fbpx

سياسة إفقار السوريين قبل 2011 وبعده

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إذا كانت سياسة النظام، تشكل محور إفقار السوريين في سنوات الثورة، فقد تم توسيع تلك السياسة بإضافة إجراءات وخطوات

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تميز النظام البعثي في عهدي الأسد الأب (1970-2000) وخليفته الأسد الابن (2000-2019) بسياسة نهب واستغلال فاضحة، مورست في العهدين على التوالي، ما أدى إلى ارتفاع نسبة الفقر في أوساط السوريين بصورة متزايدة. 

وإذ كان الذين يعيشون بدخل دولار واحد يشكلون نحو 30 في المئة من اجمالي السوريين عام 2010، صعدت نسبة الفقر هذه في سنوات الصراع الخمسة الأولى (2011-2015) لتناهز 80 في المئة، وهي نسبة تتجه نحو التزايد في ظل استمرار الصراع، الذي تجاوز عامه الثامن من دون أن تتبين له نهاية قريبة.

وللحق، فإن سياسة النظام في النهب والاستغلال، تصاعدت بعد ثورة عام 2011 مع تبدل طفيف فيها. إذ انتقل النظام من ممارسة تلك السياسة في ظل عنف مبطن وغير مباشر، إلى ممارستها باقصى درجات العنف والارهاب في حرب على السوريين، لم تقتصر على استخدام كل قوات النظام العسكرية والأمنية وميليشياته، بل تمت الاستعانة بجيوش وميليشيات، تتبع إيران وروسيا، إضافة إلى مشاركة جماعات تطرف وارهاب ديني وقومي، تسربت قياداتها وكوادرها من عشرات دول العالم. أدى ذلك إلى خسائر بشرية، بين قتلى وجرحى ومهجرين سوريين، إضافة إلى خسائر مادية، لناحية تدمير المنازل والأبنية والمؤسسات، وبالتالي استنزاف طاقات السوريين وقدراتهم المادية، ما جعل غالبيتهم تتحول إلى فقراء معدمين.

ووسط تواصل الحرب وتطوراتها المدمرة، استمرت سياسة النظام في نهب السوريين وإفقارهم وبخاصة في امرين اثنين، أولهما تصعيد ضريبي من خلال رفع نسب ضريبية من جهة، وإقرار ضرائب جديدة من جهة ثانية. وفي الأمر الثاني، رفعت أسعار السلع والخدمات الأساسية، التي تتحكم فيها الحكومة. كما أدت سياسات النظام الاقتصادية والمالية إلى تدهور الاحتياط السوري من العملات الاجنبية، الذي كان يزيد عن عشرين مليار دولار قبل عام 2011. وانخفضت قيمة العملة السورية، حتى صارت قيمة الدولار الأميركي تساوي أكثر من عشرة أضعاف بدلاً من خمسين ليرة قبل الثورة. أدى ذلك إلى ارتفاع هائل في الأسعار مع اختلال حركة الاستيراد، وفقدان مواد وسلع أساسية، وسط ارتفاع نسبة البطالة. ساهم ذلك كله في مسلسل إفقار السوريين.

 

 إفقار السوريين سياسة ثابتة ومستمرة على مدار الخمسين عاماً الماضية، تشارك في تنفيذها مؤسسات السلطة السورية، إضافة إلى كبار المسؤولين، بمن فيهم ضباط الجيش والمخابرات

 

وإذا كانت سياسة النظام، تشكل محور إفقار السوريين في سنوات الثورة، فقد تم توسيع تلك السياسة بإضافة إجراءات وخطوات، أدت إلى زيادة عمليات نهب السوريين وافقارهم، ولعل الأكثر شيوعاً فيها قيام قادة شبيحة النظام بعمليات خطف مواطنين وابتزاز أهاليهم، وفرض خاوات على العموم وبخاصة على أقارب المعارضين وابناء المناطق المعارضة. كما تنتسب عمليات التعفيش في المناطق التي تحتلها قوات النظام إلى النسق ذاته من الإجراءات، وفيها تُدمَّر ممتلكات السكان بعد الاستيلاء على محتوياتها من مفروشات وأجهزة، وصولاً إلى سرقة الأبواب والنوافذ وتمديدات الكهرباء والماء، وتدميرها. وتتضمن الإجراءات، قيام ضباط وجنود النظام والشبيحة بالاستيلاء على بيوت ومزارع ومحال تجارية في المناطق التي يستعيدون السيطرة عليها. وقد انضمت الميليشيات الإيرانية و”حزب الله” وبخاصة في غوطة دمشق ومناطق القلمون الغربي من يبرود إلى القصير، إلى هذا النسق من عمليات الاستيلاء على ممتلكات سكان تلك المناطق.

وزاد الإيرانيون تفصيلاً على عمليات الاستيلاء على ممتلكات السوريين عبر شراء عقارات سكنية أو تجارية بشكل مباشر أو غير مباشر، لأهداف تتجاوز الانتفاع المباشر سواء للسكن او للاستثمار، لتتصل بعمليات تثبيت الوجود الايراني، أو إقامة أنشطة دينية أو تعزيز عمليات التغيير الديموغرافي. وتم تسجيل مئات عمليات شراء العقارات من قبل الإيرانيين في قلب دمشق القديمة، وفي حي العمارة وحي الأمين وفي مدينة السيدة زينب جنوب دمشق وفي مدينة السويداء.

وبخلاف النسق السابق القائم في معظمه على الإجبار، فتح نظام الأسد بوابة قانونية، مصدراً قوانين وقرارات رسمية، تعطيه حق الاستيلاء على أملاك السوريين ومصادرتها. ولعل الأهم في هذا الباب، كان إصدار القانون رقم (10) لعام 2018 القاضي بجواز إحداث مناطق تنظيمية ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية، والاستيلاء على الممتلكات العقارية بصورة شبه مجانية. كما اعطت السلطات وزير المالية الحق في مصادرة أملاك المعارضين وأقربائهم، وتجميدها، عبر قانون مكافحة الإرهاب رقم (19) لعام 2012.

خلاصة الأمر أن إفقار السوريين سياسة ثابتة ومستمرة على مدار الخمسين عاماً الماضية، تشارك في تنفيذها مؤسسات السلطة السورية، إضافة إلى كبار المسؤولين، بمن فيهم ضباط الجيش والمخابرات عبر المزايا والرشاوى والنهب والسرقات. وقد توسعت وتعددت مسارات الإفقار بعد الثورة، عبر عمليات النهب والسرقات والابتزاز، إضافة إلى القتل والاعتقال والتهجير وغيرها، وكلها تحصل باستخدام العنف والترهيب المباشرين، وبواسطة أطرف استدعاها نظام الأسد لحمايته من السقوط.

خطاب الكراهية اللبنانية طوق حول رقبة اللاجئين