fbpx

خطاب الكراهية اللبنانية طوق حول رقبة اللاجئين 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

العنصرية ضد اللاجئين السوريين في لبنان، تأججت بفعل جهود تشاركية ووسط بيئة محلية وإقليمية ودولية ساكته أو مسايرة، فبلورت خطاب كراهية واسع الحضور في الواقع اللبناني

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

سجل لبنان في السنوات القليلة الماضية الموقف الأكثر سوءاً بين دول العالم إزاء قضية اللاجئين السوريين، وهذا بخلاف المتوقع، سواء بالاستناد إلى القانون الدولي، أو لكون لبنان بلداً صغيراً خرج من خاصرة سوريا، وهي تحيطه على امتداد حدوده البرية المفتوحة، ويرتبط سكانه بجيرانهم بعلاقات قربى وتواصل، ومصالح اقتصادية راهنة ومستقبلية. هذا إلى جانب العلاقات التاريخية والثقافية، التي تجمع البلدين والشعبين. 

سوء الوضع اللبناني في قضية اللاجئين ممتد في موضوعين اساسيين، اولهما خطاب الكراهية ضد اللاجئين، والثاني جملة الممارسات العنصرية التي رسمت حدود التعامل معهم، ووصلت في كثير من الأحيان إلى مستوى الجرائم، التي يحاسب عليها القانون في بعديه المحلي والدولي. 

وعلى رغم أن خطاب الكراهية والممارسات العنصرية مستمدان بالاساس من موقف سياسي تتبناه أوساط نافذة في السلطة اللبنانية، ترتبط بعلاقات قوية مع نظام الأسد في سوريا، وتنفذ بعض سياساته حيال اللاجئين السوريين في لبنان، فقد أعطت تلك الأوساط خطاب الكراهية والممارسات العنصرية أبعاداً تجاوزت السياسة، ليأخذ أبعاداً اجتماعية وثقافية واقتصادية. وقد ساهم في ذلك تجاوزات أنصار نظام الأسد في لبنان والمرتبطين بعلاقات مصلحية معه.

لقد ركزت تلك الأوساط على إشاعة، أن اللاجئين السوريين من بنية اجتماعية فقيرة ومتخلفة وغير ذلك من الصفات التي جعلت اللاجئين يشكلون تناقضاً متعدد الاوجه مع المجتمع اللبناني، إضافة إلى بث الخوف الأمني والاقتصادي من وجودهم. 

فمن ناحية اولى، تم التركيز على امتدادات لجماعات التطرف والارهاب الاسلامي وبخاصة “داعش” و”النصرة” في اوساط اللاجئين وفي مخيماتهم، ما يشكل تهديداً امنياً للوضع اللبناني وللعلاقات القائمة بين تكويناته. ومن الناحية الثانية، تم ربط وجود اللاجئين بما يعانيه اللبنانيون من مشكلات معيشية، بينها نقص فرص العمل وتدني الاجور والغلاء ونقص في الخدمات…

وسط ذلك كله، تم تصعيد فكرة أن وجود اللاجئين يمهد لتغييرات في طبيعة الكيان اللبناني. فيزيد تأثير السوريين، ويتفاقم نفوذ المسلمين السنة في مواجهة الوجود المسيحي من جهة والوجود الشيعي من جهة أخرى، ما سيؤدي الى تعميق التناقضات والانقسامات الطائفية في لبنان.

ولم تجد إشاعات اللاعبين اللبنانيين،، على رغم هشاشتها وضعفها، من يوقفها أو يهزمها، إما نتيجة ضعفهم كما كانت حال بعض من مثقفين وصحافيين ورجال سياسة بينهم وزير المهجرين السابق طلال المرعبي، او مسايرة للحلفاء، وتجنباً لمواجهة الطيف العنصري المتصاعد، كما يفعل “تيار المستقبل” و”القوات اللبنانية”. أجج ذلك خطاب الكراهية والممارسات العنصرية ضد اللاجئين، بخاصة بعد دفع الجيش اللبناني والامن العام للغرق في القضية عبر مداهمة المخيمات وأماكن انتشار اللاجئين، بحثاً عن “مطلوبين” يعتقد أنهم متطرفون من “داعش” او “النصرة”، أو لا يملكون أوراقاً نظامية. وفي حالات كثيرة تسببت المداهمات باعتقالات غير مبررة، وموت للمعتقلين تحت التعذيب، وترحيل آخرين إلى سوريا، بل هذه الممارسات امتدت لتطاول ناشطين ولاجئين، تم تسليمهم إلى السلطات السورية بتعاون بين الجهاز الأمني اللبناني والسفارة السورية في بيروت.

 

وعلى رغم أن خطاب الكراهية والممارسات العنصرية مستمدان بالاساس من موقف سياسي تتبناه أوساط نافذة في السلطة اللبنانية، ترتبط بعلاقات قوية مع نظام الأسد في سوريا، وتنفذ بعض سياساته حيال اللاجئين السوريين في لبنان، فقد أعطت تلك الأوساط خطاب الكراهية والممارسات العنصرية أبعاداً تجاوزت السياسة، ليأخذ أبعاداً اجتماعية وثقافية واقتصادية

 

إن زج الجيش والامن العام اللبناني- بما لهما من رمزية موحدة للاختلاف اللبناني-، جعل من قضية اللاجئين السوريين محط اهتمام الأكثرية اللبنانية، ودفع نحو تصعيد خطاب كراهية اللاجئين. وساهمت في ذلك أحداث هامشية وسلوكيات وتصريحات صادرة عن أطراف سورية أو باسمها، وأغلبها مصطنع، وتم استخدامها لتبرير قسوة الجيش والامن في التعامل مع اللاجئين، واعتبرت أكثرية اللبنانيين ذلك سلوكاً طبيعياً يمكن قبوله أو السكوت عنه.

ان بذرة الاشاعات عن اللاجئين السوريين في لبنان كان مصدرها الرئيس شخصيات لبنانية نافذة في السلطة وفي الجماعات السياسية، بينهم رئيس “التيار الوطني الحر” ووزير خارجية لبنان جبران باسيل، وأقرانه من قياديي “حزب الله” و”الحزب السوري القومي الاجتماعي”. وقد تلقف الإعلام اللبناني الاشاعات، ولعب الدور الأهم في نشرها وتعميمها، وهو دور لم يقتصر على المنابر المقربة من نظام الاسد، والمحسوبة على تيار الممانعة اللبناني- الإيراني مثل “الأخبار” و”الميادين” و”المنار” و”العالم”، بل شمل منابر اشتهرت بمهنيتها وموضوعيتها مثل جريدة “النهار”، التي اشارت في احد اخبارها الى مسؤولية اللاجئين السوريين عن زيادة تلوث الهواء في لبنان بعد عام 2011 لتصل تكلفته إلى 152 مليون دولار.

وصول الإشاعات حول اللاجئين الى هذا المستوى، اعطاها فرصة الانتقال الى الفضاء العام اللبناني وبخاصة في البلديات وبعض قطاعات سوق العمل، التي أخذ بعضها يتفنن في إطلاق المبادرات العنصرية في التعامل مع اللاجئين، ومنع إقامتهم ضمن الحدود الادارية للبلدية أو منع تجولهم في اوقات محددة، إضافة إلى رفض تشغيلهم وإعطائهم أجوراً أقل وساعات عمل أطول، ما شجع بين عوامل أخرى بعض الممارسات التي وصلت حد الجرائم ضد لاجئين سوريين، بينها طرد عائلات من سكنها، وقتل صبي يعمل في قهوة لأنه تأخر في تلبية طلب القاتل.

العنصرية ضد اللاجئين السوريين في لبنان، تأججت بفعل جهود تشاركية ووسط بيئة محلية وإقليمية ودولية ساكته أو مسايرة، فبلورت خطاب كراهية واسع الحضور في الواقع اللبناني، له امتدادات تتزايد داخل الدولة والمجتمع. وقد شمل مؤسسات سياسية بما فيها الأحزاب، إضافة إلى المؤسستين العسكرية والأمنية والمؤسسات الاعلامية، وكله يزيد من تعقيدات قضية اللاجئين في لبنان، ويجعلها في جانب منها جزءاً من الجحيم السوري الذي لا يجد في عالم اليوم من يعالجه. ويفرضها أيضاً على اللبنانيين باعتبارها أحد اهم التحديات، لان اثرها يتجاوز السوريين الى اللبنانيين انفسهم في الحاضر والمستقبل. فالعنصرية والكراهية لا تلقيان بأثرهما على الآخرين فحسب، بل تدمر أصحابها ايضاً، وقد صار ضرورياً الخروج منها، كما طالب بيان الفعاليات الثقافية والاجتماعية والسياسية اللبنانية الذي صدر في بيروت.

بيان عن العنصرية في بلدنا

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!