fbpx

عبد الملك الحوثي أشرَكنا في الجريمة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

المأساة صارت مملة لكثرة ما تكررت. وكان آخرها حين مثل الحوثيون بجثة علي عبدالله صالح بعد أن قتلوه. وفي نفس اليوم ظهر زعيمهم وأعلن بصفاقة المجرم غبطته. مجرم قتل مجرماً! وفي هذا ذروة الجريمة. فهل يكفي اختلال العدالة حتى نرثي قاتلاً، ومن جهة أخرى هل من اختلال في العدالة أوضح من أن يموت علي عبدالله صالح، على أيدي قتلة مثله؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

هل يمكن لواحدنا أن يرثي الرئيس اليمني المخلوع، علي عبدالله صالح، على رغم ما يحفل به تاريخه من فساد ودماء؟ وهل تكفي هوية قتلته لكي نعفيه مما تسبب به لليمن ولأهله؟ لقد قُتل الرجل على أيدي مجرمين مثله، تماماً كما أُعدم صدام على أيدي قاطعي رؤوس متسلحين بقانون الدولة المذهبية الجديدة، وسُحِل القذافي في سياق مشابه، وقبل ذلك بعقود وعقود انتهكت جثة عبد الكريم قاسم، على أيدي “أفراد من الشعب”.
المأساة صارت مملة لكثرة ما تكررت. وكان آخرها حين مثل الحوثيون بجثة علي عبدالله صالح بعد أن قتلوه. وفي نفس اليوم ظهر زعيمهم وأعلن بصفاقة المجرم غبطته. مجرم قتل مجرماً! وفي هذا ذروة الجريمة. فهل يكفي اختلال العدالة حتى نرثي قاتلاً، ومن جهة أخرى هل من اختلال في العدالة أوضح من أن يموت علي عبدالله صالح، على أيدي قتلة مثله؟
المأساة نفسها تتكرر. صدام صار بطلاً، بعد أن مُثل بجثته. هذه المأساة تفوق بضراوتها حقيقة أن صدام مجرمٌ. علينا أن نخاف من مصير مشابه لبشار الأسد، ذاك أنه كفيل برده إلينا بطلاً أيضاً. القتلة، قتلة صدام وقتلة علي عبدالله صالح يجب أن يحاكموا لسببين، الأول على جريمتهم الأولى المتمثلة بفعل القتل، والثانية على تحويلهم مجرم بطلاً.
وبهذا المعنى فإن الثورات على الطغاة تنطوي على قدر من انعدام العدل، فهي تشتغل بنفس منطق الطغاة، وما أكثر ما اختبرنا هذه الحقيقة. عبدالملك الحوثي قتل علي عبدالله صالح، إنها اللحظة التي تعثر فيها حثالة رعاع على من يظهر على الشاشة ويعلن غبطته بفعلتها. أن يقول لنا ذلك الرجل أننا كلنا رعاع، وأن يعرض علينا أن نُفرج وجوهنا لرأس مهشم.
ليس هذا جديداً علينا. السحل مشهد عايناه منذ كنا أطفالاً، وكان علينا أن لا نخاف من الأشلاء، وأن نعود بعدها إلى أمهاتنا وأن لا نخبرهن بما جرى. فقط نبتسم ليفهمن أننا اختبرنا الطقس وأننا على وشك أن نصير رجالاً.
حين قُطع رأس صدام تقاسم القادة قطعاً من الحبل الغليظة التي فصلت الرأس عن الجسم. صار لدى كل واحد منهم قطعة من الجريمة ومن رأس المجرم. وها هم الحوثيون يُكررونها، إلى أن صار علي عبدالله صالح بطلنا جميعاً.
يومان فقط فصلا المجرم عن البطل. يومان تكثف فيهما تاريخنا الحافل بالغدر، ولكن الحافل أيضاً بالفراغ وبقدرة الجريمة على جعلنا مجرد بكائين على جنازة قاتل.
أي مأساة هذه أن نجد أنفسنا أمام مشهد عبد الملك الحوثي يقتل علي عبدالله صالح! مَن قتل مَن؟ من وضعنا أمام هذا الخيار؟ هل من استحالة أقوى من هذه الاستحالة؟
تقول الرواية أن “داعش” مسخاً غريباً سقط على رؤوسنا من السماء. قطع رؤوساً وأحرق جثثاً. صدقت الرواية، وأشحنا وجوهنا عن مشهد شعوب تقطع رؤوساً وتحرق جثثاً. من قاتل “داعش” فعلها أمام أعيننا كلنا، والأشد قسوة أنه فعلها بعدونا، وفي هذه اللحظة صار كل واحدٍ منا جزءاً من المشهد ومن الفعلة. لا أحد بريئاً من صورة صالح قتيلاً. أشرَكنا القاتل بجريمته، وظهر بعدها على الشاشة عارضاً علينا الغبطة والفرح. قتل عدونا على نحو أفدح مما كان عدونا يقتلنا. فهل من شيء أقسى من أن نتفوق على صدام حسين وعلي عبدالله صالح ومعمر القذافي في الجريمة؟
الشعب ليس بريئاً من دم الطاغية، وها هما يتبادلان الأدوار. الظلامة الشيعية في العراق كشفت عن أنياب جلاد يفوق صدام فتكاً، وأصحاب “الحق السليب” في اليمن قبلوا قاتلهم في ستة حروب حليفاً على مذبح الارتهان لطهران، ثم ما لبثوا أن قتلوه لا عقاباً على قتلهم، بل ما أن لاحت بوادر انشقاق. سُحل معمر القذافي على يد الشعب. وقبل ذلك بعقود كان طفلاً في جنوب لبنان يعاين سيارة للفدائيين تسحل جندياً عميلاً لإسرائيل، وصفق أهل القرية لـ”الأبطال”، فيما مشهد الأشلاء ما زال ماثلاً في ذاكرة الطفل الذي صار اليوم رجلاً، ويعيده إلى والده البعثي التقدمي الذي كان حكى له عن أن الشعب كان فعل ذلك بالعميل عبد الكريم قاسم في العراق. لكن الطفل نفسه وما أن وصل إلى العراق بعد سقوط صدام، وقصد النجف، مدينة أجداده، حتى قرأ على جدار الحضرة العلوية عبارة “ماكو زعيم إلا كريم”. وبالأمس ردد يمنيون كانوا شاركوا في الثورة على صالح عبارة يمكن شطرها على نحو موازٍ: “ماكو زعيم إلا عفاش”. هنا تماماً تكمن جريمة عبد الملك الحوثي.

[video_player link=””][/video_player]

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 27.03.2024

“بنك عودة” في قبضة الرقابة السويسرية… فما هو مصدر الـ 20 مليون دولار التي وفّرها في سويسرا؟

في الوقت الذي لم ينكشف فيه اسم السياسي الذي قام بتحويل مالي مشبوه إلى حساب مسؤول لبناني رفيع المستوى، والذي امتنع بنك عودة سويسرا عن ابلاغ "مكتب الإبلاغ عن غسيل الأموال" عنه، وهو ما ذكره بيان هيئة الرقابة على سوق المال في سويسرا "فينما" (FINMA)، تساءل خبراء عن مصدر أكثر من 20 مليون دولار التي…