fbpx

معتقلو سجون النظام في حمص: “أهل حيّ الوعر رحلوا وتركونا خلفهم”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“وعدونا أنهم لن يخرجوا من دوننا، قالوا لنا استعدوا سيتمّ الإفراج عنكم خلال أسبوع وبدأت الدماء تجري في عروقنا مجدداً بعد أربعة سنوات من الاعتقال. لكن لم ينتهي الأسبوع حتى صدمنا بخروج سكان ومقاتلي حيّ الوعر وقد تركونا خلفهم”، بصوت يغلبه البكاء تحدث (رائد) وهو الرجل الأربعيني والمعتقل في سجن حمص المركزي مع حوالي ٥٠٠ شخص آخرين من معتقلي الرأي المحالة ملفاتهم إلى محكمة الإرهاب في دمشق.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“وعدونا أنهم لن يخرجوا من دوننا، قالوا لنا استعدوا سيتمّ الإفراج عنكم خلال أسبوع وبدأت الدماء تجري في عروقنا مجدداً بعد أربعة سنوات من الاعتقال. لكن لم ينتهي الأسبوع حتى صدمنا بخروج سكان ومقاتلي حيّ الوعر وقد تركونا خلفهم”، بصوت يغلبه البكاء تحدث (رائد) وهو الرجل الأربعيني والمعتقل في سجن حمص المركزي مع حوالي ٥٠٠ شخص آخرين من معتقلي الرأي المحالة ملفاتهم إلى محكمة الإرهاب في دمشق.
ينفذّ رائد والموقوفين معه عصياناً مستمراً منذ سنوات داخل السجن مطالبين بمحاكمات عادلة. وقد تمكننا من التواصل بصعوبة مع رائد عبر هاتف سرّي. ورائد (وهو ليس اسمه الحقيقي) حدثّنا عن فترة المفاوضات بين أهالي حي الوعر الذي كان محاصراً من قبل النظام في حمص وبين النظام والوسيط الروسي. في تلك الفترة كان رائد ورفاقه يتواصلون مع مفاوضي الوعر الذين أعدوا قوائم تضمّ حوالي ٨٥٠٠ معتقل من حمص ومناطق أخرى من سوريا لطرحها ضمن التفاوض، لكن المفاوضات طالت لأكثر من عام والحيّ هُجر قسرياً وبقي معتقلوه في قبضة النظام.
انهارت آمال رائد ورفاقه فجددّوا عصيانهم قبل شهر، وتوجد مخاوف حقيقية على حياتهم الآن حسب بيان مشترك ل١٤ منظمة سورية صدر مؤخراً. على الضفة الأخرى أطلعنا مصدر من الوفد المفاوض عن ريف حمص الشمالي في المفاوضات الجارية حالياً بينهم وبين الروس حول خفض التصعيد في تلك المنطقة، على أن الوفد قدّم قائمة جديدة تضمّ أكثر من ١٢ ألف معتقل من حمص وريفها لكنهم ليسوا واثقين من النتائج.
يقول المصدر “يبدو أن الروس محرجين من هذه المسألة ولا يزالون يعدون بالضغط على النظام لكنهم إما لا يرغبون حقاً في ذلك أو أنهم عاجزون.. موضوع المعتقلين لا يمكن حلّه في إطار الاتفاقات المحلية بل هو شأن وطني ودولي.. لدينا آلاف المعتقلين وبينهم أقاربي لكن الموضوع لا يحتمل المزايدات فلدينا أيضاً ٣٠٠ ألف مدني محاصر في ريف حمص الشمالي لازالوا بحاجة لوقف القصف عليهم وفتح المعابر لهم”.
الوضع المعقد في مفاوضات ريف حمص الشمالي تكرر بصورة أسوأ في معظم المناطق التي تمّ تهجير سكانها قسرياً عبر اتفاقات شفهية غالباً فرضها عليهم النظام بعد سنوات من الحصار والتجويع، مثل داريا والوعر وخان الشيح والمعضمية وغيرها. فالبداية تكون كل المطالب قابلة للنقاش ثم تمتد المفاوضات متقطعة لأشهر ولسنوات بالتزامن مع تضييق الحصار والمزيد من العمليات العسكرية حتى يجد المطالبون بذويهم المعتقلين أنفسهم أمام خيارين “إما الرحيل أو الموت” حسب وصف تقرير منظمة العفو الدولية الصادر قبل أيام.
خطوات يجب تنفيذها
لازالت شبكات الرصد السورية توثق المئات وأحياناً الآلاف من حالات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري التي تمارسها أجهزة النظام والميليشيات التي تعمل بموافقته في كل شهر. حول ذلك يقول الحقوقي الفلسطيني السوري (أيمن أبو هاشم) أن الاعتقال هو أقوى أدوات النظام لإخضاع معارضيه، “الاعتقال هو جوهر هذا النظام وعلة وجوده، ولن يستجيب لأي مطالبات ما لم تكن مترافقة مع ضغط دولي حقيقي وضغط من حلفائه الروس بشكل خاص، وهو ما لم يحدث حتى الآن بل على العكس، الضغط ينصبّ على قوى المعارضة السورية للاستمرار في المفاوضات حتى إنجاز أي تقدم مهما كان شكلياً في المسألة السورية على حساب الملفات الإنسانية، وهو ما عززه المبعوث الدولي ستيفان ديمستورا في طرحه للسلال الأربع التي لم تتضمن أي إشارة للمعتقلين”.
لكن من ناحية أخرى هناك نقاط ضعف للمعارضة في تعاملها مع هذه القضية ربما سهلت على النظام تحويل المعتقلين إلى رهائن، يشير أبو هاشم أن بقاء قضية المعتقلين دون إطار مؤسساتي موحد حتى الآن من أبرز هذه النقاط، “الأمر فعلاً بحاجة إلى لجنة وطنية مختصة تحارب تهميش قضية المعتقلين من خلال توحيد قواعد البيانات المختلفة في قاعدة وطنية مرجعية، وتجعل من قضية المعتقلين أولوية شعبية سورية وإنسانية تطرق أبواب الرأي العام العالمي”.
المعتقلون : ورقة النظام الأقسى
وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان حتى نهاية ٢٠١٦ أسماء أكثر من ١١٠ آلاف سوري اعتقلتهم أو اختطفتهم أجهزة النظام والمليشيات التي تعمل معه. وبحسب الشبكة هناك ٢١٥ ألف معتقل ومختفي قسرياً داخل سوريا منذ عام 2011.
هؤلاء المعتقلون قالت عنهم “منظمة العفو الدولية” في تقرير سابق إنهم ثلاث فئات رئيسية: “ناشطون سلميون معارضون، أو موظفون حكوميون وعسكريون يشك في ولائهم، أو أفراد من عائلات الناشطين والشخصيات المعارضة”. وعن تعذيب بعض من هؤلاء رشحت صور (قيصر) العسكري السوري المنشق الذي سرب ٥٥ ألف صورة التقطها بنفسه وفيها صور ١١ ألف جثة لمعتقل قضى تحت التعذيب في أفرع النظام من مستشفيين عسكريين فقط في دمشق حتى تاريخ آب ٢٠١٣.
وأيضاً تحدث تقرير منظمة العفو الدولية المدوي عن “المسلخ البشري” مطلع هذا العام ٢٠١٧ عن عمليات الشنق الجماعية والإبادة الممنهجة في سجن صيدنايا قرب العاصمة دمشق. ورغم  أن قضية المعتقلين لاتزال مطلباً رئيسياً يطرحه المعارضون في كل محفل دولي وكل مفاوضات محلية مع النظام وحلفائه إلا أنه لم يتم إنجاز أي تقدم في هذا الاتجاه خلال السنوات الماضية. ويبدو أن الأمر سيبقى كذلك لفترة أطول، فالنظام يستخدم من اعتقلهم من أبناء وأخوات وأقارب معارضيه كوسيلة لابتزازهم ويصر على استغلالها بأقسى الطرق الممكنة.
قضية المعتقلين في أروقة الدبلوماسية
طُرحت قضية المعتقلين كمسألة محورية بدايةً في العام ٢٠١١ مع قرارات الجامعة العربية حول سوريا، ولاحقاً أدرجت ضمن “خطة النقاط الست” لكوفي عنان الذي كان مبعوثاً خاصاً مشتركاً للأمم المتحدة والجامعة العربية بسوريا. تلك الخطة عاد وأكد عليها قرار مجلس الأمن رقم ٢٠٤٢ في نيسان/ابريل ٢٠١٢ وتمت مطالبة النظام بـ “تكثيف سرعة ونطاق الإفراج عن الأشخاص المحتجزين تعسفياً… وتقديم قائمة بجميع أماكن الاحتجاز دون تأخير.. والبدء فوراً بتنظيم الوصول إلى هذه الأماكن”. بعد ثلاثة أشهر دخلت خلالها لجنة المراقبين العسكريين إلى سوريا وفشلت في مهمتها، ثمّ أرسل الأمين العام للأمم المتحدة تقريره المخيّب إلى مجلس الأمن في تموز /يوليو ٢٠١٢  وورد فيه، “لايزال الآلاف من السوريين محتجزين في شبكة من المرافق من مختلف الأنواع التي تديرها الحكومة.. ولم يكن التقدم في هذا المجال كبيراً في السياق الأوسع، وظروف الآلاف من المعتقلين لاتزال غير واضحة، وما تزال هناك تقارير مثيرة للقلق بشأن انتهاكات كبيرة وعمليات توقيف واعتقال على نطاق واسع”.
في الفترة ذاتها توصل أعضاء “مجموعة العمل من أجل سوريا” التي ضمّت أحد عشرة دولة منها الولايات المتحدة وروسيا بالإضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى إعلان (بيان جنيف)، البيان الذي عُدّ أول رؤية للحلّ تضمنت الانتقال السياسي للسلطة، دعا مجدداً النظام السوري إلى الإسراع في الإفراج عن المعتقلين وفتح أماكن الاحتجاز أمام اللجان الدولية. بعد ذلك توالت اجتماعات جنيف واحد واثنان وصولاً لجنيف سبعة، وصدرت عدة قرارات جديدة عن مجلس الأمن تصبّ في نفس الإطار.
في نفس الوقت كانت مشاريع قرارات مجلس الأمن التي تدين النظام في سوريا تواجه باستخدام روسيا لحق النقض الفيتو، وهو ما أنتج قراراتٍ “مخففة” كان أهمها القرار ٢٢٥٤ في كانون الأول ٢٠١٥ الذي أكدّ على مرجعية بيان جنيف وبياني فيينا ودعا “جميع الأطراف إلى الإفراج عن أي محتجزين بشكل تعسفي”. كما دعا” دول الفريق الدولي لدعم سوريا إلى استخدام نفوذها فوراً تحقيقاً لتلك الغايات”.
وصل المسار السياسي الى اجتماعات استانا برعاية روسية إيرانية تركية، وحمل الوفد العسكري الممثل للمعارضة قضية المعتقلين في كل الجولات وصولاً إلى جولة استانا 7 ، لكن أيضاً من دون جدوى. أعلن الوفد المعارض في بيان عقب المفاوضات: “لقد كان من أولويات الوفد موضوع المعتقلين وقد قدمنا ورقة وافقت عليها وفود تركيا والأمم المتحدة وروسيا وعطلتها إيران”.
في مقابل تلك التحركات كانت أعداد المعتقلين تتضاعف بوتيرة عالية ومعها وقائع القتل والتعذيب  في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام إلى حدودٍ يصعب تصديقها.
[video_player link=””][/video_player]