fbpx

٢٥ معسكراً… وآلاف من الأطفال الإنتحاريين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

بدأت قصّة محمود مع “داعش”، عندما دخل الأخير إلى قريته الصغيرة في ريف منبج، وانتسب شباب من القرية، منهم ولدا عمه. فكان يرافقهم إلى المسجد فوجد عندهم احتراماً وتقديراً فقده من المحيطين به بسبب مرضه. اذ كان ينعته أقرانه بـ”المجنون” نسبة لوضعه الصحي.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تعيش “أم محمود”، على أملٍ لن يأتي، فابنها محمود (١٤ عاماً)، قُتل وهو يقاتل في صفوف تنظيم الدولة، “داعش”، مع أخيه نهاية عام ٢٠١٦، بغارة لقوات التحالف لكنّها لم تحصل على جثته. فيراودها حلم مجيئه حيّاً، وتكاد لا تصدق أنّ ابنها المريض الذي تأتيه نوبات صرعٍ ويراجع الأطباء قد انخرط في صفوف التنظيم.
بدأت قصّة محمود مع “داعش”، عندما دخل الأخير إلى قريته الصغيرة في ريف منبج، وانتسب شباب من القرية، منهم ولدا عمه. فكان يرافقهم إلى المسجد فوجد عندهم احتراماً وتقديراً فقده من المحيطين به بسبب مرضه. اذ كان ينعته أقرانه بـ”المجنون” نسبة لوضعه الصحي.
كانت تسجيلاتهم تظهر رجال التنظيم بأنهم “رجال الله المختارون، وفئته المنصورة الباقية التي لا تقهر آخر الزمان”. اختفى محمود مع عدد من أطفال قريته. سأل أهله عنه في مقرات التنظيم في منبج دون جدوى. وبعد شهرين عاد الفتى وأصبح شخصية داعشية مؤدلجة عقائدياً بعد خضوعه لدورة عسكرية شرعية مكثفة في ريف حمص. جهدت أمّه لإقناعه بترك التنظيم، لكنّه فضّل الموت.
أدرك “داعش” منذ البداية أنّ فكره المتطرف لا يلقى النجاح المطلوب رغم سيطرته العسكرية في فترة ما على مساحة تزيد عن مساحة بريطانيا. فوجد ضالته عند الأطفال وأسس ما يعرف بِـ “أشبال الخلافة” لرفد التنظيم بمقاتلين يحملون عقيدته، ويدافعون عنها مئة في المئة.
معسكرات التنظيم
أنشأ عدداً كبيراً من معسكرات “أشبال الخلافة” في مناطق سيطرته منها، معسكر” أشبال العز” في مدينة الطبقة في ريف الرقة الغربي، ومعسكر الزرقاوي، ومعسكر “الشركراك” في ريف الرقة الشمالي، ومعسكر “الطلائع” داخل مدينة الرقة، والمعسكر الشرعي للأشبال خاص بالأطفال دون ١٦ عاماً، ومعسكر أسامة بن لادن في مدينة معدان بريف الرقة الشرقي.
أما محافظة دير الزور، فكانت تضمُّ أكثر من ٨ معسكرات خاصة بـ “أشبال الخلافة” موزَّعة على جميع أنحاء المحافظة ومن أهمها، معسكر “منجم الملح” أو كما يعرف داخل التنظيم بـ معسكر “الفاروق” في بلدة الطريف غرب دير الزور. ومعسكر “الجفرة” في قرية الجفرة بريف دير الزور الشرقي، ومعسكر “السوسة” في بلدة السوسة شرق دير الزور، ومعسكر “البتار” في معمل غاز “كونيكو”، ومعسكر “مزارع النخيل”، ومعسكر “أشبال الزرقاوي” في مدينة الميادين شرق محافظة دير الزور، ومعسكر الأشبال في مدينة البو كمال، ومعسكر “المدينة”. وبحسب أرقام غير رسمية فإنّ عدد الأطفال الذين انضموا إلى تنظيم “داعش” خلال فترة وجوده بمحافظة دير الزور، بلغ ما يقارب ٢٠٠٠ طفل من جميع أنحاء المحافظة، وقتل الكثير منهم خلال معارك التنظيم مع قوات الأسد في المحافظة وأثناء معارك التنظيم مع قوات سورية الديموقراطية “قسد”، واعتمد “داعش”،على الكثير منهم في العمليات الانتحارية.
أما معسكرات “دمشق” فهي: معسكر “أشبال الخلافة” جنوب دمشق، ومعسكر “أسود اليرموك” في حي اليرموك المحاصر بالعاصمة دمشق.
وكان له معسكرات في حلب، هي: معسكر “العسرة” في منطقة شعيب الذكر على الحدود الإدارية الجنوبية الشرقية لحلب. والحدود الإدارية الجنوبية للرقة، ومعسكر في مطار الجراح بريف حلب الشرقي، ومعسكر “الجبول” في منطقة الجبول بريف حلب الجنوبي الشرقي، ومعسكر سد تشرين قرب منبج.
ومعسكرات محافظة حمص تشمل: معسكر “أشبال الخلافة” في مدينة تدمر يريف حمص الشرقي.
معسكرات حماة: معسكر “أشبال الخلافة” في عقيربات. ومعسكر “أشبال الخلافة” في ولاية البادية، التي تضم بادية محافظة حماة ومحافظة حمص. ويوجد معسكر لأشبال الخلافة أقامه جيش خالد بن الوليد المبايع لـ “داعش”، في مناطق سيطرته في وادي اليرموك غرب محافظة درعا.
أسباب الانتساب
تتعدد أسباب وعوامل جذب الأطفال لصفوف التنظيم، فنسبة جيدة من منتسبي مدارس “أشبال الخلافة”، من أبناء عناصر التنظيم سواء الأحياء أو الأموات، وقد عرض التنظيم في عدد من إصداراته نماذج لهؤلاء منهم الطفل “طلحة التركي” الذي تحدث عن وصية والده له بمقاتلة المرتدين والكفار لإقامة الشريعة، ويظهر طفل شيشاني قُتل والده وأمه وشقيقه بقصف للتحالف على الرقة.
كما لم يجد الأيتام طريقاً بديلاً، فانخرطوا في مدارس “أشبال الخلافة”، واستغل التنظيم الحالة المادية لجذب عدد كبير من الأطفال حيث كان يدفع بالبداية رواتب مغرية للمراهقين مقارنة بأعمارهم، كما نجحت وسائل الدعاية والإصدارات الإعلامية في جذب عدد من المراهقين الباحثين عن المغامرة والمجد الشخصي، ومعظم هذه الشريحة انتسبت مخالفةً رغبة أهلها.
“أشبال الخلافة” عقب انهيار “الخلافة”
مع انحسار “داعش”، عن معظم المناطق التي كانت خاضعة لسيطرته في سوريا والعراق وبدء عناصره بالهرب، بقى ملف “أشبال الخلافة” أهم الملفات التي سوف يورثها التنظيم للمجتمعات المحلية.
فمرحلة الانهيار الكبير التي يعيشها التنظيم، تسببت بهروب الكثير من عناصره المحلية والأجنبية. إلا أنّ فئة الأطفال المنتسبين للتنظيم في فترات سابقة أو ما يعرف بأشبال الخلافة تعد الفئة الأكثر تمسكاً بالتنظيم والتي اعتمد عليها “داعش” نتيجة إيمانها المطلق به بعد أن رسَّخَ فيها أفكاره.
قسم كبير من هؤلاء الأطفال قُتِل في فترات سابقة نتيجة معارك التنظيم في سوريا والعراق مع مختلف أعدائه أو نتيجة القصف المباشر لمعسكرات كان يتواجدون فيها من قبل التحالف الدولي، كما حدث في الرقة ومحافظة دير الزور.
أمّا الذين ما زالوا على قيد الحياة ينقسمون إلى قسمين
القسم الأول وهم الغالبية يتمسكون بـ”داعش”، ويرفضون تركه وهم أشبه بآلات بُرمِجت نتيجة إيمانها المطلق بالتنظيم فكرياً وتنظيمياً وهؤلاء سيقاتلون إلى جانب التنظيم حتى اللحظة الأخيرة. ودائماً ما يستخدمهم التنظيم على خطوط الجبهة الأولى أو في العمليات الانتحارية وينسحبون مع التنظيم مع كل خسارة إلى ما تبقى له من مناطق سيطرة.
أمّا القسم الثاني الذي التحق بالتنظيم لأسباب تتعلق بمكسب مادي أو بحثاً عن سلطة فهؤلاء لم ينجح التنظيم في زرع أفكاره داخلهم وبدأوا بالهرب من صفوفه بعد فقدانه عوامل بقائه، ويتجه هؤلاء الأطفال مع ذويهم إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية لأسباب عدة منها عدم معرفة تلك القوات أنهم عناصر سابقين في التنظيم، ولعدم التعرض لهم في حال معرفة “قسد” أنهم من عناصر التنظيم بسبب تركيزها البحث عن القيادات المعروفة محلياً وأجنبياً، وبعضهم يهرب إلى مناطق شمال وشرق حلب ثم تركيا رغم مخاطر اعتقالهم من الفصائل المحلية.
العلاج
ويعد “أشبال الخلافة”، قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أية لحظة في حال لم تعالج بطرق منهجية علمية. قال أحد أعضاء المركز السوري لمكافحة الغلو والتطرف، عباس شريفة، “نحن على مشارف انهيارات كبيرة في صفوف التنظيم، وهذه الانهيارات ستؤدي لتغلغل عدد منهم في المجتمع في الريف الشمالي، ومنهم من يحاول الهرب إلى أوروبا”.
ووضعت هذه القضية القائمين على المركز أمام تحد كبير فوضعهم بالسجن ليس حلاً دائماً، وإخراجهم قد يتسبب بمشكلة كبيرة، ولا سيما إذا بقي بعضهم حاملاً للفكر المتطرف.
وفيما يخصّ الأطفال تحديداً، يوضح شريفة، أنّ “الطفل الداعشي مستعد للجريمة، وسجنه أمر احترازي، ويجب إخضاعه لبرامج علاج لحل مشكلته. فنبحث في دوافع الانتساب لداعش فهناك أطفال دفعهم حب المغامرة والاستكشاف، وهناك من عنده دوافع إجرام. وقليل منهم من التحق لأسباب فكرية وعدد قليل جداً انخرط بالتنظيم عن عقيدة”. فهناك أسباب اقتصادية ونفسية، ونحن نبحث بالأسباب ويمكن بعدها البدء بالعلاج على هذا الأساس.

[video_player link=””][/video_player]