fbpx

العراق: نصف عام من الخلاف الكردي بشأن تشكيل حكومة ..

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

وعلى رغم وجود إجماع حول خطورة الموقف جراء الخلافات، لم يؤدِ ذلك الى خروج الدخان الأبيض من غرف التفاوض بشأن حكومة كردستان المحلية التي أصبحت مملة ومكررة، ويؤشر التعثر إلى حجم الانقسامات العميقة التي نشبت داخل المكونات القومية والطائفية نفسها في العراق

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
نيجيرفان بارزاني وقوباد طالباني

اتجه الناخبون الأكراد نهاية أيلول/ سبتمبر 2018 لاختيار برلمان ومعه حكومة في أربيل، كان من المقرر أن تقود مرحلة ما بعد الاستفتاء وترميم العلاقة مع الأطراف العراقية. ما حصل هو أن الانقسام والخلافات بين الفائزين الرئيسيين بشأن الأدوار وتقسيم المناصب، ما زالت تؤخر التشكيلة الوزارية لأكثر من 6 أشهر في سابقة غير معهودة في عمر التجربة الكردية الفتية التي شهدت 8 حكومات منذ بداية التسعينات.

يتكون الإقليم الفدرالي الكردي في العراق من أربع محافظات وتتسابق على المناصب الوزارية ثلاث قوى رئيسية (أحزاب بارزاني(الديمقراطي الكردستاني)، وطالباني(الاتحاد الوطني الكردستاني)، والتغيير) إلا أن العقدة استفحلت، وتقدمت على أزمات بغداد وبيروت في تشكيل الحكومات، على رغم تعقيدات المشهد في العاصمتين المذكورتين وارتباطهما بخلافات إقليمية ودولية.

أدت الانتخابات الى فوز كاسح لحزب بارزاني بـ45 مقعداً من أصل 111، إضافة إلى حصول متحالفين معه على نحو 15 مقعداً، من الأحزاب الصغيرة والمكونات القومية والدينية التي تمتلك الكوتا البرلمانية، إلا أن هذا الفوز اصطدم بواقع الجغرافيا وتقسيم مناطق النفوذ والسيطرة الاقتصادية والأمنية بين الفائز الأول وشريكه وخصمه في الوقت ذاته، المتمثل بحزب طالباني (21 مقعداً) في ما يعرف بمعادلة حزامي السليمانية – أربيل، وحال ذلك دون مضي الفائز في تشكيل الحكومة وإحياء رئاسة الإقليم وفق ديموقراطية “الأرقام” والأغلبية العددية.

حزب بارزاني قدم عروضاً ومبادرات وأبرم 3 اتفاقات مع نظيريه “الاتحاد” و”التغيير”، للتعجيل بالصفقة الحكومية التي صيغت على قاعدة نقل السلطة التنفيذية من بارزاني الأب “مسعود”، الى نجله الأكبر “مسرور”، وابن شقيقه “نيجيرفان”، عبر تولي الأول رئاسة الحكومة والثاني رئاسة الإقليم، ليبقى هو مرجعية سياسية على رأس الحزب والآمر الناهي في ما يتعلق بالقضايا السياسية، لكن شعور حزب طالباني بحاجة “الديموقراطي” الملحة إلى تقنين هذه المعادلة، إضافة إلى الغيرة والحساسية من مصالحة “الديموقراطي” و”التغيير”، أفسدا طعم الفوز وإنجاز “التوريث” على حزب بارزاني لأشهر عدة.

التسريبات والتصريحات توحي بأن الخلافات لا تتعلق بالبرامج ولا البيان الوزاري، وهي الحجة الجاهزة في لبنان وبغداد حين يتأخر تشكيل الحكومات. كلما يخرج المفاوضون بإعلان الوصول إلى اتفاق نهائي مثلما حدث ثلاث مرات، يدخل المشهد الكردي في نفق ضبابي وتعثر أكثر عتمة من السابق، ما أثار تساؤلاً وشكوكاً بشأن انزلاق الإقليم في اتون الصراعات الإقليمية والدولية الحامية في المنطقة، إذ تُحتسب السليمانية منطقة نفوذ لإيران، وأربيل باحة خلفية لتركيا ونموذجاً مفضلاً للدول الخليجية وموقعاً لتجمع الممثليات الغربية والنشاطات الأميركية التي تمتد إلى الشمال السوري عبر معبر “سيمالكا” الحدودية بين الإقليم والأراضي السورية الواقعة شرق الفرات، “روج آفا”.

التعثر الحكومي الكردي يتزامن مع تحديات صعبة يواجهها الإقليم مثل التفاوض على كيفية إدارة مناطق النزاع مع بغداد على طول 1000 كلم، بين الجانبين، وحلحلة القضايا العالقة بين أربيل وبغداد منذ 2003 وإيجاد صيغة للتفاوض الجاد بشأنها، إلى جانب ترميم العلاقة مع الجوار بعدما أصيب بالأضرار جراء “استفتاء الاستقلال”، فضلاً عن تداعيات أزمة مالية عاصفة وخانقة استمرت 4 سنوات، وما زالت آثارها تخيم على الإقليم عبر الديون والتعثر في دفع الرواتب في وقتها. وأضاف نجل الرئيس الطالباني قوباد، تحدياً آخر عبر إبداء قلقه من استثمار الخلافات الكردية من قبل أطراف في بغداد لإضعاف الموقف الكردي في الخلاف القديم الجديد بين المركز والاقليم.

وعلى رغم وجود إجماع حول خطورة الموقف بشأن تلك القضايا المذكورة، لم يؤدِ ذلك الى خروج الدخان الأبيض من غرف التفاوض بشأن حكومة كردستان المحلية التي أصبحت مملة ومكررة، ويؤشر التعثر إلى حجم الانقسامات العميقة التي نشبت داخل المكونات القومية والطائفية نفسها في العراق خلال هذه الدورة البرلمانية، بعدما أصبحت”الكتلة الأكبر” جزءاً من الماضي عبر حيل قانونية وخروقات دستورية.

الخلافات الكردية لم تعثر مخاض الحكومة في كردستان فقط، بل امتدت إلى إبقاء وزارة العدل في بغداد شاغرة، لنحو 6 أشهر بسبب الخلاف بين الحزبين حول من يتولاها، وهنا من يرى أن الخلافات بشأن هذه الوزارة هي “مالية” أكثر من كونها سياسية، لأن المتحكم بها يتحكم بقطاع السجون ودوائر تسجيل العقارات التي تدر الخيرات للأحزاب سواء عبر الشركات المتعاقدة مع تلك المصالح، أو عبر أساليب، كثر عنها الحديث في العراق خلال الفترات السابقة، منها بيع الملفات القانونية وإطلاق السجناء ونقلهم بين المحافظات مقابل صفقات، ما يثير لعاب القوى والأحزاب السياسية العراقية والكردية التي تمتلك كل منها لجاناً ومكاتب اقتصادية لتقييم جدوى المشاريع التي تتحكم بخيارات الأحزاب السياسية.

يراهن كثيرون على التوصل إلى حلول للمشكلات الكردية البينية، إلا أن المؤشرات توحي بأن الحكومة المقبلة وإن ظهرت إلى النور لن تكون كسابقاتها، بسبب فقدان مقومات العمل المشترك ورحيل الزعامات الكبيرة، أو إضعاف دورها قياساً بالمراحل السابقة وتحكم الأجنحة والأفرع الوليدة بقرارات الأحزاب الكردية، وفق تفسيراتها ومصالحها الخاصة.

عن أعداء الكرد ولغتهم…