fbpx

“أحمد شفيق” أيضاً جزء من التوتر “غير المنطقي” بين قطر والإمارات

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يطرح شريط الفيديو الذي بثته قناة “الجزيرة” القطرية، ويظهر فيه المرشح للرئاسة المصرية أحمد شفيق معلناً أن دولة الإمارات التي لجأ إليها من

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يطرح شريط الفيديو الذي بثته قناة “الجزيرة” القطرية، ويظهر فيه المرشح للرئاسة المصرية أحمد شفيق معلناً أن دولة الإمارات التي لجأ إليها منذ العام ٢٠١٣ تمنعه من السفر، قضية النزاع القطري الإماراتي وأسبابه الحقيقية، لا سيما وأن الإمارات، رأس حربة من تسميهم قطر بـ”دول الحصار”، أي السعودية والبحرين بالإضافة إلى الإمارات طبعاً. فالفيديو في النتيجة قنبلة فجرتها قطر في وجه الإمارات. شريط التسجيل سربه شفيق إلى قناة “الجزيرة”، والأخيرة بثته وأتبعته بضيوف ليحللوه ويعلقوا عليه، ثم بتغريدات على تويتر لناشطين على السوشيل ميديا. والإمارات من جهتها تصرفت على نحو يوحي بأنها اعترفت بالهدف الذي سجلته قطر، وأطلقت عبارات اللوم والمرارة على من لم يحفظ جميل الاستضافة، ومن طعن بمضيفيه.
لكن الباحث في أصل التوتر القطري الإماراتي لن يعثر على ضالته في جدول أسباب التوترات التي تشهدها العلاقات بين الدول المتجاورة عادة. لا تنافس اقتصادياً بين قطر والإمارات. في الأولى اقتصاد قائم على ثروة الغاز الهائلة، وفي الثانية أصناف أخرى من النفط ومن الاقتصاد الخدمي. ولا خلافات حدودية بين الجارتين، أو على الأقل لم نسمع يوماً شكوى أحدهما على الأخرى جراء ذلك. ولا خلافات مذهبية أيضاً، لا بل أن مجتمعي الدولتين ترنحا بفعل الشقاق، جراء تداخل العلاقات بين المجتمعين وارتباطهما بمصاهرات وشراكات عائلية وغير عائلية. ناهيك عن أن قطر والإمارات العربية تتشابهان في أنظمة الحكم التوارثي العائلي، وفي أنماط الاستهلاك والعيش. ثم أن مواقع متشابهة حيال ملفات دقيقة تتولاها السياسات الخارجية لكلا البلدين يمكن رصدها. فصحيح أن الدوحة وأبو ظبي سبق أن انتظمتا في حلفٍ خليجيٍ ساد توتر بينه وبين طهران، لكن كلا العاصمتين أدارتا قنوات ضمنية مع طهران أملتها شروط العلاقة مع جارة كبيرة. فأبقت الدوحة قنوات الغاز مفتوحة على طهران، وفتحت دبي أسواقها لإستثمارات إيرانية أثارت حفيظة واشنطن أحياناً.
إذاً ما هو موضوع التوتر بين الدولتين؟ الجواب الوحيد الذي يمكن أن يعثر عليه المرء غريب، وربما غير مقنع. العلاقات بين قطر والإمارات متوترة بسبب الإخوان المسلمين في مصر!!! هذه قد تكون سابقة في تاريخ العلاقات بين الدول، أي أن تشهد علاقات دولتين اضطراباً يصل إلى حدود المواجهة بسبب جماعة سياسية في دولة ثالثة لا تربطهما معها حدود جغرافية ولا امتدادات اجتماعية.

كشفت الإمارات عن خلية محلية مرتبطة بالاخوان المسلمين تسعى إلى تغيير نظام الحكم فيها قبل سنوات قليلة، ولم تتضامن قطر معها، بل أبقت على علاقاتها بالإخوان المسلمين المصريين وغير المصريين، فانفجرت العلاقات بين البلدين. هذا هو العنوان المعلن للتوتر واضطراب العلاقات بين البلدين. والحال أن لدى كل من الدوحة وأبو ظبي أسبابه غير المقنعة للتمسك بالموقف من جماعة الإخوان المسلمين المصريين. فاحتضان الدوحة لهم على نحو حثيث ومكثف يبعث على التساؤل عن المصلحة من وراء ذلك، ذاك أن الجماعة جزء من موضوع إشكالي يشطر مجتمعات الكثير من الدول الكبرى والصغرى، بدءاً من مصر وتونس ومروراً بسورية وفلسطين ووصولاً إلى اليمن. وتصوير الدوحة عاصمة لهذا الانشطار ولهذه الجماعة يُرتب عليها أعباء أين منها أعباء التوتر بينها وبين دول الخليج الأخرى. ومن جهة أخرى لا يبدو مقنعاً أيضاً قرار الامارات معاقبة مجتمعات الاخوان في كل العالم على محاولة مجموعة إماراتية هزّ استقرارها. فالإخوان المسلمون يشكلون ثقلاً سياسياً واجتماعياً في دول أساسية مثل مصر وتونس وفلسطين والسودان والأردن. إذا كان لدول المنشأ أزماتها مع الفروع الإخوانية فيها، فهذا قد يكون جزءاً من مشهد سياسي له قنوات تصريفه وفق ما عهدناه. في مصر جاء على شكل انقلاب، وفي تونس انتخابات وفي فلسطين انقسام بين رام الله وغزة. أما أن توتر العلاقة بين الإمارات وبين الاخوان في مصر، فسيكون له صور غير معهودة، ومكلفة ولا وظيفة لها سوى التوتر ومزيد من التوتر، فيما المصالح الحقيقية للدول ستكون خارج حسابه.
صرفت الإمارات اضطراب علاقتها بالاخوان المصريين بخطوات من نوع استضافة خصمهم في الانتخابات أحمد شفيق! ولكن ها هي تتلقى تبعات عقم هذه الخطوة عبر الفيديو الذي أرسله شفيق إلى “عدوها”. ويصح ذلك على استضافتها خصم حماس في غزة محمد الدحلان. أما الدوحة، فقد اضطربت علاقتها بالنظام في مصر جراء احتضانها الاخوان المصريين وتحولها عاصمتهم. الأثمان التي تدفعها الدوحة أكبر بكثير مما تتقاضاه جراء احتضانها الجماعة المصرية. يصحّ هذا أيضاً على استضافتها قادة حماس، وهي اكتشفت مؤخراً صعوبة استضافتهم فراحت ترسلهم إلى أنقرة تارة وإلى أندونيسيا تارة أخرى، وربما عاد بعضهم إلى لبنان قريباً.
والغريب أكثر في هذا النوع غير المنطقي من النزاعات أننا في حالة قطر لسنا أمام نوع من الحكم يخاطبه النموذج الإخواني، وفي حالة الإمارات لا يبدو أن النفور من الإخوان هو امتداد لخلاف حول نوع السلطة وحول شرعيتها. وإذا كان من تشابه يمكن رصده في هذه العلاقات غير المعقدة وغير السياسية، فهو تشابه المتنافرين، أي نموذجي الحكم بين كل من أبو ظبي والدوحة. وهو تشابه ينسحب أيضاً على الجيل الجديد من النخب الحاكمة في البلدين. وهذا يُفسر أكثر سرّ توتر العلاقات. أامزجة الحكام الشباب أكثر حضوراً من المصالح، وهذا ما سيولد صوراً جديدة كل الجدة على أنواع النزاعات التي يشهدها الإقليم.