fbpx

الحرس الثوري الإيراني يتحضّر للرد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بعد ساعات من إعلان الولايات المتحدة إدراج الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظّمات الإرهابية، ردّت إيران بالمثل من خلال إدراج القيادة المركزية الأميركية على قائمة المنظمات الإرهابية الخاصة بها…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في خطوة غير مسبوقة، أدرجت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحرس الثوري الإسلامي الإيراني على قائمة المنظّمات الإرهابية الأجنبية. لم يكن قراراً بلا مبرّر بالكامل: فقد كوّن الحرس الثوري ودرّب وموّل وسلّح ونشر قوّاتٍ قوامها آلاف المقاتلين إلى مناطق خارج حدود إيران. من بينها متمرّدون محليون وجماعات مثل حزب الله اللبناني. كما تتحمل القوات المدعومة من الحرس الثوري مسؤولية مقتل المئات من أفراد القوات المسلحة الأميركية.

كان المقصد من قرار إدارة ترامب هو خدمة مصالح الولايات المتحدة بعزل إيران. لكن يبدو أنها لم تأخذ في الاعتبار الطرق الكثيرة التي يمكن أن يثأر النظام الإيراني من خلالها.

تشير تصريحات الحكومة الإيرانية الرسمية إلى دلائل على أن طهران تستعد لتفسير قرار الإدراج على أنه هجوم عليها وأنها مستعدة للرد من هذا المنطلق. فبعد ساعات من إعلان الولايات المتحدة، ردت إيران بالمثل من خلال إدراج القيادة المركزية الأميركية على قوائم المنظمات الإرهابية، وجدير بالذكر أن القيادة المركزية هي القيادة المسؤولة عن المسارح القتالية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وجنوب آسيا والقرن الأفريقي. وقد قال محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري إن الجيش الأميركي في المنطقة، “لن ينعم بالهدوء الحالي”. كان التلميح واضحاً: سيبدأ الحرس في استهداف أفراد الجيش الأميركي.

لن يكون هذا تصرفاً جديداً على إيران. يعرف الجميع أن إيران هي من وفّرت المواد اللازمة لتصنيع العبوات الناسفة الخارقة أو العبوات النافذة، وهي نوع من العبوات الناسفة يدوية الصنع يمكنها اختراق الدروع، وكانت المفضلة لدى الميليشيات الشيعية العراقية خلال المعارك مع القوات الأميركية في ذروة الصراع بالعراق، بين عامي 2006 و2010. تحمل الولايات المتحدة إيران مسؤولية مقتل أكثر من 600 جندي أميركي في العراق.

ازدياد نفوذ إيران في العراق وسوريا باطراد، واتساع شبكة وكلائها في لبنان والبحرين واليمن؛ كل ذلك يعني أن إدارة ترامب لا يمكنها ببساطة تمني زوال الإيرانيين

وإذا ما سعت إيران حالياً إلى الرد على وسمها بالإرهاب من خلال تصعيد التوترات مع الجيش الأميركي، فإنها تمتلك بالفعل خبراتٍ عديدة. إذ يمكنها الاختيار بين التركيز على المناطق التي يتواجد الحرس الثوري بها فعلياً، أو تلك الأماكن التي يتمتع فيها عملاء إيران غير التابعين للدولة بنفوذ. ورغم تقليص الولايات المتحدة حجم قواتها في سوريا، ما تزال إيران محافظة على وجود راسخ هناك، من خلال دعمها لوحدات حزب الله اللبناني في سوريا، والإشراف على شبكة واسعة من المقاتلين الأجانب، والتي يمكن أن تستخدمهم إيران لتنفيذ هجمات على القوات الأميركية بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وفي العراق -حيث تمتلك الولايات المتحدة قواتٍ قوامها حوالي 5200 جندي- تحظى إيران بولاء الميليشيات الشيعية البارزة، بما في ذلك كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وفيلق بدر.

وقد يستهدف الحرس الثوري أيضاً المدنيين الأميركيين في الخارج، إما مباشرةً أو من خلال الجماعات التي تعمل لحساب إيران. فقد بدأت المنافذ الإعلامية والأفراد المرتبطين بالحرس الثوري في توجيه حملة على المتعهدين وأعضاء أجهزة الاستخبارات الأميركيين الذين يعملون في المنطقة معتبرة أنهم أهداف محتملة. حزب الله هو المرشح الرئيسي لتنفيذ مثل هذه الهجمات، التي قد تتضمن الاختطاف أو هجمات مباشرة على البنى التحتية أو الموظفين الأميركيين. ففي خطابه الأخير، ذكَّر حسن نصر الله -أمين عام حزب الله- الولايات المتحدة بقدرات جماعته وقال إنها لن تقف على الحياد بينما تزداد عدوانية التصرفات الأميركية في المنطقة. نعلم أن حزب الله قادر على تنفيذ تهديداته، إذ يملك الحزب أسساً قوية ويتواجد بكثافة على مستوى العالم وكان مسؤولاً من قبل عن هجمات في الأرجنتين وبلغاريا، في حين أُحبطت هجمات في أماكن أخرى مختلفة مثل قبرص وكينيا والهند وتايلاند وجورجيا.

قد تطوّر إيران أيضاً هجوماً إلكترونياً مستعينة بكتائب الحرب الإلكترونية التابعة للحرس الثوري، والتي سبق وأن استهدفت أفراداً وشركات مالية وهياكل أساسية عامة في الولايات المتحدة. خلافاً للدول الأخرى التي تمتلك قدرات تقنية متطورة، لا تُركز أنشطة إيران الإلكترونية كثيراً على المهمات التجسسية، بل تهتم أكثر بالعمليات الهجومية على الشبكات التابعة لخصومها. في مارس/آذار من عام 2016، اشتبهت الولايات المتحدة في العديد من المواطنين الإيرانيين وادّعت أنهم قراصنة يعملون لصالح الحرس الثوري والحكومة الإيرانية. وقد اُتهم أولئك الأشخاص بشن هجوم إلكتروني على بورصة نيويورك وبورصة ناسداك والعديد من المؤسسات المالية والبنوك، وأيضاً شركة سد (Bowman Avenue Dam)، في راي بروك بنيويورك، حيث استطاع المخترقون الولوج إلى حاسوب يتحكم بالسد من خلال الحصول على اتصال عن بعد غير مصرح به.

لا تُركز أنشطة إيران الإلكترونية كثيراً على المهمات التجسسية، بل تهتم أكثر بالعمليات الهجومية على الشبكات التابعة لخصومها

بالإضافة إلى الهجمات العسكرية، قد تواجه الولايات المتحدة تداعيات دبلوماسية جراء إدراج إيران القيادة المركزية الأميركية على لائحة الجماعات الإرهابية. وما قد كان سابقاً يقتصر على كونه سوء تفاهم بين الخصمين، من المرجح أن يصبح فتيلاً لخلاف أعمق. فبالفعل هددت إيران باستهداف السفن الأميركية في الخليج العربي، تلك السواحل الإيرانية التي دأب الحرس الثوري على تأمينها بكثافة. في حال حدوث وضع مماثل لعام 2016، عندما أسر الحرس الثوري بحارة أميركيين في الخليج، لن تمتلك واشنطن قنوات الاتصال الرسمية أو غير الرسمية التي كانت تمتلكها وقتها وأمنت إطلاق سراح البحارة. بدلاً من ذلك، ربما يحتجز الإيرانيون الرهائن الأميركيين لفترات طويلة أو حتى يقومون بإيذائهم. وعلى نفس المنوال، رغم أن الجيش الإيراني النظامي، وليس الحرس الثوري، مسؤول في الغالب عن أنشطة البلاد في مضيق باب المندب وخليج عدن وخليج عمان والتي تتمثل في مهمات تهدف إلى مكافحة القرصنة بدرجة كبيرة، فقد يستغل تواجده لاستفزاز الولايات المتحدة أكثر.

وحتى إذا لم تدفع إيران الأمور لمثل هذا الوضع، فإن الاحتكاك بين القوات العسكرية الأميركية والإيرانية يكاد يكون حتميّاً. ولأن التهديدات المتبادلة، كما الحال مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، بدأت تفقد أهميتها في المنطقة، تدخل التوترات الإيرانية الأميركية عهداً جديداً من التنافس على المسارح القتالية الاستراتيجية الرئيسية؛ بما في ذلك العراق وأفغانستان. ازدياد نفوذ إيران في العراق وسوريا باطراد، واتساع شبكة وكلائها في لبنان والبحرين واليمن؛ كل ذلك يعني أن إدارة ترامب لا يمكنها ببساطة تمني زوال الإيرانيين. لا بد وأن تتمكن واشنطن من التوصل إلى تفاهم مع إيران حول القضايا الجيوسياسية الحرجة، مثل إعادة إعمار سوريا، والحملة المتواصلة على فلول تنظيم الدولة، ومنع الأوضاع في أفغانستان من الانزلاق إلى الفوضى، وصياغة مصالحة سياسية بين السنة والشيعة في العراق.

لكن ما فعلته الولايات المتحدة في المقابل، هو زيادة احتمال حدوث تصعيد متبادل مع إيران عملاً بمبدأ العين بالعين، وهو تصعيدٌ يتطلب قدراً هائلاً من المصادر الدبلوماسية لتجنب الحرب الإقليمية الكبرى التي قد تترتب عليه، والتي ستضم إسرائيل ودول الخليج وستُحدث الفوضى في كل أرجاء المنطقة.

آريان طباطبائي وكولين بي كلارك

هذا المقال مترجم عن موقع Foreign Policy ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي

 

حرب ترامب الاقتصادية على إيران محكوم عليها بالفشل