحاز الدكتوراه ويشغل حاليا منصب وزير المال العراقي.

قبل محمود كانت لي قصتي مع سافاك الرضائية. بعد التحاقي بالثورة غادرت زوجتي أولغا بغداد وسافرت إلى سانت بطرسبورغ (لينينغراد وقتها) حيث كانت عائلتها تقيم في بلدة قريبة منها. كانت الأمانات العامة للثورة رتبت لنا طريقة لمراسلة أهالينا خارج العراق عبر ممثليات الثورة في بيروت أو طهران، فأرسلت إلى اولغا العنوان المطلوب لتبعث رسائلها إلي. لكن بحلول الخريف قررت أولغا أن تلتحق بي في الجبل وطلبت مني العمل على استحصال سمة دخول (فيزا) لها إلى ايران. حاولت أن أثنيها عن قرارها، لكن إصرارها جعلني أطلب من كاك دارا المساعدة في تحقيق طلبها، فوعدني بأنه سيتحدث في الأمر مع مسعود بارزاني. بعد أيام تلقيت اتصالاً هاتفياً (كانت هناك خطوط أرضية تربط الادارات في جومان)، من مكتب مسعود بارزاني لإخباري بأن الموافقة تمت ويمكن أن تراجع زوجتي السفارة الإيرانية في موسكو للحصول على سمة الدخول إلى إيران. أبرقنا عبر مكتب طهران إلى أولغا لتراجع السفارة الإيرانية وبعد فترة أبلغتني بموعد وصولها بالطائرة إلى طهران من موسكو. سافرت إلى الرضائية ومنها إلى طهران بالحافلة لاستقبالها.

قصتي مع السافاك في الرضائية كانت ترتبط بموافقتها على السفر منها إلى طهران. كان يفترض أن أذهب في صباح اليوم التالي بعد وصولي إلى الرضائية إلى مقهى مجاور للفندق اياه، وهناك سيتصل بي أحدهم لإعطائي موافقة مكتوبة للسفر بالحافلة، لدى توقفها في محطات معينة في الطريق حيث يدقق مسؤولون أمنيون في هويات الركاب تحسباً لوجود مسافرين كرد عراقيين إلى طهران من دون الموافقة المطلوبة. سألت كيف سيعرفني “أحدهم” هذا، فقالوا ألا أهتم لأنه سيعرفي. جلست في المقهى وبينما كنت أشرب الشاي اقترب مني شخص وجلس قبالتي وقال: “آغاي قره داغي أنا من السافاك واسمي محمدي”. تبادلنا التحية وطلبت له الشاي ثم قال انه سيزودني بكتاب يأذن لي بالسفر إلى طهران والاقامة في فنادقها والعودة مع زوجتي إلى الرضائية ومنها إلى كردستان. أخرج من جيبه علبة سجائر واقتطع جزءاً من ورقها، وكتب عليها عبارة بالفارسية والتاريخ ووقعها وقال هذا هو “كتاب” الموافقة! كانت ورقة صغيرة طويتها ودسستها في جيبي. كل شيء سار على ما يرام، ذهاباً إلى طهران وإقامة في أحد فنادقها وإياباً برفقة أولغا، بفضل تلك الورقة الصغيرة من آغاي محمدي!

اندريه ساخاروف

أندريه ساخروف وصحافيون غربيون

لم تكن المنظمة الأممية وحدها تقاطع الثورة الكردية. كان هناك صمت عربي ودولي حيال ما يحصل في كردستان وعمليات القصف والانتهاكات والتهجير والاعتقالات التي كانت تشنها الحكومة العراقية ضد الكرد. بل تبين لاحقاً أن دولاً عدة، عربية وأجنبية، كانت تعمل سراً على إنهاء حال العداء بين العراق وإيران وهو ما حصل فعلاً في السادس من آذار/ مارس 1975. في السياق، باءت بالفشل محاولات القيادة الكردية لإقناع أي دولة أجنبية بإثارة الوضع الكردي العراقي في المحافل الدولية. إلى ذلك كان الوضح الكردي نادراً ما يجد صدى في وسائل الاعلام العالمية. قسم الإنصات التابع للأمانة العامة للإعلام كان يرصد محطات الإعلام العربية والعالمية ويصدر نشرة يومية بالأخبار والتقارير المتعلقة بالعراق والوضع الكردي وكنا نادراً ما نجد فيها تغطية ما لما يحصل في كردستان.

وسط هذا الصمت المحبط، ارتفع فجأة صوت العالم النووي السوفياتي المنشق أندريه ساخروف حين أصدر بياناً، ندد فيه بحرب العراق على الكرد من جهة، وبالحكومة السوفياتية من جهة أخرى، داعياً الكرملين إلى الامتناع عن بيع الأسلحة إلى العراق. طبعاً كرست “صوت كردستان” على مدى أيام حيزاً كبيراً، لبث بيان ساخروف وكتبنا تعليقات عدة للإشادة بموقفه من الحكومتين العراقية والسوفياتية.

إلى ذلك، كان يصل إلى مناطق الثورة أحياناً صحافيون أجانب، تحديداً غربيون، فكان كاك دارا يهتم بهم ويرتب لهم لقاءات مع ملا مصطفى وقياديين آخرين والاطلاع على حياة السكان ومعاناتهم، فيما كانت القيادات العسكرية تنظم لهم زيارت إلى مواقع البيشمركة في جبهات القتال. لم تكن زيارات الصحافيين إلى الجبهات من دون مخاطر ومجازفات وحدث مرة أن مراسلاً أوروبياً كان في موقع للبيشمركة في إحدى الجبهات عندما أصابته رصاصة، خلال تبادل إطلاق النار بين البيشمركة والقوات العراقية. كانت إصابته جدية فقامت مفرزة من البيشمركة برفقة مرافق الصحافي ومترجمه من الفرنسية، الصديق الراحل يونان هرمز بنقله على بغال إلى إيران، واستغرقت الرحلة أياماً لإيصاله إلى مستشفى إيراني واستغرق علاجه أسابيع ولحسن الحظ شفي تماماً. هاجر يونان بعد 1975 إلى الولايات المتحدة فالتقيته في التسعينات، عندما كنت أحضر مؤتمراً للعراقيين في شيكاغو، وفي مناسب أخرى حين كنت أرافق صحافيين يتكلمون الفرنسية، وكان يونان غالباً ما يتولى الترجمة بين زوار يتكلمون الفرنسية عندما يلتقون ملا مصطفى بارزاني.

لكن زيارات الصحافيين الأجانب لم تخل أحيانا من مواقف مضحكة. مرة، وكان مقرنا ما يزال في الخيام في منطقة آزادي، وكان الطقس جميلاً فجلسنا أمام أحد الخيام في وقت متأخر عصراً. أتذكر أن جلستنا ضمت كمال مظهر وطلعت نادر وفلك الدين كاكائي وجلال سام آغا وأنا وربما آخرون. فجأة وصلت سيارة صالون من نوع فولغا السوفياتية، يقودها سائق شاب ومعه أجنبي يرتدي الخاكي (لباس عسكري). نزل الاثنان وقال السائق إنه كلف لأنه يتكلم الإنكليزية بجلب هذا الصحافي الأجنبي من إيران، وقد وصلا للتو ولا يعرف إلى أين يجب أن يوصله لذا قرر ان يأتي به إلى مقرنا. رحبنا بالصحافي، الذي لا أتذكر اسمه، وقدم نفسه بانه مراسل أميركي ومراسل صحيفة “نيوورك تايمز”. لاحظنا أن الصحافي كان شاحب الوجه ومرتبكاً، فسألته إن كان على ما يُرام؟ قال إنه مراسل حربي، قام بتغطية معارك وحروب في مناطق مختلفة من العالم آخرها في فيتنام، لكنه لم يشعر بالخوف في حياته كما شعر خلال رحلته من إيران إلى كردستان. أوضح أنهما كانا في منعطف خطر في طريق جبلي ضيق يطل على وادٍ عميق عندما سأله السائق عن رأيه في مهارته في القيادة. وعندما قال له الصحافي إنه معجب بمهارته، ابتسم السائق الشاب فرحاً، موضحاً أنه تعلم القيادة منذ ايام قليلة فقط!

في الغرب كانت “جمعية الطلبة الكرد في أوروبا”، تشن حملات مكثفة في أوساط الرأي العام الأوروبي والأحزاب السياسية ووسائل الاعلام وهيئات حكومية، تدعو إلى دعم للثورة الكردية والتنديد بسياسات النظام العراقي القمعية ضد الكرد. على مدى عقود ظلت هذه الجمعية ذراعاً ناشطة فاعلة في حشد تأييد اوروبي للحقوق القومية للشعب الكردي. الجمعية أسسها جمع من طلبة كرد ناشطين من أجزاء كردستان، قوميين ويساريين، في اوروبا في 1956 كانوا وكان كاك دارا أحدهم. وفي الستينات أنشأت الجمعية فروعاً في الدول الأوروبية والاتحاد السوفياتي، ورأسها لسنوات عصمت شريف وانلي. وكان سكرتيرها، كمال فؤاد الذي كان في بداية حياته السياسية عضواً في الحزب الشيوعي العراقي، ثم انتقل إلى مواقع قومية وكان من مؤسسي الاتحاد الوطني الديموقراطي وظل حتى وفاته رفيقاً وصديقاً شخصياً لجلال طالباني. بحلول الستينات عملياً سيطر الحزب الديموقراطي الكردستاني على القيادة المركزية للجمعية وكان مقرها في ألمانيا وغالبية فروعها. ومنذ اندلاع الثورة الكردية في أيلول/ سبتمبر 1961، كانت الجمعية تنظم زيارات لصحافيين أوروبيين إلى مناطق الثورة، فيما كانت جماعات كردية ناشطة في الولايات المتحدة تنظم زيارات إلى مناطق الثورة لصحافيين أميركيين. وكان الصحافيون الأجانب يدخلون إلى مناطق الثورة من طريق ايران.

كردستان كما صورها لوري وودسون

ليروي وودسون والعدد الذي تأخر…

أتذكر أيضاً مصوراً صحافياً أميركياً مشهوراً اسمه ليروي وودسون (توفي عام 2015)، نشرت صوره في “واشنطن بوست” و”نيوزويك” و”ناشيونال جيوغرافيك” و”لايف” وفوربس” وغيرها. ووتسون تجول في مناطق الثورة وجبهاتها والتقى سياسيين وناساً عاديين، والتقط صوراً كثيرة نشرها لاحقاً، ضمن تقرير مصور في “ناشيونال جيوغرافيك”. كنا نلتقيه حين كان يعود من جبهة أو منطقة قبل ان يتوجه إلى موقع آخر. قال إن تقريره سينشر في عدد آذار/ مارس 1975. صدر العدد بعد انهيار الوضع في كردستان فلم نطلع عليه.

في مطلع الثمانينات عندما كنت في لندن، تعرفت إلى صحافي أميركي عند صديقي الفنان ضياء العزاوي لإجراء لقاء معه عن الفن العراقي لنشره في “ناشيونال جيوغرافيك”. في الحديث معه، تذكرت المصور الصحافي وودسون وتقريره الذي لم نطلع عليه، فسألته عنه وقال إنه يعرف وودسون وتقريره نشر بالفعل وعنوانه “بين ثوار العراق الأكراد”، ووعد بانه سيرسل لي نسخة من العدد عندما يعود إلى اميركا، ووفى بوعده فوصلني العدد وما زلت أحتفظ به.  

في حلقة مقبلة سأكتب عن رفاق الجبل، عندما كانوا يزورون مهاباد في كردستان إيران، هذه  المدينة التي شهدت عام 1946 ميلاد جمهورية كردستان، وكان أول ما يفعلونه بعد وصولهم اليها الحج، كما كانوا يقولون، إلى ميدان جوار جرا “الانوار الأربعة” التي نصبت فيه حكومة الشاه الإيراني المشانق لقائد الجمهورية، قاضي محمد ورفاقه بعد القضاء عليها. وفي الأثناء، كان الوضع الكردي يقترب من نهايته الحاسمة فيما ظهرت مؤشرات إلى تقارب بين إيران والعراق، بدأت بزيارة مفاجئة قام بها وزير الخارجية العراقي سعدون جمادي إلى طهران، أخطأت القيادة الكردية في تقدير معناها وتداعياتها، فاعتبرتها محاولة عراقية فاشلة للتصالح مع ايران.

كامران قره داغي شاهد على ثورة الكرد(4):إيران التي آوتنا والطيار العراقي الذي اختفى

كامران قره داغي شاهد على ثورة الكرد(3): انطلاق “صوت كردستان” تحت قصف الطائرات