fbpx

كردستان العراق: قانون انتخاب على مقاس “الرئيس”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا يختلف كثيرون على أن القانون الذي أقر كان نتيجة حتمية لسياسات التوريث وتوزيع كعكة السلطة بين أبرز ثلاثة فائزين، واستمرار سلطات عوائلهم الحاكمة، على غرار الكثير من الأنظمة الحاكمة في المنطقة وفي بلدان الشرق الأوسط

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مرّرتْ الأغلبية النيابية في برلمان كردستان قانوناً لتفعيل رئاسة الإقليم وإعادتها إلى العمل، بعد تجميد دام أكثر من سنة ونصف السنة، إثر انتهاء ولاية مسعود بارزاني. القانون تم تمريره على نحو يفضي إلى انتخاب ابن شقيقه نيجيرفان بدلاً منه، بصلاحيات واسعة وترتيبات صيغت بعناية فائقة لضمان انتقال المنصب، وعلى مقاس المرشح القوي الوحيد لهذا المنصب وفق المقارنات القانونية والمؤشرات الواردة في ثنايا مواده الثمانية.

القانون الذي يعد الأول في الدورة الجديدة لبرلمان كردستان بعد أكثر من 7 أشهر على انتخابه و6 أشهر من انعقاد أول جلسة له، أثار ردود فعل جمة لما احتوته من مفارقات ومآخذ من ناشطين وقانونيين وداخل الوسط النيابي نفسه، أبرزها إلغاء اشتراط وجود الشهادة الدراسية لمن يقدم أوراق الترشيح وعدم إجباره على التخلي عن انتمائه الحزبي قبل انتخابه رئيساً لإقليم كردستان أو بعده.

التسهيلات الواردة في القانون تمهد الطريق أمام رئيس الحكومة المنتهية ولايته نجيرفان بارزاني، ليتسلم المنصب بسهولة بعدما رشحه عمه مسعود بارزاني ومعه حزبه الذي يشكل أكثرية المقاعد بـ45 مقعداً، إضافة إلى تحالفه الوثيق مع مقاعد الأقليات والأحزاب الصغيرة. وسيحل محل نيجيرفان في رئاسة الحكومة مسرور بارزاني الذي هو ابن عم نيجيرفان ونجل بارزاني الأب، الذي يبدو أنه يحرص على إعادة ترتيب محاور القوة داخل عائلة بارزاني، في ظل ضبطته الأمور السياسية الكردية بقوة في الوقت الحالي.  

القانون خرج من مطابخ جولات من التفاوض، استمرت أكثر من ستة أشهر، انحصرت بين الحزبين الحاكمين (الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني)، إضافة الى أبرز قوى المعارضة المتمثلة بحركة التغيير (كوران)، والتي حصلت على منصب نائب الرئيس وعدد من الوزارات، مقابل التخلي عن خصومته السياسية مع الحزبين ومع مشاريع حزب الرئيس المرتقب لسنوات عدة.

ونظراً لحساسية الموقف وعدم تحمله المجازفات والمفاجآت، فرضت رئاسة البرلمان تصويت النواب بشكل علني، للحيلولة دون تمرد أعضاء “مشاكسين” للقوى الثلاث المشاركة في الصفقة أثناء التصويت السري، فيما انقسمت أصوات الأقلية المعارضة للقانون بين المقاطعة والامتناع والاعتراض، من دون أن تتمكن من إيقاف المسيرة، حيث حاز القانون المثير للجدل الذي يفضي الى توريث المنصب بتسهيلات كثيرة، على 89 صوتاً من أصل 111 نائباً، ما يعني أغلبية مريحة.

الاعتراضات على القانون لا تنحصر في ضرب شرط الشهادة الدراسة عرض الحائط في الاستحقاق الرئاسي، خلافاً للأعراف القانونية المتبعة في الأنظمة الديموقراطية، بل إعطاء الرئيس المنتخب صلاحيات واسعة تمنع خضوعه لمراقبة البرلمان الذي ينتخبه، ما يشكل تناقضاً مع النظام البرلماني الذي أقره الدستور العراقي الدائم لحكم البلاد بأقاليمها ومفاصلها كلها.

يشترط القانون الجديد حصول الرئيس على الأغلبية البسيطة من الأصوات لنيل المنصب 56 صوتاً، ما يضع هذا حاجزاً أمام محاولات المعترضين لعرقلة التصويت، وتضمنت النصوص تعيين نائبين للرئيس من التحالف الثلاثي الذي أنتج الصيغة النهائية ومررها، في خطوة عدها كثيرون استحداثاً للمناصب، من أجل الترضية، على غرار الحكومة الاتحادية التي عادة تشهد اختيار ثلاثة نواب من ممثلي المكونات المتناحرة للعراق، لرئيس شرفي جرّده الدستور من الكثير من الصلاحيات وزادت عليه المحكمة الاتحادية راهناً عدم الحاجة إلى انتظار توقيع الرئيس على القوانين ليرى طريقه إلى النشر في الجريدة الرسمية، “الوقائع العراقية”.

المعترضون والساخرون يرون أن القانون الكردي يشجع الأمية لرفع الشهادة عن شروط الترشيح، وآخرون يرونه شهادة وفاة لمشروع التغيير الذي صوّت نواب عليه، بعدما ذاقت حركتهم المعارضة مرارة معارضته صلاحيات الرئيس في الدورة السابقة، عبر طرد وزرائه من الحكومة ومنع رئيس البرلمان المنتمي إليه، من مزاولة عمله في أربيل لمدة عامين، إلا أن الحركة عادت وقبلت بالطبخة الجديدة، مقابل قبوله طرفاً رئيسياً في المثلث الحكومي.

ومقابل هذا السيل من التكهنات، تشدد أطراف القانون على أن ما حدث انتصار للتعاون الكردي، وخطوة تمهد الطريق أمام تشكيل الحكومة بعد طول انتظار، والشروع في استحقاقات المرحلة من الإصلاح والبناء وترميم البيت الكردي المتضرر من الانقسامات العميقة.

وعلى رغم التجاذبات السياسية والحملات الفيسبوكية، التي نشأت بعد إقرار القانون، لا يختلف كثيرون على أن ما حصل كان نتيجة حتمية لسياسات التوريث وتوزيع كعكة السلطة بين أبرز ثلاثة فائزين، واستمرار سلطات عوائلهم الحاكمة، على غرار الكثير من الأنظمة الحاكمة في المنطقة وفي بلدان الشرق الأوسط، حيث تعاني دول كثيرة من تشويه الديموقراطية ونسجها على مقاس الأشخاص في ظل غليان واحتقان مكبوت لشعوب لا تجد طريقة للتعبير عن نفسها، إلا على صفحات التواصل.  

العراق: أميركا التقت الحشد وخطوة بارزانية نحو طهران