fbpx

كردستان العراق:استقطاب تركي إيراني سعودي يتنازع الإقليم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مع احتدام التنافس الإقليمي في المنطقة، تدور شكوك كبيرة حول قدرة أربيل على مسك العصا من الوسط في ظل ضغوطات أميركية وعلاقات مصيرية مع تركيا، ووثيقة مع السعودية وأخرى تفرضها الجغرافيا مع الجار الشرقي الإيراني وامتداداتها في العراق

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
لقاء اردوغان وبارزاني

حرص رئيس إقليم كردستان المنتخب نيجيرفان بارزاني، على أن تكون تركيا أولى وجهاته الخارجية بعد زيارة “إسقاط فرض”، إلى بغداد، بدت وكأنها خاطفة وبروتوكولية. زيارة تركيا أعقبت حضور وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مراسيم أداء اليمين الدستورية لنيجيرفان، خلفاً لعمه مسعود بارزاني في رئاسة الإقليم، تزامناً مع الذكرى الخامسة لاجتياح “داعش” مدينة الموصل في 10 حزيران/ يونيو، بحضور حوالى 1200 شخصية سياسية وديبلوماسية في أربيل.

ليست تركيا التي تربطها اتفاقات نفطية طويلة الأجل مع الإقليم ومصالح اقتصادية ونفوذ سياسي، وحدها التي تسعى إلى مد الجسور إلى أكراد العراق في خضم قرع طبول الحرب بين معسكري واشنطن وطهران في مياه الخليج العربي والشرق الأوسط عموماً، حيث كان الوزير السعودي المثير للجدل ثامر السبهان ضيفاً خاصاً لمراسيم توريث السلطة الإدارية من بارزاني العم إلى ابن شقيقه نيجيرفان ونجله الأكبر مسرور الذي كلف بتشكيل الحكومة. في المقابل، شارك الجانب الإيراني على مستوى السفير ايرج مسجدي، على رغم تقاسم الجانبين الحدود من أقصى الشمال الكردي حتى آخر نقطة تابعة لسلطات الإقليم في منطقة كرميان المحاذية لمحافظة ديالى العراقية.

الحضور التركي القوي في الإقليم والحفاوة التي استقبل بها الوزير السعودي ثامر السبهان في المراسيم، وما أعقبه من تطورات زيارة نيجيرفان تركيا وظهور السبهان في لقاءات ثنائية مع قادة أربيل، بعد أيام من انتهاء المراسيم، لا يخلو من دلالة قرب أربيل من المحور السني في المنطقة. وقد عزز ذلك إحجام الكثير من القادة العراقيين الشيعة النافذين المقربين من إيران أمثال المالكي والخزعلي والعامري، عن حضور تنصيب رئيس الإقليم، على رغم العلاقة الدستورية الإجبارية التي تربط كردستان ببغداد ضمن النظام الاتحادي النيابي الذي أقره الدستور للعراق منذ 2005. 

روجت وسائل الإعلام الكردية المقربة من حزب بارزاني، لتصريحات للرئيس التركي أردوغان أشارت إلی أنه یستقبل نیجیرفان بارزاني كـ”ضیف خاص”، إلا أن الصور التي خرجت من لقاء 21 حزيران في القصر الرئاسي في إسطنبول، أثارت انتقادات فيسبوكية في الوسط الكردي، لأنها أوحت وكأن إقليم كردستان جزء تابع لتركيا، لخلو قاعة الاجتماع من العلمين العراقي والكردي، وجلوس أردوغان في أعلى الغرفة وحيداً وأمامه من الجانب الأيمن جلس بارزاني الذي حرص على الظهور في الصورة مبتسماً. 

وعلى رغم التقارب الكردي “السني” المتمثل بشقي تركيا والسعودية المتنافستين، إلا أن أبواب أربيل ليست موصدة بوجه الإيرانيين وأصدقاء طهران في العراق

التسريبات السياسية تشير إلى أن النفط وإمكان الاعتماد على الموانئ التركية بدلاً من البصرة والخليج في حال حدوث توترات إضافية في مضيق هرمز والخليج، كانا المحور الرئيسي للمباحثات الكردية التركية. إلا أن بارزاني، عبّر عبر الوكالات التركية عن أمله بتجاوز حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا عبر الاقليم 13 مليار دولار سنوياً. وشدد على ضرورة دراسة إمكان افتتاح معبر ثان بين العراق وتركيا في فيشخابور بالتعاون بين أنقرة وبغداد وأربيل. ولم ينس الضيف الكردي الساعي إلى ترميم العلاقة مع تركيا بعدما عصف بها الاستفتاء، تأكيد معارضة أربيل تحركات “حزب العمال الكردستاني” المناوئ لتركيا، انطلاقاً من إقليم كردستان والحدود العراقية الشمالية المحاذية للقرى والبلدات الكردية التركية. 

ثامر السبهان خلال زيارته لنيتشرفان بارزاني

التقارب الكردي – التركي يتزامن مع تقارب آخر مع الزعيم السني الآخر المتمثل في المملكة العربية السعودية، حيث مكث السبهان الذي يثير غضب الجمهور الشيعي في كل ظهور في العراق وكلما غرد عن شؤونه في “تويتر”، في مدينة أربيل أياماً عدة أمضاها في عقد لقاءات مع القادة البارزانيين. ثم توجه إلى شرق الفرات ودير الزور، عبر المعبر الذي يربط إقليم كردستان بالأراضي السورية، من أجل الترويج للمشروع الأميركي وسط العشائر العربية المتحالفة مع “قسد” الكردية. 

اكتفت الأخبار والبيانات التي صدرت بعد لقاءات السبهان مع قادة أربيل بالإشارة إلى العموميات والأمور البروتوكولية وأحاديث تطوير العلاقة، على رغم عدم وجود حدود برية بين كردستان والسعودية، إلا أن بياناً شديد اللهجة لمجلس وزراء الإقليم، تضمن إدانة الهجوم الحوثي على مطار أبها السعودي بعد يومين من الحادثة، قدمت صورة أو تفسيراً عما يمكن تصوره عن التنسيق السعودي الكردي في الصراع الدائر في المنطقة.

وتزامناً مع هذا البيان الكردي لمؤازرة السعودية في حربها ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران، أحرج الصدر السلطات الكردية عبر توجيه سهام انتقاداته للهجمات الجوية التركية، ضد المناطق الكردية في ظل صمت أربيل حيال تلك الهجمات، على رغم امتدادها لمحطات وقود ومناطق مجاورة لمقرات الديموقراطي الكردستاني في العمادية. وذلك نظراً إلى خصوصية العلاقة التي تربط حزب بارزاني بحزب أردوغان، وحساسيتها، إضافة إلى تفهم الجانبين خطورة تمدد حزب أوجلان الذي يشكل هاجساً مشتركاً لهما بسبب معاداته أنقرة والزعامة البارزانية للقضية الكردية في الوقت نفسه. 

وعلى رغم التقارب الكردي “السني” المتمثل بشقي تركيا والسعودية المتنافستين، إلا أن أبواب أربيل ليست موصدة بوجه الإيرانيين وأصدقاء طهران في العراق، ما يعده ذكاء كردياً “بارزانياً” في جمع الخصوم. فأربيل تتمتع بعلاقات مع تركيا والسعودية وإيران، في آن واحد. وعاد “الحزب الديموقراطي” إلى قطار العملية السياسية العراقية بعد أزمة الاستفتاء التي عصفت بعلاقات الطرفين قبل عامين عبر الوسيط الإيراني، وبتفاهامات مع موالي طهران من الأحزاب الشيعية، عبر الانخراط في مشاريع كتلة “البناء” التي نتج عنها اختيار عبد المهدي رئيساً للوزراء، والحلبوسي رئيساً للبرلمان العراقي. وبجانب حزب بارزاني، تتمتع إيران بعلاقات وثيقة مع شريكه في الحكم “الاتحاد الوطني” ولديها تجارة ومشاريع اقتصادية مستمرة يمكن أن تخفف عنها أعباء الحصار الأميركي المفروض على أنشطتها الاقتصادية.

ومع احتدام التنافس الإقليمي في المنطقة، تدور شكوك كبيرة حول قدرة أربيل على مسك العصا من الوسط في ظل ضغوطات أميركية وعلاقات مصيرية مع تركيا، ووثيقة مع السعودية وأخرى تفرضها الجغرافيا مع الجار الشرقي الإيراني وامتداداتها في العراق، وسط انقسام مذهبي ومصالح فئوية طائفية تحكم السياسات العراقية العامة، مذ أطاح الأميركيون في 2003 بنظام صدام الذي وقف سداً منيعاً أمام التمدد الإيراني والتركي والخليجي للعراق لسنوات عدة، عبر عسكرة البلاد والبطش بكل من حاول أن يغرد خارج السرب أو أن يخالف سياسات “حزب البعث” بنسخته الصدامية. 

كردستان العراق: قانون انتخاب على مقاس “الرئيس”