fbpx

المطر في العراق يوقظ الوعي بالغرق

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مع كل موجة مطر شديدة أو إثر التنبؤ بإحداها، يغيب العراق عن الوعي ويفقد زمام المبادرة، ذاك أن الوعي بالغرق يسبق ما يمكن وصفه بإدارة مواجهة الفيضانات والتقليل من مخاطرها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مع كل موجة مطر شديدة أو إثر التنبؤ بإحداها، يغيب العراق عن الوعي ويفقد زمام المبادرة، ذاك أن الوعي بالغرق يسبق ما يمكن وصفه بإدارة مواجهة الفيضانات والتقليل من مخاطرها. في الأيام الماضية أظهرت مناطق ومدن وبلدات في إقليم كُردستان والمدن الجنوبية، فقر البلد وافتقاده بنى تحتية من شأنها تصريف مياه الفيضانات في المدن أو حصادها، أو إخضاعها للنواظم (فتحات تدخل منها مياه السدود).

كانت محافظة ذي قار نموذجاً واضحاً لغيبوبة الإدارة المائية في البلاد، إذ غرقت شوارع مركزها، مدينة الناصرية، في السيول، فيما استنفرت مديرية المجاري في المحافظة، جهودها لتصريفها بطرق تقليدية. أدى سقوط 35 مللم من الأمطار، إلى انقطاع الكهرباء وتوقف محطات المجاري والصرف الصحي بشكل كامل، الأمر الذي أدى إلى إرباك المحافظة وتعطيل مؤسساتها. ونشر ناشطون عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع فيديو، تُظهر غرق الشوارع والأحياء السكنية في محافظة ذي قار.

ما حصل في الناصرية، تكرر ويتكرر في مدن أخرى مثل بغداد العاصمة ومحافظات الموصل شمالاً، وميسان وواسط وذي قار والبصرة جنوباً، إضافة إلى مدن وبلدات أخرى واقعة على نهر دجلة من جانب، وعلى نهري الكرخة والكارون الآتيين من إيران من جانب آخر، وذلك نتيجة المياه الفائضة والناتجة عن موجات الأمطار الغزيرة، ذوبان الثلوج في جبال كُردستان، انفجار الينابيع وملء السدود. يضاف الى العوامل المذكورة، اهتراء البنى التحتية في العراق حيث لم تتم صيانتها في غالبية المدن منذ ثمانينات القرن المنصرم. وتتمثل هذه البنى بأنظمة السدود ونواظم المياه وقنوات المياه ونظام الصرف داخل المدن. في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، شهدت مدن الجنوب موجات أمطار أغرقت الشوارع ليس في المياه الفائضة فقط، بل أيضاً بسبب المياه التي طافت من أنابيب الصرف داخل المدن، وذلك نتيجة تهالكها وعدم أهليتها. ففي مفرق من مفارق وسط مدينة الديوانية، كانت المياه تطوف من أنابيب شبكة الصرف التي يعود تأسيسها إلى ثمانينات القرن المنصرم. وللتخلص من تلك المياه الطافية قامت بلدية المدينة بوضع مضخة كبيرة لتفريغ مياه المجاري، ونقلها إلى الشط داخل المدينة عبر خراطيم طويلة. إنه الحل السحري الذي تجيده الحكومة العراقية والحكومات المحلية للتخلص من السيول وتفادي حصول الفيضان.

إن المشكلة الرئيسية في العراق هي عدم وضع الفيضانات والسيول في الحسبان في الإدارة المائية، ذلك أن السياسة المائية كما يشير مدير سد دربنديخان في محافظة السليمانية رحمان خاني، مبنية على فكرة الجفاف والعطش، ولم تأخذ “الغرق” نتيجة موجات الأمطار المتطرفة، في الاعتبار. إنه خلل بنيوي برأيه.

ويرى خاني أن التهديد المباشر يأتي من المياه الفائضة في نهر دجلة، ذلك أن السدود المبنية على روافد هذا النهر مملوءة، مشيراً إلى تخزين 36 مليار متر مكعب من المياه في السدود العراقية الى اليوم.  وتتجاوز هذه النسبة ضعف كميات المياه التي تم تخزينها العالم الماضي، مشيراً الى أن ملء السدود كان قرارا مستعجلاً، إذ لم يأخذ القائمون على الإدارة المائية، مسألة الفيضانات والسيول في الحسبان، وأرادوا الإعلان أمام الجميع أنهم قادرون على حصاد المياه. وبما أن السدود ليست لتخزين المياه فقط، ويتمثل جزء كبير من أهميتها في إدارة الفيضانات والتقليل من مخاطرها، كان حري بالقائمين عليها أخذ شهري آذار/ مارس ونيسان/ أبريل، في الاعتبار، لأن الأول هو شهر الفيضانات بسبب هطول الأمطار الغزيرة، والثاني شهر تخزين معدلات المياه الناتجة عن ذوبان الثلوج وإشباع التربة وانفجار الينابيع على روافد الأنهار.

لقد ركزت الحكومة العراقية جهودها على بغداد العاصمة وتجنب إغراقها في السيول التي شهدتها البلاد، وذلك بتحويل المياه الفائضة في نهر دجلة الى بحيرة ثرثار عبر نواظم في مدينة السامراء، فيما تركت مدن الجنوب لأمرها، إذ تأتيها التدفقات من نهري الكارون والكرخة الآتي من إيران أيضاً. وتحدث وزير الموارد المائية عن “تحويل معظم المياه الزائدة الخارجة عن سيطرة الوزارة، إلى الأهوار الوسطى والغربية”، انما تشير مصادر محلية إلى أن الأهوار العراقية امتلأت بنسبة 75 في المئة، الأمر الذي يصعب تحويل تلك المياه الزائدة إليها، بخاصة أن هناك تدفقات إضافية كبيرة تأتي من إيران وتركيا، بسبب ذوبان الثلوج من جانب، وموجات أمطار جديدة كما تشير التوقعات الجوية، من جانب آخر.

قصارى القول، إن السياسة المائية في العراق غرقت في السيول، فيما تواجه البلاد تحدي عطش، أصبح قريباً، ولا هروب منه!

هذا الموضوع تم انجازه بدعم من مؤسسة Rosa-Luxemburg-Stiftung’s Beirut Office 

العراق كله فوق عبّارة مهترئة

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.