fbpx

هل ترفع احتمالات الحرب في الخليج أسعار النفط؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

عادةً، نتوقع ارتفاع أسعار النفط عند اشتداد الأزمات السياسية، لا سيما في حال نشوب معارك عسكرية في منطقة الخليج. وبالتالي فإن الاعتداءات على أربع ناقلات في بحر العرب، أثارت تكهنات بأن أسعار النفط سترتفع، إلا أن أسعار النفط الخام تراجعت.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عادةً، نتوقع ارتفاع أسعار النفط عند اشتداد الأزمات السياسية، لا سيما في حال نشوب معارك عسكرية في منطقة الخليج. وبالتالي فإن الاعتداءات على أربع ناقلات في بحر العرب، أثارت تكهنات بأن أسعار النفط سترتفع، إلا أن أسعار النفط الخام تراجعت في حزيران/ يونيو عن أيار/ مايو، على رغم التهديدات العسكرية التي واجهتها الناقلات والمنشآت النفطية في شبه الجزيرة العربية.

كما أن الأوضاع السياسية المرتبكة في معظم دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي بعض أقطار أوبك الأعضاء مثل فنزويلا وإيران، تفاقم المخاطر على أمن الإمدادات النفطية من الشرق الأوسط. فعلى سبيل المثال، أدى اشتداد الحرب الأهلية في ليبيا إلى انخفاض الإنتاج إلى أقل من مليون برميل يومياً، وتذكر في هذا السياق تأثيرات الحصار الأميركي على الصناعات النفطية في كل من إيران وفنزويلا، وهما عضوان مؤسسان لمنظمة اوبك.

لكن، على رغم المخاطر على أمن الصادرات النفطية من دول الخليج، في ظل الاشتباكات المحدودة حتى الآن، وعلى رغم تزايد الحصار الأميركي على بعض الدول المصدرة، نجد أن أسعار النفط الخام، انخفضت، من نحو 70 دولاراً للبرميل في منتصف نيسان/ أبريل، إلى نحو 60 دولاراً للبرميل في منتصف حزيران. ويشكل ذلك نهجاً يختلف تماماً عن تطور الأسعار في التجارب السابقة، أثناء اشتداد الصراعات العسكرية والأزمات السياسية.

تثير هذه الظاهرة أسئلة عدة حول مسيرة أسعار النفط. وبالفعل، تنعكس عوامل عدة على الأسعار وتؤثر فيها. فمن ناحية، نجد أنه على رغم الحصار الأميركي على نفط إيران وفنزويلا وانخفاض إنتاج الدولتين وصادراتهما في هذه الفترة الحرجة، تم تعويض هذا النقص في الامدادات بالزيادة المهمة في الإنتاج النفطي الأميركي، لا سيما النفط الصخري. فقد ارتفع إنتاج النفط الأميركي في السنوات الماضية، ليفوق مستواه إنتاج روسيا أو السعودية. وبالفعل، ارتفع الإنتاج الأميركي من نحو 9 ملايين برميل يومياً عام 2016، ليصل إلى نحو 12 مليون برميل يومياً في منتصف حزيران 2019. وقال رئيس وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول إن “توقعات وكالة الطاقة الدولية تشير إلى أن إنتاج الولايات المتحدة سيستمر في الازدياد، وأن الولايات المتحدة ستصبح خلال خمس سنوات أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم”.

أسعار النفط الخام انخفضت من نحو 70 دولاراً للبرميل في منتصف نيسان/ أبريل، إلى نحو 60 دولاراً للبرميل في منتصف حزيران.

وإضافة إلى دور الإنتاج النفطي الأميركي المتزايد، نجد أن المخزون التجاري النفطي في ارتفاع مستمر، الأمر الذي يضع سقفاً على أسعار النفط. فكلما ازداد هذا المخزون، اطمأنت الأسواق إلى توفر نفط كاف، ولا حاجة للتخوف من شح الإمدادات. وارتفع المخزون منذ بداية عام 2019. فقد ضغط الرئيس دونالد ترمب، عند إعلانه الحصار على إيران، على الدول المصدرة لزيادة الإنتاج في حينه، للتأكد من عدم زيادة الأسعار عند بدء الحصار على إيران. كما أن دولاً كثيرة رفعت إنتاجها، لكنها فوجئت ليلة إعلان بدء الحصار، بإعفاء الدول المستوردة النفط الإيراني، من التزام الحصار. وارتفع المخزون إثر ذلك، وأخذ يضغط بدوره على الأسعار. المخزون في الولايات المتحدة، مثلاً، ارتفع من نحو470 مليون برميل في نيسان إلى 485 مليون برميل في منتصف حزيران.

برزت عوامل ضاغطة على الطلب في الوقت ذاته. فالحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة على الصين، أدت إلى انخفاض الطلب على النفط. وأدى التغير الكبير في السياسة الاقتصادية الصينية، عبر إعطاء الأولوية للاقتصاد والاستهلاك الداخلي بدلاً من الصادرات، إلى تقليص الطلب في الصين نفسها (أكبر دولة مستهلكة للطاقة في العالم).

هناك اختلاف مهم بين الصراع الأميركي – الإيراني اليوم، وبين واشنطن وبغداد عام 2003. ففي الحرب على العراق، كان الهدف الأميركي واضحاً، وهو إزالة حكم البعث في العراق والرئيس صدام حسين. في الحالة الإيرانية، كررت واشنطن موقفها الرسمي مرات عدة، وهي أن لا نية لديها لإنهاء النظام الحالي. وربما الأهم من ذلك، هو أن ليس باستطاعة الولايات المتحدة إسقاط النظام في طهران.

الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة على الصين، أدت إلى انخفاض الطلب على النفط.

هل سيستمر تراوح الأسعار ما بين 60 و70 دولاراً للبرميل، كما هو الأمر منذ بداية الحصار الأميركي والاعتداءات على الناقلات والمنشآت النفطية؟ يمكن القول من الناحية الاقتصادية، إنه بما أن هناك فائضاً في المخزون التجاري النفطي العالمي، في ظل طاقة إنتاجية ضخمة لدى الدول المصدرة، سيكون بالإمكان المحافظة على معدل الاسعار الحالي.

لكن في حال تصاعد المواجهة العسكرية الأميركية – الإيرانية (أو نشوب الحرب لحسابات دقيقة أو خاطئة)، في منطقة الخليج العربي وارتفاع خطورة تأمين الصادرات النفطية من دول الخليج، فسترتفع الأسعار إلى مستويات عالية. والسبب واضح، فعلى رغم توسع صناعة النفط العالمية بحيث يبلغ معدل الإنتاج النفطي العالمي الآن نحو 100 مليون برميل يومياً، فإن معدل الصادرات النفطية من دول الخليج يبلغ نحو 20-25 مليون برميل يومياً. ولا طاقة إنتاجية فائضة حالياً من خارج منطقة الخليج تستطيع أن تعوض هذه الإمدادات النفطية. ومن ثم فإن انقطاع كميات كبيرة من نفط الخليج، وازدياد مخاطر التصدير، ما يعني تأخر الصادرات أو عرقلتها، سيؤديان إلى ارتفاع الأسعار وانكماش الاقتصاد العالمي وازدياد البطالة.

رقصة حربٍ في الخليج