fbpx

عاشق السلطة نزارباييف يقضم “أستانة” ويرتب لتوريث ابنته رئاسة كازاخستان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

باغت ديكتاتور كازاخستان نور سلطان نزارباييف شعبه والعالم بتنحيه عن الحكم بعد ثلاثة عقود كاملة، أحكم خلالها قبضته الحديدية على مفاصل الدولة بشكل كامل، إذ لم يعرف جيل كامل غيره منذ استقلال البلاد عن الاتحاد السوفياتي.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

باغت ديكتاتور كازاخستان نور سلطان نزارباييف شعبه والعالم بتنحيه عن الحكم بعد ثلاثة عقود كاملة، أحكم خلالها قبضته الحديدية على مفاصل الدولة بشكل كامل، إذ لم يعرف جيل كامل غيره منذ استقلال البلاد عن الاتحاد السوفياتي، عقب انهياره عام 1991. وقال في خطاب استقالته “بصفتي مؤسساً لدولة كازاخستان المستقلة، أرى مهمتي المستقبلية في ضمان وصول جيل جديد من القادة الذين سيواصلون التحولات المستمرة الآن”، مؤكداً أن “قرار الاستقالة لم يكن سهلاً”.

الاستقالة المفاجئة أثارت للوهلة الأولى تساؤلات عن الأسباب والدوافع التي جعلت الزعيم الأوحد يتخذ مثل هذا القرار الغريب وغير المألوف من جانب ديكتاتور اشتهر بعشقه الحكم مدى الحياة. إلا أن الدهشة سرعان ما تلاشت مع إعلان خليفته الموقت رئيس مجلس الشيوخ قاسم جومارت توكاييف بشرى لمواطني الدولة، بأن الرئيس المستقيل (طوعاً) سيحتفظ برئاسة مجلس الدفاع الأعلى، إضافة إلى عضوية المجلس الاستشاري وزعامة حزب “نوراتان” الحاكم. وذكر تقرير صادر عن معهد “تشاثام هاوس” البريطاني كتبته المحللة كيت ملينسون، “فيما تأتي استقالة نزارباييف بمثابة مفاجأة، إلا أنها لا تحمل أي اشارة إلى تغييرات فورية في الوضع السياسي”. ورأت صحيفة “الغارديان” أن “احتفاظ نزارباييف بسيطرته على مجلس الأمن القومي الذي يرسم الخطوط الأساسية للسياسة الأمنية والخارجية للبلاد سيستطيع حكم البلاد من وراء الكوليس بصفته مركز القوة الأساسي”.

الاستقالة المفاجئة أثارت للوهلة الأولى تساؤلات عن الأسباب والدوافع التي جعلت الزعيم الأوحد يتخذ مثل هذا القرار الغريب وغير المألوف من جانب ديكتاتور اشتهر بعشقه الحكم مدى الحياة.

وأجمع محللون أوروبيون على أن قرار الاستقالة شكلي وهو ليس إلا “خطوة أولى باتجاه تحول سياسي محكوم بضوابط، من شأنها أن ترسم مشهداً سياسياً جديداً في ظاهره، ولكنه في المضمون لا يخفي احتفاظ (أب الأمة) بنفوذ كبيرة في السلطة، ليس بمناصب متعددة وحسب، إنما بتنصيب ابنته درايغا نزارباييف رئيسة لمجلس الشيوخ الذي كانت ترأس فيه لجنة العلاقات الخارجية والدفاع والأمن، كخطوة انتقالية محسوبة لإنجاز تحول تدريجي ومن دون أي متاعب أو اهتزازات اجتماعية لتوريثها الحكم في نيسان/ أبريل 2020 أي عند انتهاء ولاية الرئيس الموقت”.

من هو زعيم الأمة؟

كان نزارباييف المولود عام 1940 في قرية تشيمولغان التابعة إدارياً لمقاطعة آلما أتا (ألماتي حالياً) في جمهورية كازاخستان السوفياتية، عمل رئيساً لمجلس الوزراء لمدة 5 سنوات، ومن ثم انتحب أميناً عاماً للحزب الشيوعي في كازاخستان، وأصبح بعد عام رئيساً للبلاد في 24 نيسان 1990. ليعاد انتخابه رئيساً عام 1991 عقب انتهاء الحقبة السوفياتية، وحصول كازاخستان على الاستقلال، ليستمر في منصبه من خلال فوزه في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في أعوام 1999 و2005 و2011 و2015 من دون أي منافس.

إدمان نزارباييف على السلطة وعشقه كرسي الرئاسة ونرجسيته الفائضة، جعلاه يفقد حاسة التمييز بين واقع كونه موظفاً أجيراً لدى الدولة لخدمة المجتمع، وليس مالك مزرعة اسمها كازاخستان

عام 2007 حصل نزارباييف بموجب تعديلات دستورية على حق استثنائي، بصفته الرئيس الأول لكازاخستان، في الترشح لرئاسة البلاد لفترات غير محددة والبقاء في الحكم مدى الحياة. وعام 2010 أصدر البرلمان قانوناً جديداً يقضي بمنحه صفة «زعيم الأمة»، كما أصدر قانون آخر يعطيه أحقية في شغل منصب رئيس مجلس الأمن القومي لمدى الحياة.

نور سلطان نزارباييف وابنته درايغا

إدمان نزارباييف على السلطة وعشقه كرسي الرئاسة ونرجسيته الفائضة، جعلاه يفقد حاسة التمييز بين واقع كونه موظفاً أجيراً لدى الدولة لخدمة المجتمع، وليس مالك مزرعة اسمها كازاخستان، فهو لم يكتف بالسباحة في بحر من الألقاب التي مُنحت له خلال توليه السلطة، على مدار الثلاثين عاماً الماضية، ليستجدي من توكاييف منحه لقبي: بطل الشعب، وبطل العمل. وقال الرئيس الموقت الذي رد على جميل اختياره رئيساً مؤقتاً: “أظن أن الجميع سيوافقون على أن «يلباسي» – زعيم الأمة – اللقب الرسمي لنزارباييف يستحق منحه أيضاً لقبي دولتنا «خلق كهرارماني» بطل الشعب و”ينبك يري” بطل العمل”.
فقدان نزارباييف أي علاقة بالمنطق والواقع والمعقول، دفعه إلى الإيحاء لخليفته بالمضي في خطوة لم تحدث إلا نادراً، وهي تغيير اسم العاصمة الكازاخية إلى “نور سلطان”، بدلاً من الاسم الحالي «أستانة». وقال خليفته الذي استجاب لرغبته الإلهية: «علينا تخليد اسم نزارباييف العظيم اسم ابن زمننا العظيم الرئيس الأول لجمهورية كازاخستان نور سلطان نزارباييف، بتسمية عاصمتنا أستانة نور سلطان»، فضلاً عن «تسمية كل الشوارع الرئيسية في مراكز أقاليم البلاد باسم نزارباييف». وما هي إلا لحظات ووضع البرلمان بصمته على المقترح. ويرى محللون أن نزارباييف أعاد صياغة نفسه من قيادي شيوعي إلى رئيس مسلم، يمارس الشعائر الدينية كالصلاة والحج والزكاة. وبحسب الصحافة الروسية، إنه أسس كازاخستان على خلاف رغبته لأنه كان أحد قادة جمهوريات الاتحاد السوفياتي، الذين عارضوا تفكيك الاتحاد، بعد تداعي أعمدته، إثر انطلاق مشروع البريسترويكا والغلاسنوست الذي أعلنه غورباتشوف. وكان نزارباييف يعد أحد أبرز حلفاء روسيا في الفضاء السوفياتي السابق ولعب أدواراً مهمة في دعم السياسات الروسية وخصوصاً خلال أزمات سياسية أو اقتصادية. وينسب له الفضل في ضبط النزعات الانفصالية في البلاد التي تضم 300 مجموعة اثنية وعرقية، بالقمع والقبضة البوليسية، وتبديد الصراعات الحادة بين العشائر المختلفة في المجتمع، إضافة إلى كبح طموحات مجموعات متعددة تدعو إلى انضمام البلاد أو جزء منها إلى روسيا الاتحادية.

من هو خليفته الموقت توكاييف؟

ولد قاسم توكاييف الذي يوصف برجل الدولة والسياسي المحنك في مدينة ألماتا عام 1953 ومن عائلة مثقفة، فوالده كميل توكافيتش كان كاتباً كازاقياً مشهوراً، فيما عملت والدته في المعهد التربوي للغات الأجنبية. ويتقن توكاييف الذي تم تعيينه عام 1992 وزيراً للخارجية، الروسية والإنكليزية والصينية، ويحمل شهادة دكتوراه في العلوم السياسية. واختير عام 1994 لرئاسة الحكومة، وكان من داعمي تحويل الكتابة في البلاد من الكيريلية إلى اللاتينية التي أنجزت حتى عام 2018.

المرأة الحديدية خبيرة غسيل الأموال

قبل يومين من قراره بالتنحي من الرئاسة أعطى نزارباييف الضوء الأخضر لمفاصله المتحكمة في الدولة ومؤسساتها بانتخاب ابتنه درايغا رئيسة لمجلس الشيوخ، في إشارة اعتبرها المراقبون الخطوة الأولى باتجاه التوريث والانتقال السلمي للسلطة داخل العائلة. وقالت داريغا في خطاب التنصيب انها ستعمل على “تحديث المجتمع وتعزيز الرفاه الاجتماعي وحماية الفئات الاجتماعية الضعيفة”. ترأست درايغا حزب “آسار”، قبل أن تقرر دمجه بحزب والدها “أرض الاجداد” عام 2006 ليحمل اسماً جديداً هو “نور آتان” ويعني شعاع أرض الأجداد، تكريماً لدور والدها في ما سمته “مسيرة بناء البلاد”. وبحسب المعارض الكازاخي الذي يعيش في المنفى مختار ابلياسوف في حسابه على “فيسبوك”، فإن “قرار التنحي عن السلطة الذي اتخذه نزارباييف يعود على الأرجح إلى مخاوفه من إجراءات انتقامية ضد عائلته بعد موته، كما حدث في اوزبكستان التي قام رئيسها الجديد شوكت مير ضيائيف بعد رحيل اسلام كريموف بسجن ابنته جلنار وأولادها. فالرئيس المتنحي اقشعر بدنه خوفاً من مصير مماثل يصيب بناته وأحفاده لا سيما أنه لم يعد يثق بأحد من حاشيته، فأراد ترتيب انتقال الحكم قبل رحيله لتأمين سلامة بناته وضمان بقاء السلطة بيد عائلته”.

الوريثة الغارقة في الفساد

درايغا هي الأخرى مثل جلنار كريموفا تواجه اتهامات بالفساد وسرقة المال العام واستغلال نفوذ والدها في السلطة، لتحقيق مكاسب شخصية.

أعطى نزارباييف الضوء الأخضر لمفاصله المتحكمة في الدولة ومؤسساتها بانتخاب ابتنه درايغا رئيسة لمجلس الشيوخ

نشر موقع eurasiademocracy. Org الإلكتروني تقريراً أشار فيه إلى أن داريغا نزارباييف استخدمت عام 2003 جوازاً مزوراً باسم “داريغا علييفا” لفتح حسابات مصرفية بملايين الدولارات ومخططات لغسيل الأموال كانت ذات صلة مباشرة بـ(راخت علييف)، زوجها الذي توفي عام 2015. وتشير مصادر مطلعة إلى أن مليارات الدولارات سربت إلى مصارف في الخارج، ويتصدر صهر الرئيس وحفيده ومستشاره قائمة الأثرياء في البلاد، فيما تتحكم الأسرة الحاكمة بالمال العام، من دون أي رقابة، فالسلطة مطلقة لزعيم الأمة.

وكشفت أوراق بنما وبارادايس أسماء مسؤولين كبار في الدولة والعائلة الحاكمة لديهم حسابات في شركات الاوفشورو يحولون إليها الاموال التي توضع بأساليب استغلال ثروات البلاد وسرقة المال العام والثروات الطبيعية. وتبين أن ثروة حفيد الرئيس، نورالي علييف، وهو ابن داريغا الذي كان نائباً لرئيس بلدية العاصمة في الفترة من 2014-2016، بلغت 200 مليون دولار في المصارف الاجنبية.

يتصدر صهر الرئيس وحفيده ومستشاره قائمة الأثرياء في البلاد، فيما تتحكم الأسرة الحاكمة بالمال العام، من دون أي رقابة، فالسلطة مطلقة لزعيم الأمة.

ترتبط ثروة داريغا بشكل وثيق بثروة زوجها المتوفي، إذ بينت التحقيقات، أن الأموال التي يمتلكها راخت، يرجع مصدرها إلى داريغا التي تعد شريكته في هذه الثروات.

ويتضح من تقارير دولية أن دولاً أوروبية هي النمسا وألمانيا ومالطا شرعت بإجراء تحريات وتحقيقات بعد طلاق درايغا وراخت، واتخاذ قرار بأبعاده من كازاخستان بسبب تورطهما بقضية غسيل الأموال. وتعود التحقيقات إلى عام 2005، عندما كان راخت علييف ما زال زوج داريغا. وكشفت التحقيقات عن 28 حساباً مصرفياً، ثلاثة منها كانت مشتركة مع داريغا، وجميع تلك الحسابات كانت قد افتتحت عام 2003، إضافة إلى ثلاثة حسابات مشتركة أخرى في النمسا تحت اسم راخت وداريغا اتسمت بالسرية التامة، فالقانون النمساوي لا يلزم المصارف بإدراج اسم المشترك على الكشوفات والبيانات الرسمية، وهي خدمة مصرفية محظورة في ألمانيا.

“السلام 313” عصابة عراقية في ألمانيا بقيادة “المهدي”