fbpx

“مطر حمص” الصورة في خدمة الديكتاتور

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

عندما أطلقت المخرجة الألمانية (ليني ريفنشتال) فيلمها الخالد “إنتصار الإرادة” عام ١٩٣٥ بطلب من الفوهرر (أدولف هتلر) وبعد مرور أكثر من ٨٢ عاماً على عرضه الأول بحضور هتلر نفسه وقادة الحزب النازي والجدل لم ينقطع ولم يصل إلى نتيجة حاسمة بشأن أولويات الإنحياز التي طالما مثلت هاجساً للسينمائيين ونقاد وعشاق السينما وأصحاب الفكر عموماً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عندما أطلقت المخرجة الألمانية (ليني ريفنشتال) فيلمها الخالد “إنتصار الإرادة” عام ١٩٣٥ بطلب من الفوهرر (أدولف هتلر) وبعد مرور أكثر من ٨٢ عاماً على عرضه الأول بحضور هتلر نفسه وقادة الحزب النازي والجدل لم ينقطع ولم يصل إلى نتيجة حاسمة بشأن أولويات الإنحياز التي طالما مثلت هاجساً للسينمائيين ونقاد وعشاق السينما وأصحاب الفكر عموماً.
هل الإنحياز إلى الجمال في لغة هذا الفن الأهم بين الفنون قاطبةً، كما رأى (فلاديمير لينين) ومن بعده (جوزيف جوبلز) وزير البروباغاندا في الحزب النازي، أم إلى المضمون الذي هو رسالة أيّ فنٍّ بما في ذلك السينما. وكيف يمكن للسينمائي خلق إنسجام ما بين جمالية الفيلم ورسالته المتوخاة.وهذا ما تنبه له (جوبلز) حين قال “إن البروباغندا الأكثر تأثيراً يجب أن تقدم كمتعة وأن نخلق سينما للمتعة الجمالية بحيث لا يدرك المشاهدون حقيقة أنهم يتلقون رسالة نتوخى أن تدخل إلى وعيهم من غير أن يتنبهوا فلا يستطيعون مقاومتها”.أجمع نقاد السينما على أن فيلم “إنتصار الإرادة” هو أحد أهم أفلام القرن العشرين. ولا يزال هذا الفيلم يحظى بالدراسة والمشاهدة والإهتمام رغم مرور الزمن، لما فيه من رؤية جمالية تخطّت ما كان سائداً آنذاك في السينما لغة وتقنية وإحكاماً ومتانة وإبداعاً. فهو سبق عصره من جهة ومن جهة أخرى تمكّن من تكريس رسالة الحزب النازي في صعوده إلى الحكم في ألمانيا متفرداً بالسلطة بقيادة هتلر.
كان هتلر قد أصدر أوامره عندما طلب من (ريفنتشال) صناعة الفيلم،,وهي تردّدت كثيراً في قبول العمل عليه، أن لا يتدخل أحدٌ في عملها منذ الكتابة وإلى العرض الأول للفيلم لأنه يثق في قدرتها وامتلاكها الغة السينمائية التي ستحقق له مراده في إلقاء الضوء والجمال ذي السحر على الناس وتسويق مشروعه السلطوي والتدميري مستقبلاً.لم يكن هتلر قد بدأ الحرب الكونية الثانية بعد. كان يستعد لإعادة خلق ألمانيا بما ينسجم مع رؤيته لسيطرة بلدٍ صافي العرق.لم تكن المحرقة الأكبر في التاريخ البشري قد حدثت بعد حين عرض “انتصار الإرادة” ولم تأخذ في أتونها ملايين البشر من كل الخلفيات الدينية والعرقية. لذا فحين يناقش  الفيلم اليوم فإن أي نقاش حول الجمالية السينمائية سيلقى تبريراً من غير أن يشعر أحدنا بالأسى لاستخدام لغة السينما بكل مفرداتها وتقنياتها في الترويج لزعيمٍ سيكون بعد سنوات قليلة المجرم الأول في تاريخ البشرية الحديث.ولكن ماذا لو أن تلك المخرجة العظيمة (ليني ريفنشتال) قدمت فيلماً بعظمة فيلم “إنتصار الإرادة” بعد أن أباد هتلر ملايين اليهود والغجر والمثليين والشيوعيين والروس والفرنسيين والبلجيك والإيطاليين  والمرضى النفسيين والمعوقين جسدياً وقدم للعالم إختراعه المبتكر للقتل بأفران الغاز .كيف لنا أن نفتح أفواهنا دهشة من جمال الصورة وعبقرية الإخراج والمونتاج وميكساج الصوت والموسيقى والكادرات المبنية ببراعة لتظهر رسالة القتل بأبهى صورة في سياق واقعي أحياناً أو رمزيّ أحياناً أخرى؟قبل فترة عُرض في مهرجان أيام قرطاج السينمائية في تونس الفيلم السوري “مطر حمص” وهو من إنتاج المؤسسة العامة للسينما وهي هيئة تابعة للنظام السوري. أما الإخراج فكان للمخرج السوري (جود سعيد)المعروف بولائه للنظام .ورغم ما أثاره الفيلم من تعاطف وإعجاب لدى بعض  النقاد لقيمته الجمالية الاّ أن الفيلم لم يحصل على أي جائزة. ذكّرنا فيلم “مطر حمص” والجدل الذي أثير حوله بفيلم “انتصار الإرادة” مع فارق شاسع بين الفيلمين جماليةً وإبداعاً وزمناً. نعم، هناك صورة مشغولة بحرفية في الفيلم السوري، صورة الدمار الذي لحق بحمص، “الخراب الجميل” كما قال (أدونيس) .
الصورة المخادعة التي تحمل في كل ذرة منها كميناً وتشويهاً للحقيقة منذ اللحظة الأولى وإلى مسار التسلسل الدرامي للفيلم الذي قدّم لنا رؤيةً واحدة لما جرى في حمص ليحملنا في النهاية إلى مشاهد الإفتتاح لخراب حمص فيترك المشاهد غير المدرك للحقائق ليشعر أن كلّ هذا الخراب لا علاقة له بطائرات النظام ولا ببراميله المتفجرة منذ الانتفاضات السلمية لأهل حمص في ربيع ٢٠١١ والى زمن الفيلم في ربيع ٢٠١٤.كلنا يعلم أن انتفاضة الشعب السوري في كل المدن ومنها حمص بدأت سلمية ولم يظهر السلاح الاّ بعد أن استنفذ النظام جهوده لإخمادها فلجأ إلى القتل ولكن الفيلم لم يقدّم لنا أي شخصية غير متضامنة مع النظام .وشخصيات مطر حمص هي، ثلاثة قساوسة مسيحيين ومسيحيون كباراً وصغاراً، مقابل بعض الشخصيات الثانوية الهزيلة في حضورها والمضطربة نفسياً ودرامياً فتظهر لنا أهوال الحرب وتأثيراتها على صحتهم العقلية. في المقابل هناك الإسلاميون بقيادة أبو عبدالله .لم يقدم لنا الفيلم أي شخصية عادية من أبناء حمص التي يبلغ عدد سكانها مليون وربع من مختلف الأديان انتفضوا في غالبيتهم ضد النظام.وضعنا المخرج في سكة الخطاب السياسي والفكري للنظام وشعاره الأثير منذ البدء بأنه حامي الأقليات الدينية في سورية وجعل المسيحيين في المواجهة وحدهم مع التكفيريين الإسلاميين وكأن ليس هناك سوريون في حمص غير المسيحيين. كما جعلنا نرى المسيحيين من خلال عدسة تلسكوب القناص أبو عبد الله  لتأكيد خطاب النظام حامي الأقليات وهكذا لم يكن ما جرى في سورية غير هجمة تكفيرية ولا وجود لشعب طالب بالحرية.
لا أريد أن أتحدث عن تفاصيل الفيلم المزيِّف للحقيقة والذي يمكنه من خلال جماليات الصورة أن يخدع الجاهلين بحقائق الأحداث في سورية منذ بد الثورة حيث أغتيل السينمائي السوري الشاب باسل شحادة  برصاصة قناص من جيش النظام قبل أن يتسلل الإسلاميون الى الثورة. في الفيلم يؤكد المخرج في كل مشهد وكل لقطة وكل محاولة فنتازية ثقيلة خطاب النظام، وحاول في مشهد مقزز لإبتزاز المشاهد الغربي أن يظهر وحشية القناص بقتله الكلب الذي جرى فلحقته الطفلة التي لم يحاول إيقافها لإنقاذها غير الجندي السوري الرقيق والقس المسيحي.ليطلق القناص رصاصة على الكلب.
يا للوحشية !الخطاب التزييفي للفيلم يبلغ ذروته حين يأتي جندي النظام الجريح إلى القسّ في كنيسته ليعتذر منه وهو يحتضر لأنه اضطر إلى دفن رفاقه القتلى في قبر من المقبرة التابعة للكنيسة. يا للتحضر والتسامح لدى جندي النظام الذي تشهد سنوات المواجهة معه على قتل أكثر من نصف مليون ومئات المقابر الجماعية وعشرات الآلاف من القتلى جوعاً في سجونه.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.