fbpx

جيفري إبستين: نهاية رجل الجنس المحرّم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تمثل القضية نهاية رجل تفادى لسنوات اتهامات باستدراج فتيات ونساء يافعات إلى علاقات جنسية محرمة لكنه تمكن بطريقة ما من الإفلات من العقاب.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
جيفري ابستين

لسنوات، عاش جيفري إبستين حياة مرفهة، اختلط فيها بالمشاهير وسافر على متن طائرته الخاصة إلى أوروبا وكاليفورنيا وجزر الكاريبي، حيث يمتلك جزيرة خاصة.

في نيويورك، التي عاش فيها في أحد أكبر منازل مانهاتن، ظهر اسمه في عواميد النميمة الصحافية من وقت إلى آخر، مقروناً بالرؤساء والأمراء. لكنه ظل بعيداً من دائرة الضوء ولم يتحدث إلى الصحافة مطلقاً.

ظلت حياة الرجل لغزاً، مع مدير أموال غامض تمكن حتى من إبقاء قائمة عملائه سراً عن الجميع.

كيف أصبح إبستين البالغ من العمر 66 سنة في قضية تشمل الاتجار بالأشخاص لأغراض الاستغلال الجنسي وتهماً بالتآمر. وجهت له راهناً تهم بإحضار فتيات صغيرات في السن تصل أعمارهن إلى 14 سنة إلى منازله في مانهاتن وبالم بيتش وفلوريدا، لأجل الجنس. واتهم أيضاً بدفع مال لبعضهن لتجنيد فتيات أخريات قاصرات. في ما أنكر إبستين هذه التهم.

وجهت له التهم هيئة محلفين فيدرالية في نيويورك، بعد عقد من توقيع مدع فيدرالي في ميامي هو ألكسندر أكوستا وزير العمل الحالي في إدارة ترامب، اتفاقاً قضائياً بخصوص تهم مشابهة، وظل الاتفاق سراً حتى بالنسبة إلى من قدموا ضده الشكاوى، إلى أن أقرته المحكمة.

بموجب الاتفاق تخلص ابستين من عناء المحاكمة وربما من حكم بالسجن لمدة طويلة في سجن فيدرالي. وبدلاً من ذلك أمضى 13 شهراً في سجن الولاية بتهمة الحث على الدعارة في فلوريدا. وسمح له بمغادرة السجن لمدة 6 أيام في الأسبوع للذهاب إلى المكتب والعمل.

ومنذ ذلك الحين، نشرت صحيفة “ميامي هيرالد” عدداً من المقالات عن قضية ابستين وواجهت وزارة العدل نقداً حاداً بسبب الاتفاق القضائي باعتباره مثالاً على إفلات رجل ذات نفوذ من العقاب بفضل نفوذه وعلاقاته. أكد مدعو مانهاتن الذين وجهوا التهم إلى ابستين أن اتفاق 2008 الذي عقد في فلوريدا لم يعد سارياً.

قال جوفري بيرمان، المدعي العام في مانهاتن يوم الإثنين، “إن الاتفاق، وفقاً لبنوده ليس ملزماً إلا لدائرة جنوب فلوريدا”.

الساحر والثرثار

تمثل القضية نهاية رجل تفادى لسنوات اتهامات باستدراج فتيات ونساء يافعات إلى علاقات جنسية محرمة لكنه تمكن بطريقة ما من الإفلات من العقاب.

كان حضوره مميزاً في حفلات مانهاتن وحفلات عرض الأفلام، فحيثما ارتدى الرجال الآخرون معاطف وربطات عنق، تجده مرتدياً دائماً، قميصاً قصير الأكمام مفتوحة أزراره عند الياقة وبنطال جينز.

نشرت صحيفة “ميامي هيرالد” عدداً من المقالات عن قضية ابستين وواجهت وزارة العدل نقداً حاداً بسبب الاتفاق القضائي باعتباره مثالاً على إفلات رجل ذات نفوذ من العقاب بفضل نفوذه وعلاقاته.

الذين التقوا ابستين يصفونه بالساحر والثرثار والعفوي والمرح. قالت مجلة نيويورك عام 2002 أنه جلب “روح صائدي الجوائز إلى مجموعة العلماء والسياسيين”.

في 2015، عندما نشر موقع Gawker، الموقوف الآن، ما قال إنه دفتر عناوين ابستين، كانت هناك خانات لثلاثة أفراد من عائلة ترامب (دونالد وزوجته السابقة إيفانا وابنتهما إيفانكا) وكذلك لمايكل بلومبيرغ العمدة السابق والممثلين أليك بالدوين وداستين هوفمان، والمغني ومؤلف الأغاني جيمي بافيت والفائز بجائزة نوبل للسلام إيلي ويزل وآخرون.

وكما وصفته مجلة New York magazine، عام 2002 فقد ظهر أحياناً في عواميد النميمة الصحافية، لكنه “عاش حياة يحيطها الغموض من كل جانب”. شبه كثير من الكتاب ابستين بغاي غاتسبي، الشخصية الغامضة التي أبدعها الكاتب فرانسيس سكوت فيتزغيرالد. وقيل إنه يشبه قليلاً المصمم رالف لورين الذين ولد في برونكس.

لكن ابستين نشأ في بروكلين. كان والده موظفاً في إدارة الحدائق في المدينة. حضر ابستين دروساً في الفيزياء في كلية The Cooper Union، في منتصف السبعينات ثم التحق بجامعة نيويورك لاحقاً، لكنه لم يتخرج من أي من الجامعتين بحسب مجلة New York magazine.

بدأ مسيرته المهنية مدرساً للرياضيات في مدرسة دالتون، وهي مدرسة خاصة يرتادها النخبة في مانهاتن وقد تخرج منها مذيع الأخبار أندرسون كوبر، والكوميديان تشيفي تشيس والممثلة كلير دانيس.

ووفقاً لمقال مجلة New York، “كان ابستين أشبه ما يكون بشخصية روبن ويليامز في فيلم “مجتمع الشعراء الموتى” Dead Poets Society حيث كرس حياته لفصول المدرسة الثانوية مع شغف لا يخبو بالرياضيات”.

ومن هناك قادته مهاراته الحسابية إلى مصرف Bear Stearns، الذي كان مصرفاً استثمارياً قوياً حينها. أفادت مجلتا New York، وVanity Fair، بأنه كوّن شبكة علاقات في مدرسة دالتون أوصلته إلى آلان غرينبيرغ المدير التنفيذي لشركة Bear Stearns، في وول ستريت. تولى غرينبيرغ لاحقاً رئاسة الشركة وأصبح رئيس اللجنة التنفيذية فيها.

وتحت إشراف غرينبيرغ ومدير تنفيذي آخر هو جيمس كاين، ترقى ابستين حتى أصبح شريكاً محدوداً وهي درجة أقل من الشراكة الكاملة بحسب مجلة Vanity Fair.

غادر الشركة في وقت مبكر من عقد الثمانينات وأسس شركة استشارات خاصة سماها International Assets Group، وأدارها من شقته. ولاحقاً أسس شركة إدارة أموال تسمى J. Epstein & Co، وتحولت في النهاية إلى شركة ائتمان مالي مقرها جزر العذراء.

لكن ظلت هناك بعض الخيوط المكلفة التي تربطه بشركة Bear Stearns. فحين انهار صندوقا تحوط كانت تديرهما الشركة عام 2007 في بداية الأزمة المالية، كانت شركة ابستين واحدة من أكبر الخاسرين، إذ خسرت أكثر من 50 مليون دولار. وادعت شركة ابستين في دعوى قضائية أنها خسرت أموالاً أكثر حين انهارت شركة Bear Stearns، عام 2008.

غطاء من السرية والحذر

لكن طبيعة الأعمال التي تقوم بها شركة إدارة الأموال الخاصة به يحيطها غطاء من السرية وكذلك معظم أسماء عملائه الذين يدير أموالهم. يدعي أنه يعمل لمصلحة عدد من أصحاب المليارات، لكن عميله الكبير المعروف الوحيد هو ليزلي ويكزنر، المليادرير صاحب عدد من سلاسل متاجر التجزئة، من بينها سلسلة The Limited.

ويكزنر هو المدير التنفيذي لـL Brands، التي تدير أعمال فيكتوريا سيكرت وBath & Body. ونفذ ابستين كذلك مهمات لستيفن هوفينبيرغ الخبير المالي الذي عرض انقاذ The New York Post، من أزمتها عام 1994، قبل عام من اتهامه في قضية تزوير سندات مالية.

وفقاً لِسجلات لجنة الانتخابات الفيدرالية، قدم إبستين تبرعات ومساهمات سياسية متواضعة نسبياً، بينما كان مقرباً من أصحاب السلطة. فقد تبرع على الأقل بـ 188126 دولاراً للمرشحين الفدراليين في الفترة بين عامي 1987 و2005، كان معظمها للديموقراطيين.

كان منزل إبستين مملوكاً ذات يومٍ لشركة يديرها هو وويكسنر. ونُقلت الملكية عام 2011 إلى شركة مقرها جزر العذراء تسمى (Maple Inc)، وهي شركة يرأسها إبستين.

وقال متحدث باسم ويكسنر، إن رجل الأعمال الذي يعد أحد أقطاب تجارة التجزئة “قد قطع علاقته” بِإبستين منذ 10 سنوات تقريباً. كما لم يرد أحد على مكالمات هاتفية إلى مكتب شركة Financial Trust، في سانت توماس أو مكتب أحد محامي إبستين هناك.

أخيراً، داهم المحققون منزل إبستين في مانهاتن البالغ سعره 56 مليون دولار وحطموا أبوابه الأمامية الخشبية العالية، وقالوا إنهم عثروا على خزنة تحتوي مجموعة من الصور الخليعة. كما أشاروا إلى أن لديه 6 منازل أخرى، خلال حديثهم عن أن ثروته وطائراته الخاصة ربما تمكنه من الهرب.

كما أكدوا امتلاكه جزيرة خاصة عند حديثهم عن مسكنه الأساسي على جزيرة “ليتل سانت جيمس”، في جزر العذراء. وقالوا إن لديه منزلاً ثانياً على هذه الجزر، إلى جانب بيوت أخرى في نيومكسيكو -عبارة عن مزرعة يسميها “زورو”- وباريس.

كما وصفوا أسطولاً من السيارات تضمن سيارات رياضية وسيارات مرسيدس-بنز سيدان فخمة. كما ذُكر في سجل ولاية نيويورك لمرتكبي الجرائم الجنسية الخاصة به -وهو سجل إلزامي بعد إبرامه اتفاقاً مع النيابة العامة في فلوريدا عام 2008-  أن لديه أيضاً سيارة بنتلي موديل 2017.

لكن لم يرد ذكر طائرة بوينغ 727 -المزينة بوسائد من فرو المنك والسمور- التي حملته مع الرئيس السابق بيل كلينتون والممثل كيفين سبيسي إلى أفريقيا عام 2002. كما نقلت أيضاً إبستين وبعض معارفه الشخصيين إلى مؤتمر “تيد” (TED Talk) في كاليفورنيا، مع وجبات غداء أعدها مطعم “لو سيرك”، ذاك المطعم المعروف في مانهاتن والذي يرتاده المشاهير.

وفي 8 تموز/ يوليو، قال أنغل أورانيا، المتحدث الرسمي باسم كلينتون، إن كلينتون، “لا يعرف أيّ شيءٍ عن الجرائم الفظيعة” التي اتُهم بها إبستين في نيويورك أو إقراره بالذنب في فلوريدا عام 2008. وأضاف أورانيا أن كلينتون سافر في أربع رحلات على متن طائرة إبستين في عامي 2002 و2003، واحدة إلى أوروبا وواحدة إلى آسيا واثنتان إلى أفريقيا.

وشدد أورانيا على أن كلينتون كان يرافقه موظفون وداعمون لمؤسسته “في كل خطوة من جميع الرحلات”، كما رافقه أحد موظفيه وبعض حرسه عندما قام “بزيارة وحيدة قصيرة” إلى منزل إبستين. مضيفاً أن ذلك كان في الوقت نفسه تقريباً الذي عُقد فيه اجتماع في مكتب كلينتون في حي هارلم عام 2002.

وقال أورانيا إن كلينتون، “لم يتحدث إلى إبستين منذ أكثر من 10 سنوات، ولم يذهب مطلقاً إلى جزيرة “ليتل سانت جيمس” أو مزرعة إبستين في نيو مكسيكو أو حتى مسكنه في فلوريدا”.

لم يكن جميع من سافروا على متن طائراته من المشاهير أصحاب الأسماء البارزة. فقد ذُكر أن بعض عارضات الأزياء “كن مُمتنات للغاية له لأخذِهن في رحلات على متن طائرته، كما أن وجهه مألوف للكثير من فتيات فيكتوريا سيكريت”، وذلك كما جاء في مجلة “فانيتي فير” عام 2003، بعد الإشارة إلى أن، “إبستين معروف بأنه رجل يحب النساء، والكثير منهن على الأغلب صغيرات”.

صديق أصحاب السلطة

ووفقاً لِسجلات لجنة الانتخابات الفيدرالية، قدم إبستين تبرعات ومساهمات سياسية متواضعة نسبياً، بينما كان مقرباً من أصحاب السلطة. فقد تبرع على الأقل بـ 188126 دولاراً للمرشحين الفدراليين في الفترة بين عامي 1987 و2005، كان معظمها للديموقراطيين. وبلغت تبرعاته ذروتها خلال حملة هيلاري كلينتون لانتخابات مجلس الشيوخ عام 2000، إذ قدم 40 ألف دولار لمجموعات كانت تدعمها في ذلك الوقت.

كانت لدى جيفري مقالات طويلة حول الفرق بين الميل الجنسي للأطفال الصغار للغاية والفتيات الصغيرات والمراهقات الأكبر سناً. كانت تلك طريقته التي يحاول بها الالتفاف حول هذا الأمر”.  

وفي 9 تموز، قال عضو مجلس الشيوخ الأسبق السيناتور روبرت توريشيللي، الذي قاد حملة الديموقراطيين خلال هذه الدورة من الانتخابات، إنه لم يلتق إبستين ولم يتحدث إليه يوماً. كما قال روبرت زيمرمان، الذي جمّع أموالاً لسباق هيلاري كلينتون في مجلس الشيوخ، إنه لم يتعامل أبداً مع إبستين.

لكنه لم يمنح المال منذ قضيته الجنائية عام 2008 سوى لاثنين من المرشحين الفيدراليين، أحدهما ستاسي بلاسكيت، مندوبة الحزب الديموقراطي في الكونغرس عن جزر العذراء، التي يمتلك بيتاً فيها. قالت بلاسكيت يوم 9 تموز، إنها سوف تهب المال للجمعيات الخيرية.

لكن هبات إبستين كانت مفاجئة وغير مرغوبة أحياناً. ففي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قدم تبرعاً غير مرغوب فيه عبر الإنترنت بقيمة 10 آلاف دولار إلى لجنة الحملات الانتخابية للحزب الديموقراطي في الكونغرس. وقال مسؤول سابق في اللجنة إن موظفي الشؤون المالية أعادوا المال إليه.

يبدو أن إبستين كان مهتماً برأي الناس فيه. فقد رتب صديق مشترك لقاءً له مع مستشار العلاقات العامة ر. كوري هاي. وقال هاي في 8 تموز إن أول جلسة لهما، في منزل إبستين، كانت قبل ثلاث سنوات. وقتها لم يكن إبستين مستعداً للظهور أمام عامة الناس، وليس في ما بعد في أية حال. وأضاف هاي، أنه قبل ثلاثة أشهر، اتصل إبستين به ودعاه إلى الحضور لمناقشة كيفية الحد من الأضرار والسيطرة على الوضع.

وقال هاي، “كان يغضب من كل مقالة تبدأ بعبارة (ملياردير منحرف). كانت لدى جيفري مقالات طويلة حول الفرق بين الميل الجنسي للأطفال الصغار للغاية والفتيات الصغيرات والمراهقات الأكبر سناً. كانت تلك طريقته التي يحاول بها الالتفاف حول هذا الأمر”.

قال هاي إنه رفض العمل مع إبستين في النهاية، مضيفاً أنه ساوره الشك حول مدى صدقه.

هذا المقال مترجم عن nytimes.com ولقراءة المادة الأصلية زوروا الرابط التالي

هل نأخذ أحلامنا الجنسية على محمل الجد؟