fbpx

للعبودية مكانٌ بيننا

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

حدثان ليسا بعابرين يثبّتان العبودية في أيامنا هذه. حدثان تمّ فيهما بيع بشرٍ في مزاداتٍ علنية، بحيث تمّ الحطّ من قيمة الإنسان وكرامته وحياته تماماً كما فعل الأوروبيون في جزيرة ”الغوريه“ غرب أفريقيا من عام ١٤٤٤ إلى عام ١٨٤٨، وهو التاريخ المفترض لإلغاء العبودية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

حدثان ليسا بعابرين يثبّتان العبودية في أيامنا هذه.
حدثان تمّ فيهما بيع بشرٍ في مزاداتٍ علنية، بحيث تمّ الحطّ من قيمة الإنسان وكرامته وحياته تماماً كما فعل الأوروبيون في جزيرة ”الغوريه“ غرب أفريقيا من عام ١٤٤٤ إلى عام ١٨٤٨، وهو التاريخ المفترض لإلغاء العبودية.
كان الحدث الأول في كُردستان العراق عام ٢٠١٤، حين أعلن تنظيم داعش ”إحياء الرق قبل قيام الساعة“ ومارس سياسة العبودية ضد المواطنين الإيزديين حيث تمّ بيع النساء الإيزديات في المدن السورية والعراقية التي كانت تقع تحت سيطرة التنظيم.
أما الحدث الثاني، فحصل صيف هذا العام، إذ عومل شبان أفارقة معاملة الرقّ وتم بيعهم كما يتم بيع أي شيء في المزادات العلنية. فالفيديو الذي نشرته قناة (سي إن إن) الأمريكية يظهر رجلاً يعلن بلغة عربية واضحة سعر اللاجئ الأفريقي من ٨٠٠ إلى ٩٠٠ دولاراً وصولا إلى ١٢٠٠ دولار.
هذه الصور التي سجلت في ليبيا لاتترك مجالاً للشك فيما خص الاتجار بالبشر والعودة إلى عصر الرق. وفي ليبيا هناك نحو ٣٠ ألف مهاجر إفريقي تقطعت بهم السبل ويعانون من ظروف بائسة للغاية. ويحتجز العديد من هؤلاء من قبل مهربي البشر ويجبرون على العمل لقاء أجور بخسة أو بالمجان.
اقتصرت ردود الفعل الدولية على وجود سوق للنخاسة في ليبيا لبيع الشباب الهارب من الفقر وحروب أفريقيا الدائمة بحثاً عن حياة أفضل، على الإستنكار وترديد جمل مثل ”لا مكان للعبودية بيننا“. وقد قال الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريس ”لا مكان للعبودية في عالمنا، وتمثل هذه الأفعال أشد إنتهاكات حقوق الإنسان فظاعة“، فيما طلب الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون إجتماعاً عاجلاً لمجلس الأمن الدولي لبحث فظاعة الوضع الذي يعيشه اللاجئون في ليبيا ووصفها بـ ”الجريمة ضد الإنسانية“.
وتتهم أوساط محلية ليبية السلطات الفرنسية بالتقصير فيما خص حماية الحدود من المافيا التابعة لميليشيات عسكرية تتاجر بالبشر علناً بين الحدود الليبية والنيجرية، ذاك أن المنطقة تقع تحت مسؤولية قاعدة عسكرية فرنسية.
ويروي شاب من النيجر إسمه (إرنست إكبوتوكين) وعمره ٢٧ عاماً كيف تم بيعه ومعاملته كعبد حين وصل إلى (سبها) جنوب ليبيا، وكيف تم وضعه مع الشبان الآخرين في عنابر ضيقة ويقول بأن المكان لم يكن مخيماً، بل كان ”غيتو“. ويضيف بأن التجار كانوا يضعون كل ١٠٠ شخص داخل عنبر صغير في ذلك ”الغيتو“. وقد نشرت صحيفة (لوموند) الفرنسية شهادته التي تثبت بأن العبودية استعادت مكانها بيننا ولم يعد العالم يليق بتاريخ تحرير الإنسان من الرق عام ١٨٤٨.
وصفُ هذا الشاب النيجري لعملية البيع والمتاجرة به، ووضعه مع عشرات آخرين داخل عنابر ضيقة، لا يختلف بشيء عن عنابر ”بيت العبودية“ في جزيرة (الغورية) قبال العاصمة السنغالية دكّار قبل إنتهاء العبودية عام ١٨٤٨. إنه وصف ينطبق على عنابر العبودية الحديثة في (سبها) كما ينطبق على بيت العبودية القديم في غرب أفريقيا.
و”الغوريه“ هي جزيرة صغيرة تبعد عن (دكّار) أربعة كيلومترات. احتلها البرتغاليون للمرة الأولى عام ١٤٤٤ وأسسوا فيها عام ١٥٣٦ أول بيت للنخاسة واطلقوا عليها ”بيت العبودية“. أحتلها الهولنديون ١٥٨٨ وسموها بـ(الميناء الجيد)، ثم استولى عليها الفرنسيون عام ١٦٧٧.
أصبحت الجزيرة محل نزاع طويل بين البريطانيين والفرنسيين إلى عام ١٨٠٩ وتم إخضاعها لسيطرة الفرنسيين وفق معاهدة بين الطرفين إلى حين تحرير السنغال من الإستعمار. كانت الجزيرة تمثل المحطة الأخيرة لنقل العبيد من غرب أفريقيا إلى أوروبا والأمريكيتين ويقدّر عدد الأشخاص الذين تم بيعهم ونقلهم منها بحوالي ستين مليون شخص.
شكلت (الغوريه) من القرن الخامس عشر ولغاية أواسط القرن التاسع عشر المركز التجاري الأكبر لتجارة العبيد. وتتميز هندستها بالتناقض بين أحياء العبيد المظلمة ومنازل تجار الرقيق الأنيقة. وتجسد إلى اليوم رمزاً للاستغلال البشري حيث وضعتها منظمة اليونسكو على قائمة مواقع التراث العالمي عام ١٩٧٨.  
ولاتزال ردود الفعل على ما كشفته الصور القادمة من ليبيا دون مستوى المأساة.[video_player link=””][/video_player]

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!