fbpx

تجديد النص الديني .. في انتظار غودو!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يعزى تنامي الأصوليات الإسلامية في المجتمعات العربية في أحد جوانبه إلى جاذبية خطاب تلك الجماعات المتشدد، والذي مازال يحظى بنفوذٍ قوي يتمددُ في أوساطٍ اجتماعية وثقافية عديدة، ويكتسب شرعيةً جديدة داخله.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يعزى تنامي الأصوليات الإسلامية في المجتمعات العربية في أحد جوانبه إلى جاذبية خطاب تلك الجماعات المتشدد، والذي مازال يحظى بنفوذٍ قوي يتمددُ في أوساطٍ اجتماعية وثقافية عديدة، ويكتسب شرعيةً جديدة داخله.
لم يعد الحال محصوراً، كما السابق، على الفئات المهمشة والفقيرة، التي تعاني ضغوطاً مادية ووجودية، وتتحرّى داخل الجماعات الدينية عن بديلٍ وكيانٍ موازٍ، يردّ لها الاعتبار والقيمة في الحياة، ويوفرّ لهم الملاذ المعنوي ضد الشعور بالنقمة والسخط.
فضلاً عن ظاهرة التدين الأصولي والإنتماء السلفي الجهادي، التي حظيت بهما أوساط لا تنتمي حصراً إلى الطبقات الإجتماعية الفقيرة والمهمشة، بل طاولت فئات على درجات علمية متميزة، من جامعات عربية وأجنبية، تبدو هذه الفئات قد تورطت في اعتناقِ أفكارٍ دينيةٍ  ٍمتشددة وطائفية، ويتشظى داخلها العالم إلى طرفي نقيض؛ دار الحرب ودار السلام أو حزب الله وحزب الشيطان.
وهذا يدفع تلك الشرائح الى  الانغماس في بلورة أفكار مغلقة وشمولية تجاه الذات وتجاه الآخر وتبني مفهوم “العصبة المؤمنة”، المكلفة وحدها برد المجتمع من “الجاهلية” إلى صحيح الإسلام و”الحكم بما أنزل الله”، وإلغاء مظاهر الشرك بالله التي تعتبرها اعتدت على سلطته المطلقة وعطلت أحكامه في التشريع والطاعة لقوانينه، ومن ثم، إلغاء مؤسسات التشريع والقوانين والدساتير والقضاء وغيرها.
الأصولية الدينية .. أكثر من مجرد ظاهرة
يضمرُ هذا الواقع حالةً أوسع من ظاهرة محدودة يمكن رصدها في تيارات وتنظيمات حركية، ينضوي داخلها عدد من الأفراد، بحيث يمكن تفكيك أدبياتها وفهم أطرافها ومبانيها الداخلية، وتحليل نشاطاتها التنظيمية والدعائية، سواء في التفجيرات التي تستهدف بها أماكن أو شخصيات، ومن يقع عليهم الحكم بالتكفير.
لكن راهنية هذه الظاهرة والحوادث التي ترافقها تكشف عن واقع أعمق مسكوت عنه، يوفر الشروط الكاملة التي تتأسس عليه هذه الأفكار ويحافظ على المرجعية التي تستمد منها عملها، ومن ثم، يجعل الأفراد المنتمين لهذا الواقع العربي الإسلامي مرشحين للإنتقال من كونهم حاضنة اجتماعية لتمرير هذه الأفكار والقبول بها بدرجات متفاوتة، إلى السقوط في أفخاخها والإنتماء التنظيمي والفكري لمن يحملها.
ثمة عائق يحول دون تحرير الدين من دوره الوظيفي في تبرير العنف، وتوفير حماية إيدولوجية له، وهو أن السلطة السياسية في المجتمعات العربية لا زالت تعمد إلى مصادرة الدين وتطويعه لحسابها، بهدف خلق شرعية وشعبية يوفر لها العصمة والقداسة، ويرفع عنها النقد والمسائلة تجاه إجراءاتها السياسية وقمعها لخصومها.
إنه نفس الدور الذي تتحايل عليه الجماعات الدينية؛ فكلا من هذه الجماعات والسلطة السياسية يعتمد على الفتوى والمقولات الدينية كرأسمال رمزي  في سبيل تأكيد قرب السلوك السياسي من الشرع، وبالتالي تصبح معارضة أيٍّ منهما، خلافاً في الدين ذاته وخروجاً على ثوابته.
أخفقت كل المحاولات التاريخية في قطع الحبل السري بين الدين والسياسة، والتخلص من السلطوية الأبوية. بدأ الاخفاق منذ اغتيال العقل في الإسلام وهزيمة المعتزلة وتأبيد نمط من السلوك الفكري والديني ومنع أيِّ فكرٍ مغاير لا تحتضنه السلطة ويهدد مكانتها.
تاريخياً يحيلنا هذا إلي واقعة استغلال حديث الفرقة الناجية، الذي سرى تفسيره منذ الدولة الأموية، وتحديداً عقب توريث الخلافة من معاوية إلي ابنه يزيد، لصالح إحتكار وتوريث السلطة، وعملية دمج السلطتين الدينية والسياسية، وماترتب على إثرها من تعطيل الاجتهاد في الدين، وعدم معارضة الحكومة في آن، ووصم المعارضة، أي معارضة، بالكفر والمروق.
أدلجة النص الديني
هذا الميراث التاريخي من تحويل الدين إلى إيديولوجيا للحكم أدى إلى طائفية دينية وصراعات عقائدية بين المذاهب الدينية الواحدة وبين الأديان المخالفة للإسلام، واعتبار كل جماعة أو تيار أنه يمثل نظرية الحق الإلهي. وأمسى لكل كتلة اجتماعية وسياسية مذهباً لها مؤسساتها ومجالسها العلمية وهيئة للفتوى لا تنغلق معها دائرة العنف والتكفير باسم المقدس وتنامي دويلات “ملوك الطوائف”.
ثمة ضرورة لإعادة تعيين الدين ومكانته في المجتمعات العربية، وتحييده وتحريره من السلطة السياسية ومن مفهوم القداسة والتعالي الذي يمنحه المركزية، بما يجعله في دائرة اللامفكر فيه وتخليصه من نزعة الأسطرة، وفهم تاريخيته والشروط الثقافية والمجتمعية والسياسية التي ساهمت في تكوينه. فالمضامين المعرفية للنص الديني والتشريعي ليست أزلية ولا يمكن استعارتها وتطبيقها بالمخالفة لحركة التاريخ وتجميدها عند لحظة معينة، لأنها تعكس قيم العالم القديم قبل نشوء الدولة وقيم المواطنة وأشكال عقابية لا تتناسب والتطور المعرفي والعلمي للإنسان، وبالتالي، يمكن تبدلها وزوالها بزوال أسباب نزولها وتغير الشروط التاريخية.
أنسنة النص الديني وتحرير الإنسان
هناك حاجة لتوظيف التاريخ في فهم القرآن وشروط تشكله باعتباره حدث في التاريخ يمكن تتبع حدوثه واكتماله والتحولات الطارئة عليه، فهو جمع على بضع وعشرين سنة، وليس دفعة واحدة بل وشهدت نصوصه تبدلاً وتغييراً تبعاً للمسار التاريخي وهذا أمر لم يتوقف بوفاة النبي، إذ شهدت خلافة عمر بن الخطاب تعطيل حدّ قطع يد السارق في عام المجاعة، كما عطّل نصاً قرآنياً وهو “سهم المؤلفة قلوبهم”؛ بما يطرح بقوة فرضية حول تاريخية وصلاحية النص الديني، والإحاطة بالملابسات التي أنتجت تلك النصوص وعدم تأبيد الواقع أمامها.
ففي مسألة الحدود التي يعتبرها الأصوليون الشكل العقابي الوحيد والأزلي، الذي فرضه الله في القرآن على البشر، تظهر قراءة متعسفة للنصوص وشروطها التاريخية والظروف البيئية التي تحكم الجماعة وقتها، والوثوب على تلك الحقائق الموضوعية، التي تجعل أي محاولة لاستردادها في واقع وزمن مغاير يؤدي لتجميد النص، من ناحية، وإنتاج مقولات ومواقف تتسم بالعنف الذي يأخذ صفة المقدس، من ناحية أخرى.
إلى ذلك، لا يمكن تجاهل أن الأحكام العقابية في القرآن، جاءت في غالبيتها منسجمة مع طبيعة المجتمعات القديمة وتصورها البدائي عن العالم، الذي ظل يسيطر عليه خوف غريزي، من انتقام الله بسبب ارتكاب البعض للذنوب والأخطاء، ومن ثم ظلت العقوبات التأديبية صورة من صور الطقوس التطهيرية، للتخلص من العناصر الفاسدة المتجانسة مع الشيطان .
وفي ظل القوانين الحديثة التي تؤكد على حماية السلوكيات التي تدخل ضمن الخصوصية الفردية، ولا تسيئ للفضاء المشترك، يظهر الخلاف مع بعض الميلشيات الدعوية والجهادية، التي تتلاشى معها هذه الحدود فتحاول فرض تصوراتها وقيمها بصورة قسرية وعنيفة، فتهاجم وتعتدي على البعض لمجرد سلوكيات لا ترضى عنها، بدعوى “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، وفرض وصاية على المجتمع وضمير البشر.
إذاً، ثمة حاجة معرفية لقراءة تأويلية تتعامل مع الدين باعتباره معطى شخصي،وبالتالي يصبح الدور الوظيفي للدين هو التعبد والإشباع الروحي وتحقيق الأنسنة، أما ما دون ذلك فمرتبط بالتاريخ، سواء كانت الأحكام الفقهية وقصص الأنبياء وأخبار الغيب وغيرها.
[video_player link=””][/video_player]

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.