fbpx

تونس : ماذا لو”حكمت” عبير أو سلمى؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا شك في أن وصول امرأة إلى سدة الرئاسة واحد من أحلام أو طموحات كل من ساهم في الحراك التغييري وكل من يريد تونس بلداً نموذجياً لحقوق الإنسان ولا سيما النساء، إلا أن جنس الرئيس أو الرئيسة ليس كل شيء

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

26 مرشّحاً قُبلت طلبات ترشّحهم للانتخابات الرئاسية التونسية المقبلة، بينهم امرأتان فقط، وهو عدد يبدو مخيّباً للآمال، في بلاد يُنتظر منها أن تكون مثالاً في دعم النساء وفتح أبواب السياسة أمامهنّ. فبعد 8 سنوات على الثورة، هل تحكم تونس امرأة أم أنه ما زال حلماً بعيد المنال، في البلد الملقب بـ”الأنموذج الفريد” في الحريات والحقوق؟ 

ويمكن القول إن قلَّة عدد اللواتي قدَّمن ترشحهن للانتخابات الرئاسية، ولربَّما افتقار بعضهن للدعم الكافي من أحزابهن لخوض سباق الرئاسة، يساهم في تقليص حظوظ وصول امرأة إلى سدة الرئاسة. ويقف “الثقل الذكوري” عائقاً أيضاً في وجه الكفاءات النسائية في السياسة والمجتمع، ويبدو الخجل أو قلة الشجاعة، سبباً آخر من أسباب استمرار التباعد بين النساء والكرسي الرئاسي.

وبحسب إحصاء نشرته “رابطة الناخبات التونسيات”، بلغ عدد المرشحين للانتخابات الرئاسية والذين لم تقبل ملفاتهم، 62 رجلاً مقابل 9 نساء، ليستقر عدد المقبولين على 26 مترشحاً بينهم امرأتان. 

 وفي هذا السياق، تعزو العضو في “الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات”، تامنة الطبيب، ذلك إلى “تبعية المرأة للقرار المركزي للحزب، والذي عادةً ما يقوده رجل، إن كان على مستوى الرئاسة أو الأمانة العامة”.

وما تقولهُ الطبيب يتماهى إلى حد بعيد مع الواقع التونسي، فالمرشحتان الوحيدتان المقبولتان للرئاسة التونسية هما رئيستا حزبيهما بالفعل، أي صانعتا القرار والتأثير. وبذلك ربما تمكنتا من تقديم ترشحهما للانتخابات الرئاسية، بعد الحصول السلس على موافقة حزبيهما ودعمهما.

المرشحة عبير موسى

المرشحة الأولى هي سلمى اللومي (63 سنة)، وهي  انشقت أخيراً عن “حزب نداء تونس” الذي أسسه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، وكانت رئيسة لديوانه في القصر، لتؤسس حزب “أمل”، وتشغل حالياً منصب الرئاسة فيه. أمَّا عبير موسي، (44 سنة)، المرشحة الثانية، فهي محامية ورئيسة “الحزب الدستوري الحرّ” الذي أسسته بعد الثورة على أنقاض “حزب التجمع الدستوري الديموقراطي” المنحل، الذي أطلقه الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وجود هاتين السيدتين في قائمة 26 مرشحاً للانتخابات الرئاسية التونسية لربَّما يبث بعض الراحة عندَ البعض، لكن يبقى السؤال، هل تستوجبان الدعم فقط لأنهما سيدتان، وهل إحداهما مؤهلة فعلاً لتولي منصب رئاسة الجمهورية التونسية؟ وهو منصب على رغم اختزال صلاحياته في دستور 2014، إلا أنه يبقى مرتبطاً بالكثير من المهمات الحيوية، والتي تؤثر في صورة البلد في الداخل والخارج.

موسي المعروفة في الأوساط السياسية التونسية بالمرأة “الحادَّة” ترى أنه “لا يجب التوسيع المفرط لمفهوم جريمة التمييز، وأنه “من غير المعقول المبالغة في العقوبات في حال ارتكابها”. 

عبير موسي ترفض المساواة في الميراث! 

لا تجد عبير موسي حرجاً في إعلان عدائها المباشر للثورة التونسية، ولكل ما خلفته، والتي لولاها لما استطاعت موسى نفسها ربما أن تكون من بين المرشحين البارزين للرئاسة التونسية.

كثيرة هي ملاحظات تيارات سياسية تونسية على موسي، لا سيما الإسلاميين التي تتوعد المرشحة بإقصائهم حال وصولها إلى السلطة. “اشنقوني في شارع الحبيب بورقيبة كان نهار نتحالف مع الإسلاميين”، هذا أحد تصريحاتها في لقاء تلفزيوني على قناة “الحوار التونسي” في 9 آذار/ مارس 2019. يرى مراقبون أن موسي من بين الاستئصاليين الذين يرفضون التعددية السياسية وتصريحاتها الإعلامية تصب في هذا الاتجاه. فقد صرحت في اللقاء المذكور ذاته وبشكل مباشر: “حملتي الانتخابية ضدّ منظومة ربيع الدمار والخراب، بما فيها الإخوانجية وحلفاؤهم وصناعهم”

إذاً ترى موسي في الثورة “ربيع الدمار”، وتتوعد “حركة النهضة” وحلفاءها أي “حركة نداء تونس” وكل الأحزاب التي شاركتهما في الحكم منذ 2011.

ولربما تواجه موسي انتقادات أوسع في أوساط المجتمع المدني بسبب مواقفها الرافضة تطوير منظومة الحقوق والحريات الفردية ومبدأ المساواة بين الجنسين.

 ويخشى حقوقيون في تونس اليوم من التراجع عن المكتسبات المحققة في هذا المجال، وعن توقف هذا المسار التحرري والحداثي في المجتمع التونسي في حال وصلت موسي إلى قصر قرطاج. 

كيفَ لا وهي التي ترغب في تغيير دستور 2014 برمته، لأنها “لا تعترف به”، وفي اعتقادها هو مبني على الإقصاء ولم يكتبه الشعب التونسي، وتدعو إلى كتابة دستور جديد وتأسيس الجمهورية الثالثة. 

ليس هذا فحسب، فموسي ترفض أيضاً قانون المساواة في الميراث بين الجنسين، ولا ترى بدّاً من أن يرث الابن الذي ولد خارج إطار الزواج.

موسي المعروفة في الأوساط السياسية التونسية بالمرأة “الحادَّة” ترى أنه “لا يجب التوسيع المفرط لمفهوم جريمة التمييز، وأنه “من غير المعقول المبالغة في العقوبات في حال ارتكابها”. 

هذه المواقف من الحقوق والحريات الفردية أعلنتها موسي صراحة في بيان موقّع باسمها، صادر عن حزبها في 18 آب/ أغسطس 2018.

ومن بين ما جاء في البيان، رفض حزبها مضامين تقرير “لجنة الحريات الفردية والمساواة”، لا سيما في ما يتعلق بإلغاء العقوبات الخاصة بتجريم المثلية الجنسية. كما تعارض موسي النهج الخاص بتكريس المزيد من الحريات الفردية. وترى في هذا السياق أنه من غير الضروري “المبالغة في احترام حقوق الفرد وضمان استقلاليته وكرامة فردانيته، حتى لا يتغوَّل على المجموعة، ويصبح خطراً على المجتمع في حال نال المزيد من الحقوق”. 

المرشحة سلمى اللومي

اللومي “تجهل” الفصل الأول من الدستور!

ولربَّما تبدو شخصية اللومي مختلفةً في الجزء المتعلق بالأداء الاتصالي، عن موسي، إذ تظهر اللومي ذات الصوت الخافت، هادئة في اللقاءات التلفزيونية والإذاعية، تحاول قدرَ الإمكان إيصال أفكارها بطريقتها الخاصة.

وهي طريقة انتقدها بعض المحللون، بسبب عدم قدرتها في معظم الأحيان على تجميع العبارات المناسبة حتى يبدو خطابها متماسكاً. 

هذه الشخصية “الهادئة” لم تخفِ ضعفاً معرفياً وإلماماً بالكثير من المعلومات البديهية، التي على كل سياسي أن يعرفها. ففي لقاء إذاعي سُألت اللومي عن فحوى الفصل الأول من دستور الجمهورية التونسية، ليتفاجأ المحاوِر بإجابتها الخارجة عن الموضوع، إذ قالت ”الفصل الأول من الدستور يقول إنّ تونس جمهورية مستقلة لائكية… والرئيس الراحل الباجي قايد السبسي كان دائما يردّد الفصل الأول من الدستور”.

وهذا الفصل تحديداً، لم يتغير عام 2014، وبقي ذاته كما كتب في أول دستور صدر في تونس بعد الاستقلال بتاريخ 1 حزيران/ يونيو 1959 وفحواه التالي: “تونس دولة، حرة مستقلّة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها. لا يجوز تعديل هذا الفصل”.

وإن بدت خطابات اللومي متعثرة وغير متماسكة، إلا أنها تكرر كلمتي “المرأة” و”تونس”، ربما لدغدغة عاطفة شرائح من الناخبين التونسيين. وكأن اللومي تعيد تدوير خطاب السبسي وما بجعبتها من جديد.

 اللومي تحاول السير على خطى السبسي، حينما غازل في حملته الانتخابية عام 2014 أكثر من مليون امرأة تونسية، وطمأنهن بشكل غير مباشر إلى أنه في حال وصوله إلى الحكم “لن يلبسهنّ الإسلاميون الحجاب”.

وظهرت اللومي قبل فترة قصيرة في لقاء تلفزيوني على قناة خاصة، تخاطبها المذيعة بسؤال من قبيل، “ألم تترددي للحظة في أن تكوني في قصر قرطاج، رئيسة منتخبة مباشرة من الشعب التونسي؟”. سؤال يثير الاستغراب، ويوحي وكأنَّ الانتخاباتَ قد أجريت والنتيجةَ حسمت واللومي نُصبت رئيسة!

“الرئيسة المفترضة”ردت قائلة: “الثورة الحقيقية في تونس هي أن تكون المرأة في مركز القيادة في رئاسة الجمهورية أو رئاسة الحكومة”.

ولربما يُفهم من هذا الردّ أن مفهوم اللومي عن الديمقراطية والحراك التونسي محدود بعض الشيئ، إذ ينحصر بالنسبة إليها بوصول امرأة إلى رئاسة الجمهورية من دون تعميق مفاهيم العدالة والمساواة والديمقراطية.

يبدو واضحاً أن اللومي تحاول السير على خطى السبسي، حينما غازل في حملته الانتخابية عام 2014 أكثر من مليون امرأة تونسية، وطمأنهن بشكل غير مباشر إلى أنه في حال وصوله إلى الحكم “لن يلبسهنّ الإسلاميون الحجاب”. 

اللومي لا تنكر أنها تسير على خطاه وتعلنها صراحة، إذ تقول في كل مرة إن حزبها “الأمل” هو امتداد لـ”نداء تونس”، فإذا كانت اللومي تسعى للسير على خطى حزب تشظى وتفرَّق إلى جماعات، فيا خيبة المسعى! فالحزب أثبت فشل سياساته لاسيما التوافقية منها بعدما تحالف “استراتيجيا” مع حركة النهضة. وبالرغم من أن الطريق التي سار فيها السبسي أوصلته للرئاسة إلا أن اللومي تسير بخطى متعثرة وأداء غير مقنع تغيب فيه حنكة الرئيس الراحل ودرايته المعرفية الواسعة.

رئيسة تونسية

لا شك في أن وصول امرأة إلى سدة الرئاسة واحد من أحلام أو طموحات كل من ساهم في الحراك التغييري وكل من يريد تونس بلداً نموذجياً لحقوق الإنسان ولا سيما النساء، إلا أن جنس الرئيس أو الرئيسة ليس كل شيء ولا يجب أن يخفي معايير لا تقل أهمية مثل الكفاءة، الرؤية السياسية، المعايير الحقوقية والنزاهة.

أنغيلا ميركل المستشارة الألمانية السابقة، ملأت في وقت ما الدنيا وشغلت الناس وذاعَ صيتها في العالم، ولُقِّبت بـ”المرأة الحديديَّة”، بسبب مواقفها الحازمة في إدارة المشكلات الاقتصادية في بلادها وفي أدائها دوراً محورياً في القضايا الأوربية ككل. إلا أنها قارعت خصومها بلمسة “إنسانية” لربما تغيب أحياناً عن “العنجهية” الذكورية. ولعلَّ خير مثال على ذلك، السياسة التي اتبعتها في أزمة اللاجئين الذين تدفق آلاف منهم إلى بلادها بسبب الحرب السورية. 

بالعودة إلى بلادنا، هل تحظى تونس قريباً بامرأة حديدية تقودها إلى برّ الأمان؟ وهل يمكن أن تخرج من المرشحتين “أنغلا تونسية” بلمستها الإنسانية إزاء قضايا المجتمع والناس؟

الانتخابات التونسية: ترشحات متناقضة و”النهضة” تراهن على العودة…””

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.