fbpx

“عبدة الشيطان” هم الأخيار في المعركة ضد اليمين؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

استحوذ الشيطان في الثقافة الشعبية على أرواح عازفي موسيقى دلتا البلوز، وأثار ثورات الشباب، ومس الأطفال الصغار والماعز، وخصوبة النساء الغافلات، وبث الشر في رسائل شيطانية من خلال كلمات الأغاني المعكوسة على تسجيلات موسيقى “الهيفي ميتال”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

خلال القرن الماضي، استحوذ الشيطان في الثقافة الشعبية على أرواح عازفي موسيقى دلتا البلوز، وأثار ثورات الشباب، ومس الأطفال الصغار والماعز، وخصوبة النساء الغافلات، وبث الشر في رسائل شيطانية من خلال كلمات الأغاني المعكوسة على تسجيلات موسيقى “الهيفي ميتال” Heavy Metal. ولكن في الآونة الأخيرة، على حد تعبير فرقة الروك “ذا رولينغ ستونز” في أغنية “التعاطف مع الشيطان”، أثارت لعبته في نفوسنا الحيرة.

غلاف رواية “بشائر طيبة”

فقد أصبحت القوى المتحالفة ضد الشيطان بغيضة للغاية إلى الحد الذي جعله لا يبدو وكأنه الطرف السيئ. تشمل تلك القوى جماعات مثل كنيسة ويستبورو المعمدانية (WBC)، التي تشتهر بخطابها الذي يحض على الكراهية ضد مجتمع المثليين واليهود والمسلمين، وغيرهم من الجماعات، التي تتهمها الكنيسة بوصفها “احتيالات شيطانية”. ثم هناك إدارة ترامب، التي تتحالف مع اليمين الديني الأميركي، الذي كان يضغط بقوة لسن تشريعات مناهضة للإجهاض ومجتمع المثليين، ناهيك بالتصريح علناً بكراهية الإسلام. تلك القوى قد تشمل أيضاً 20 ألف شخص وقعوا أخيراً على عريضة على شبكة الإنترنت تُدين المسلسل الذي عُرض على قناة أمازون التلفزيونية المستوحى من رواية “بشائر طيبة” Good Omens، – الذي يستعرض العلاقة بين ملاك وشيطان – على اعتبار أنه “خطوة أخرى للتطبيع مع  العقيدة الشيطانية”.

الآن، يسعى فيلم وثائقي جديد يحمل عنوان “يحيا الشيطان؟”Hail Satan? ، من إخراج بيني لين، برد اعتبار الشيطان ومنزلته. يستعرض الفيلم بداية مغامرة تأسيس معبد الشيطان، وهو المؤسسة التي تبنت الاستراتيجية المضادة المثالية لجهود الإنجيليين في إعادة دمج الكنيسة والدولة. تدور أحداثه في مدينة سالم بولاية ماساتشوستس (وأين سيكون خلاف ذلك؟)، حيث تم الاعتراف رسمياً بمعبد الشيطان باعتباره منظمة دينية مُعفاة من الضرائب. ومن هذا المنطلق، فقد كان معبد الشيطان يُطالب بالحقوق والامتيازات التي تحصل عليها الجماعات المسيحية الإنجيلية – وإن كان ذلك بطريقة مخادعة.

عندما بدأ مجلس مدينة فينيكس في ولاية أريزونا اجتماعاته بصلاة مسيحية، على سبيل المثال، طالب معبد الشيطان بضرورة أن تُقام أيضاً صلوات شيطانية. ولذا قرر المجلس التوقف تماماً عن ذكر جميع الصلوات. وعندما أنشأت منظمة “زمالة الأطفال الإنجيليين” Child Evangelism Fellowship، أندية “بشائر” المؤيدة للمسيحية في المدارس الحكومية الأميركية، قدم معبد الشيطان أنديته الشيطانية الخاصة بعد المدرسة التي تروج للعقلانية العلمية. وعندما سمح مقر حكومة ولاية أوكلاهوما بتنصيب تمثال “الوصايا العشر” على أرضه، قام معبد الشيطان بتنظيم حملة لإقامة تمثال “بافومت” Baphomet الذي يبلغ ارتفاعه 8 أقدام، ويمثل المعبود ذو رأس الماعز، والحافر المشقوق.

يقول لوسيان غريفز، المتحدث باسم معبد الشيطان والقائد الفعلي للجماعة الشيطانية: “لقد صار واضحاً للغاية أن هناك ضرورة حقيقية لما كنا نفعله. فهم يحاولون تقليص حقوق الآخرين وتعريفنا على أننا أمة مسيحية، إلى الحد الذي يجعل الحرية الدينية حكراً عليهم، وتنطبق عليهم وحدهم. ومن المخيف فعلاً أن نحيا في ظل هذه الظروف”.

لا يؤمن غريفز، بالله ولا بالشيطان ولا بالشر ولا بأي شيء خارق للطبيعة.

يبدو غريفز تماماً كما قد تتوقع أن يبدو عليه السفير الدنيوي للشيطان. فهو رجل شاحب البشرة، وأنيق للغاية، ويرتدي ملابس سوداء اللون تماماً، وله عين غائمة، ويبدو وكأنه قد خرج للتو من أحد مسلسلات مصاصي الدماء للمراهقين. تلقى تعليمه في جامعة هارفارد، وكثيراً ما يبدو أثناء حديثه كما لو أنه يقرأ من نص أكاديمي. يشير غريفز إلى أنه لا يوجد ذكر لكلمة “رب” في الدستور الأميركي، ولكن هناك التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة الأميركية الذي يحمي حرية التعبير والدين. فقد أضيفت عبارة “تحت حكم الرب” إلى يمين الولاء عام 1954، ثم طبعت عبارة “بالله نؤمن” لأول مرة على العملة الأميركية عام 1956 من أجل تمييز الولايات المتحدة عن الشيوعيين المُلحدين. وأضاف “حتى ذلك الوقت، كان شعارE pluribus unum، “واحد من الكثرة”، هو الشعار الأفضل والمتوافق عليه”.

لا يؤمن غريفز، بالله ولا بالشيطان ولا بالشر ولا بأي شيء خارق للطبيعة. كما أنه لا يُقدم الأطفال الرضع كقرابين ولا يخدم طائفة سرية. إذ إن معبد الشيطان لا يحمل أي طابع ديني، ومبادئه هي مبادئ إنسانية ليبيرالية إلى حد كبير. فالمبدأ الأول من مبادئه السبعة، على سبيل المثال، هو: “يتعين علينا أن نسعى جاهدين إلى العمل برحمة وتعاطف مع المخلوقات وفقاً للعقل”.

لماذا إذاً تُسمى “شيطانية”؟ “لا يحيد المعنى المجازي لكلمة “الشيطان” أهمية بالنسبة إلى كثر منا عن معناها الحرفي، لأننا ترعرعنا في ظل ثقافة يهودية مسيحية. ولذا فإنها تُعبر حقاً عن مكانة معبدنا في ثقافتنا وما هي قيمنا الإيجابية، التي ندعو إليها.. وبالطبع، تحدد ما نعارضه: وهو هذه الأنواع من قواعد الحكم الديني وهياكل الحكم الاستبدادي”.

أوضح غريفز أن تفسير تسمية “معبد الشيطان” أقرب إلى تفسير “الشيطان” في قصيدة جون ميلتون “الفردوس المفقود”. وهو “المتمرد ضد الطغيان، الذي يعارض معارضة صريحة تلك الخرافة الرعناء، والعقلية الغوغائية التي يشرعن بها الناس عملية خلق “الآخر”، وبالتالي إيذاء المختلفين عنهم”.

يمكننا القول إن هذا الأمر يتماشى مع مكانة الشيطان في الثقافة الشعبية. ففي قليل من الأحيان فقط اعتبر الشيطان رمزاً محضاً للشر، لكنه مثل غالباً دور الدخيل، الموسوس، صاحب الإيقاعات الموسيقية الأفضل. فوصف موسيقى الجاز والبلوز والروك أند رول بأنها “موسيقى شيطانية” كان بمثابة أفضل دعاية ممكنة لهذه الأنواع الموسيقية. وأبدت فرقة رولينغ ستون تعاطفها وأطلقت اسم “أمر الجلالة الشيطانية”Their Satanic Majesties Request، لكن لم يعتبرهم أحد عبدة شيطان حقيقيين. بينما كان جيمي بيغ من فرقة ليد زيبلين أجدر بهذه الصفة. فقد أدخل رموزاً باطنية في صور الفرقة، وامتلك متجراً غامضاً للكتب في لندن وكان جامعاً للتحف والأعمال الفنية. حتى أنه اشترى منزل الساحر الشهير أليستر كراولي في سكوتلندا (ظهر وجه كراولي على غلاف ألبوم سارجنت بيبر لفرقة البيتلز). تعاون بيغ مع صانع الأفلام كينيث أنغر، الذي جمعت أفلامه في تلك الفترة، مثل صعود إبليس والتوسل إلى أخي الشيطان، مشاهير المؤمنين بالقوى الخارقة في الستينات من بينهم بيغ وميك جاغر ودونالد كاميل، وماريين فيثفول، وعضو عائلة مانسون بوبي بوسولي وأنتون ليفي. 

اشتهر ليفي بأنه مؤسس عقيدة عبادة الشيطان الحديثة، على رغم أنه هو أيضاً، كان رجل استعراض مسرحي، أكثر من كونه أميراً حقيقاً للظلام. فقد بذل ما بوسعه ليتقن الدور، برأسه المحلوق بالكامل ولحيته المدببة الصغيرة ومعطفه الأسود، وهي الصورة المستوحاة من أفلام الرعب القديمة. افتتح أول كنيسة للشيطان في سان فرانسيسكو عام 1966، جامعاً توليفة من المصادر السحرية وفلسفة شبه متماسكة، وجذب إليها قلة من المشاهير المخلصين، من بينهم جين مانسفيلد. يعترف غريفز بتأثير كنيسة الشيطان، لكنه يرفض إيمان ليفي بالداروينية الاجتماعية والدولة البوليسية المستبدة، معتبراً إياه مثل “آين راند لكن مع بعض الزخارف المبهرجة”.

لماذا إذاً تُسمى “شيطانية”؟ “لا يحيد المعنى المجازي لكلمة “الشيطان” أهمية بالنسبة إلى كثر منا عن معناها الحرفي

في سبعينات وثمانينات القرن العشرين، جذبت فرق “الهيفي ميتال” الانتباه لدى بعض الشرائح، ابتداء من فرق “بلاك سابث” Black Sabbath و”كوفن” Coven، مروراً بفرق مثل “سلاير” Slayer و”أيه سي/ دي سي” AC/DC وأيرون ميدن Iron Maiden، وصولاً إلى موسيقى التراش ميتال والديث ميتال وبلاك ميتال. مجدداً، كانت الرسائل الشيطانية المدمجة في أعمال هذه الفرق مسرحية في أغلبها، وشملت رموزاً سحرية وكلمات شيطانية وإيقاعات الغيتار المأخوذة من أفلام الرعب. هذا باستثناء موسيقى البلاك ميتال النرويجية، إذ تحول الأمر إلى مشهد رعب حقيقي، فقد تضمنت مسيرة فرق مثل Burzum وMayhem أعمالاً مثل حرق الكنائس والانتحار والقتل. يقول غريفز: “حظيت هذه الحركات باهتمام يفوق حجمها بكثير. وفي بعض الأحيان اعتنقت أسوأ الصفات التي يتهمون بها. وتحولوا إلى منتج للهستيريا الجماعية ضد عبادة الشيطان”.  

في الثمانينات والتسعينات وصلت هذه الهستيريا إلى مراحل تكاد تشابه صيد الساحرات في القرون الوسطى، وعرفت هذه الحالة لاحقاً “بالفزع الشيطاني”. وقد تأثرت بلا شك بالصور التي ظهرت في أفلام الرعب الشهيرة مثل فيلم “طارد الأرواح الشريرة” The Exorcist، وفيلم “طفل روزماري” Rosemary’s Baby، وبدأت المجموعات المسيحية في اكتشاف أدلة على عبادة الشيطان في كل مكان. وبدأوا تخيل رسائل شيطانية خفية في أغاني الروك، أشهرها أغنية ليد زيبلين “درج إلى الجنة”Stairway to Heaven” (والتي زعموا أنها تضمنت عبارة “إلى محبوبي الشيطان” عند الاستماع إليها بالمعكوس). ثم ظهرت مزاعم واتهامات بجرائم شيطانية شعائرية حول العالم، مثل الانتهاك الجنسي للأطفال والقتل والتعذيب وأكل لحوم البشر، فضلاً عن ممارسة الشعائر الدموية التي تقوم بها طائفة شريرة تعمل على تقويض أسس الحضارة. 

هذه هي البيئة التي نشأ فيها غريفز. يقول: “رأيت أناساً تدمر حياتهم فقط بسبب ادعاء عبادتهم للشيطان. بدأت أدرك أن الشر الحقيقي يكمن في هستيريا ملاحقة الساحرات هذه، وليس في أي من الطوائف التي يزعم أنها تمارس هذه الأنشطة”. وفي الوقت الذي تملأ فيه نظريات المؤامرة الشيطانية الأجواء، يجدر بنا أن نتذكر أنه كانت هناك طائفة منظمة بالفعل تمارس الانتهاكات الجنسية للأطفال على مستوى عالمي وتتمنع بنوع من الحصانة، وهي الكنيسة الكاثوليكية نفسها. 

يقر غريفز، بأن الأمور لم تتغير كثيراً في السنوات الأخيرة. فقد عملت إدارة ترامب منذ وصولها إلى السلطة على زرع القيم المسيحية في الحياة العامة في أميركا، على رغم أن رئيسها هو أحد أكبر العصاة. هذا الهجوم التشريعي الذي عرف باسم “مشروع الصاعقة” هو مشروع منظم وممول جيداً. يقول غريفز “نحن في موضع الدفاع الآن كما هو واضح. فقد صار الأمر مرعباً في الولايات المتحدة منذ أن صار شخص متعصب دينياً مثل مايك بنس، نائباً للرئيس، في ظل رئيس يبدو كالمهرج مثل ترامب، وهما مستعدان لتملق جمهورهما من الإنجيليين القوميين”.  

إصدار فيلم “يحيا الشيطان؟” هو نعمة ونقمة على معبد الشيطان في آن واحد. فالفيلم سيجلب أعضاء جدداً ودخلاً إضافياً للمعبد (مصدر الدخل الوحيد للمعبد هو تبرعات الأعضاء وبيع السلع)، لكنه يضع غريفز في دائرة الضوء ويجعله عرضة للنقد والهجوم. قرب نهاية فيلم “يحيا الشيطان؟” نراه واقفاً في تجمع لعبدة الشيطان في ليتل روك، في ولاية أركنساس، بجانب تمثال باهومت الشهير. وقبل أن يخرج من المكان يرتدي سترة واقية من الرصاص.

يتذكر غريفز ذلك الحشد جيداً. يقول: “ما لا ترونه، هو أنني أثناء صعودي إلى المنصة، رأيت بعض الأشخاص الذين يتجولون بأسلحة نارية، وأرادوا مني أن أعرف أنهم هنا. وانتهى بي الأمر مولياً إياهم ظهري أثناء الحديث. كان ذلك مرعباً في الحقيقة. نوعاً ما استغربت عدم إطلاق أحدهم النار علي، لكنه في النهاية كان احتمالاً وارداً جداً”. يتلقى غريفز باستمرار رسائل تهديد من جماعة كو كولس كلان والنازيين الجدد ومجموعات المتعصبين للمسيحية، لكنه قلق إزاء مستقبل بلاده أكثر من قلقه على نفسه، على حد قوله. يقول متشائماً “نحن في مقتبل عصر مظلم جديد”. عصر يحاول عبدة الشيطان إيقافه لا التبشير به. 

هذا المقال مترجم عن theguardian.com ولقراءة الموضوع الأصلي زوروا الرابط التالي.

العقوبات الأميركيّة تقتل مرضى السرطان في إيران

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.