fbpx

كامران قره داغي والعالَم حين يكون نذلاً

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أعادنا الصحافيّ العراقيّ – الكرديّ البارز كامران قره داغي إلى محطّات في تاريخ الكرد العراقيّين وانتفاضاتهم.في رواية كامران أبطال كثيرون علماً أنّ بطولات معظمهم كانت بطولات في الشرّ.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عبر حلقات ستّ (حتّى الآن)، أعادنا الصحافيّ العراقيّ – الكرديّ البارز كامران قره داغي إلى محطّات في تاريخ الكرد العراقيّين وانتفاضاتهم، منذ اتّفاق 11 آذار (مارس) 1970، كما ذكّرنا ببعض المنابر الإعلاميّة التي استخدمتها تلك الانتفاضات، لا سيّما الراديو. فكامران، بعد تجدّد القتال مع الجيش العراقيّ في 1974، هو من تولّى مسؤوليّة قسم البثّ العربيّ في إذاعة “صوت كردستان”.

وكما هو معروف، فبين 1970 و1974، ساد ما سمّاه الكرد “سلاماً مسلّحاً” تعبيراً منهم عن محاولات سلطة بغداد التحايل على الاتّفاق الذي عقده “السيّد النائب” صدّام حسين مع الملاّ مصطفى بارزاني. أمّا التحايل هذا فاتّخذ أشكالاً عدّة في عدادها محاولات لاغتيال بارزاني نفسه واغتيال نجليه إدريس ومسعود.

في رواية كامران أبطال كثيرون، علماً أنّ بطولات معظمهم كانت بطولات في الشرّ. ففي ما خصّ الاتّحاد السوفياتيّ – حيث درس الكاتب وأجاد اللغة الروسيّة ثمّ عمل في وكالة “تاس” – تعرّف قره داغي عام 1970 إلى يافغيني بريماكوف الذي كان مراسل “برافدا” في الشرق الأوسط (ورئيس الحكومة اللاحق) وكان، بفعل منصبه “الفعليّ”، صاحب الوساطة التي أفضت إلى اتّفاق آذار 1970. وفي 1974، تعرّف إلى مندوب القيادة السوفياتيّة إلى بغداد، ألكسندر دزاسخوف (الذي صار لاحقاً رئيس جمهوريّة أوسيتيا الشماليّة)، وكان يزور العراق في محاولة لإنقاذ الاتّفاق المتداعي. هذا الدور السوفياتيّ بين 1970 و1974، وعلى يدي هذين الشخصين في مرحلتي البداية والنهاية، كان يمكن تلخيصه بالضغط على الكرد كي يقبلوا بما تريده بغداد.

لكنّ شكّ الأخيرين بنوايا القيادة البعثيّة، ومعاينتهم أفعالها، أبعداهم عن الأخذ بنصائح “الأصدقاء السوفيات”، ودفعا بهم إلى حضن آخر: إيران الشاهنشاهيّة. وهذا ما لم يتمّ بدون معاناة: ففي الذاكرة الكرديّة تحفر عميقاً تجربة جمهوريّة مهاباد ومؤسّسها قاضي محمّد الذي أعدمه النظام الشاهنشاهي في 1947، بعد اكتمال التوافق السوفياتيّ – الغربيّ على تقاسم المنطقة والعالم. إذاً، كانت العلاقة بالنظام المذكور سبباً لخجل الكرد العراقيّين، سيّما وأنّ الملاّ مصطفى نفسه كان على رأس القوّات العسكريّة لجمهوريّة مهاباد.

لقد جاء اتّفاق الجزائر في 1975 ليفتتح أقسى الظروف وأصعبها منذ انطلاق الثورة الكرديّة في صيف 1961، وأتيح لكامران قره داغي – بوصفه عمل مترجماً للقاءات المندوبين السوفيات مع القيادتين العراقيّة والكرديّة – أن يشهد على فصول الانهيار الكبير. هكذا شارك في إعادة تأسيس الإذاعة الناطقة بلسان الثورة، وسط انتشار الدعوة إلى الصعود “إلى الجبل” و”إلى الثورة” من قِبل أعداد ضخمة ومتزايدة من المقاتلين والحلفاء.

لكنّ الاتّحاد السوفياتيّ الذي كان يخدع الكرد لصالح صدّام، كان هو نفسه ضحيّةً لخداع صدّام. ذاك أنّ الولايات المتّحدة الأميركيّة هي التي رعت الاتّفاق بين بغداد البعثيّة وطهران الشاهنشاهيّة، بمعونة جزائر – هواري بومدين ومصر – أنور السادات الذي افتتح عمليّات الانتقال في المنطقة من العهدة السوفياتيّة إلى العهدة الأميركيّة.

كانت واشنطن إذاً الطرف الذي “خان” الكرد هذه المرّة. أمّا نتائج اتّفاق الجزائر، بفعل تلك “الخيانة”، فبدتْ مُرّة ومؤلمة: فإلى الصمت العربيّ حيال ما يجري في شمال العراق، امتنعت الدول الغربيّة عن ذكر الانتهاكات وإثارتها. حتّى الأمم المتّحدة ومنظّماتها استنكفت، بعد 1975، عن “إرسال وفود إلى المناطق المحرّرة للتحقّق من المآسي التي كان يتعرّض لها السكّان المدنيّون، نتيجة لعمليّات القصف الجوّيّ والمدفعيّ” العراقيّ.

وحده العالِم السوفياتيّ المنشقّ أندريه ساخروف هو الذي رفع صوته وأضاف صداقته للأكراد إلى “صداقة الجبال” لهم وفقاً لتعبير شهير.

لقد روى كامران قره داغي قصّة عن العالم حين يتصرّف بنذالة، وهي قصّة يستطيع أن يكتب آخر فصولها (حتّى الآن) سوريّون كثيرون.

كامران قره داغي شاهد على ثورة الكرد(6):مأزقنا مع إيران ومع أنفسنا