fbpx

حنان الفتلاوي لا تمثلني!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“حنان الفتلاوي باتت مستشارة رئيس الوزراء العراقي لشؤون المرأة!”. للوهلة الأولى، يبدو الخبر مادة ساخرة، لكنها في الواقع ليست كذلك، فالفتلاوي باتت فعلاً مستشارة عادل عبد المهدي المعنية مباشرة بقضايا النساء العراقيات…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“حنان الفتلاوي باتت مستشارة رئيس الوزراء العراقي لشؤون المرأة!”.

للوهلة الأولى، يبدو الخبر مادة ساخرة، لكنها في الواقع ليست كذلك، فالفتلاوي باتت فعلاً مستشارة عادل عبد المهدي المعنية مباشرة بقضايا النساء العراقيات…

حين قرأت الخبر، لمعت في ذهني صور هناء وفاطمة وميسون وغادة وعراقيات كثيرات يعملن بحيوية هائلة لتحقيق بعض الحقوق للمرأة العراقية. حاولتُ فهم دوافع اختيار الفتلاوي، في أحد أرفع المناصب التي عليها التصدي للاجحاف العميق بحق المرأة في العراق.

والفتلاوي معروفة بخطاباتها ومواقفها الطائفية النارية، فهي صاحبة الدعوة الصريحة للمساواة في القتل الطائفي التي أطلقتها عام 2014، حين دوت جملتها الشهيرة: “من يقتلون 7 شيعة أريد قبالهم 7 سنة“.

العام الماضي قرّعت الفتلاوي منتقديها بشأن حقيبتها الباهظة الثمن في برلمان كثرت فيه أخبار الفساد والهدر والسمسرات والتي كانت الفتلاوي من بطلاتها، فما كان منها إلا أن ردت بشكل مستفز على الشاشات، داعية الغاضبين للنظر الى حذائها، “خلي يلتهون بالكندرة مالتي”.

في حسابها على “تويتر” مليون و200 ألف متابع وتغريداتها تتراوح ما بين مواكبة نشاطها الرسمي والسجال السياسي. ومن مفارقات تغريداتها وهي التي باتت تتصدر بشكل رسمي ملف المرأة العراقية، مواقف تحتفي بالقيم التقليدية للرجولة بصفتها شارباً وكلمة.

لم يعرف عن الفتلاوي مواقف بارزة في حماية حقوق النساء من خارج المنظومة الدينية والسياسية المسيطرة في العراق، ولم يسجل لها اعتراض على طرح مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري الذي حاول البعض التسويق له في البرلمان. تجاهر بالعراقيات وحقوقهن لكنها لا تخرج قيد أنملة عن مسار المرجعيات التي كانت خلف تصدرها البرلماني والسياسي. وعام 2017 وحين دعت نائب زميلة للفتلاوي إلى قانون تعدد الزوجات لحل مشكلة الأرامل العراقيات ثارت ثائرة نسويات عراقيات احتجاجاً. لم تجد الفتلاوي حينها سوى التعليق بسخرية على ما يحصل بصفته “صراعاً نسوياً”، “صراعاً جديداً ظهر في العراق لكن من نوع نسوي”، من دون أن تسجل إشارة ولو صغيرة إلى ميول حقوقية فعلية للدفاع عن المرأة.

إنها أحد الوجوه السياسية البارزة للعراق الجديد، فهي طبيبة أمراض جلدية منحدرة من محافظة بابل، لتصبح من أشهر نائبات الكوتا النسائية التي أقرها دستور العراق حين نجحت في الانتخابات على لوائح نوري المالكي عام 2010.

هي طبيبة أمراض جلدية منحدرة من محافظة بابل، لتصبح من أشهر نائبات الكوتا النسائية التي أقرها دستور العراق حين نجحت في الانتخابات على لوائح نوري المالكي عام 2010

حدد الدستور العراقي نسبة 25 في المئة لتمثيل النساء، وكانت الفتلاوي من بين العراقيات الأول اللواتي يدخلن البرلمان. ونظام الكوتا تم اقتراحه في المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين عام 1995 لضمان إيصال المرأة إلى مواقع التشريع وصناعة القرار باعتباره حلّاً موقتاً ومرحلياً، وهو ساهم بشكل ملموس في انخراط المرأة العراقية في السياسة طوال السنوات الماضية. لكن لم تكن المشاركة النسائية في البرلمان العراقي مختلفة عن مشاركة الرجال، إذ خضعت البرلمانيات للانقسام نفسه بين تيارات دينية وأخرى مدنية نسبياً. أما تمثيل النساء الخجول، فكان مستمداً بشكل أساسي من رؤساء الكتل العراقية الذين حولوا المشاركة النسائية الى نسخة عن صورهم وصور انقساماتهم المذهبية.

كانت الفتلاوي الوجه النسائي لنوري المالكي، وهي نجحت على لوائحه مرة أخرى وحازت 90 ألف صوت في انتخابات عام 2014 ليخذلها ناخبوها في انتخابات 2018، إذ لم يمنحوها أكثر من 4 آلاف صوت، فأخرجوها من البرلمان. وعلى رغم خسارتها ارتأى رئيس الحكومة عادل عبد المهدي أنها تستحق منصب مستشارته لشؤون المرأة!

صحيح أن الفتلاوي تلقت هزيمة مدوية في انتخابات 2018، وصحيح أن تعيينها في منصبها الجديد أثار استياء عبر عنه مشاركون كثر عبر هاشتاغ #حنان_الفتلاوي_لا_تمثلني، لكن مع ذلك من الصعب إنكار أنها وكأي شخصية شعبوية باتت ظاهرة، ولها داعمون يحبونها كلما غالت في المجاهرة بشيعيتها وانتمائها للمدرسة الحسينية وبانحيازها للنظام الإيراني وبدعمها للحشد الشعبي والمرجعيات الدينية.

إنها وجه نسوي لقادة العراق الجدد، القادة الذين أشبعوا عراق ما بعد صدام حسين طائفية ومذهبية وانقساماً، وهي لم تتردد في منافستهم على لغتهم وتشددهم وشعبويتهم..

أي تمثيل نسوي في العراق؟

الراعي الأميركي لعراق ما بعد صدام حسين فرض الكوتا النسائية، وسياسيو العراق لم يعدموا خبثاً ليحولوا إنجازاً من نوع المشاركة النسائية إلى حضور شكلي لا يقل تمييزاً، فقد عجزت البرلمانيات العراقيات عن تشريع قوانين تصب في مصلحة المرأة بشكل فاعل طوال السنوات السابقة، على رغم وجود 83 منهن تحت قبة البرلمان.

بدت الكوتا النسائية خياراً متقدماً على الواقع العراقي، فحتى على مستوى الترشح والاقتراع هناك فجوة هائلة تمثلت بالنسبة القليلة من النساء اللواتي اقترعن لنساء مرشحات.

في الانتخابات الأخيرة وصل عدد المرشحات في الانتخابات العراقية إلى 1983 امرأة، أي أن 1900 منهن لم يحصلن على مقعد في البرلمان لالتزام العراق بتطبيق النسبة الخجولة، والاستمرار في إقصاء النساء عمداً.

ومن أبرز الظواهر التي رافقت زيادة نسبة ترشح النساء هو تعرض مرشحات لحملات تشهير هددت حياتهن الشخصية، بل وأبيحت دماؤهن، ما تسبب بانسحاب عدد منهن.

وصل عدد المرشحات في الانتخابات العراقية إلى 1983 امرأة، أي أن 1900 منهن لم يحصلن على مقعد في البرلمان لالتزام العراق بتطبيق النسبة الخجولة، والاستمرار في إقصاء النساء عمداً.

وجود 83 امرأة داخل البرلمان لا يمكن اعتباره تمثيلاً حقيقياً للنساء، فهو لم يساهم بتطوير أوضاع المرأة العراقية وحمايتها. صحيح أنه من المهم تثبيت الحضور تمهيدا لتقديم خيارات نوعية أفضل لكن لابد من الإقرار أن التمثيل النسوي في البرلمان والذي تعتبر الفتلاوي أحد نجماته لا يرقى لطموحات ولا إلى واقع المرأة العراقية. بعض النائبات خلال السنوات الماضية شملتهن تهم فساد كبرى،  بل لجأت بعضهن الى ممارسة الخطاب الذكوري التمييزي ضد النساء أنفسهن، حين حاولت بعضهن تمرير قانون الأحوال الشخصية الجعفرية، الذي يعتبر من أخطر القوانين التي تسيء للمرأة ولحقوقها الرئيسية.

في بلد كبير ومعقد مثل العراق، تبدو طموحات تطوير الحضور والمشاركة النسائية مسيرة بالغة الصعوبة، لكنها تحصل ولها ملامح ووجوه نسوية فعلية لا مجال لاختصارها باسم واحد، لكن أن يقرر رأس هرم السلطة اختزال العراقيات بشخصية مثل حنان الفتلاوي، فذلك ينبئ باستخفاف معنى وأهمية أن يكون هناك حضور نسوي يتولى حمل قضية المرأة في العراق.

“إلا ابنتي”: نواف الموسوي يواجه قوانين الأحوال الشخصية بـ”السلاح”

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!