fbpx

لماذا يخلق تغير المناخ جيلًا جديدًا من الزوجات القاصرات؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

يؤدي الاحتباس الحراري، إلى تفاقم الجفاف والفيضانات. تتدنّى مداخيل المزارعين، ويتمّ التخلي عن الفتيات، اللواتي لا تزيد أعمارهنّ عن ال١٣ عامًا، لتجنب خطر الفقر.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يؤدي الاحتباس الحراري، إلى تفاقم الجفاف والفيضانات. تتدنّى مداخيل المزارعين،  ويتمّ التخلي عن الفتيات، اللواتي لا تزيد أعمارهنّ  عن ال١٣ عامًا، لتجنب خطر الفقر.
يمكن القول أن تغير المناخ، هو أحد أكبر التهديدات التي تواجه التنمية والأمن العالمي. وعندما نفكر في تغير المناخ، قد نتصور ارتفاع منسوب مياه البحر، وندرة الموارد والكوارث الطبيعية. ولكن تتضاعف الأدلة التي تشير، إلى أن تغير المناخ يُزيد أيضًا من معدلات زواج الأطفال في جميع أنحاء العالم. من هنا، بات الزواج المبكر قضية هامة في سياق الجفاف والمجاعة في إفريقيا.
حكاية نتونيا
تكفّل الفيضان، بجعل السنة الأولى من عمر المراهقة ل نتونيا ساندي، بأن تكون أيضًا السنة الأولى من حياتها الزوجية. وحتى اللحظة التي اجتاحت فيها المياه حقل والديها، في كاشاسو، في منطقة نسانجي في ملاوي، كانوا يشقون طريقهم بصعوبة في الحياة. بعد ذلك كانوا يقتاتون ببيع القليل من الحطب.
لذلك عندما جاء شاب إلى بابهم، وطلب يد ابنتهم البالغة من العمر ١٣ عامًا للزواج، لم يفكر الأبوين في ذلك لفترة طويلة، خشيةً أن يبحث في مكان آخر. توسلتهم نتونيا ليغيروا رأيهُم، وقالت متضرعةً أنها لازالت صغيرةً جدًا، ولا ترغب في المغادرة. ولكن كان ذلك دون جدوى. أجلسها والديها وبينوا لها أن الطقس قد تغير، وأخذ كل شيء منهم. لم يكن هناك ما يكفي من الغذاء، ولن يتمكنوا من تحمل إطعام فمٍ آخر على الطاولة.
استلقت نتونيا على السرير، تلك الليلة ولأول مرة، مع رجل لم يسبق لها رؤيته من قبل، واتبعت تعليمات عمتها، والتي أعطتها نصائح هامة عن الجنس. وبعد عشرة أشهر، أنجبت ابنتهما الأولى.
الزواج المبكر
تتعرض نحو مليون ونصف المليون فتاة في ملاوي، لخطر الزواج المُبكر بسبب تغير المناخ. وهو بالتأكيد عددٌ كبير.
كل فرد لديه فكرته الخاصة حول ما يبدو عليه تغير المناخ. بالنسبة للبعض، يتجسّد ذلك في معاناة حيوانات الفقمة، التي تكافح للعثور على مكان فوق الجليد الذائب والعائم على الكوكب الأزرق. بالنسبة للبعض الآخر، إنها كابوسٌ مروّع لكيف سينتهي العالم، حيث تختفي المدن تحت الأمواج. ولكن بالنسبة للمزيد والمزيد من الفتيات، في جميع أنحاء قارة  أفريقيا، فإن أكثر مظاهر تغير المناخ وضوحًا لهن، هو رؤيتهن لأصدقائهن وهن ذاهبات إلى المدرسة، بينما هنّ يجلسن حاملات أطفالهن بين أذرعهنّ. مشروع عرائس الشمس، هو مشروع لتقديم التقارير بتمويل من مركز الصحافة الأوروبي، أُسس في محاولة لتقييم حجم الأزمة الحقيقية والمتعاظمة التي يُحذر منها العديد من الخُبراء، وهي ظهور جيل من الزوجات القاصرات كنتيجة مباشرة لتغير المناخ.
ومرةٌ تلو الأخرى، في القرى من جنوب ملاوي إلى الساحل الشرقي لموزمبيق، قصّت الزوجات القاصرات وأولياء أمورهن تلك القصص المألوفة، والمنتشرة على نحو متزايد. فقد لاحظوا ارتفاع درجات الحرارة في السنوات الأخيرة، وأصبحت الأمطار أقل قابلية للتنبؤ، وبدأت في التأخر، بل وأحيانًا تحدث فيضانات فى الأماكن التي لم يكن هناك فيها فيضانات من قبل. وأبلغت الأسر التي كانت قادرة في الماضي على إطعام وتعليم العديد من الأطفال أنهم يواجهون الآن مهمة مستحيلة.
ولم تتوافر لهذه القرى أي وسيلة علمية لتسجيل التغييرات، و لم يكن هناك رغبة ملحة للقيام بذلك. كل ما عرفوه هو أن الطقس قد تغير، و بينما كانوا قادرين على دفع مصاريف ذهاب  فتياتهم الى المدرسة، فإنهم لن يتمكنوا من ذلك الآن. والحل الوحيد هو أن تتزوج بنت أو أكثر.
في بعض الأحيان كان الآباء هم من يتخذون القرار، فلمصلحة بقية العائلة، لابد من التضحية بإحدى البنات، التي كانت تُجبر على ترك المدرسة لإيجاد زوج، فم واحد أقل لإطعامه. في بعض الأحيان كانت الفتاة نفسها، هي من تتخذ القرار، وتُجبر والديها عليه، لكونها غير سعيدة، وجائعة، فهي تأمل أن الزواج قد يكون الجواب.
قدّرَ صندوق الأمم المتحدة للسكان، في عام ٢٠١٥، أن ١٣.٥ مليون طفل، دون سن الثامنة عشرة، تزوجوا بنهاية ذلك العام وحده. وتُقدر عدد زيجات الأطفال كل يوم حوالي ٣٧،٠٠٠ منهم ٤.٤ مليون طفل يتزوجون قبل بلوغهم سن الخامسة عشر. وفي جميع أنحاء إفريقيا، حذّرت  منظمة الأمم المتحدة للطفولة(يونيسف)، في عام ٢٠١٥، من أن العدد الإجمالي للزوجات القاصرات، يمكن أن يزيد عن الضعف ليصل إلى ٣١٠ مليون بحلول عام ٢٠٥٠ إذا استمرت الاتجاهات الحالية.
هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأطفال يتزوجون في سن مبكرة. إذ، تعتبر عملية بسيطة في بعض المجتمعات، فعندما يصل الأطفال إلى سن البلوغ، يبدأ السلوك الجنسي والذي يمكن أن يحمل معه خطر الحمل. أما في أماكن أخرى، فالفقر هو الدافع، عندما لا يستطيع الوالدان تحمل تكاليف إطعام العديد من الأطفال، فإنهم يميلون إلى أن الفتيات هن اللواتي يتعين عليهن الذهاب.
ولكن مع ذلك، يتزايد الوعي بهذه القضية وهناك رغبة معلنة من الحكومات في معالجتها.عام ٢٠١٥، قررت ملاوي، جعل الزواج  دون سن الثامنة عشرة، غير شرعي، وأقرت ذلك في دستورها هذا العام. وعلى الرغم من أن معدل زواج الأطفال ينبغي أن ينخفض، إلا أنه لا يزال قائمًا. وفي موزمبيق، يرتفع بالفعل عدد الزوجات القاصرات نتيجة لتزايد عدد السكان.وهناك شيئًا آخر قد دخل في المعادلة. والعامل الجديد هو تغير المناخ، وفقا لما يقوله المدير التنفيذي لشبكة الشباب والاستشارات،ماك باين مكنداوير، وهي شبكة تنظّم حملات لحقوق النساء والأطفال من قاعدتها في مدينة زومبا في ملاوي. يقول مكنداوير،”ليس لدينا أرقام تفصيلية، لكن يمكنني القول أن ٣٠٪ إلى ٤٠٪ من زواج الأطفال في ملاوي، ناتج عن الفيضانات والجفاف الناجم عن تغير المناخ”. وأضاف إنه لا توجد أرقام مفصلة، لأنه لم يفكر أحد في السابق في الربط بين القضيتين وطرح الأسئلة الصحيحة. “بالنظر إلى أن هناك حوالي ٤ أو ٥ ملايين فتاة معرضة لخطر الزواج في ملاوي، فإن حوالي ١.٥ مليون فتاة معرضة لخطر الزواج، بسبب الأحداث المتعلقة بتغير المناخ. وهذا يعتبر عدد كبير.”
وقد لا تعبر الأرقام المنشورة عن حجم المشكلة لأن العديد من الزيجات تتم بطريقة غير رسمية، وغير مسجلة رسميًا. وغالبًا ما تكون مجرد اتفاق بين عائلتين، أو إذا لم يكن هناك آباء فهي اتفاق بين الصبي والفتاة، وفي بعض الأحيان يدفع الزوج  أو عائلته مهرًا صغيرًا.
تعتبر موزمبيق واحدة من أفقر دول العالم، حيث يعيش ما يقرب من ٧٠٪ من سكانها البالغ عددهم ٢٨مليون نسمة تحت خط الفقر. وهي معرضة بشكل خاص لتغير المناخ، تحذر اللجنة الهولندية للتقييم البيئي من أن “المخاطر المرتبطة بالمناخ مثل الجفاف والفيضانات والأعاصير تحدث بوتيرة متزايدة”.
السن القانونية للزواج هي ١٨ سنة،  ١٦ سنة بموافقة الوالدين، ولكن لا تزال موزمبيق تشهد أعلى معدلات زواج الأطفال في العالم، حيث تتزوج فتاة واحدة تقريبًا، بين كل فتاتين بعمر ١٨ سنة، وواحدة من كل سبعة أطفال في سن ١٥ سنة.
عبر الحدود إلى ملاوي، تَزوج ما يقرب من نصف الفتيات في البلاد في سنّ ١٨ عامًا، وحوالي فتاة واحدة من كل ١٠ فتيات تزوجت من عمر ١٥ سنة. وتقع ملاوي في المرتبة الحادية عشر بين الدول الأسوأ من حيث زواج الأطفال في العالم في تصنيف منظمة اليونيسف.
الفقر هو العامل الرئيسي الذي يكرّسه تغير المناخ على نحو متزايد. ويشير صندوق النقد الدولي إلى أن ٧٠٪ من السكان البالغ عددهم ١٩ مليون نسمة، يعيشون تحت خط الفقر، و 25٪ يعيشون في فقر مدقع: “بالنظر إلى أن عدًدا كبيرًا من غير الفقراء في المناطق الريفية معرضون بشدة لصدمات الطقس، فمن المتوقع أن يزداد معدل الفقر بسبب آثار الفيضانات والجفاف الأخيرة. ”
ويقول خبير دائرة تغير المناخ وخدمات الأرصاد الجوية في ملاوي، أموس متونيا، إن التغيرات في الطقس فاجأت المزارعين. “عندما يبدأ المطر، فإنهم يبدأون على الفور في الزراعة. ولكن بعد مرور ثلاثة أسابيع، يدركون أن كل ما زرعوه قد جف.” ويضيف “لذلك بالنسبة للبعض، التخلي عن ابنتهم الطفلة يمكن أن يكون فرجًا. ويمكن أن يساعد أيضًا عائلة الزوج، لأنه يصبح لديهم شخصًا إضافيًا للمساعدة في الأعمال المنزلية. بالطبع تلعب التقاليد دورها، ولكن تغير المناخ سيشجع الناس على الزواج المبكر.”
وقد ذكر تقرير الحكومة الخاص عن الفيضانات عام ٢٠١٥ زواج الأطفال، كأحد الآثار الجانبية لهذه الكارثة، وهي وجهة نظر تشترك فيها مجموعة حملة “أطفال ولسن زوجات”. يقول مديرها التنفيذي، لاكشمي سوندارام، “إذا لم نتصرف الآن فإننا نخاطر بتخريب جيل آخر من الطفولة”.

المقال مترجم عن الرابط التالي
[video_player link=””][/video_player]