fbpx

زاسبيكين: “روسيا لم تنقذ سوريا فحسب بل لبنان أيضاً”… حقاً؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لبنان دولة صغيرة في الشرق الأوسط، تربطها حدودها الطويلة مع كل من سوريا وإسرائيل. منح الموقع الجغرافي هذا البلد مكانة خاصة في جميع النزاعات المعاصرة في الشرق الأوسط فكيف تنظر روسيا الى هذا البلد؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بقلم:إيلينا ميلاشينا أولغا بوبروفا

لبنان دولة صغيرة في الشرق الأوسط، تربطها حدودها الطويلة مع كل من سوريا وإسرائيل. منح الموقع الجغرافي هذا البلد مكانة خاصة في جميع النزاعات المعاصرة في الشرق الأوسط، بداية من النزاع العربي – الإسرائيلي وحتى النزاع السوري الحالي. اعتماداً على ذلك، استطاع الديبلوماسيون الروس الموجودون في لبنان مراقبة الكثير من الأحداث الإقليمية من زاوية خاصة. لا تتوافق هذه الرؤية دائماً مع الصورة التي تتطور في رأس مراقب بسيط يحاول تحليل الأحداث من وجهة نظر قاصرة. والأهم من ذلك هو الحوار الذي وافق سفير الاتحاد الروسي في لبنان ألكسندر سيرغيفيتش زاسيبكين، على إجرائه مع صحافيين من نوفايا “غازيتا”.

السفير زاسبيكين

نوفايا: يتحدّث ممثلو روسيا في مواقع حكومية حالياً عن الحاجة إلى تسهيل عودة اللاجئين. ويعد لبنان واحداً من أكثر البلدان تضرراً، إذ يتركز فيه 1.5 مليون لاجئ. أخبرنا كيف تسير العملية هنا في لبنان، وكيف يمكن أن تساهم روسيا فيها؟

زاسبيكين: “في السنوات الأخيرة، أضحى لبنان، كما روسيا، مؤيداً لعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، في ظل ظروف مناسبة بالطبع. وقد أتيحت الفرصة لاستبيان الآراء والخطوات الجدية في الفترة الأخيرة، عندما تم تحرير مناطق كبيرة من الإرهابيين في سوريا. أي أن الوقت قد حان لإجراء تغييرات نوعية للأفضل، بما في ذلك العودة الجماعية للاجئين أو، على وجه التحديد، ما يمكننا أن نطلق عليهم الأفراد النازحين والمستوطنين موقتاً.

طالبنا بهذا في تموز/ يوليو من العام الماضي، وبدأنا المساهمة في حل العقبات الناشئة في هذا السياق، وتعتمد جهودنا بالطبع على الجهود المبذولة في سوريا، حيث تتم إعادة إعمار البنية التحتية والمساكن. تتخذ السلطات السورية تدابير إدارية وغيرها لتسهيل إعادة توطين اللاجئين العائدين. بهدف تنسيق الجهود، أنشأ الجانب الروسي مركزاً لاستقبال اللاجئين الراغبين في العودة إلى الوطن وتوزيعهم وتسكينهم في دمشق. يجتمع مسؤولو التنسيق بين الإدارات بانتظام في موسكو، أما بالنسبة إلى لبنان، فتتواصل سفارتنا مع السلطات المحلية في إطار اللجنة اللبنانية الروسية.

علي أن أضيف أن اللبنانيين رحبوا فوراً بالمبادرة الروسية. ومع ذلك، ينبغي ألا ننسى أنه بينما لا يتبنى الإجماع الوطني في لبنان أي نية على الإطلاق نحو إمكان تجنيس اللاجئين السوريين في لبنان، فما من اتفاق نهائي في الدوائر السياسية حول ما إذا كان من الضروري تشجيع العودة إلى الوطن في الظروف الحالية. يهدف الرئيس ميشال عون إلى التحرك نحو تحقيق هذا الهدف، وتتمتع رؤيته بدعم واسع النطاق في البرلمان والحكومة.

بينما يظهر رأي آخر في المسألة، وهو أنه يجب تأجيل إعادة الإعمار في سوريا، حتى يتم التوصل إلى تسوية سياسية للصراع السوري. وهو الموقف الذي تلتزم به الدول الغربية ودول الخليج العربي الغنية وتؤيده، وهي تستمر في معارضتها للسلطات السورية وتسعى دائماً إلى التصريح بأن الوضع الحالي لا يقترب على الإطلاق من الوضع الطبيعي المفترض للدولة.

في أي حال، سيتم العمل على عودة اللاجئين إلى الوطن وفقاً لجميع المعايير الدولية التي تحدد شروطاً معينة، يجب أن تطبّق لاعتبار سوريا منطقة آمنة. الناحية اللوجستية، تضمنها الإدارة العامة للأمن العام في لبنان ذلك، وهي الجهة التي تتلقى طلبات اللاجئين وترسلها إلى جهاز الأمن السوري”.

نوفايا: هل تعرف حالات معينة يتم فيها منع بعض اللاجئين من العودة لسوريا؟

زاسبيكين: “نعم، هناك بعض الحالات. على سبيل المثال، إذا كانت لدى سلطات الأمن السورية بيانات عن نشاط إجرامي لدى أي من اللاجئين في تكوين الجماعات المسلحة غير القانونية، فسيُمنع هؤلاء الأشخاص من الدخول كونهم مطلوبين من السلطة القانونية وعرضة للاعتقال. وهذا أمر طبيعي ألا يسمح لمثل هؤلاء بالعودة إلى البلاد بهدف حماية الوضع هناك من التفاقم، وهذا تفكير سليم تماماً. صحيح أنه من الضروري تشجيع الجميع على العودة إلى الوطن، ولكن على كل شيء أن يكون تحت السيطرة. من المستحيل أن نفتح كل الطرق لتيسير العودة في وقت واحد.

بالنسبة إلى المستقبل، ربما يعتمد الأمر كثيراً على كيفية تطور مسألة العفو. في البداية، لم يكن هناك أي مساحة للعفو على الإطلاق؛ أما الآن فقد صدر قانون للعفو عن الذين تهربوا من الخدمة العسكرية، وقد يسّر هذا المزيد من الفرص للعودة. ومن المهم إكمال خطة القضاء على الوجود الإرهابي، وبخاصة في إدلب، لاستعادة سيادة الدولة في جميع أنحاء سوريا، ما يحسن المناخ العام، ويعزز الاستقرار عموماً في سوريا”.

نوفايا: لقد أُخبرنا أن لدى “حزب الله” تفويضاً مستقلاً تماماً للتفاهم على عودة اللاجئين. هل هو مخوّل فعلاً لفعل ذلك؟

زاسبيكين: “بالنسبة إلى التفويض الرسمي، لا، هو لا يحمل الصفة الرسمية لذلك. تحاول أحزاب عدة المساعدة، بما في ذلك “حزب الله”؛ فهو على اتصال باللاجئين، ويقوم بمهمة توضيح إمكانات التسوية عند العودة، ويضع قوائم بأسماء الراغبين فيها، ثم يبلغ جهاز الأمن العام اللبناني بتلك القوائم”.

نوفايا:إذا ابتعدنا قليلاً من مسألة اللاجئين – كيف تسير علاقاتكم مع “حزب الله”؟

زاسبيكين:”يعتمد نهجنا في العلاقة السياسية على حقيقة أن “حزب الله” هو حزب سياسي وفصيل من فصائل المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، وقد بدأت معارضته الاحتلال إبان الثمانينات في إطار الصراع العربي – الإسرائيلي. في السنوات الأخيرة، مع استمرار المواجهة مع إسرائيل، شن الحزب الحرب على الإرهاب في سوريا، وحارب التكفير الإرهابي الذي تقاتله روسيا بدورها، وكل يمارس نشاطات إرهابية تحت ظل “القاعدة” مثل النصرة، وتنظيم الدولة الإسلامية (من المنظمات المحظورة في روسيا) وما شابه ذلك. لذلك على الجبهة السورية، نحن و”حزب الله” نقاتل معاً عدواً واحداً مشتركاً.

في الوقت نفسه، تجدر الإشارة إلى أن “حزب الله” يلعب دوراً مهماً في مسألة تحقيق الاستقرار في لبنان، كما يبذل قصارى جهده من أجل تعاون الأحزاب الرئيسية في البرلمان والحكومة.

لاستيعاب ما يحدث الآن بشكل أفضل، نحتاج إلى الرجوع قليلاً بالزمن وتذكر ما يسمى “الربيع العربي”. بدأ كل شيء بالنداء بشعارات ديموقراطية، لكن سرعان ما انتقلت كل التحركات إلى مرحلة المواجهة المسلحة. برزت الجماعات السنية المتطرفة في مقدمة الحركة في كل مكان تقريباً. لعب “الغربيون” هذه البطاقة للإطاحة بالأنظمة العربية غير المقبولة التي لم يستطيعوا السيطرة عليها، مثل صدام حسين في العراق ومعمر القذافي في ليبيا. وقد وجهت أهم تلك المؤامرات نحو سوريا بسبب دورها الرئيسي في المنطقة. منذ أن اتبع الرئيس بشار الأسد سياسة تتماشى مع “محور المقاومة”، كان لا بد من تغييره بأي ثمن. من هنا نشأ هجوم قوي من قبل الجماعات المسلحة غير الشرعية. ومع ذلك، تم إحباط هذه الخطة من خلال الجهود المشتركة لـ”محور المقاومة” بالاشتراك مع روسيا، وتمكنوا من قلب دفة الصراع لصالحهم.

في ظل هذه الظروف، لجأت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى سيناريو جديد؛ باتهام إيران و”حزب الله” بالمساهمة في زعزعة الاستقرار، وبأنهما مصدر الإرهاب، وبدأ خلق كتلة إقليمية ضد “محور المقاومة”. أي أن الولايات المتحدة وحلفاؤها قلبوا كل شيء رأساً على عقب وألقوا باللوم على أولئك الذين عرقلوا الطريق أمام الإرهاب. ولهذا هم يعدون “محور المقاومة” عدوهم الأول، بينما يمررون بالتوازي عملية التطبيع العربي – الإسرائيلي المستمرة.

إذا حللت الموقف بشكل استراتيجي، فستصل إلى النتيجة التالية؛ من المعروف أن الولايات المتحدة، في سعيها لدعم مشاريعها في جميع أنحاء العالم، تحرص جاهدة بكل ما في وسعها لتشويه خصومها، وتحمّلهم مسؤولية أفعالها غير القانونية. في الشرق الأوسط، تبرز أحد الأسس الرئيسية لهذه التكتيكات في هذه المرحلة، وهي أسطورة “التوسع الإيراني”. يقولون إن إيران تريد إنشاء إمبراطوريتها الخاصة. وهو “المفهوم” الذي يُروَّج له بقوة لدرجة أن الكثيرين بدأوا في اعتماد هذا البيان كحقيقة مفروغ منها. في الواقع، الحقيقة هي أن التدخل الإيراني في العراق، على سبيل المثال، ازدادت حدته بعد العدوان الأميركي واحتلال الولايات المتحدة الأراضي العراقية، ما أدى إلى خراب وانهيار تام في جميع المجالات. لهذا كان من الضروري إنقاذ البلاد بطريقة ما من الهاوية التي تقف على مشارفها، وكان لا بد أيضاً من محاربة الإرهاب، وهذا هو ما قدمه الإيرانيون للعراقيين. لذلك كان تدخلهم بمثابة رد فعل لا أكثر.

في سوريا، ظهرت إيران و”حزب الله” في مرحلة معينة من المواجهة، عندما قام المسلحون بتمزيق البلاد، وحولوا المناطق التي تم الاستيلاء عليها، معاقل إرهابية. عندها طلبت السلطات السورية مساعدة إيران و”حزب الله” وروسيا. الآن، يمكنك أن تسمع أحدهم يقول: “دع إيران تخرج من سوريا إذاً”، ذلك أن خروجها من شأنه، بحسب اعتباراته، أن يساعد على استقرار الوضع في سوريا”.

نوفايا: لكن إذا كان الأمر كذلك، فمن يضمن عدم عودة الجماعات الإرهابية؟ هؤلاء الذين دعّموها طوال هذه السنوات؟ أي أن صاحب القول بإخراج إيران يقترح إعطاء المبادرة لأعداء سوريا.

زاسبيكين: “لكننا لن نسمح لذلك بأن يحدث. هذا أكيد. إعادة إعمار سوريا يجب أن تتم بطريقة تمنع حدوث أي اضطرابات أو انتكاسات. في هذا الصدد، هناك ما يضمن تحقيق هذا وهو تفوق الجيش السوري وحلفائه. ناهيك بأن القرار بشأن وجود إيران على الأراضي السورية من عدمه، هو أمر سيادي يخص السلطات الرسمية السورية وحدها.

تشدد الولايات المتحدة، على وجوب فرض العقوبات على أعضاء “محور المقاومة”. إضافة إلى محاولاتها لزرع الفتنة داخل هذه البلاد. نعاصر هذه الأمور في لبنان طوال الوقت.

من الصعب التنبؤ إلى أي مدى ستستمر خطط التفريق والمواجهة التي يروج لها الأميركيون. عموماً، يمكننا تفسير محاولاتهم بما يسمى “الفوضى الخاضعة للسيطرة”. ولكن، كما يتبين لنا بالتجربة، أنه إذا امتلكت القوة لخلق فوضى القوى وابتداعها، يظل من المستحيل عليك إدارتها والسيطرة عليها بالفاعلية المطلوبة. إضافة إلى ذلك، تنطوي الخطة الأميركية على عيب أساسي – بخصوص المشكلة الفلسطينية التي لم تُحَل بعد، وكذلك الاحتلال الإسرائيلي المستمر لجزء من أراضي سوريا ولبنان. في هذا الصدد، يمكننا طرح السؤال التالي: هل يمكن لـ”صفقة القرن” التي اقترحها الرئيس دونالد ترامب كخيار للتسوية النهائية في الشرق الأوسط أن تُنهي هذه الإشكالية؟

لا أعتقد ذلك، لأن كل المعلومات التي طرحت حول هذه الصفقة لا تسمح للفلسطينيين والقوى الوطنية العربية والشارع العربي بأكمله بالاعتماد عليها.ولا شك في أن دول محور المقاومة، بما في ذلك “حزب الله”، ستعارضها بشدة. حتى أفضل أصدقاء الولايات المتحدة بين العرب لن يوافقوا على نقل القدس إلى إسرائيل، وإلغاء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وإنشاء دولة شبه فلسطينية”.

“حزب الله والحياد

نوفايا:ألا تتعارض حقيقة أن “حزب الله” هو حزب سياسي لبناني، من ناحية، ومن ناحية أخرى، منظمة تعلن الحرب على أراضي دولة مجاورة، مع موقف الدولة اللبنانية، والدال على حيادها الواضح في هذا الصدد؟

زاسبيكين: “لا تنطبق صفة الحياد هنا بشكل كامل، وإنما يمكننا وصف موقفها بدقة، لأنه راجع إلى سياسة الابتعاد من النزاعات في المنطقة. أي أنه من الضروري منع التأثير السلبي لما يحدث في الخارج، في لبنان وعليها لذلك ألا تتدخل فيه. وهو منطق جيد تتبعه بهدف الحفاظ على أولوية الاستقرار الداخلي. لكن في الواقع، هذه رؤية من المستحيل تطبيقها بالكامل على الساحة الخارجية، فقد توجه بعض اللبنانيين بالفعل إلى سوريا للقتال ضد السلطات السورية، ثم تسربت تشكيلات قطاع الطرق من سوريا إلى لبنان، لكن تم حظرها في الجبال، ثم دُمرت أو طُردت. وقد شارك “حزب الله” في المعارك إلى جانب الجيش السوري النظامي.

قراره المشاركة في الحرب، كما قرار روسيا بالضبط، قد أملته وتسببت فيه حالة التهديد في سوريا. إذا تولى الإرهابيون السلطة هناك، فسيؤدي هذا إلى تدمير البلاد، وما يتبعه من فوضى كما حدث في ليبيا على سبيل المثال. في هذه الحالة، ستنتقل حالة الحرب إلى لبنان. كانت خطة العصابات تتلخص في المرور عبر شمال لبنان إلى البحر الأبيض المتوسط. لقد افتعلوا موجة إرهابية في محاولة لإثارة الاضطرابات بين الأديان على الأراضي اللبنانية. لكن خططهم السابق ذكرها فشلت تماماً، لذلك من الضروري أن ندرك حقيقة أن “محور المقاومة” بالاشتراك مع روسيا لم ينقذ سوريا فحسب، بل لبنان أيضاً”.

نوفايا: لكن الجميع وضعوا آمالاً كبيرة على روسيا، لحماية النظام السوري الحالي من نفوذ إيران.

زاسبيكين: “سأقول بصراحة أنه لا تنبغي حماية النظام السوري من نفوذ إيران. هناك تحالف قوي لا يتزعزع بين دمشق وطهران و”حزب الله”. وأعتقد أن التحالف سيبقى على درجة القوة ذاتها في المستقبل. أما الآراء الحالية التي تفيد بأن استعادة العلاقات السورية مع الدول العربية ستؤدي إلى إضعاف التحالف والتنسيق السوري – الإيراني فهي مجرد وهم. كانت سوريا وستظل الحلقة التي تجمع “محور المقاومة”. لا ينبغي أن نفكر الآن في الصعوبات المزعومة مع الإيرانيين، ولكن أن نجتمع حول الوسائل التي ستساعدنا في التخلص التام من التهديد الإرهابي واستعادة سيادة الدولة السورية في جميع أنحاء الأرض، والتي تفترض أولاً وقبل كل شيء، انسحاب العسكريين الأجانب المقيمين بصورة غير قانونية هناك، وبخاصة الأميركيين”.

نوفايا:بالنسبة إلى روسيا، هل تقلقها حقيقة أن هناك تعارض مصالح واضحاً بين إيران وإسرائيل؛ اثنين من حلفاء روسيا؟

زاسبيكين: “إذا تركنا جانباً موضوع “الحلفاء”، أريد أن أصرّح بشكل أساسي، بأنه وبالنسبة إلى روسيا، لا يوجد تناقض بين موقفنا من الدولتين، فنحن نساعد سوريا في الحرب ضد الإرهاب مع إيران و”حزب الله”، وقد اتفقنا مع إسرائيل على تجنب الصدامات الجوية وغيرها من الحوادث. هذه أمور لا تتعارض. إذا كنا نتحدث عن  مناوشات إسرائيل لسنوات عدة مضت مع “محور المقاومة”، فإن السبب في ذلك نشأ بشكل أساسي في أعقاب الصراع العربي – الإسرائيلي. على اغم أن ذلك العداء ما زال قائماً، فقد أصبحت “قواعد اللعبة” الآن أكثر قسوة وتوجب التعامل معها بصرف النظر عن المتناقضات. في الوقت نفسه، تجدر الإشارة إلى أن لا أحد يهتم بالتحريض على حدوث نزاع عظيم بين الأطراف المذكورة، فنتيجة ذلك ستكون خسائر فادحة على الجانبين. من الضروري تسليط الضوء على حقيقة أن توازن القوى المتبادل هو الذي يحدد الوضع في منطقة الخط الأزرق بين إسرائيل ولبنان.

من ناحية أخرى، تعتقد روسيا أنه من الضروري العمل على تحسين الوضع في المنطقة واستئناف عملية السلام لتحقيق تسوية عربية – إسرائيلية شاملة على أساس معترف به دولياً، بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربي لعام 2002″.

نوفايا:في الساحة الدولية، غالباً ما تواجه روسيا انتقادات، لأنها تدعم بشار الأسد وتبذل جهوداً لضمان بقائه رئيساً. ما هو في الواقع موقف بلدنا من مستقبل القيادة السورية؟

زاسبيكين: “سيكون من الغريب عدم وجود انتقادات في هذا الشأن. ليس فقط في “الساحة الدولية”، ولكن في الأوساط الحاكمة في الغرب وحلفائها في المنطقة، وفي وسائل الإعلام ذات الصلة. عموماً، أرادت تلك الأوساط تحقيق حلم الإطاحة بالرئيس بشار الأسد. لكن خططها أحبطت إلى حد كبير بفضل جهود روسيا. علاوة على ذلك، فقد وقفنا إلى جانب السلطات القانونية بالمعنى الدقيق للكلمة، وساعدنا في صد هجوم الإرهابيين وإنقاذ الدولة.

إذا تحدثنا عن المسؤولية، دعونا إذاً نسأل أنفسنا: هل كان من المفترض أن يتنازل بشار الأسد للمعارضة؟ وإذا تركنا جانباً مسألة الشرعية من وجهة نظر التقيد بالدستور، فالخطوة المقبلة ستكون تقدم جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة، الجماعة التي أصبحت أساس مئات الجماعات المتشددة الممولة من قبل رعاة الإرهاب، والذين انضم إليهم الآلاف من التكفيريين من جميع أنحاء العالم. إذاً كان أفضل اختيار قام به بشار الأسد هو الحفاظ علي الدولة، وليس الاستسلام للمتطرفين.

في ما يتعلق بالمستقبل، فإن الموقف الروسي من البداية ما زال هو نفسه، على الشعب السوري أن يقرر أموره من دون تدخل خارجي. وهذا في الواقع نهج عالمي، يتفق مع ما يفرضه القانون الدولي. وأخيراً، دعونا ننظر إلى الأمر من منظار مختلف. أولاً، من المستحيل أن نتخيل أن سوريا، بعد هزيمة الإرهاب، ستفكّر في تغيير مسارها السياسي في مقابل المنح والقروض. والثاني هو مسألة الرئيس، وأنه هو الشخص المنوط به لعب دور الضامن للحفاظ على سيادة الدولة. الرئيس بشار الأسد هو الضامن لسلامة البلاد في عيون ملايين السوريين. أما عن البديل المحتمل في هذا الصدد، فهو أن يقوم الشعب السوري بتقرير مصيره عبر الانتخابات، وليس بدعم من القوى الخارجية”.

 

ظهرت هذه المقالة في العدد 28 الصادر بتاريخ 15 آذار/ مارس 2019  في صحيفة نوفايا غازيتا ويمكن مراجعة الموضوع الأصلي عبر الرابط التالي

لماذا يمنع الأسد عودة اللاجئين إلى بلادهم؟