fbpx

تقرير “حياة تذوي” لمنظّمة “مواطَنة”: الجميع متورّط في ظلامة أهل اليمن

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

خلال عام واحد فقط، سجّل فريق “مواطَنة” وحده، 150 غارة جويّة شنّها التحالف بقيادة السعوديّة والإمارات أودت بحياة 375 مدنيّاً، بالإضافة إلى 87 هجوماً بريّاً ذهب ضحيّته 124 قتيلاً، و6 ضربات أميركيّة من دون طيّار على مواقع قيل إنّها تحت سيطرة القاعدة، أسفرت عن مقتل 22 مدنيّاً، و52 واقعة انفجار ألغام أرضيّة تسبّبت في مقتل ما لا يقلّ عن 60 مدنيّاً يتحمّل الحوثيّون مسؤوليّة معظمها… والملحمة اليمنيّة مستمرّة

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“لقد بات جليّاً أن حياة اليمنيّين، نساءً وأطفالاً، رجالاً وشيوخاً، تذوي، وتتلاشى. والقوّة والشجاعة، في مثل هذه الظروف، يملكها -حصراً- مَن يستطيعون إيقاف الحرب، وإنهاء معاناة ملايين البشر، الذين لا ذنب لهم سوى أنهم وُجدوا في هذه البقعة المُهمَلة من الأرض: اليمن”.

بهذه الأسطر، لخّصت المنظّمة غير الحكوميّة اليمنيّة “مواطَنة لحقوق الإنسان” المشهد اليمني الراهن ومهّدت لنتائج تقريرها السنوي لعام 2018 حول وضع حقوق الإنسان في اليمن تحت عنوان “حياة تذوي: حالة حقوق الإنسان في اليمن للعام 2018”.

توثّق “مواطَنة” في تقريرها انتهاكاتٍ ارتكبتها جميع أطراف النزاع للقوانين الدوليّة الإنسانيّة والقوانين الدوليّة لحقوق الإنسان، شاملةً فيه أعمال العنف والقمع والاعتقال التعسّفي وتجنيد الأطفال التي سجّلها فريقُها المُكوّن من 70 عضواً استناداً إلى أبحاثٍ ميدانيّة أجراها في 20 محافظة يمنيّة بين كانون الثاني/يناير وكانون الأوّل/ديسمبر 2018.

تُشدّد “مواطنة” في تقريرها على أنّ جميع أطراف النزاع متورّطة في ارتكاب تلك الانتهاكات والجرائم وتتحمّل مسؤوليّة عواقبها الوخيمة على حياة المدنيّين، بما فيها قوّات التحالف العربي بقيادة المملكة العربيّة السعوديّة والإمارات العربيّة المتّحدة، وجماعة أنصار الله (الحوثيّون)، والقوّات الحكوميّة التابعة للرئيس عبد ربه منصور هادي، والكيانات المسلّحة التي تعمل بالوكالة، ومن بينها المجموعات اليمنيّة التابعة لدولة الإمارات.

إذاً، يبيّن هذا التقرير بوضوح كيف أنّ شعب اليمن ومدنيّيه هم الخاسرون الأكبر في هذه الحرب التي، وعلى مدى خمس سنوات، لم تتحرّك الدول جدّياً لوقفها إن عبر تجميد صفقات بيع الأسلحة للتحالف أو عن طريق اتّخاذ خطوات عمليّة لإطلاق عجلة الآليّات اللّازمة لتوثيق الجرائم والتحقيق فيها ومحاسبة مُقترفيها اليمنيّين وغير اليمنيّين، والتي يرقى بعضها إلى جرائم حرب.

خلال مؤتمرٍ صحافي عقدته منظّمة “مواطَنة” في باريس يوم الاثنين 16 تموز/يوليو 2019 لإطلاق هذا التقرير، شدّدت رئيسة المنظّمة اليمنيّة، رضيّة المتوكّل، على ضرورة تشكيل مجلس حقوق الإنسان في أيلول بعثةَ تحقيق وبشكلٍ عاجل، ومنحها “تفويضاً قوياً” لإلقاء الضوء على التجاوزات الجارية في اليمن. وندّدت المتوكّل بـ”الدول التي تدعم الإمارات والسعودية لأسباب اقتصاديّة، مثل فرنسا والولايات المتّحدة وبريطانيا، إذ تُعارض إجراء تحقيق جدّي لمجرّد أنها تبيع أسلحة للتحالف”، كما عرضت المتوكّل لأبرز نتائج هذا التقرير الشامل وتوصيات أهمّ فصوله.

الغارات الجويّة لم تتوقّف والمساعدات الإنسانيّة أسيرة “قوى الأمر الواقع”

خلال العام المذكور، سجّل فريق “مواطَنة” 150 غارة جويّة شنّها التحالف بقيادة السعوديّة والإمارات، أودت بحياة 375 مدنيّاً، من بينهم 165 طفلاً؛ بالإضافة إلى 87 هجوماً بريّاً ذهب ضحيّته 124 قتيلاً، بينهم 6 نساء، و52 طفلاً، و6 ضربات أميركيّة من دون طيّار على مواقع قيل إنّها تحت سيطرة القاعدة، إلا أنّها أسفرت في الواقع عن مقتل 22 مدنيّاً.

كما وثّق فريق “مواطَنة” 16 استهدافاً لمستشفيات ومراكز صحيّة، بالإضافة إلى 60 حالة اعتداء على مدارس أو استخدام لمنشآت تربويّة لأهداف عسكريّة، غالبيّتها استُخدمت من قبل الحوثيّين المسؤولين أيضاً عن معظم حالات عرقلة وصول المساعدات الإنسانيّة إلى المدنيّين في المناطق التي يسيطرون عليها وعلى مداخلها.

توزيع مساعدات لنازحين يمنيين في مواقع تحت سيطرة أنصار الله- حزيران/يونيو 2018

في هذا الإطار، وثّقت المنظّمة ما لا يقلّ عن 74 حادثة منع وصول مساعدات إنسانيّة، من بينها 62 حادثة يتحمّل الحوثيّون مسؤوليّتها في محافظات المحويت، وصعدة، والحديدة، وذمار، وإب، والجوف، وريمة؛ فيما تتحمّل “المقاومة الشعبية” والقوّات الموالية للرئيس هادي المسؤوليّة في 6 وقائع تركّزت في محافظتَي صعدة وحجة، ويتحمّل التحالف بقيادة السعوديّة والإمارات المسؤوليّة في 6 حالات منع في محافظتَي صعدة وشبوة.

ووثقت المنظّمة على الأقل 1117 حالة لأطفال جُنّدوا أو استُخدموا لأغراض عسكريّة، 72% منهم استقطبهم الحوثيّون وكان في صفوفهم فتيات قاصرات.

محافظات وقضايا لم تلقَ الاهتمام الإعلامي والدولي التي تستحقّ

لعلّ أهمّ إضافات هذا التقرير تسليطه الضوء على قضايا وأحداث لم يُعرها الإعلام المساحة الكافية أو المُساوية لتلك التي خصّصها للحُديدة وموانئها وموقعها في اتّفاق ستوكهولم.

ومن بين هذه القضايا، وقائع طالت حقّ المدنيّين في التنقّل، سواء داخل بلدهم، على يد الحوثيّين أو الجماعات التابعة لحكومة هادي وللتحالف والجماعات المسلّحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، أو خارج البلاد، بفعل الحصار الذي يفرضه التحالف على مختلف مطارات اليمن والمعابر الحدوديّة.

من تجليّات أزمة المياه في تعز- تشرين الثاني/نوفمبر 2018

وقد أثّر انخفاض قدرة الناس على التحرّك بحريّة داخل وخارج اليمن خلال النزاع على المدنيّين والحياة المدنيّة عموماً؛ وقد خلقت الحواجز الأمنيّة حالةً من الذعر والتوتّر في نفوس المسافرين، وذلك في نقاط تفتيش عدّة خاضعة إمّا للحوثيّين أو لغيرهم من الموالين للرئيس هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي. ومن بين هذه النقاط، نقطة “فلج” في مأرب، ونقطة “أبو تراب” في البيضاء التي تُعدّ “ثقباً أسود يبتلع المسافرين”.

وكأن الحرب والحرمان والتضييق والحصار والمجاعة لا تكفي، فأتى زرع الألغام كتكتيك حربي، محظور دوليّاً، ليُكدّس المآسي فوق رؤوس اليمنيّين، بخاصّة أولئك المتواجدين في الحقول والبساتين في مناطق الساحل الغربي. وقد وثّقت “مواطَنة” قرابة 52 واقعة انفجار ألغام أرضيّة في تسع محافظات، تسبّبت في مقتل ما لا يقلّ عن 60 مدنيّاً، بينهم 8 نساء و26 طفلاً، وربطت المنظّمة مسؤوليّة زرع معظم هذه الألغام بالحوثيّين.

عنصر مسلّح في مأرب تابع لقوّات “المقاومة الشعبيّة” الداعمة لهادي

علاوةً على ذلك، استشرت خلال عام 2018 حالاتُ الاعتقال التعسّفي والتعذيب التي طالت مئات اليمنيّين من متظاهرين وإعلاميّين ومدنيّين. وفي هذا السياق، سجّلت “مواطَنة” 224 حالة اعتقال تعسّفي يتحمّل مسؤوليّتها جميع أطراف النزاع، بالإضافة إلى 203 حالة اختفاء قسري لمدنيّين وصحافيّين، و27 حالة اعتداء على صحافيّين ووسائل إعلاميّة. كما سلّط التقرير السنوي الضوء على التعذيب الذي تعرّض له 11 صياداً يمنيّاً احتُجزوا في جازان السعوديّة، ومن بينهم طفل تعرّض للضرب والتعذيب بالكاد أتمّ الـ15 عاماً من عمره، وعلى حالات الاعتداء الجنسي الـ 7 الموثّقة التي وقع ضحيّتها 8 أطفال على أيدي عناصر أمنيّين موالين للرئيس هادي والتحالف.

بالنسبة إلى “مواطَنة”، فإنّ الخطوات اللاحقة التي يجب اتّخاذها واضحة ولا تحتمل الانتظار، وأي تأخير في التحرّك الجدّي هو بمثابة تمديد للملحمة اليمنيّة وإمعان في تجويع الشعب اليمني وتعذيبه وتقييده وقتله بالأدوات الحربيّة المباشرة وغير المباشرة الموصوفة بأنّها “من صنع الإنسان”، ما يعني أنّه بالإمكان تجنّبها لو توفّرت الإرادة السياسيّة الحقيقيّة. وقد آن الوقت لتدرك الدول المعنيّة أنّ “معالجة الأزمة الإنسانيّة لا يمكن أن تتحقّق بمعزل عن معالجة الأزمة الحقوقيّة”، وأن تلتزم بتجهيز الأرضيّة الملائمة لإجراء التحقيقات في الجرائم الحاصلة، تمهيداً للمحاسبة، كي لا يستمرّ مرتبكو الجرائم باقتراف شتّى أنواع الانتهاكات، مستفيدين من التعتيم المُحكم على ممارساتهم القمعيّة والعنفيّة.

 

للجدران آذان: وثائق أمنيّة سوريّة بقبضة الشعب